بلوغ المرام ـــــــ باب الأذان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
186- وَعَنْ أَبِي قَتَادَةٌ فِي اَلْحَدِيثِ اَلطَّوِيلِ
(( فِي نَوْمهُمْ عَنْ اَلصَّلَاةِ – ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ, فَصَلَّى رَسُولُ اَللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – كَمَا كَانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَوْمٍ ))
رَوَاهُ مُسْلِمٌ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( 1) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح :
ــــــــــــــ
من فوائد هذا الحديث :
ــــــــــــــ ــــــــــــــ
فهذا الحديث عزاه ابن حجر إلى صحيح مسلم وإلا فالقصة قصة نومه عليه الصلاة والسلام موجودة أيضا في صحيح البخاري لكن العزو هنا من أجل ما ذكره من جملة القضاء ( فصلاها كما كان يصليها كل يوم )
وهذه القصة وهي قصة نومه عليه الصلاة والسلام بما ذكر هنا رحمه الله مما عزاه إلى صحيح مسلم
تلك النومة عن صلاة الفجر يستفاد منها :
من الفوائد :
ـــــــــــــــــــ
بيان كون النبي عليه الصلاة والسلام بشر ، فإنه نام كما ينام البشر، فلا يختلف عن البشر في شيء ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) لكن مما يميزه ( يُوحَى إِلَيَّ ) إضافة إلى ما منح من الله الصفات الكاملة للمخلوقين فكل صفة حميدة تتكون في المخلوق فهي فيه عليه الصلاة والسلام في أعلى درجاتها
من الفوائد :
ـــــــــــــــــــ
أن هذه النومة التي وقعت للنبي عليه الصلاة والسلام مع صحابته كانت في غزوة خيبر في السنة السابعة من الهجرة
من الفوائد :
ـــــــــــــــــــ
أن وقو ع هذه النومة في غزوة خيبر ، وقال بعض العلماء على ظاهر بعض الروايات : ” إن هذا بعد رجوعه وقفوله عليه الصلاة والسلام من خيبر “
من الفوائد :
ـــــــــــــــــــ
أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : (( تنام عيناي ولا ينام قلبي )) فكيف يتوافق هذا مع هذا الحديث:
هو هنا نام حتى طلعت الشمس بينما الحديث الآخر ” تنام عيناي ولا ينام قلبي “
فالجواب عن هذا :
أنه لا تعارض بين الحديثين لأن قلبه عليه الصلاة والسلام يقظ بذكر الله والنوم إنما يقع على عينيه ورؤية نور الفجر متعلقة بالعين أم بالقلب ؟
بالعين ، والعين نائمة وليست يقظة فلا تصادم ولا تعارض بين الحديثين
من الفوائد :
ـــــــــــــــــــ
أن هذا النزول كان تعريسا
والتعريس في اللغة : هو نزول المسافر آخر الليل ليستريح
من الفوائد :
ـــــــــــــــــــ
أن السنة منه عليه الصلاة والسلام إذا نام متأخرا لعذر كهذا العذر وإلا فقد حث عليه الصلاة والسلام على النوم مباشرة بعد صلاة العشاء (( كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها ))
لكن إن تأخر في النوم ولم يبق على الفجر إلا القليل فإنه عليه الصلاة والسلام إذا نام ينام نومة المتأهب
كيف ؟
يرفع ساعده عليه الصلاة والسلام ، اليد متكئة على الأرض ويرفع ساعده وينام على كفه
فالساعد هنا منتصب
وإذا نام مبكرا فإنه ينام وخده على كفه
لكن إن نام متأخرا فإنه يقيم ساعده عليه الصلاة والسلام ثم ينام حتى يكون متهيئا ومستعدا وحذرا من أن تفوته صلاة الفجر
