شرح بلوغ المرام الدرس 137 حديث(154 ـ 156 ) ( كان رسول الله يصلي العصر … ) الجزء الثاني

شرح بلوغ المرام الدرس 137 حديث(154 ـ 156 ) ( كان رسول الله يصلي العصر … ) الجزء الثاني

مشاهدات: 430

بلوغ المرام ــ باب المواقيت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

154 ـ وَعَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: ((  كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يُصَلِّيَ اَلْعَصْرَ, ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُنَا إِلَى رَحْلِهِ فِي أَقْصَى اَلْمَدِينَةِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ, وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ مِنْ اَلْعِشَاءِ, وَكَانَ يَكْرَهُ اَلنَّوْمَ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا, وَكَانَ يَنْفَتِلُ مِنْ صَلَاةِ اَلْغَدَاةِ حِينَ يَعْرِفُ اَلرَّجُلُ جَلِيسَهُ, وَيَقْرَأُ بِالسِّتِّينَ إِلَى اَلْمِائَةِ )) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

155ـ وَعِنْدَهُمَا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: (( وَالْعِشَاءَ أَحْيَانًا وَأَحْيَانًا: إِذَا رَآهُمْ اِجْتَمَعُوا عَجَّلَ, وَإِذَا رَآهُمْ أَبْطَئُوا أَخَّرَ, وَالصُّبْحَ: كَانَ اَلنَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – يُصَلِّيهَا بِغَلَسٍ ))  .

156- وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى: (( فَأَقَامَ اَلْفَجْرَ حِينَ اِنْشَقَّ اَلْفَجْرُ, وَالنَّاسُ لَا يَكَادُ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ))

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (2)

الشرح :

ــــــــــــــ

قد ذكرنا بالأمس جملة من الفوائد التي تندرج تحته ومما تبقى من الفوائد

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــ

 

أن تحصيل أجر صلاة الجماعة أولى من الصلاة في أول الوقت أو في آخره إذا كان له فضل فإن تأخير صلاة العشاء له فضل كما جاءت بذلك السنة ومع هذا فإن النبي عليه الصلاة والسلام كان يراعي حال اجتماع صحابته رضي الله عنهم

 

 وبالتالي :

فإنه لو شاء إنسان أن يطبق سنة التأخير في صلاة العشاء منفردا ويترتب على ذلك أن تفوته صلاة الجماعة فإنه لا يجوز له أن يقدم على هذا ، فلا يجوز أن يعدل عما هو واجب إلى ما هو فاضل اللهم  إلا إذا كانت هناك جماعة راتبة يعني جماعة مسجد راتبة اتفقت على أن يؤخروا الصلاة فهنا لا إشكال في تأخير صلاة العشاء لتحصيل أجر فضيلة التأخير

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــ

 

أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يصلي الفجر بغلس ، والغلس هي الظلمة لكن هذا الغلس الذي يأتي بعد طلوع الفجر الثاني غلس يعني ظلمة مشوبة بنور فكان عليه الصلاة والسلام يدخل في صلاة الفجر مبكرا وهذا هو القول الصحيح من أقوال العلماء لأن هناك قولا يقول وسيأتي معنا إن شاء الله كما في حديث رافع يقول من السنة في صلاة الفجر أن تؤخر حتى يسفر جدا لحديث ( أصبحوا أو أسفروا بالصبح فإنه أعظم لأجوركم ) وسيأتي  الحديث هذا بإذن الله تعالى

 

فهنا وقع في ظاهر الأمر تعارض بين نص معنا وهو ( الدخول في صلاة الفجر مبكرا وحديث رافع يدل بظاهره على ماذا ) ؟

على أنه يؤخر الدخول في صلاة الفجر حتى يسفر جدا ولكن قبل طلوع الشمس لأن الشمس إذا طلعت فقد خرج وقت صلاة الفجر

 

لكن الصواب ما قررناه بناء على ما ذكر هنا أما حديث رافع كما سيأتي فهو محمول على ما يلي :

ــ إما أن نرجح ما جاء في الصحيحين

ــ وإما أن نقول : إن حديث  الباب ناسخ لحديث رافع وقد قيل بالعكس قيل : إن حديث رافع ناسخ لحديث الباب

