شرح بلوغ المرام الدرس 138 حديث(157 ) ( كنا نصلي المغرب مع النبي فينصرف أحدنا …… )

شرح بلوغ المرام الدرس 138 حديث(157 ) ( كنا نصلي المغرب مع النبي فينصرف أحدنا …… )

مشاهدات: 721

بلوغ المرام ـــــ باب المواقيت

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــ

 

157- وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: (( كُنَّا نُصَلِّي اَلْمَغْرِبَ مَعَ اَلنَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فَيَنْصَرِفُ أَحَدُنَا وَإِنَّهُ لَيُبْصِرُ مَوَاقِعَ نَبْلِهِ )) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــ

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــ

 

رواي هذا الحديث هو رافع بن خديج لم يشهد بدرا كما قال العلماء لصغر سنه وشهد غزوة أحد وأصيب فيها إصابة في بدنه فالتئم جرحه فلما جاء في عهد عبد الملك بن مروان عادت هذه الجراح التي أصيب فيها بسهم عادت إليه فمات منها

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــ

 

استحباب التعجيل لصلاة المغرب لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يرمون بسهامهم فيرى الرامي بعد فراغه من الصلاة مع النبي عليه الصلاة والسلام يرى الموطن الذي وقع فيه سهمه

وهذا يدل على أنهم أدوا هذه الصلاة في أول الوقت ولم يؤخروها بل جاء ما هو أوضح من هذا بكثير عن رجال من الأنصار كما في مسند الإمام أحمد وحسنه ابن حجر كما في الفتح من أنهم كانوا يصلون مع النبي عليه الصلاة والسلام المغرب وأنهم ينتضلون بالسهام حتى يصلوا إلى بيوتهم وإنهم ليبصرون مواقع نبلهم

 

وجاء في الصحيحين : أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يصليها إذا وجبت وغربت يعني الشمس وتوارت بالحجاب

 

لكن لو قال قائل : أمن حين ما يؤذن المؤذن يدخل في صلاة المغرب أم أن هناك زمنا فاصلا ؟

 

فالجواب عن هذا :

أن هناك زمنا فاصلا يسع الوضوء وصلاة ركعتين قبل الإقامة

بدليل أن النبي عليه الصلاة و السلام قال كما عند البخاري ( صلوا قبل المغرب صلوا قبل  المغرب صلوا قبل المغرب قال في الثالثة لمن شاء )

 

والصحابة كما في الصحيح كانوا يصولون إذا أذن المؤذن لصلاة المغرب ويبتدرون الصواري يعني الأعمدة ليصلوا أمامها فيراهم النبي عليه الصلاة والسلام ولم ينههم

 

وجاء في الصحيحين : قوله عليه الصلاة والسلام وهذا عام ( بين كل أذانين صلاة )

يعني بين كل أذان وإقامة فسميت الإقامة أذانا لأنها إعلام للحاضرين كما أن الأذان إعلام للغائبين

قال عليه الصلاة والسلام : ((  ما بين كل أذانين صلاة قال في الثالثة لمن شاء ))

فهذا يدل على أن هناك زمنا ولكنه زمن يسير باعتبار الصلوات الأخرى فلا تعارض ولا تناقض

 

وقد جاء في معجم الطبراني : ما يدل على التأكيد للمسارعة في صلاة المغرب قال عليه الصلاة والسلام : (( ” إذا أذنت لصلاة المغرب فاحدرها مع الشمس حدرا ” )) والحدر هو السرعة

 

فخلاصة القول : أن صلاة المغرب يستحب فيها التعجيل

ولكن بفاصل

ولذلك في الحديث الحسن قال عليه الصلاة والسلام : ” اجعل بين أذانك وإقامتك بقدر ما يفرغ المتوضئ من وضوئه ، والآكل من أكلته “

 

ويؤكد هذا ما جاء في السنن :

أن جبريل عليه السلام لما أم بالنبي عليه الصلاة والسلام في اليوم الأول لصلاة المغرب بعدما غربت الشمس وفي اليوم الثاني أيضا أمَّ به بعدما غربت الشمس ولم يؤخر صلاة المغرب إلى آخر وقتها

فكل هذه  أدلة تدل على استحباب التعديل لصلاة المغرب

 

ونحن نسمع أن عوام الناس ولاسيما من له اتصال بالبادية أو أجداده أو كبار السن يقولون إن المغرب فوات ولذلك إذا رأوا أنك أخرت صلاة المغرب إلى ما بعد الأذان بثلث ساعة بعدما تزيد الظلمة يرون أن الصلاة لم تقع بوقتها

وهذا ليس بصحيح لأن صلاة المغرب يمتد وقتها إلى مغيب الشفق

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــ

 

أن هذا الحديث وأشباهه دليل لمن قال من العلماء إن صلاة المغرب لها وقت مضيق وليس ممتدا

 والمسألة خلافية بين أهل العلم :

