بلوغ المرام ـ كتاب الصلاة ـ باب الأذان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بَابُ اَلْأَذَانِ
178- عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ – رضي الله عنه – قَالَ: { طَافَ بِي -وَأَنَا نَائِمٌ- رَجُلٌ فَقَالَ: تَقُولُ: “اَللَّهُ أَكْبَرَ اَللَّهِ أَكْبَرُ, فَذَكَرَ اَلْآذَانَ – بِتَرْبِيع اَلتَّكْبِيرِ بِغَيْرِ تَرْجِيعٍ, وَالْإِقَامَةَ فُرَادَى, إِلَّا قَدْ قَامَتِ اَلصَّلَاةُ – قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ: “إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٍّ…” } اَلْحَدِيثَ. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ, وَابْنُ خُزَيْمَةَ .
وَزَادَ أَحْمَدُ فِي آخِرِهِ قِصَّةَ قَوْلِ بِلَالٍ فِي آذَانِ اَلْفَجْرِ: { اَلصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ اَلنَّوْمِ }
179- وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ: عَنْ أَنَسٍ قَالَ: { مِنْ اَلسُّنَّةِ إِذَا قَالَ اَلْمُؤَذِّنُ فِي اَلْفَجْرِ: حَيٌّ عَلَى اَلْفَلَاحِ, قَالَ: اَلصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ اَلنَّوْمِ }
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
باب الأذان :
ـــــــــــــــــــــــ
الشرح :
ـــــــــــــــــــــ
قال ابن حجر : باب الأذان :
والأذان : مر معنا كثير من أحكامه فمرت معنا كثير من أحكامه في السنن في سنن أبي داود ومرت معا أحكامه أيضا في الفقه
وبالتالي :
فإن من حضر فيما مضى فإن ما يقال هنا هو بمثابة المراجعة له وتثبيت المعلومة السابقة إضافة إلى تنزيل تلك الأحكام على هذه الاحاديث
فلو قلت ما هو الأذان لغة ؟
الأذان لغة هو الإعلام
والدليل على أن الأذان إعلام قول الله تعالى : ((وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ))
أذان من الله : معناه إعلام من الله
وقال جل وعلا لإبراهيم : ((وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا ))
لو قلت ما هو تعريف الأذان اضطلاحا ؟
” التعبد لله بأقوال مخصوصة لإعلام الناس بالصلاة “
وقلت لكم : قديما ومكثار أي تعريف لأي عبادة لتأت بكلمة التعبد لله
فبعض الناس يقولون عن الصلاة أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير ومختتمة بالتسليم
والصواب أو الأدق : ” التعبد لله بأقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير ومختتمة بالتسليم “
لأننا لا نؤدي هذه العبادة على أنها مجرد أقوال أو مجرد أفعال ، كلا
هل هناك أدلة من القرآن تدل على الأذان الشرعي ليس اللغوي لأن الأدلة من السنة هنا لكن لو قلت أهناك أدلة من القرآن تدل على الأذان ؟
قول الله تعالى في شأن اليهود إذا سمعوا الأذان استهزؤا به : ((وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ))
فدلت هذه الآية على أن الأذان الشرعي مذكور في كتاب الله
ومن الأدلة قول الله جل وعلا : ((وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا))
قال بعض المفسرين : هم المؤذنون ولاشك أن من دعا إلى الله فإن هذه الجملة جملة شاملة تشمل كل من دعا إلى الله ولا تخص بالمؤذنين وإنما يدخل المؤذنون تبعا في وصف من دعا إلى الله بالقول الحسن
ما حكم الأذان ؟
فرض كفاية إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين
والدليل أنه فرض كفاية ما مر معنا في السنن وما سيأتي :
أن عبد الله لما رأى الأذان في المنام قال : ” قم فألقه على بلال “ فاكتفى عليه الصلاة والسلام بأذان واحد
ويجوز في المسجد الواحد أن يكون هناك مؤذنان وثلاثة :
والدليل :
أن المسجد النبوي كان يؤذن فيه بلال وابن أم مكتوم
وهناك دليل أوضح من هذا :
حديث مالك بن الحويرث أنه قال عليه الصلاة والسلام له ولمن معه :
(( إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكما ))
لو قال قائل :
قلتم بأن الأذان فرض كفاية وفرض الكفاية يختلف عن فرض العين
فالمقصود بالواجب الكفائي هو إيقاع الفعل لا النظر إلى الفاعل الذي هو العابد
بل الواجب العيني فالمقصود منه الفاعل
فمثلا :
الأذان المقصود هو الأذان لو قام به شخص توفرت فيه الشروط صار مجزئا عنه وعن أهل البلد
الواجب العيني مثل صلاة المغرب لو قام بها أشخاص أيكون ذلك كافيا ؟
لا ، يجب على كل شخص بعينه أن يصلي
فهذا هو الفرق بين الواجب الكفائي والواجب العيني
والواجب الكفائي :
إذا تركه أهل البلد آثموا جميعا ويقاتلهم الإمام لأنهم تركوا شعيرة ظاهرة من شعائر الدين
لو قال قائل :
أهذا الحكم متفق عليه بين أهل العلم من أن الأذان فرض كفاية ؟
فيه خلاف
ما هو القول الآخر ؟
من قال بالسنية هناك من يقول إن الأذان سنة لكن هذا المصطلح وهو مصطلح السنية عند هؤلاء العلماء قال عنه شيخ الإسلام رحمه الله قال :
” إن الخلاف المذكور هنا في كون الأذان سنة أم فرض كفاية خلاف لفظي
كيف ؟
يقول :
لأنك لو سألت هؤلاء الذين يقولون إن الأذان سنة لقالوا إنه لابد أن يؤذن للبلد فأصبحت السنية هنا فيها خلاف لفظي أما الحكم فمن يقول بالسنية ومن يقول أنه فرض كفاية هم متفقون
إذاً :
الخلاف هنا خلاف لفظي وليس خلافا حقيقيا يعول عليه
فنخلص من هذا إلى أن الرأي واحد أنه فرض كفاية ويجب أن يؤذن في البلد
بل إنه شعيرة
لو قال قائل :
ما الدليل على أنه شعيرة ، وما الدليل على أنهم يقاتلون ولو كانوا مسلمين حتى يقيموا هذه الشعيرة ؟
الدليل :
أن النبي عليه الصلاة والسلام إذا أراد أن يغزو قوما انتظر حتى يدخل الوقت فلو سمع أذانا كف عنهم وإلا أغار عليهم
فدل على أن الأذان شعيرة من الشعائر الظاهرة
لو سألت سؤالا :
متى فرض الأذان ؟
فرض الأذان على الصحيح في السنة الأولى من الهجرة بدليل حديث عبد الله في سنن أبي داود
وقد قال بعض العلماء : إن الأذان قد فرض في مكة قبل الهجرة
والصواب :
أن الأذان إنما فرض وشرع بعد هجرته عليه الصلاة والسلام في السنة الأولى
سؤال :
هذه مقدمة أوردناها على صورة أسئلة عن الأذان لأنه مر معنا في الأسابيع الماضية أحكام الأذان كما في سنن أبي داود ومر معنا في الفقه فأردنا أن نسترجع بعض المعلومات التي هي بمثابة المقدمة للأذان
ـــــــــــــــــــــــــــ
178- عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ – رضي الله عنه – قَالَ: { طَافَ بِي -وَأَنَا نَائِمٌ- رَجُلٌ فَقَالَ: تَقُولُ: “اَللَّهُ أَكْبَرَ اَللَّهِ أَكْبَرُ, فَذَكَرَ اَلْآذَانَ – بِتَرْبِيع اَلتَّكْبِيرِ بِغَيْرِ تَرْجِيعٍ, وَالْإِقَامَةَ فُرَادَى, إِلَّا قَدْ قَامَتِ اَلصَّلَاةُ – قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ: “إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٍّ…” } اَلْحَدِيثَ. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ, وَابْنُ خُزَيْمَةَ.