ــ وإما أن نقول بالجمع بين الحديثين

 

ولتعلموا :

أن القاعدة الأصولية الشرعية تقول : ” إعمال الدليلن أولى من إلغاء أحدهما “

يعني : لا نأتي إلى دليل ونأخذ به وندع الدليل الأخر، ولا نقدم على الترجيح ترجيح نص على آخر مع قدرتنا على الجمع بين الدليلين

 

وبالتالي فإن الجمع ممكن ولا تعارض بين هذا الحديث وبين حديث رافع فلا نأخذ بهذا الحديث كما فعل بعض العلماء وطرح حديث رافع أو طرح مدلول حديث رافع ولا نأخذ بحديث رافع ونطرح حديث الباب

وإنما نجمع

ما هو الجمع ؟

الجمع  : أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يدخل صلاة الفجر بغلس ولكنه ما كان ينصرف إلا إذا أسفر جدا

لم ؟

لأنه يطيل القراءة ولذا هنا يقرأ ما بين الستين إلى المائة

 

وجاء عند الطبراني يقرأ بسورة الحاقة ونحوها في صلاة الفجر

وإذا قرأ ما بين الستين إلى المائة وقراءته عليه الصلاة والسلام آية آية ويرتلها ويمد في صوته والركوع يكون كالقيام أو قريبا منه والرفع يكون قريبا من الركوع كما في حديث البراء في الصحيحين إذاً سيسفر الجو لا محالة

 

فيكون حديث رافع ( أصبحوا بالصبح ) أنه يطيل  فيه فلا يخرج منها إلا إذا أسفر بدليل التعليل الموجود في حديث رافع : ( فإنه أعظم لأجوركم )

 

السنة كما هو مقرر آنفا أنه يدخل فيها بغلس ولو أنه لم يطل القراءة فإنها يدخل فيها أيضا بغلس فإن النبي عليه الصلاة والسلام في بعض الأحيان كان عليه الصلاة والسلام يقرأ بأقل من ستين آية

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــ

 

أنه قال هنا : ( حين يعرف الرجل جليسه )

 إذاً : هو لما ينفتل من الصلاة يعرف صاحبه ويعرف من هو وجاءت بذلك الروايات الأخرى من أنه يعرف وجه صاحبه إذا انفتل النبي عليه الصلاة والسلام من صلاة الغداة

 

لكن يشكل على هذا حديث عائشة في الصحيحين : ( كان النساء يصلين مع النبي عليه الصلاة والسلام صلاة الفجر فينصرف النساء وهن متلفعات بمروطهن لا يعرفهن أحد من الغلس )

سبحان الله !

 

هنا ماذا قال ( يعرف الرجل جليسه ) في حديث عائشة ( لا يعرفهن أحد من الغلس “) فهنا فيه ظاهر تعارض وإلا فتلعموا أن النصوص  الشرعية لا تعارض فيها أبدا لم ؟

لأنها من لدن حكيم عليم : (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ) وما كان من حكيم عليم فلا تناقض فيه لأنه هو الحكيم وكلامه محكم متقن وشرعه متقن (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا) لكن إن وقع تعارض فإنه في أفهامنا :

إما لقصور فينا لأن أفهامنا لم تستوعب الجمع بين الأدلة

أو لتقصير في جهدنا في البحث عن التوفيق بين هذه الأدلة

 

وهنا :

( لا يعرفوهن أحد من الغلس ) وهنا ( حين يعرف الرجل جليسه )

بل في بعض  الروايات ( يعرف وجه صاحبه ) نقول : لا تعارض بينهما

فالجمع بينهما : أن هناك فرقا بين ما هو بعيد وبين ما هو قريب وبين ممن هو ظاهر وبين من هو مستتر

في حديث عائشة رضي الله عنها بعد من حيث المسافة وستر متلفعات بمروطهن

 

وهنا : قريب هو جليسه وأيضا هذا الجليس متغطى بشيء ؟ لا ، ظاهر

فلا تعارض بين هذا وبين هذا

 

وقد استدل من استدل بقولها : ( لا يعرفهن أحد من الغلس ) أنهن لولم يكن هناك غلس أنهن قد كشفن وجوههن وبالتالي فإن كشف الوجه يكون جائزا بناء على هذا

