بلوغ المرام ــــ باب الأذان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
203- وَعَنْ أَنَسٍ – رضي الله عنه – قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – (( لَا يُرَدُّ اَلدُّعَاءُ بَيْنَ اَلْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ ))
رَوَاهُ النَّسَائِيُّ , وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح :
ــــــــــــــ
من الفوائد :
ــــــــــــــــــــــ
وأسلفنا هذه مرارا ، وهي حسن ترتيب ابن حجر رحمه الله لأحاديث هذا الكتاب ، وحسن الترتيب في القول أو في الكتابة هذا لا يتأتي إلا من شخص عنده اطلاع واسع وعنده إلمام بما يتكلم فيه
فإنه رحمه الله لما فرغ من ذكر الأحاديث المتعلقة بالأذان والإقامة ناسب أن يذكر ما يكون بينهما
من ماذا ؟
من قول ، لأن الأذان قول والإقامة قول
إذاً ما بينهما ماذا يقال ؟
وكما قلت فيما مضى هو استفاد رحمه الله من شرحه على صحيح البخاري لأن البخاري فقهه في تبويبه فاستفاد منه ، وهكذا طالب العلم يستفيد على من لازمه من الشيوخ ، ولو لم يكن على اتصال به مباشرة لأن ما بين ابن حجر والبخاري سنين طويلة لكن لما كان له اتصال كبير استفاد منه
وهو رحمه الله قد ألَّف البلوغ بعد الفتح :
لأنه رحمه الله قد ذكر في موطنين في هذا الكتاب ذكر إحالة على شرحه على صحيح البخاري في الأحاديث التي ستأتي معنا إن شاء الله في الساعة التي يستجاب فيها يوم الجمعة قال : ” أوردتها وأوردت كلام العلماء أكثر من أربعين قولا وقد أمليتها في شرحي على صحيح البخاري “
وهذا يدل على تأخر تأليف البلوغ
وأيضا ذكر هذا في ” تعيين ليلة القدر ” كما سيأتي معنا إن شاء الله تعالى
من الفوائد :
ــــــــــــــــــــــ
استحباب الدعاء بين الأذان والإقامة وأن الدعاء بينهما بإذن الله مستجاب بدليل ما جاء في صحيح ابن حبان ” الدعاء بين الأذان والإقامة مستجاب ” فصرح عند ابن حبان بأن الدعاء مستجاب
والنبي عليه الصلاة والسلام قال كما في السنن لما سئل ” إن المؤذنين يفضلوننا يعني لهم هذا الأجر فقال عليه الصلاة والسلام : (( قل كما يقولون ثم سل تعط ))
وقال عليه الصلاة والسلام : (( ثلاث دعوات قلما ترد ذكر منها الدعاء عند النداء ))
وهناك أدعية وردت لكن في كثير منها ضعف
وهذا الحديث أخرجه من ؟ النسائي ، وصححه ابن خزيمة
هذا الحديث فيه رجل يقال له : [ زيد العمي ] نسبة إلى العم أو ابن العم وفيه ما فيه من المقال عند الأئمة مقال في التضعيف ، ولكن هذا الحديث صحيح باعتبار الطرق الأخرى
من الفوائد :
ــــــــــــــــــــــ
أن الترمذي رحمه الله أخرجه ، ولكن بزيادة :
قالوا : ماذا نقول يارسول الله ؟
فقال : (( سلوا الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة ))
هذه زيادة تقال بين الأذان والإقامة ، لكن هذه الزيادة أتت من طريق سفيان الثوري ، وجميع من رواه عن سفيان لم يذكروها إنما ذكرها يحيى بن اليماني وفيه ضعف فهو قد تفرد بها ، ولم يتابعه أحد تفرد بها ممن رواها عن سفيان فغيره رواها ولم يذكر هذه الزيادة ، فتكون هذه الزيادة ضعيفة لضعف يحيى بن اليماني لأنه تفرد بها وليس له متابع فيها
وقد ذكر ابن القيم هذا الحديث بهذه الزيادة وقال : ” صحيح ” ، ولعل مقصوده أنه صحيح من حيث الأصل لا من حيث هذه الزيادة
من الفوائد :
ــــــــــــــــــــــ
أن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة ويرد قبله نفي وهي ” لا النافية ” ( لا يرد ) والفعل المنفي كما هي القاعدة في الأصول يدل على العموم لكن أهذا العموم على أصله باق أم أن في الأمر أمرا ؟
في الأمر أمر أي دعاء مقيد كما جاءت بذلك الأحاديث (( يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ))
فهذا الدعاء عام لكنه مقيد بما جاءت به الأحاديث الأخرى
من الفوائد :