وَزَادَ أَحْمَدُ فِي آخِرِهِ قِصَّةَ قَوْلِ بِلَالٍ فِي آذَانِ اَلْفَجْرِ: { اَلصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ اَلنَّوْمِ }
179- وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ: عَنْ أَنَسٍ قَالَ: { مِنْ اَلسُّنَّةِ إِذَا قَالَ اَلْمُؤَذِّنُ فِي اَلْفَجْرِ: حَيٌّ عَلَى اَلْفَلَاحِ, قَالَ: اَلصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ اَلنَّوْمِ }
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح :
ـــــــــــــــ
هذا الحديث مر معنا في سنن أبي داود
فمن فوائد هذا الحديث :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن هذا الأذان المذكور هنا له قصة تلك القصة مرت معنا في شرحنا لسنن أبي داود
ما قصته ؟
فأذان عبد الله بن زيد هو أذان لبلال إذا قرأت للعلماء من أن هذا أذان بلال فالمقصود به أذان عبد الله بن زيد الذي رآه في منامه فأخبر به النبي عليه الصلاة والسلام قال : ” قم فألقه على بلال “ فهذا الأذان الذي يضاف إلى بلال هو هذا الأذان
ومكون من كم جملة ؟
من خمس عشرة جملة
وهذا الحديث له سبب وهو :
أن النبي عليه الصلاة والسلام لما هاجر اهتم بجمع الناس للصلاة فاستشار النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه فرأوا أن توضع راية حال دخول وقت الصلاة لتكون تلك الراية علامة على اجتماعهم فيجتمعون للصلاة
وقيل : نضرب بالناقوس
الناقوس :هو حديدة صغيرة مع كبيرة تضرب إحداهما في الأخرى فيصدر صوت وهذا يعمله من ؟ النصارى
فالنبي عليه الصلاة والسلام لم يستحسن هذا
فرأوا أن يكون هناك شيء آخر وهو البوق :
أن يشاع بين الناس حال دخول وقت الصلاة في النفخ بالبوق لكي يجتمع الصحابة ولكن لم يعجبهم ذلك
وأشير بأمر آخر :
أن يضعوا نارا وهذا من فعل المجوس
وأيضا :
أراد عليه الصلاة والسلام أن يبث رجالا من أجل أن يخبروا الناس بدخول وقت الصلاة
فاهتم النبي عليه الصلاة والسلام بهذا الأمر
فنام عبد الله بن زيد وكان مهتما لاهتمام النبي عليه الصلاة والسلام فرأى في المنام هذا الرجل ، وهذا الرجل كما بينته الرواية الأخرى هو ملك فأراه الأذان وأراه الإقامة في نومه
فلما استيقظ ذهب إلى النبي عليه الصلاة والسلام فأخبره وشارك عبد الله في هذه الرؤيا صحابي آخر من هو ؟ عمر بن الخطاب
فماذا قال النبي عليه الصلاة والسلام لما أخبرعمر النبي عليه الصلاة والسلام بأنه رأى مثلما رأى عبد الله ؟
قال :” إنها لرؤيا حق ” وفي رواية ” حمد الله جل و علا “
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــ
أن الرؤيا إذا تكررت من الشخص فهذا يدل على أغلبية صحتها لكن تلك الرؤيا التي رئيت أقرها النبي عليه الصلاة والسلام وهذه الرؤيا يقين بإقراره عليه الصلاة والسلام .
لكن بالنسبة إلينا نحن لما تمر بك رؤيا تتكرر معك وحدك أنت وحدك رأيت الرؤيا أكثر من مرة هذا يدل على أن هذه الرؤيا أقرب إلى الحق من الباطل
ولذلك رأى النبي عليه الصلاة والسلام كما عند البخاري رأى عائشة في سرقة من حرير ” رآها ثلاث مرات وكان يقال له ” هذه زوجتك “ قال : ” أريتك في المنام ثلاث مرات “
فهذا يدل على أن الرؤيا إذا تكررت عليك فإنها إلى الحق أقرب منها إلى الحلم أو الباطل
كذلك إذا كانت هناك رؤيا واحدة لكنها لم تصدر من شخص واحد وإنما صدرت من عدة أشخاص كما رأى الصحابة في الصحيحين أنهم رأوا رأوا جماعة من الصحابة أن ليلة القدر ليلة سبع وعشرين
فقال عليه الصلاة والسلام : (( أرى رؤياكم قد توطأت على سبع وعشرين فمن كان متحريها فليتحرها في سبع وعشرين ))
هنا أيضا رؤيا عمر مع رؤيا عبد الله تقوي تلك الرؤيا من عبد الله ومن عمر تقوي أصل هذه الرؤيا
النبي عليه الصلاة والسلام يقول كما في الصحيحين يقول : (( لم يبق بعدي من النبوة إلا المبشرات قيل : ما هي يارسول الله ؟ قال : الرؤيا الصالحة )) وفي رواية : (( الصادقة ))
فالرؤيا مبشرة لكن لا نقطع بصحة ما نراه ، وإنما إذا تكررت لك أنت تلك الرؤيا أو تكررت من أشخاص فإنه يغلب على الظن ليس جزما ، وإنما غلبة ظن أن هذه الرؤيا قريبة إلى الحق أكثر منها إلى الكذب أو الحلم .
والناس توسعوا في أمر الرؤى توسعا عظيما ولاشك أن الاهتمام بالرؤى مطلب شرعي لكن بهذه الصورة التي عليها الناس فإن هذا من المخالفة للأسف بل أصبح من يفسر الرؤى والأحلام أصبحت له منزلة ومكانة هي في الحقيقة علت مكانة أهل العلم
وهذا إن دل يدل على أن الناس لاعلم عندهم لأن الرؤيا في الحقيقة أصل وجزء من العلم الشرعي يعني يفترض ألا تستحوذ هذه الرؤى على معظم حياة الإنسان بل يفترض أن يكون السؤال عن العلم الشرعي المتعلق باليقظة أكثر مما يرى في المنام
والرؤيا لها أصل ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا صلى الفجر سأل أصحابه : هل رأى أحد منكم رؤيا ؟
لكن بهذه الصورة التي عليها الناس إذ اهتموا بما يقع في منامه أكثر مما يقع في يقظتهم هذا لا شك أنه خطر
فترتب على ذلك أن الناس تعلقوا بهذه الرؤى وبما سيكون بعدها من خير أو شر بل إن بعضهم قد يضعف توكله على الله بسبب رؤيا ، وهذا خطأ ناتج من طرفين :
من المعبر ومن الرائي
ولذلك تصدر لهذه الرؤيا كثيرممن لا علم عندهم فالرؤى علم شرعي فطغت هذه الظاهرة على أحوال الناس إلى درجة أن أحدهم إذا ودع صاحبه بالليل قال : ” أتمنى لك أحلاما سعيدة “
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــ
أنه قال ” طاف بي وأنا نائم “
في إحدى الروايات التي مرت بنا عند أبي داود ” وأنا بين النائم واليقظان “
وفي رواية : ” قال : ” لولا أنت تكذبوني لقلت إني غير نائم “
هذا يدل على أن هذه الرؤيا بلغت من قلبه مبلغ الحق واليقين والثبوت إلى درجة أنه غير نائم
ومعلوم أن ما يقع عندك في اليقظة لا يمكن أن تستريب فيه بينما في النوم تستريب فيه
فقوله هنا ” طاف بي وأنا نائم “
في رواية “ وأنا بين النائم واليقظان “
في رواية ( لولا أنت تكذبوني لقلت إني غير نائم )
يدل على ماذا ؟
يدل على أن ما يراه الإنسان إذا كان في حالة النوم المستغرق ليس ما يراه في تلك الحال من حيث القوة كما يراه بين النوم واليقظة وما يراه بين النوم واليقظة من حيث القوة ليست كقوة من هو نائم لكن في حقيقة أمره كأنه يقظان
فكلما كان ما تراه قريبا إلى اليقظة حينما تستيقظ
إنما المقصود لقوة تمكن هذه الرؤيا وقربها من الحق والصدق أراد أن يخبرهم بأنه لم يكن نائما
ففهم من هذا :
أنه كلما كانت رؤياك في ظنك أنها قريبة من اليقظة في تصورك فإن هذه الرؤيا أقوى في الصدق لأن الرؤيا كما أسلفت لكم تصورات
بعض الناس غريب في أمره :
لو نظرنا إلى تعبير الرؤى أو الرؤى ما هي عند السلف ؟
للمتفلسفة كلام طويل ، والفلسفة لا خير فيها
لكن عند السلف كما قال ابن حجر: ” الرؤيا في الشرع هي عبارة عن اعتقادات يراها الإنسان في نومه فإذا كانت هذه الاعتقادات بحضرة ملك صارت رؤيا مفرحة وإن كانت بحضرة شيطان صارت حلما مفزعا ، ثم تلك الاعتقادات لا يستوثق من وقوعها مائة بالمائة فإنها كما قال رحمه الله كحال الغيم في اليقظة لما يراه بعض الناس يقول ستمطر بعض الناس يقول لا
كذلك ما يقوله المعبر اعتقادات مبنية على قرائن معينة قد تقع وقد لا تقع قد توافق ما أراده الله وقد تخالف