فهل لهم وجه استشهاد على هذا ؟

فالجواب  : لا ، لم ؟ لأنه قال هنا متلفعات بمروطهن وقولها ( لا يعرفهن أحد من الغلس ) لا يلزم من ذلك أن يكشف الوجه لأن المرأة قد تعرف ولو كانت ساترة لوجهها قد تعرف بهيئتها فالمعرفة المنفية هنا ليست للوجه وإنما للعين لعين تلك المرأة فإن المرأة قد تعرف بمشيتها

ولذلك عمر رضي الله عنه قد عرف من ؟ سودة ، بمشيتها

فإذاً لا يكون في هذا دليل على جواز كشف الوجه

هذه فائدة عابرة

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــ

 

أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقرأ ما بين الستين إلى المائة يعني الإتيان بكلمة إلى يقولون في اللغة إن كلمة بين لا يؤتى لها بغاية هنا إلى  إلى المائة على كلامهم يقولون ما بين الستين والمائة حتى يكون هناك زيادة ونقصان لأن البينونة تدل على أن هناك مراتب

فيجاب عن هذا :

أنه يقدر التقدير

كان يقرأ ما بين الستين وما فوق ذلك إلى المائة

يعني مرة هو عليه الصلاة والسلام يقرأ بستين آية وفي بعض الأحيان بسبعين وفي بعض الأحيان بأكثر من ذلك إلى المائة

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــ

 

أن السنة في صلاة الفجر أن تطول القراءة لقول الله تعالى : (( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا  )) يعني القراءة في صلاة الفجر مشهودة

ولذا يطال فيها وهذا هو حاله عليه الصلاة والسلام

 

وقد أتت السنة في بيان سور قرأ بها النبي عليه الصلاة والسلام في صلاة الفجر من بينها :

ــ قراءة سورة الروم قرأ عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم أول سورة المؤمنون فلما بلغ ذكر موسى أو عيسى ( الشك ممن الرواي ) أصابته سعلة فركع عليه الصلاة والسلام

ــ وقرأ عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم بـ ( ق )

ــ وقرأ عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين من حديث أم سلمة بـ ( الطور )

فعلى الأئمة أن يطبقوا هذه السنة

ــ وقرأ كما هو معلوم في فجر الجمعة بالسجدة وبسورة الإنسان

لكن إن دعت حاجة إلى التقصير فلا بأس بذلك يعني في مثل هذا الزمن ولاسيما في فصل الشتاء يكون الفاصل بين صلاة الفجر والفراغ منها إلى دوامات الناس أو إلى المدارس يكون الفاصل قصيرا ولاسيما مع تقليص دوام المدارس

 

هنا لو أطال إنسان إطالة فإنه حينها يجعل من خلفه في حرج

وبالتالي فليكن حكيما ولنا في ذلك دليلا وهو :

أن النبي عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين دخل في صلاة الفجر وكانت نيته كما قال أن يطيلها فلما سمع بكاء الصبي قرأ النبي عليه الصلاة والسلام بأقصر سورتين خيفة أن تفتن أم هذا الصبي به

 

إذاً لماذا قصر الصلاة ؟ لوجود المصلحة والحاجة

 

فإذا عرضت حاجة فهنا فليكن الإنسان حكيما ، أما ما يفعله بعض  الناس ــ هو يقول سأطبق السنة جميل أن تطبق السنة ـ لكن ادخل إلى الصلاة إلى صلاة الفجر مبكرا

 

بعض الناس لا يدخل إلا متأخرا حتى يسفر وإذا دخل إذا به يطيل الصلاة وإذا به يحرج من خلفه ونحن نريد أن نحبب الناس في هذه الصلاة

فليتنبه لمثل هذا الأمر

 

ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام كما ثبت عنه أنه صلى في السفر لأن السفر مظنة المشقة والتعب ــ قرأ في صلاة الفجر بالمعوذتين في السفر

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــ

 