وشتان ما بين هذا الفعل منه عليه الصلاة والسلام وبين فعل غيره :
فإنه إذا نام ولو متأخرا فإنه لا يتهيأ لفعل الأسباب التي تجعله مستيقظا وحتى لا تفوته هذه الصلاة
وهذا معوله على ما في القلوب :
سبحان الله ! إذا امتلأ القلب خيرا وحبا للعبادة أصبحت هذه العبادة أنسا له ويشتاق إليها بينما إذا عظمت الذنوب في القلوب وعظم أثرها فإنه تكره العبد في العبادة فهناك من يأنس بطاعة الله وهناك من تكون طاعة الله عليه كالرواسي العظام
فلتسأل ربك الإعانة والهداية والتوفيق والأنس بطاعته وبذكره
من الفوائد :
ـــــــــــــــــــ
أن هذه النومة وقعت كما أسلفت في غزوة خيبر وهذا إن دل يدل على أنه عليه الصلاة والسلام خرج في الغزو بنفسه ولم يمكث عليه الصلاة والسلام وهذا إن دل يدل على حرصه عليه الصلاة والسلام على الجهاد في سبيل الله بنفسه
بل كان أعظم المجاهدين والشجعان حينما يلقى العدو بل كان الصحابة كانوا يحتمون به إذا عظمت المعركة
وبالتالي :
فإن بعض طلاب العلم لما يرى فيما يرى أن الجهاد واجب وجوبا عينيا في بلدة ما فإنه يحث الناس على ذلك باعتبار أن هذا الجهاد عنده واجب عيني ويطيح بقضية استئذان الوالدين قضية عدم أخذ إذن ولي الأمر
وبالتالي فإنه يحث غيره على الذهاب وهو باق فهذا خلاف ما عليه النبي عليه الصلاة والسلام
هو عليه الصلاة والسلام يتقدم فأين أنت ؟ أيكو ن واجبا على هؤلاء الشباب ولا يكون واجبا عليك ؟
ولذلك :
لما أفتى سماحة الشيخ صالح الفوزان في هذه المسألة شنع عليه لما قال : كيف يؤمر هؤلاء الشباب بأن يذهبوا وهؤلاء الآمرون باقون في بيوتهم شنع عليه في أول الأمر
والآن لما جرى ما جرى في العراق وفي سوريا إذا بهؤلاء يعودون إلى رأيه ويقولون إن رأيه هو الصواب
إذاً قبل أن تأمر غيرك مر نفسك ، أيكون الجهاد واجبا على هؤلاء ولا يجب عليك ؟
هذا من التناقض إن كنت ترى أن هذا هو الواجب وجوبا عينيا
حتى إن بعض النساء يشكين من هلع القلب لما ذهب بعض أولادها من غير أن يعلمها
طيب هذا يتلقى من يتلقى راية هناك يتلقى ولاية
ولا يعني أن هذا الكلام يقلل من شأن الجهاد في سبيل الله ، لا ، لن يعلو قدر الأمة إلا بالجهاد في سبيل الله
قال عليه الصلاة والسلام : (( وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله ))
السنام :
هو أعلى ما يكون في الجمل لا يمكن أن يعلو لك أمر ، ولا تعلو الأمة إلا بالجهاد لكن إذا تحققت شروطه وواجباته وإذا كانت هناك قدرة للمسلمين على دفع هذا العدو أو على محاربة فقد تكون الدولة المسلمة ضعيفة لا تستطيع قد لا يكن الضعف في عتادها أو أسلحتها ، لا ، قد يكون الضعف في أنفسها بالتشتت والتفرق
وبالتالي :
فإن الجهاد لا يمكن لأحد أن يقول أنه لا يؤبه له بل عده بعض العلماء أنه الركن السادس من أركان الإسلام
لأن تلك الأركان لا يمكن أن يقام لها قائمة إلا بالجهاد في سبيل الله
أما أن يؤز ويحث هؤلاء الشباب على الجهاد على أنه واجب وجوبا عينيا وتترك تلك الأم وذلك الأب ومن يأمره هو في بيته وبين أولاده
هل هذا من التوافق بين هذا الحديث والأحاديث الأخرى التي غزا فيها النبي عليه الصلاة والسلام قيل : سبع عشرة غزوة غزاها عليه الصلاة والسلام ، لا يمكن إلا إذا كان يرى أن لطالب العلم مزية على غيره أنه لا يذهب للجهاد هذا شيء آخر