أما حديث ” الرؤيا على رجل طائر متى ما عبرت وقعت “ فهذا الحديث يضعفه بعض العلماء لأنه خالف ما جاء في الصحيح أن أبا بكر فسر رؤيا عند النبي عليه الصلاة والسلام فقال : (( يارسول الله أقسمت عليك أأخطأت أم أصبت قال أخطأت بعضا وأصبت بعضا ))
فهو عبر ومع ذلك أخطأ
ومن هو ؟ أبو بكر أعمق الناس فهما وعلما وأعظم الناس دينا بعد النبي عليه الصلاة والسلام وأصفاهم قلبا وأخلصهم لله بعد الأنبياء والرسل
ومع ذلك لم يوافق تعبيره ما رآه ذلك الصحابي
فما ظنكم بغيره من الصحابة ؟
فما ظنكم بغيره من التابعين ؟
فما ظنكم بمن في هذا العصر ؟
بعض الناس لما يعبر له يظن أن هذا التعبير سيقع
ولذلك حشود كثيرة من الاتصالات على جوالات المعبرين
وهذا خطأ لا بد أن تضبط
ولو صح هذا الحديث ” الرؤيا على رجل طائر متى ما عبرت وقعت ” لو صح لأن بعض أهل العلم يصححه فقد قال ابن حجر : ” قال يحمل هذا الحديث على شخص فسرت له رؤيا بغير ما يلائمه فاطمأن إلى تفسير المعبر ولم يذهب إلى معبر ثاني “
يقول : إذا رأيت رؤيا وفسرت لك بخلاف ما ترغبه فاذهب إلى غيره حتى لا تقع بناء على الحديث فلابد أن يضبط الناس أمر الرؤيا
ثم هذه الرؤيا كما قال الإمام مالك لما سئل عنها قال : “ أبالنبوة يلعب ؟ “
(( لم يبق بعدي من البنوة إلا المبشرات )))
هي جزء من أجزاء النبوة فلا يلعب بها ولابد أن تضبط ولابد أن يجبر الناس هؤلاء المعبرين بما أنهم في الواقع وهم موجودون
لما تتصل على معبر وفسر لك قل له : بنيت هذا على ماذا ؟
يمكن أن يتسلق هذا الأمر أناس لا يريدون إلا الدنيا فلابد أن نضبط
ليس كل من هب ودب نقبله على أن يكون معبرا ، هذا خطأ
بنيت تعبيرك على ماذا ؟
حتى نعرف لأن التعبير له أصول في الشرع هل بنى على آية على حديث على معنى لغوي على القرائن والأحوال
حتى إن بعضهم وللأسف يعتبر هذا أنه معه قرين يعني يخبر ببعض الأشياء التي يستحيل أن يعرفها إلا من لديه قرين يعينه على ذلك
لما تتصل مثلا امرأة ويقول بجوارك فلان أو فلانة أو موجود مثلا في بيتكم كتاب به ورقة معينة أو كذا ؟
كيف يكون هذا
ولما يخبر إذا بالخبر صحيحح هذا معه قرين
سبحان الله ! إذا كان العالم الشرعي يحفظ النصوص الشرعية من الكتاب ومن السنة ، ويخطئ أحيانا في فهم النص الشرعي فما ظنكم بالرؤيا ؟
من باب أولى أن يقع فيها الخطأ
ولذلك الرؤيا كما أسلفت لها شأن عظيم في الشرع لكن بهذا التوسع في هذا العصر نحن أساءنا إلى الرؤيا التي عظمها النبي عليه الصلاة والسلام وعظمت في كتاب الله
ولذلك :
ما عرف عند السلف أن هناك معبرين بهذا العدد كما عرف أن عندهم علماء حتى في علم غير الشريعة عندهم علوم أخرى ومع ذلك انتشر علماء تلك العلوم الأخرى ما لم ينتشر المعبرون في زمانهم
أفكل من هب ودب وقال إني معبر يقبل ؟ لا
ويجب على المعبر الحقيقي الذي يريد وجه الله والدار الآخرة يجب عليه إذا عبر رؤيا التعبير كذا وكذا بناء على ما فهتمه من تلك القرائن
بناء على ما فهمته من الأسماء المذكورة في رؤياك
بناء على ما فهمته من تلك الآية