ــــــــــــــــــــــ
أن هذا الدعاء لا يشترط أن يكون الداعي في المسجد ؛ لأن الحديث عام في المسجد وفي غيره ، وبالتالي لو أن الإنسان دعا الله جل وعلا بين الأذان والإقامة ولو لم يكن في المسجد فيدخل ضمن هذا الفضل
من الفوائد :
ــــــــــــــــــــــ
أن كلمة الدعاء شاملة فتشمل ما يدعو به الإنسان من خير الدنيا والآخرة
فالدعاء من آدابه :
ـ رفع الأيدي لقوله عليه الصلاة والسلام : (( إن الله حي كريم يستحي من أحدكم إذا رفع يديه أن يردهما صفرا ))
وما جاء في الصحيح :
(( عن أنس أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يرفع يديه إلا في دعاء الاستسقاء )) فهذا مبني على علمه رضي الله عنه ثم إن النفي هنا المقصود هنا ممكن يحمل على الاستسقاء على منبر الجمعة
فإذا دعا الخطيب بدعاء غير استسقاء فلا ترفع اليدان بل السنة كما جاء في صحيح مسلم من حديث عمارة (( أنه يشير بأصبعه عليه الصلاة والسلام إذا دعا الدعاء العام ، أما الدعاء الذي يراد منه الاستسقاء فيرفع يديه ويرفعوا أيديهم ))
فرفع الأيدي من آداب الدعاء
لكن هنا أمر وهو :
أن هذا الرفع لهذا الدعاء استمر عليه بعض الناس بعد فراغه من صلاة النافلة وهذا هو الخطأ ، له أن يدعو ويرفع يديه في أحواله إلا ما جاء الشرع باستثنائه مثل الخطبة
لكن كون الإنسان كلما صلى النافلة رفع يديه ودعا لم يرد هذا
ولذلك :
فلا يرفع يديه بل لا يدعو دعاء مستمرا بعد كل نافلة
حتى إن بعض عوام الناس كأنه أمر محتم ، تجد أنه يقام الصلاة وإذا به ممكن أحيانا ما يدعو يرفع يديه ، ولو ثواني على أنه دعا وهذا ليس من السنة
إن دعا أحيانا بعد النافلة فلا إشكال ويرفع يديه
أحيانا على وجه الندرة والقلة ، هذا بعد النافلة
وأما مسح الوجه باليدين بعد الدعاء :
فسيأتي معنا كلام ابن حجر في حديث سيورده بإذن الله ، وكلام أهل العلم فيه ما بين مصحح وما بين مضعف
الدعاء له فضله بين الأذان والإقامة وقراءة القرآن لها فضلها
ولتعلم أن العبادة القولية هي ثلاث من حيث الإجمال :
قراءة القرآن
الذكر
الدعاء
فأفضل ما يتشغل به لسان العبد قراءة القرآن يلي ذلك في الفضل الذكر يلي ذلك في المرتبة الثالثة الدعاء .
لكن قد يكون الدعاء أو الذكر أفضل من قراءة القرآن أو الدعاء أفضل من الذكر ، فقد يكون الذكر أفضل من قراءة القرآن ، وقد يكون الدعاء أفضل من الذكر وقد يكون الدعاء أفضل من قراءة القرآن باعتبار الأحوال والأشخاص :
أما باعتبار الأحوال :
فإنه متى ما جاء حديث يدعو إلى ذكر في موطن أو دعاء في موطن فإن ذلكم الذكر وذلكم الدعاء أفضل من قراءة القرآن بحسب تلك الحال التي حث عليها الشرع مثل ماذ ا: مثل متابعة المؤذن أنا أقرأ القرآن وإذا بالمؤذن يؤذن أتابعه أم أقرأ القرآن ؟
أتابعه متابعتك للمؤذن وهي ذكر أفضل من قراءة القرآن
أو باعتبار الأشخاص ، كيف ؟
إنسان في الأحوال المطلقة تصور لو أن نفسه تزيد رغبة ونشاطا وإيمانا في تلك الحال أو الزمن يزيد بالذكر أكثر من قراءة القرآن هنا نقول الذكر أو الدعاء الذي يزيد به إيمانك أفضل من قراءة القرآن في ذلكم الحال أو ذلكم الزمن
وهنا الدعاء أفضل ، لكن قدِر الإنسان أنه من النفع لقلبه أن يقرأ القرآن أو أن يذكر الله وهذا من تيسير الله عز وجل
ولذا :
على المسلم أن يستغل الأوقات الفاضلة التي حث الشرع على اغتنامها في أي عبادة فما بين الأذان والإقامة مجال للدعاء فهي فرصة للإنسان أن يدعو الله بما يشاء من خير الدنيا والآخرة وهذا يدل على عظم هذه الشريعة فإنها نوعت العبادات لأن الناس يختلفون فقد تكون نافلة الصيام عند بعض من الناس من أسهل ما يكون وبعض الناس عنده نافلة الذكر أو نافلة الصلاة أسهل من الصيام فهذا التنويع هو خير للمسلم وليس هناك عنت ولله الحمد
لكن نسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته