شرح بلوغ المرام الدرس 171 حديث 196( وإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ) ( 2 )

شرح بلوغ المرام الدرس 171 حديث 196( وإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ) ( 2 )

مشاهدات: 436

بلوغ المرام ــ  باب الأذان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

196- وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ – رضي الله عنه – قَالَ : قَالَ لَنَا اَلنَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – (( وَإِذَا حَضَرَتِ اَلصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ . . . ))

 اَلْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ اَلسَّبْعَةُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــ ( 2 ) ــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــ

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــ

 

فهذا الحديث أخذت معظم فوائده في الدرس الماضي ، ولكن بقيت بعض الفوائد الحديثية حول هذا الحديث ما أراده رحمه الله من دلالة الاستشهاد من الحديث ذكرهنا :

(( وَإِذَا حَضَرَتِ اَلصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ  ))

 لكن هذا الحديث كما أسلفنا :

قدم مالك بن الحويرث ومعه ابن عم له ومكثا كما في بعض الروايات نحو من عشرين ليلة

وفي رواية أتت بالجزم  : عشرين ليلة ويوما

 

وجاء في رواية أنه مكثوا شهرا : ((  فتعلموا من النبي عليه الصلاة والسلام فرأى النبي عليه الصلاة والسلام اشتياقهم لأهليهم فسألهم النبي عليه الصلاة والسلام : ” من تركتم من أهليكم ”  فأمرهم أن يذهبوا وأن يعلموهم وأن يأمروهم بالصلاة وأن يصلوا الصلاة في وقت كذا وفي وقت كذا

ووجه الخطاب إليهما في رواية بينما في رواية أخرى قال مالك : (( أراد أن يخرج رجلان للسفر  ))

 

وقال في بعض الروايات ” أذنا ثم أقيما “

وجاء عند البخاري وقد انفرد بهذا البخاري عن مسلم قال  : ” صلوا كما رأيتموني أصلي “

وقال ” وليؤمكما أكبركما “

 

لو قال قائل :

جاءت رواية ” وليؤمكما أكثركما قرآنا “  ما الحل ؟

” وليؤمكما أكثركما قرآنا ”   ــ هذه في شأن عمرو بن سلمة أما هنا لا  قال ونحن متقاربون في القراءة

وفي رواية  : ” ونحن متقاربون في العلم “

 

إذاً  :

من الفوائد حول هذه القصة وهذه الحادثة فإن الفوائد تحت الجملة السابقة التي ذكرها ابن حجر مضت ويمكن أن يأتي بعض الفوائد لكن نستفيد أيضا

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــ

أن هذا الحديث رواه أيوب السختياني عن أبي قلابة وهو عبد الله بن زيد عن مالك بن الحويرث والحويرث تصغير حارث

الطريق الآخر رواه خالد بن مهران الحذاء عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث

 

إذاً  : طريق أيوب وطريق خالد الحذاء

 

ورد في طريق أيوب أنهم قدموا نفرا والنفر من الثلاثة إلى العشرة وسمي النفر بهذا الاسم لأن هذا العدد إذا همهم أمر نفروا جميعا نفرة رجل واحد ولذلك سموا بالنفر فيكون عددهم ما بين الثلاثة إلى العشرة

 

لكن في رواية خالد الحذاء :  (( أن رجلين أرادا أن يخرجا )) فكيف نوفق ؟

 

قال القرطبي : يحتمل أن تكون أكثر من وافدة يعني أنهم وفدوا وفادتين على النبي عليه الصلاة والسلام جمعا وتثنية

 

والأقرب لأن مخرج الحديث واحد الأقرب أنهم كانوا جماعة فالنبي عليه الصلاة والسلام كما قال ابن حجر يقول يحتملان النبي عليه الصلاة والسلام أرشدهم إلى ما أشردهم إليه عن طريق لفظ الجمع ثم إذا بمالك وابن عم له إذا بهما يرجعان مرة أخرى ليودعا النبي عليه الصلاة والسلام على وجه الخصوص فقال لهما هذا القول على صيغة التثنية فتكون الوفدة واحدة وليست وفادتين

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــ

 

أن قوله عليه الصلاة والسلام : (( إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم  ))

هذا لا يدل كما قال بعض العلماء لا يدل على أن الأذان مأمور به في السفر ، ولكن الصحيح كما بينت رواية خالد بن مهران الحذاء من أن رجلين أراد أن يخرجا للسفر فقال عيله الصلاة والسلام لهماهذا القول

ويوضحه ما جاء في رواية النسائي  ”  إذا سافرتما ” فدل على أن الأذان مطلوب في السفر ومضت هذه المسألة مفصلة

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــ

 

أن رواية ” نحوا من عشرين يوم ” أتى الجزم بها من أنهم مكثوا عشرين يوما

وفي رواية عند ابن عساكر في تاريخه :

أنهم مكثوا شهرا فإن صحت هذه الرواية فإنها محمولة على جبر الكسر لأن أهل اللغة إذا كان العدد منكسرا إما أن يلغوه أو يجبروه فهنا جبره بعض الرواة فقال : شهرا يعني ثلاثين يوما