هل لصلاة المغرب وقت ابتداء وانتهاء أو أنه وقت واحد وهو مضيق

بعض العلماء يقولون : لها وقت واحد وهو مضيق كم قدره ؟ قالوا : بقدر ما يتوضأ المتوضئ بعد الأذان ويصلي خمس ركعات ، ما عدا هذا الزمن أعني صلاة المغرب ليست في وقتها

 

لماذا حددتم الوضوء ؟ لأنه لا صلاة إلا بوضوء والوضوء لا يجب إلا إذا دخل الوقت

لماذا خمس ركعات ؟

قالوا : للسنة التي قبل صلاة المغرب ركعتان لمن شاء وللثلاث ركعات الفرض

ودليلهم : هذه الأدلة ومن بينها أن جبريل أم بالنبي عليه الصلاة والسلام في اليوم الثاني وصلى به بعدما غربت الشمس

 

القول الثاني :

أن وقت المغرب يمتد إلى أن يطلع النجم والنجم يطلع بعدما يطلع النور ويزداد الظلمة يطلع النجم وطلوع النجم يكون قبل مغيب الشفق

ويستدلون على ذلك بما جاء عند النسائي :

أن النبي عليه الصلاة والسلام لما صلى بالصحابة صلاة العصر قال:

( من حافظ على هذه الصلاة فله أجره مرتين ولا صلاة بعدها حتى يطلع الشاهد )

الذي هو النجم

 

فقالوا : إن الوقت من حيث الابتداء من طلوع النجم وليس من غروب الشمس ولعلهم يذهبون هذا المذهب بناء على هذا الحديث وبناء على اليقين من أنه قد ذهبت الشمس وتحقق الغروب

 

ويستدلون أيضا بقول النبي عليه الصلاة والسلام : ((  إذا أدبر النهار من هاهنا وأقبل الليل من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم ))

لم يجعل الحكم معلقا بغروب الشمس وإنما بغروب الشمس مع إقبال الليل وإدبار النهار

 

ولكن هذا ليس بدليل لأن فعل النبي عليه الصلاة والسلام بين أنه من بعد غروب الشمس يتحقق الفطر لكن في الغالب أن الشمس إذا غربت فإن النهار يذهب والليل يأتي

 

وبعضهم يرى أن حديث أبي بصرة عند النسائي : ((  ولا صلاة بعدها حتى يطلع الشاهد )) يرى أن هذه الزيادة حتى يطلع الشاهد مدرجة والإدراج ضعف في الحديث

 

وبعض العلماء : يرى أن وقت المغرب يمتد إلى مغيب الشفق وابتداؤه من غروب الشمس وهو الصحيح لحديث عبد الله بن عمرو الذي مر معنا

 

إذاً : ماذا عسانا أن نقول في هذه الأحاديث المتعارضة ؟

نقول : لا إشكال في ذلك فإن النبي عليه الصلاة والسلام جعل هذا الوقت من غروب الشمس إلى مغيب الشفق جعله محلا لصلاة المغرب فإن صليتها حينما يطلع الشاهد فقد وقعت موقعها الشرعي إن صليتها بعد غروب الشمس وقعت موقعها الشرعي إن صليتها قبل مغيب الشفق ولو بلحظات فقد وقعت موقعها الشرعي

ولكن الفضل أول الوقت

 

ولذلك يحمل حديث إمامة جبريل بالنبي عليه الصلاة والسلام في اليوم الثاني ولم يصل به إلى آخر الوقت عند مغيب الشفق يحمل على أنه أراد أن يبين للنبي عليه الصلاة والسلام أن صلاة المغرب وبالذات هذه الصلاة الأفضل فيها التعجيل

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــ

 

أنه قال : (( يبصر مواقع نبله ))

النبل ما هو ؟ السهام قال بعض علماء اللغة : إن النبل هو لفظ لا مفرد له هو اسم جمع ليس له مفرد من لفظه مثل الإبل ليس لها مفرد من لفظه

وبعض العلماء هو اسم جمع وله مفرد من لفظه يفرق بين جمعه وبين مفرده بالتاء

نبل  : نبلة

تمر : تمرة

بقر : بقرة

 

ـــــــــــــــــــــــ

 

لماذا كانت صلاة المغرب يعجل بها أكثر من غيرها ؟

لأنه والعلم عند الله لأنها أول صلاة بالليل ، وأول صلاة بالليل المسلم فيها بحاجة إلى ماذا ؟

بحاجة إلى التقرب إلى الله وبالتالي فإنه يسارع فيها لأن الحال انتقل وتغير من النور إلى الظلمة وهذا تغيير، وتغيير كوني وفي هذا التغيير تتغير أحوال الخلق الشياطين يكثرون بالليل كما قال ابن القيم ما لا يكثرون بالنهار ولذلك يسارع بصلاة المغرب

 

كما رجحنا بالأمس أن صلاة الفجر تصلى بغلس  في أول الوقت لأنها أول صلاة بالنهار

فالمسلم بحاجة إلى أن يكون قريبا من الله ولاسيما مع تغير الأحوال

 