لا يمكن ، ما المزية ؟ أنت مسلم وتوفرت فيك الشروط فيجب أن تذهب إذا رأيت أن الجهاد هو واجب
لذلك :
على الشباب أن يعودوا إلى الكبار من العلماء لأنهم يعرفون مآلات الأمور ، ويعرفون من الشرع ما لا يعرفه غيره ولا ينظر إلى كثرة من يتابع وكثرة الأعداد التي حوله ، لا ، ينظر إلى ما قاله الله جل وعلا وإلى ما قاله النبي عليه الصلاة والسلام ، ويفهم هذا بفهم السلف
نحن لا نرضى أن تكون الأمة الإسلامية بهذا الضعف ، ولا نرضى ألا يكون هناك جهاد ، لكن هذا هو حال الأمة وهذا هو قدر الله على الأمة
ولذلك على الناس أن يتقوا الله في هذا الأمر
فهو عليه الصلاة والسلام غزا بنفسه في أكثر من غزوة (( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21) ))
نحن لا نقلل من شأن المجاهدين هم على خير إن شاء الله تعالى إذا كان هذا الجهاد يراد منه إعلاء كلمة الله
يعني تضيع أنفس تزهق دماء من أجل أن يستحوذ الإنسان على أمر وضيع دنيوي
فعندنا ضعف قبل أن ننظر إلى أخطاء الغير ننظر إلى أخطائنا نحن ، والله لو نظر الإنسان إلى خطئه وأصلحه ، النبي عليه الصلاة والسلام يقول : (( المجاهد من جاهد نفسه ))
ابدأ بنفسك كيف لك بشاب استقام ليس له إلا شهر أو سنة أو سنتان في الاستفامة وليس عنده من العلم يزج به دون أن يكون عنده علم
العلم الشرعي هو الأساس
(( فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122) ))
يعني نهى الشرع أن يذهب كل شخص للنفرة للجهاد بل يبقى أناس يتعلمون ثم من يذهب يريد الأجر من الله
وانظروا إلى الصحابة ضربوا أروع الأمثلة في الجهاد في سبيل الله بل كان بعضهم لا يحب الإمارة إلا إذا ألزم بها في الجهاد كانوا لا ينظرون إلى الدنيا
أما أن تجمع الأموال والجهود والقوى وما شابه ذلك ثم إذا بهؤلاء لما يظفروا بشيء من النصرة إذا بالأمر يتغير يتقاتلون فيما بينهم
هذه فرصة العدو من الداخل ومن الخارج
فنحن لا نقلل من شأن الجهاد ولا من شأن المجاهدين ولكن يجب أن يتعلم أحكام الجهاد قبل أن تتعلم أحكام الجهاد يجب أن تجاهد نفسك
ربما هناك تقع في شهوة شبهة شهوة نساء
هناك أنت ضعيف ترد عليك الشبه ما تدري أين تذهب كيف يكون الجهاد بلا إيمان لا يمكن أبدا
ولذلك لما لم تكن هناك راية واضحة وإمامة واضحة فأصبحت رايات إذا بالخلاف دب بينهم والشيطان يدخل
فانظروا إلى حال النبي عليه الصلاة والسلام وإلى حال الصحابة رضي الله عنهم
ولذلك هو عليه الصلاة والسلام قالها : (( لولا أن أشق على أمتي لما تخلفت عن غزوة ))
يخشى من الضررعليهم لأنه لو خرج خرج الجميع
يعني ما تخلف عن غزوة ولا عن سرية
فالقضية قضية هامة في هذا الباب
ونحن ابتلينا وللأسف وأصاب الدول الإسلامية مصائب لاشك أن شعار الجهاد في سبيل الله يجب أن يظهر ويعلن وأنه لا قدر للأمة إلا بالجهاد في سبيل الله ، أما الركون إلى الدنيا فليس فيه خير قالها عليه الصلاة والسلام كما عند أبي داود :
(( إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزع عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ))
لكن لابد أن يؤتى الشيء من بابه
ولا يمكن أن يؤتى الشيء من بابه من تلقاء ما يروق لي ولكن أرجع إلى ما قاله العلماء ماذا قالوا في هذا الباب ؟ ماذا قالوا في هذا الأمر ؟
يا أخي هي نفس تقدمها لله عز جل فانظر
إحدى الأمهات تقول : ” والله لن أسامح من حث ابني على الجهاد في سبيل الله في سوريا “
لِمَ لم يذهب لماذا لم يذهب هو ؟
لاشك أن الشاب والشباب هم من يقومون بالجهاد لكن على ضوابطه الشرعية أما يكون هكذا
الفوضى لا يمكن أن يكون معها نجاح لا يمكن أن يكون هناك نجاح إلا بالتنظيم
ولذلك ماذا قال عليه الصلاة والسلام ؟
قال : (( إن قتل فلان فأميركم فلان فإن قتل فلان فأميركم فلان )) تنظيم إمارة ولاية
ولذلك في غزوة مؤتة لما قتل الأمراء الثلاثة ليس عندهم أمير فاصطلحوا على أن يكون الأمير هو خالد رضي الله عنه
اصطلحوا لم يقل كل شخص أن لها
ولذلك لما مات النبي عليه الصلاة والسلام وهو في المدينة في غير الجهاد في أمن وذهب المهاجرون إلى سقيفة بني ساعدة وقال الأنصار : منا أمير ومنكم أمير، قال أبو بكر : لا ، لا يمكن أن تكون هناك دولة إلا بإمارة واحدة ولا جهاد إلا براية واضحة
فنسأل الله أن يعلي كلمته وأن يرفع راية الجهاد في سبيل الله
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــ
أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : ( من يوقظنا ) فلما أراد أن ينام قال ( من يوقظنا )
وفي رواية ( من يكلأ لنا الليل )
لكن الشاهد منها قال : ( من يوقظنا ) هذا إن دل يدل على أن المسلم عليه أن يحتاط بفعل الأسباب للاستيقاظ لصلاة الفجر
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــ
أن بلالا قال : ” أنا أوقظكم يارسول الله ” قال هذا القول بناء على ما جرت عادته أنه يقوم لكنه رضي الله عنه لم يستيقظ حتى ضربت حرارة الشمس ظهر النبي عليه الصلاة والسلام فاستيقظ
فقال عليه الصلاة والسلام : ” يابلال “
فقال بلال : أخذ بعيني الذي أخذ بعينك يارسول الله
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــ
أن النبي عليه الصلاة والسلام قبل عذر بلال لأنه كان حريصا
لكن ربما أن الإنسان لا ينفع حرصه ولا ينجيه كما يقال لا ينفع حذر من قدر
وهذه فائدة :
وهي الرد على القدرية وهو أن قدر الله نافذ على الجميع حتى على الأنبياء والرسل مع ما له من الفضل وحتى في أمور العبادات
فانظروا كيف قدر الله جل وعلا على النبي عليه الصلاة والسلام ومن معه من الصحابة كيف قدر عليهم أن يناموا عن صلاة الفجر حتى خرج وقتها
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــ
أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : (( إن الله قبض أرواحكم حيث شاء وردها حيث شاء ))
وهذا إن دل يدل على أن النائم تقبض روحه ليس قبضا يراد منه الموت الأكبر ، وإنما هي موتة صغرى فليس انفصالا عن البدن انفصالا كليا ، لا ، و لذلك قال تعالى :
(( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي
مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى))
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــ
أن الاعتداد في الأمور الشرعية على شخص واحد مقبول فهو عليه الصلاة والسلام لم يأمر غير بلال أن يكون معه في تتبع الفجر
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــ
أن بلالا كان حريصا ، ولذلك لم يستلق ، وإنما اتكأ على راحلته من أجل ألا يستغرق في النوم ومع ذلك قدر الله جل وعلا أن يقع ما يقع
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــ
أن هذه الصلاة التي تركت لاشك أنها صلاة الفجر باعتبار أن النوم بالليل
ولذلك استدل بعض العلماء على أن الصلاة الوسطى هي صلاة الفجر من هاهنا
كيف ؟
قال لأنه لم يأمر عيله الصلاة والسلام أن يحفظ وقت الصلاة إلا للفجر
ولكن هذا مردود لاشك في ذلك وأوضحنا أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر على الصحيح
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــ
أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر الصحابة بأن يرتحلوا من هذا المكان
وقال : (( إن هذا المكان قد حضرنا فيه الشيطان ))
وقال : (( تحولوا عن هذا المكان الذي أصابتكم فيه الغفلة ))
وهذا يدل على أنه يستحب لمن فاتته الصلاة حتى خرج وقتها ألا يصلي في هذا المكان
فلو قال قائل نحن في البيوت قد يجري لأحدنا أن ينام حتى يخرج وقت الصلاة ؟
فالجواب عن هذا :
ألا تصلي في الغرفة التي نمت فيها ، اذهب فصلّ في غرفة أخرى هذا من السنة
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــ
(( ثم أذن بلال ))
قالوا إنه ليس التأذين المعروف ، وإنما المراد الإقامة فلم يقع أذان وهذا بناء على قول من يقول من أن الفائتة لا يؤذن لها وإنما إقامة فقط
يعني : فاتتك الصلاة ومعك مجموعة وأنت في صحراء فهنا الإقامة فقط بناء على أن الإقامة توصف بأنها أذان فالأذان هنا يقولون هو الإقامة
والصواب : ليس كما قالوا
بدليل أن النبي عليه الصلاة والسلام لما أمر بلالا أن يؤذن توضئوا
لو كان المقصود الإقامة أيتوضئون بعد الإقامة أم أن الإقامة فيها إعلام بالدخول في الصلاة ليس هناك فاصل ، لو فصل فاصل لا إشكال لكن المقصود من هذا أنهم لما توضئوا دل على أن المقصود هو الأذان المعروف وليست الإقامة وإلا لكان الوضوء قبل هذا الأذان الذي يراد منه الإقامة
ومما يوضح هذا أنه عليه الصلاة والسلام أمر بلالا فأذن ثم توضئوا فصلوا ركعتي الفجر ثم أمره بالإقامة فصلوا صلاة الفجر
وبالتالي فإن الصحيح أن الفائتة يؤذن لها لهذا الحديث
لو قيل المقصود من هذا الأذان المذكور هنا هو الإقامة
فالجواب كما أسلفت لكم من وجهين :
ـــــ أنهم توضئوا بعد هذا الأذان فدل على أنه هو الأذان المعروف
ـــــ وأيضا وردت رواية ( أنه عليه الصلاة والسلام أمر بلالا بأن يقيم )
فكما أن الأذان يشرع للحاضرة يشرع للفائتة إذا وقع نوم وكذلك المنسية ربما ينسى مجموعة الصلاة لأمر ما حتى يخرج وقتها أيؤذنون ؟
نعم ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام جمع بينهما فقال : ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها )
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــ
استحباب صلاة الجماعة للفائتة
فإذا فاتت الصلاة طائفة من الناس فيصلونها جماعة ولا يصلونها فرادى
الدليل : هنا
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــ
أنه إذا خرج وقت الصلاة وكان قبل الفريضة سنة راتبة فلتقدم السنة الراتبة على الفريضة كما فعل عليه الصلاة والسلام صلى سنة الفجر ثم أقام لصلاة الفرض
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــ
أنه قال هنا : ( فصلاها كما كان يصليها في كل يوم ) هذه الجملة دليل للقاعدة الفقهية ” القضاء يحكي الأداء”