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــ

 

استحباب السفر لطلب العلم فإن هؤلاء النفر قدموا على النبي عليه الصلاة والسلام في طلب العلم

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــ

 

أن الإنسان إذا كان في خير وسعة لا يكون أنانيا فالنبي عليه الصلاة والسلام بين أهله ومع هذا لحظ عليه الصلاة والسلام أنهما اشتهوا أو اشتقوا

وقد وردت الروايات : ” اشتقنا واشتهينا الأهل ” يشتهون سواء كانوا زوجات أو غير زوجات

فالنبي عليه الصلاة والسلام راعى أحوالهم في هذا

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــ

 

أن من لا حاجة له إلى التغرب فلا يتغرب فبقاؤه عند أهله خير له

ولذلك قال عليه الصلاة والسفر ـــ كما قال في الصحيحن ـــ : (( السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم طعامه وشرابه فإذا قضى سفره فليعجل بالرجوع إلى أهله ))

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــ

 

وهذه نحتاج إليها وهي :

أن من يعلم أن غيره يعلم معلومات لا يبخل بذكرها مرة أخرى فكيف ببعض الناس الذي يقول هذه معلومة ربما كثير من الناس يعرفها ، قلها

بدليل :

أنهم هؤلاء مكثوا عشرين يوما فقال عليه الصلاة والسلام : ( اذهبوا إلى أهليكم ) ويصح أهاليكم

 

كلمة  [ أهل ] في الجمع غريبة تجمع جمع تكسير أهاليكم

وقد وردت رواية ” ارجعوا إلى أهاليكم “

وتجمع جمع المذكر السالم ومر معنا هذا في النحو أهلون

وتجمع جمه المؤنث السالم أهلات  يصح أن تقول :  سأذهب إلى أهلاتي

 

مكثوا عشرين يوما ومع ذلك عرفوا صلاته فماذا قال ؟

قال  : ( مروهم أن يصلوا إذا جاء وقت كذا وكذا ) مع أنهم يعلمون الوقت ومع ذلك أعاد عليهم مرة أخرى فدل هذا على أن الناس بحاجة ولو قلت معلومة فيما مضى فلا تظن أن الناس على درجة واحدة من الفهم والحفظ فقد تنسى فقد يحتاج إلبها

بل قد تحفظ من قبل هؤلاء فيعاد الحديث عنها أكثر من مرة لأهمية هذه الجمل

ولذلك :

النبي عليه الصلاة والسلام قال كما في حجة الوداع قال : ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام )

قالها في خطبة عرفة وفي خطبة يوم النحر

في أكثر من موطن لأن الناس بحاجة إليها

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــ

 

أن البخاري رحمه الله أخرج قوله عليه الصلاة والسلام ( صلوا كما رأيتموني أصلي )

هذه من رواية إسماعيل بن إبراهيم الذي يقال له ” ابن علية “ عن طريق أيوب

 

لماذا يقال أنه ابن علية مع أن المحدثين يقولون هو إسماعيل ابن علية أو ابن علية ؟

هو يقول  : ” من قال إسماعيل ابن علية فقد اغتابني “

وذكر ذلك الذهبي في الميزان ، وابن حجر في تهذيب التهذيب

 

ولذلك :

في تاريخ ابن عساكر أوصى الإمام أحمد يحيى بن معين ألا يقول إسماعيل بن علية قال  :  فإنه كان يكره ذلك

 

إذاً ما  الحل ؟

يقال كما قال الشافعي : الذي يقال إنه ابن علية

اسمه أبي إبراهيم  هو إسماعيل بن إبراهيم

وعلية هذه هي أمه كما هو المشهور وإلا فإن أباه هو إبراهيم وقيل هي أم أمه يعني الجدة من جهة الأم وكأن ابن حجر يميل إلى أنها أم أمه

 

كلمة ابن :

إذا كانت بين علمين لا تكتب الألف لكن هنا نكتب ألف إسماعيل ابن علية نكتب ألف  لِمَ ؟ لأن علية ليست أبا له

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــ

 

أنه قال  ” وكان عليه الصلاة والسلام رحيما رقيقا ”

وهذه أكثر الروايات أتت بكلمة رقيقا وجاءت عند مسلم والبخاري

جاءت رواية عند مسلم  ”  رفيقا ” من طريق إسماعيل الذي يقال له ابن علية

والرفق معروف والرقة معروفة

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــ

 

أن بعض العلماء فضل الإمامة على الأذان  ، لِمَ ؟

لأنه قال قبلها ” فليؤذن لكم أحدكم ” الأذان أي واحد بينما الإمامة لا أكبركم

 

بينما الصواب :

أن الأذان أفضل من الإمامة هذا من حيث الأصل لا من حيث الاعتبارات الأخرى ، فإن بعض الناس قد تكون الإمامة في حقه أفضل من الأذان كأن يكون طالب علم أو حسن الصوت ينفع الله به

ولذلك :