ولذلك : النبي عليه الصلاة والسلام في زمن الفتن كما عند مسلم ماذا قال ؟ ((  عبادة في الهرج كهجرة إلي ))

 

وأرشد النبي عليه الصلاة والسلام في حال الفتن لأن الأمور تتغير ، ولذلك أرشد أن يلحق الإنسان بأرضه أو بإبله أو بغنمه يفر بدينه من الفتن

ولذا :

النبي عليه الصلاة والسلام كما عند أبي داود ” إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة “

الله عز وجل أمر المؤمنين : (( واستعينوا بالصبر والصلاة ))

فانت بحاجة إلى القرب من الله وأعظم طريق يقربك إلى الله ، الصلاة

ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال كما في السنن : (( استقيموا ولن تحصوا  ))

ما الذي بعدها ؟

(( واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ))

دل على أنه أيسر طريق للهداية والثبات الصلاة

 

ولذلك قال بعدها ” ولن يحافظ على الوضوء إلا مؤمن “ لأن الوضوء له علاقة بالصلاة لأنه في الغالب أن الإنسان إذا توضأ تجد أن نفسه تشتاق إلى أن يصلي

فكما أن الصلاة أسرع طريق للهداية والاستقامة كذلك الوضوء هو أسرع طريق للصلاة من غيرها من العبادات الأخرى ولذلك استغلها بلال ما توضأ إلا صلى لله بذلك الطهور

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــ

 

بيان فضل الرمي لأن به قوة والصحابة يستغلون الرمي حتى في أول الليل إذاً ما ظنكم بالنهار من باب اولى

ولذلك فسر النبي عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم فسر قوله تعالى :

(( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ )) فسر القوة بأنها الرمي

والرمي لا ينحصر فيما كان في عصره عليه الصلاة والسلام من هذه السهام بل يشمل أي رمي بالرشاش بالمدافع بالصواريخ هذا شامل

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــ

 

استحباب وضع هدف للرمي كما قال العلماء لأنهم يبصرون مواقع نبلهم

يعني ليست مطلقة وإنما محددة بأشياء وإلا كيف يبصرونها

فيستحب أن يجعل لكل رام غرض يرمي إليه لو اشتركوا في غرض واحد فلا بأس لكن الأفضل أن يجعلوا لكل رام غرضا يرمي إليه بسهمه

 

ــــــــــــــــــــــــ

 

س : ما يفعله بعض الأئمة في رمضان من تأخير صلاة المغرب إلى ما بعد ثلث ساعة أو أكثر من ذلك حتى يفطر الصائمون فلا إشكال في ذلك ولاسيما أن هناك صواما يفطرون عند المساجد وعددهم  كبير فالسنة من حيث الأصل التعجيل بصلاة المغرب ولكن لو أخروها فلا إشكال في ذلك

فمراعاة أحوال الناس أمر مطلوب شرعا إذا كانت هناك مصلحة او حاجة ليست على حسب الأهواء

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــ

 

فائدة طبية  :

وهي أن العضو إذا بقي على خلقته الطبيعية واستعمل على ما جرت به الفطرة فإنه يبقى طويلا في قوته وذلك لأن الرمي بعد الفراغ من الصلاة وإبصار الرامي لمواقع نبله مع أن هناك فاصلا من حيث الوضوء ومن حيث السنة ثم صلاة المغرب ويبصر الإنسان في ذلك الزمن مواقع نبله ولاسيما كما جاء في المسند من أنهم يتناضلون حتى يصلوا إلى بيوتهم ويبصرون مواقع نبلهم يدل على أن الأعضاء لو بقيت على وضعها ولم تأتها هذه المؤثرات أو المدنية أو الرفاهية فإنها تكن في القوة أعظم من غيرها

 

ولذلك في  هذا الزمن لما دخلت علينا هذه المدنية وهذه الأعضاء من البدن تغيرت أحوالها لو وقع لنا مثل هذا ونحن في البر وأدرنا أن نبصر قليلا

وأنتم ترون أن من يعيش الآن في الصحراء بما أن الكهرباء لم تصل إليه واعتاد بصره أن يبصر  ما هو بعيد

 

ولكن سبحان الله ! إذا فتن الإنسان بشيء صعب عليه أن يعود سواء  في فتنة تخص الدين أو الدنيا ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام حذر المسلم من أن يفتح الأبواب قال عليه الصلاة والسلام عن الصراط المستقيم : (( عليه أبواب وعلى هذه الأبواب ستور مرخاة وعند كل باب داع يقول لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه ))

يعني لما تلج هذا الباب هي حدود الله صعب عليك أن تعود إلا أن يرحمك الله

وكم من أناس هم يعرفون أنهم على خطأ وأنهم فتنوا ويريدون الرجوع إلى ما كانوا عليه من الخير فلم يستطيوا

وكذلك في أمور الدنيا يعني لو قيل لأي إنسان الآن قد عاش في الرياض في الرفاهية اذهب إلى تلك الهجرة أو إلى ذلك المكان صعب عليه .