قال : ( فصلاها كما كان يصليها في كل يوم ) فدل على أن القضاء يحكي الأداء
صلاة الفجر قبل طلوع الشمس يجهر بها طلعت الشمس ووضح النهار فجهر عليه الصلاة والسلام بالقراءة
وذلك لو أن الإنسان فاتته صلاة ليلية فتذكرها بالنهار يجهر بالقراءة ولو كان بالنهار
إنسان فاتته صلاة نهارية يسر بها فتذكرها بالليل يجهر أم يسر ؟
يسر باعتببار أصل الصلاة
القضاء يحكي الأداء
العصر : تذكرتها بالليل لا تجهر فيها
العشاء : تذكرتها الظهر تجهر بالقراءة فيها
(فصلاها كما كان يصليها في كل يوم)
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــ
أن وقوع النوم على أهل الصلاح والخير وارد ليس عن صلاة الجماعة بل حتى عن الوقت وهذا الوقع إذا لم يكن هناك تفريط
وإنما هو قدر من الله جل وعلا
ولذلك قد تفوت الصالح والعالم الصلاة حتى يخرج وقتها كما جرى للنبي عليه الصلاة والسلام والصحابة
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــ
أن النوم عذر
ولذلك عذر النبي عليه الصلاة والسلام من ؟ بلالا
قال بلال : ( أخذ بعيني الذي أخذ بعينك ) فالنوم عذر
وفرق بين النوم والتناوم
إنسان استغرق في النوم وقد اتخذ الأسباب من وضع المنبه لأن وضع المنبه الآن له دليل وهو أمره عليه الصلاة والسلام لبلال أن يتتبع الفجر
أما التناوم :
وهو أن يوقظ الإنسان ويسمع فلا يستيقظ أو أنه يهمل فلا يتخذ الأسباب أو أن في ديدنه السهر لقبيل الفجر ثم ينام
فهذا هو التناوم ولا يكون عذرا
ولذلك قال عليه الصلاة والسلام في بيان عذر النوم كما عند مسلم من حديث أبي قتادة (( ليس في النوم تفريط إنما التفريط في اليقظة أن تؤخر صلاة حتى يدخل وقت الأخرى ))
ولعل ابن حجر ذكر هذه الجملة من باب أن يبين أن الأذان يشرع للفائتة
ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ
س:
مر معنا أن الأذان والإقامة في حق المنفرد سنة ، وأنه لو كانت هناك جماعة في البلد ثم استيقظوا بعد طلوع الشمس وفاتتهم صلاة الفجر فإن الأذان لا يلزمهم لأن البلد قد أذن فيه فسقط الأذان بأذان أهل البلد
لكن القصود هنا لو أن الإنسان في صحراء في نزهة أو أهل قرية قليلة ناموا عن الصلاة فإنه يؤذن لهذه الصلاة
لكن على سبيل الاستحباب أم الوجوب ؟
بالنسبة إلى الأذان للصلاة الفائتة للجماعة على سبيل الوجوب أم على سبيل الاستحباب ؟
قولان ، والصواب أنه على سبيل الوجوب لأمره عليه الصلاة والسلام بهذا
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــ
أن الانشغال عن أداء الصلاة بعد الاستيقاظ منها بما يحقق مصلحة الصلاة لا بأس بذلك
وهذا هو رأي الجمهور
بعض الشافعية يقولون : لو استيقظ بعد أن خرج وقتها فله أن يؤخرها إلى أن يرى من نفسه أن يؤديها قبل الصلاة القادمة
أعطيكم صورة لهذا :
تصور لو أن إنسانا نام عن صلاة الفجر عذرا حتى خرج وقتها ، والساعة الآن السادسة فلما استيقظ من نومه ورأى الساعة خرج وقت صلاة الفجر دوامه مثلا الساعة التاسعة قال سأنام وإذا قمت للدوام صليتها
بعض أصحاب الشافعي يقولون بهذا والدليل هنا وهو أن النبي عليه الصلاة والسلام قال للصحابة ” ارتحلوا “ والارتحال لاشك أنه يأخذ وقتا ثم بعد ذلك أذن للصلاة واشتغل من اشتغل بالوضوء
ومعلوم أن الوضوء ليس على نهر جار ويسبق بعضهم بعضا في الفراغ من هذا الوضوء ومع ذلك ما أقام عليه الصلاة والسلام حتى اجتمعوا