أنه في حديث جابر فيما يخص صلاة العشاء أنه كان يؤخر أحيانا وأحيانا

الحين كم زمنه كم أيامه ؟

الصحيح : أن الحين يطلق على الزمن قل أم كثر

لو قال قائل : ما دليلكم ؟

هنا : ( أحيانا يعجل وأحيانا يؤخر ) فدل على أن الحين يصدق على القليل والكثير من الزمن

ولذلك أمر النبي عليه الصلاة والسلام أن تصلى صلاة العشاء من مغيب الشفق إلى ثلث الليل

يعني ما بين المغيب مغيب الشفق وبين ثلث الليل

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــ

 

أن صلاة الفجر تسمى بصلاة الغداة والغداة هي أول النهار

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

السنة في الصلوات أن تصلى في أول الوقت لأن هذا من باب المسارعة إلى الخيرات
(وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ)  فإيقاع الصلاة في أول وقتها هو الأساس ولا يكون هناك تأخير للصلاة إلا إذا أتى دليل ينص على ذلك مثل صلاة العشاء ومثل الظهر في شدة الحر

 

وبالتالي فإنه لا يتلفت من حيث كثرة الاجتماع أو عدمه لا يلتفت إلا في صلاة العشاء لأنه بناء على الأحاديث السابقة علل في كونه عليه الصلاة والسلام يعجل وفي كونه يؤخر لأن محبته أن يؤخر صلاة العشاء لكن من باب الشفقة أن يعجل بها إذا اجتمعوا

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــ

 

قلنا لكم إن تحصيل أجر الجماعة  أفضل من الصلاة في الوقت الفاضل للصلاة

بل يزيد هذا الأمر أمرا وهو : أن تحصيل فضل كثرة الجماعة من باب أولى

وقد ذكر ذلك ابن حجر رحمه الله في الفتح

 

ــــــــــــــــــ

 

يقول الشعبي : ” ما سمى الهوى هوى إلا لأنه يهوي بصاحبه “

والناس تختلف أهواؤهم ولذلك لا يمكن أن يصلح للناس حال ولا مآل ولا أمر في  دين ولا دينا إلا بالرجوع إلى الشرع

فإذا كان الناس يختلفون في أمر هذه  الصلاة منهم من يريد التبكير ومنهم من يريد التأخير فالفيصل هو السنة الثاببتة عن النبي عليه الصلاة والسلام

 

من باب أولى ما هو أعظم فيما يخص النزاع بين الولاة وبين الرعية أو بين المسلمين فيما يخص بعضهم في الولاية أو في الإمارة من باب أولى لأنه لا يمكن أن يصلح  للناس حال إلا بهذا الأمر

 

ولذلك قول الله عز وجل : ((فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)  ))

أتت هذه الجملة في ضمن آية مطلع هذه الآية هو الأمر بطاعة ولاة الأمر

 

لأن الناس تهوى أنفسهم إلى الرئاسة إلى منازعة من هم في السلطة إن لم يستطيعوا بحثوا عن عثراتهم وذلاتهم من باب الهوى

ولذلك كما قلنا في الخطبة الماضية كما قال شيخ الإسلام رحمه الله : ( إن أعظم ما يحرك القلوب على الخروج إلى الولاة هو طلب الدنيا إما ولاية أو طلب مال )

ولذلك قال الله عز وجل  : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِـ الإيمان بالله وباليوم الآخر يصفي القلب من الأهواءـ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59) ) خير في الدنيا وفي الآخرة وأحسن عاقبة ومآلا

والإمام ـ كما قال شيخ الإسلام رحمه الله ــ في مسجده هو ولي أمر فإن تنازعت أنت ومن معك من المأمومين فالرجوع إلى السنة

ــــــــــــــــــــــ

ضابط التطويل :

ــــــــــــــــــــــــــــ

 

قال ابن القيم كم افي زاد المعاد قال : ( تعلق النقارون بحديث معذا ” أفتان أنت يامعاذ ” قال : والتخفيف أمر نسبي  )

 هذا الأمر النسبي كيف نضبطه ؟

قال رحمه الله : ” بالرجوع إلى ما فعله النبي عليه الصلاة والسلام فإنه ما كان ليأمر بالتخفيف ويخالف “

كما في حديث ابن عمر عند النسائي قال : ” كان يأمرنا بالتخفيف ويؤمنا بالصافات ” وكونه يقرأ بالصافات طويلة إذاً هي من التخفيف