تولى هذا الأمر من ؟ النبي عليه الصلاة والسلام والخلفاء الراشدون

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــ

 

أنه قال في الرواية الأخرى ( أذنا ثم أقيما ) أيؤذنانه دفعة واحدة أو أيؤذن أحدهما ويؤذن الآخر ؟

ليس المقصود

 إذاً  : ما هو المقصود ؟

يعني : ليقع الأذان والإقامة من أي واحد منكما

وبعضهم قال ( أذنا ) يعني أحدكما يؤذن والآخر يجيب فمن أجاب المؤذن فكأنه أذن

فإن قيل بهذا إذاً علينا أن نتابع في الإقامة لأنه قال ( ثم أقيما ) هل نتابع في  الإقامة ؟

الصحيح : لا

لكن يقال أنه ورد عند الطبراني أنه عليه الصلاة والسلام قال :

 ( أذن ثم أقم وليؤمكما أكبركما )

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــ

 

أن كبر السن له أفضليته إذا تحققت الصفات الأخرى فيهما في حديث أبي  مسعود في صحيح مسلم :

( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة  )

 

وفي رواية : ( سلما )

يعني إسلاما

( فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنا )

ولذلك لم يسأل عليه الصلاة والسلام   ، لم ؟

لأنه في رواية أبي قلابة قال : فأين القراءة ؟

قال : كانوا متقاربين لأنهم أتوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام ، وليس عندهم ومكثوا نفس المدة فهم متفاربون في القراءة

 

وفي رواية  أبي داود : متقاربون في العلم

وفي رواية  : متقارنين بالنون أو متقارنَين يعني أنهما أقران

فلم يتميز أحدهما عن الآخر وإلا فقد يتميز أحدهما عن الآخر ربما يمكث اثنان في مدة واحدة ويتعلمان ويكون أحدهما أعظم من الآخر

 

بدليل : أن السن ليس هو الأساس وإنما يسبق ما جاء عند البخاري أن عمرو بن سلمة أمَّ قومه وهو صغير

 

ولذلك :

لما وفد أبوه من النبي عليه الصلاة والسلام ، وكان عمرو بن سلمة يجلس على ممر الناس

يعني : من يأتي يسأله فيحفظ فقال فكأنما يغرى كالغراء يلصق في قلبه

 

وفي ضبط : ” يقرى “ من التقرية تسمى القرية لأن الناس يجتمعون فيها يعني كأنه يجمع في صدره

 

قال أبوه لما وفد قال :

” إن النبي عليه الصلاة والسلام قال ” وليؤمكم أكثركم قرآنا ” فدل على أن كثرة القراءة هي المعتبرة وإلا لو كان المعتبر هو السن من حيث الأصل ما قدموا عمرو بن سملة وعمره سبع أو ثمان

 

لكن لو قال قائل ألم يذهب عمرو مع أبيه ؟

قالوا : ظاهر بعض الروايات أنه لم يذهب

والصحيح أنه ذهب مع أبيه

 

ولذلك اختلفوا في صحبته هل هو صحابي أم لا ؟

 

تصور لو أن جماعة أتوا إلى بلد ثم أتاهم النوم ولم يستيقظا إلا بعد ما طلعت الشمس أيؤذنوا ؟

لا

 

وهنا فائدة لطيفة:

وهي رواية التابعي عن تابعي إذا صح أن أيوب السختياني قد رأى أنس لأن أبا قلابة تابعي ويكون أيوب إذا رأى أنس بن مالك يكون تابعيا فتكون رواية تابعي عن تابعي

 

ولا أحد يأنف من أن يروي عمن هو أصغر منه أو قرين له وإنما المعول عليه هو الفائدة ، لا تصم أذنيك ولا تبكم لسانك عن أخذ أو طرح أي فائدة مهما كانت لا تنظر إلى قائلها انظر إليها هي إن كانت حقا وفائدة فخذ بها لأن تعاملك هو مع الله ليس مع المخلوقين وسيأتي معنا في سنن أبي داود ما يدل على هذا كيف كان السلف رحمهم الله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

لابد أن تكون جميع جمل الأذان في الوقت لو قال الله قبل الوقت ثم قال أكبر داخل الوقت لم يصح الأذان لابد أن تكون جميع جمل الأذان في الوقت ولذلك من صحة شروط الأذان دخول الوقت

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

” فليؤذن لكم أحدكم ” فيه إشارة إلى أن الأذان لا يصح إلا من واحد ولا يصح أن يجزأ

ولذلك لم يقل عليه الصلاة والسلام  (ليؤذن  ) من باب الاشتراك في فضل الأذان ” ليؤذن أحدكما نصفه والآخر النصف الآخر “

إذاً لابد من مؤذن واحد

 

ولذلك :

لو أن المؤذن أصابته علة في ثنايا أذانه كبر أربع تكبيرات وأصابته علة فلم يتمكن وأتى شخص آخر فلم يستأنف ، وإنما تابع فلا يصح الأذان

أو أن المؤذن مات أو غشي عليه أتكمل أم تبدأ ؟

تبدأ من جديد