لكن الجمهور يقولون : لا ، له أن يؤخر الصلاة بما يحقق المصلحة
مثلا ينتظر جماعة لكي يزداد عدد الجماعة
ينتقل من هذا المكان إلى مكان آخر
المهم إذا كان هناك شيء لمصلحة الصلاة فتؤخر من أجله
لكن إن لم يكن هناك شيء فيقولون بادروا
والدليل :
أن النبي عليه الصلاة والسلام قال كما في الصحيحين : (( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها )) صيغة من صيغ الوجوب ( فليصلها )
وفي رواية (( لا كفارة لها سوى ذلك ))
يعني هذا هو وقتها
بالنسبة إلى الأذان والإقامة في حق المنفرد سنة سواء كان مقيما أو مسافرا لكن إذا كان معه شخص آخر فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام كما في حديث مالك بن الحويرث كما في الصحيح قال: (( إذا حضرت الصلاة وهم اثنان فليؤذن أحدكما ))
فدل على أنه إذا كان شخصا واحدا فلا يلزم وإنما يستحب
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــ
قوله عليه الصلاة والسلام : (( إن هذا المكان قد حضر فيه الشيطان ))
وفي الحديث الآخر (( أصابتكم فيه الغفلة )) كلاهما في المعنى واحدة فالغفلة ناشئة من الشيطان فأضيفت مرة إلى السبب ومرة إلى المسبب
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــ
النص في حق من نام ، أما لو كان إنسان مثلا عصى الله بغيبة في مكان وحضرت الصلاة أنه لا يصلي في هذا المكان ؟
النبي عليه الصلاة والسلام لم يأمر من فعل الذنب في زمنه ولم يأمر الأمة على وجه العموم لم يأمرهم بأنه متى ما فعل شيئا مما يغضب الله أنه ينتقل
ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام كما في حديث أبي بكر أن النبي عليه الصلاة والسلام قال في صلاة التوبة قال : (( ما من عبد يذنب ذنبا فيقوم فيصلي ركعين ثم يستغفر الله إلا غفر الله له ))
ومع ذلك لم يقل فيلجتنب هذا المكان الذي وقع الذنب فيه مع أنه سيصلي بل قد يقال إن الصلاة في هذا المكان لو أحيل المر إلى عقولنا الصلاة في هذا المكان أولى لأنه مكان عصي الله فيه فلنطع الله فيه
ثم القياس مع الفارق
لم ؟
لأن النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة رضي الله عنهم ما فعلوا معصية ، وإنما كان الشيطان حاضرا في هذا المكان فلا ينبغي أن نبقى فيه
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــ
غزوة خيبر في أي جو حر أو برد ؟
حر لأنه قال : (( أيقظتهم حرارة الشمس )) ومعلوم أن حرارة الشمس في الشتاء محبوبة فظهر من هذا أن هذه الغزوة وقعت في شدة الحر بدليل أن شدة الحر لا تكون بعد الفجر إلا في الصيف .
ومن الفوائد :
إنسان مثلا أيقظه منببه يقول أنتظر الوقت مازال ثم بعد ذلك نام يدخل وعلى المسلم أن يأخذ دين الله بقوة إذا أردت النجاة
واسأل ربك أن يعينك على أن تسلك طريق النجاة ، عليك ألا تفتح بابا للشيطان مهما كان ، قد يتساهل الإنسان في أمر ثم ينفتح عليه باب خر ثم ثالث ثم رابع ثم خامس ثم لا تنغلق الأبواب تكون الأبواب مشرعة ثم إذا أراد الإنسان أن يعود إلى حصنه الأول في باب واحد لا يستطيع ، الأبواب مشرعة وكثرت والعدو قوي وعنده أعوان فإن أغلق هذا الباب فاين حاله من تلك الأبواب فنسأل الله أن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته وإلا فنحن في خطر.