فقراءة سورة الأعراف في بعض الأحيان في المغرب هي من التخفيف

قراءة سورة الروم في بعض الأحيان من التخفيف

قراءة الزلزلة في الركعة الأولى وفي الركعة الثانية هي من التخفيف

 

بعض الناس وللأسف يمشي على حسب ما تهواه نفسه كإمام يجب أن تعمل بجميع ما ورد من السنة ما تأتي وأنت تريد التطويل وتأتي بالأدلة الدالة على تطويل صلاة الفجر ويكون هذا دأبك في أيامك كلها  ، خطأ  ، افعل ما جاءت به السنة

 

مثل بعض الناس يطيل في صلاة الظهر ـ لاشك أن الإطالة في صلاة الظهر مطلب  ـ لكن حياته كلها تطويل أين ما وردت به السنة من قراءة ” والليل إذا يغشى “ من قراءة ” سبح اسم ربك الأعلى “ من قراءة ” الغاشية ” من قراءة ” والسماء ذات البروج “ من قراءة  : ” والسماء والطارق “

فليعمل بهذا وبهذا

 

ثم أيضا في صلاة الظهر ولاسيما مع أوقات المدارس أيضا ليكن الإمام حكيما يعني ما يأتي ويصلي بالناس ويطيل إطالة ولو كانت من السنة من باب التخفيف على الناس

 

مراعاة الناس :

نضبطه بما جاءت به السنة يعني نحن لا نراعي الناس من أجل أهوائهم ، بعض الناس لا يريد منك أن تطيل لأن هواه يريد ذلك هذا لايتلفت إليه لكن نحن نترك السنة الثابتة من أجل مصلحة ومن أجل شغل لهذا المأموم

مثل هذا ليس بهوى ، بعض الناس من أهل الخير يريد أن يطيل الإمام في الصلاة لكن قلبه مشغول بأبنائه ببناته في المدارس من يأخذهم

ولذا : نحن نقول : الأصل أن تعمل بالسنة

 

لكن لو قال قائل : من باب تحبيب الناس أخفف ؟

نقول : لا / عليك أن تعمل بالسنة عن النبي عليه الصلاة والسلام إن دعت حاجة لترك هذه السنة حاجة ما هو هوى أو رغبة في الكسل ، حاجة هنا نعمل بها

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الليل اختلف فيه أهل اللغة من حيث النهاية :

بداية الليل يقولون يبدأ من غروب الشمس ، لكن متى ينتهي ؟

بعضهم قال : ينتهي بطلوع الفجر الثاني

وبعضهم قال : ينتهي الليل بطلوع الشمس

ولذلك جاءت الأحاديث  في صلاة العشاء أن النبي عليه الصلاة والسلام جعل صلاة العشاء إلى نصف الليل

وفي بعض الأحاديث إلى ثلث الليل

 

ولذلك قال شيخ الإسلام رحمه الله : ” قال  :يمكن أن يكون الحديث الذي أتى مبينا أن صلاة العشاء إلى ثلث الليل أن انتهاء الليل يكون بطلوع الفجر وأن الأحاديث في بيان أن صلاة العشاء تنتهي إلى نصف الليل أن الليل ينتهي بطلوع الشمس

 

ولاشك أن الأرجح  والتي تدل عليه الأدلة أن الليل ينتهي بطلوع الفجر الثاني ، ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام وهو الحديث الفاصل وهناك أحاديث أخرى كما في الصحيحين قال عليه الصلاة والسلام  قال : ( إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ) دل على أنه يؤذن ليس في ليل وإنما في غير الليل

ولذلك كان يقال لابن أم مكتوم كان رضي الله عنه لا يؤذن حتى يقال له

( أصبحت أصبحت )

 

والأحاديث كثيرة : قوله عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين : ” صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة توتر له ما قد صلى “

 

ولذلك لو أن الإنسان فاتته صلاة الوتر وأذن للفجر هل يصلي  أم لا ؟

الصحيح أنه لا يصلي انتهى وقت الليل

وحديث : ” إن الله أمدكم بصلاة تصلونها ما بين صلاة العشاء إلى الفجر صلاة الوتر “