أو بناء على ذلك الحديث
يحدثني بعض الأشخاص بعض المعبرين أنه لا يحسن أن يقرأ الآية أو السورة التي في جزء عم ، لا يحسنها كيف يكون معبرا
محمد بن سيرين :
إمام ومع ذلك لم يؤثر عنه مثل ما أثر عن هؤلاء
فيتمنى الناس أن يجالسوا هذا المعبر أكثر من مجالسة أهل العلم ، هذا خطأ
ثم ماذا ؟
ثم هو أي المعبر كثير من المعبرين أي رؤيا تأتيه يعبرها الإشكال ليس في التعبير ، الإشكال أن الأدب النبوي خلا من هذا التعبير
يعني إذا به يستقبل كل رؤيا سواء كانت شرا أو خيرا حتى الأحلام
يعني :
أين توجيهك لهؤلاء يعني لما يرى حلما أين توجيهك لهؤلاء بأن تقول له إذا رأيت مثل هذا في المستقبل لكي توجهه وتوجه من يستمع عبر الشاشات إذا رأيت مثل هذا فافعل ما أرشدك إليه النبي عليه الصلاة والسلام إليه من النفث ثلاثا من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم من الاستعاذة من شر هذا الحلم من تغيير جهة نومك من جهة اليمين إلى اليسار إذا كنت نائما أو العكس أن تقوم فتتوضأ وتصلي
هذا لا يسمع أبواب مشرعة أي رؤيا تأتي تعبر هذا خطأ ، وجه الناس ، ثم إذا وجهت الناس وأردت أن تعبر حاول أن تعبر للناس على خير ما تراه من التعبير ولذلك أنكر النبي عليه الصلاة والسلام على عائشة لما فسرت تلك الرؤيا المحزنة لبعض الصحابيات بما لا يليق قال : ” إذا عبرتم رؤيا المسلم فعبروها على خير ما تعلمون “
يعني : ابحث لها عن مخرج لا تحزنه
الآن بعضهم يقول : إن صدقت رؤياك يمكن أن تمت بعد أيام
حتى ملك الموت لا يعلم إلا إذا أخبره الله
هذا خطأ
حتى إنه أتاني بعض الأشخاص وقال إن أخي الصغير حبيس البيت رأى رؤيا ففسرها له شخص فقال له إنك ستموت بعد أيام ، ما هذا الكلام ؟
قلت : لا يتلفت إلى هذا والآن الرجل حي ، هذا الكلام له سنين
الشيخ يوسف المطلق :
معبر هو داعية رحمه الله سمعت له ، الرجل جعل التعبير دعوة إلى الله يعني : لما يعبر فيقول : إن صدقت رؤياك فإنك مقصرة أنت أيتها المرأة في سترك فاتقي الله واستتري
أنت مفرط في الصلاة فاحرص على هذه الصلاة
تفسير لكن له ارتباط في الشرع بتوجيه سلوكيات الناس الخاطئة
لأن من يتصل الآن أو يريد أن تعبر له رؤياه ينتظر أن يخبر بشيء من الدنيا مفرح
والله اتصل بي شخص قبل ثلاثة أشهر وقال : إني رأيت رؤيا في أحد الأمراء الكبار فاتصلت على معبر وقال لي : لابد أن تذهب إليه وتقولها له
كيف يذهب إليه ؟
هذا عسير صعب
هذا ليس بصحيح حمل الناس ما يحتملون يقول فأصبحت في هم من أجل أنه قال افعل هذا وإلا تأثم
ما هذا القول ؟
يمكن رآه فأعانه من حيث لا يشعر فقلت له ادع له بالشفاء أو التوفيق
يقول : من شهر وأنا متعب كيف أتوصل إليه ؟
لابد من الحكمة ولابد من الفهم
أنا بإمكاني أقرأ في بعض الكتب التي تعتني بتفسير الرؤى والله إذا رأيت كذا فهي تدل على كذا وتصدر وتكون لك الوجاهة
لكن للأسف هذا نقصان
أنا أعد أن ما يجري الآن سفه
علق الناس بربهم لا تعلق الناس بالرؤى الرؤى مبشرات فقط وجه الناس التوجيه الصحيح إلى الله عبر هذه الرؤى
وضح لمن يتصل بك أو يسألك وضح له الآداب الشرعية إذا رأى رؤيا مفرحة ماذا يصنع كما قال النبي عليه الصلاة والسلام إذا رأى حلما مفزعا بين له ما بينه النبي عليه الصلاة والسلام من الآداب الشرعية حتى نعظ الناس
من رأى رؤيا لا تسره مزعجة فليفعل كما قال عليه الصلاة والسلام كما أخبرت قبل قليل قال : ” ولا تخبر بها أحدا ” حتى المعبر لا تخبر بها أحدا وتوكل على الله
ولذلك :
(( النبي عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم لما أتاه رجل فقال يارسول الله إني رأيت في المنام أن رأسي قد قطع وأنه يتدهده وأنا أتبعه ، فقال : لا تخبر بتلاعب الشيطان بك ))
هذا أدب من الآداب النبوية
وأقول إن أي شخص يتصدر لتفسير الرؤى ولم يقرأ كتاب التعبير في صحيح البخاري مع شرحه في فتح الباري لابن حجر فإنه سيخطئ أكثر مما يصيب
وأن من قرأ الأحاديث التي أوردها البخاري في صحيحه مع ما أورده ابن حجر في فتح الباري وأتقن ذلك جيدا فإنه سيكون موفقا بإذن الله في تعبير الرؤى
لكن إن كانت مفرحة فكما قال عليه الصلاة والسلام ” لا تخبر بها إلا من تحب “
أو تقصها على معبر كما جاءت بذلك الرواية الأخرى
لكن بهذه الصورة أرى أنه أسئ إلى الرؤى إساءة عظيمة
المجتمع هو الذي ساعد هؤلاء على أن يظهروا
لما يتصل بهؤلاء ليل نهار صباح مساء من الذي أظهره من ؟ نحن
قد يكون الإنسان عنده من التقصير في طاعة الله ومن الطوام العظام في شعائر الله ولا يسأل لكن رؤيا تأتي يهرع عمن يسأل عنه
في حياته ربما ظل أربع خمس سنين لم يسأل عن حكم شرعي ربما لا يحسن الصلاة لكن لما تأتي رؤيا إذا به يسأل كان هذا المعبر إذا فسر له تلك الرؤيا أنه سيقع ما يريد
هذا الأمر خطير جدا
( ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ )
بعض الناس:
يؤرخ يذكر تاريخ يقول سيقع في التاريخ الفلاني كذا وكذا وقد ذكروه وأتى ذلكم التاريخ ولم يحصل شيء
ما هذا الكلام تؤرخ ؟
حتى في المباريات يقول : سيفوز النادي الفلاني بكذا ، ما الذي سنستفيده إذا فاز ذلك النادي أو خسر ، ليس هناك فائدة
نريد قواعد نريد أدلة نريد أصول نسير وننطلق من خلالها ، يمكن أي واحد منا الآن يصير معبر رؤى
ما الذي أدراني أنك معبر وأنا أجهلك ، انفتح لك الباب وصرت معبر ما الذي أدراني
لابد حينها أن نضبط الناس بكذا و كذا وكذا
يعني مثلا :
لو أن إنسانا رأى سيفا بيده فقال رأيت سيفا بيدي يمكن أن تفسر بأنك ستتقوى بقرابتك لأن النبي عليه الصلاة والسلام في غزوة أحد قال : ” إني رأيت أن سيفي به ثلمة “ فأولها النبي عليه الصلاة والسلام بقتل بعض قرابته الذين يتقوى بهم
إنسان يقول : رأيت امرأة في منامي :
رؤية المرأة لها أدلة في الشرع
إنسان يقول رأيت نفسي في السفينة من خلال القرائن ننظر قد تكون نجاة مثلما نجى الله نوحا عليه السلام
نربطها بالأدلة الشرعية
نربطها بالحقائق اللغوية :
إنسان يقول مثلا رأيت سعيد بن جبير
لها دلالات : سعادة علم أنه يجبر
فيه أدلة أو قرائن تدل على هذه الرؤيا
أما والله ستتزوجين إن شاء الله إن صدقت رؤياك فستملك بيتا
بنيت هذا على ماذا حتى أفهم ؟