شرح بلوغ المرام الدرس 177 حديث 204 ( من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة ….. ) ( 1 )

شرح بلوغ المرام الدرس 177 حديث 204 ( من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة ….. ) ( 1 )

مشاهدات: 422

بلوغ المرام ــــ باب الأذان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

204-وَعَنْ جَابِرٍ- رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ :

(( مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ اَلنِّدَاءَ : اَللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ اَلدَّعْوَةِ اَلتَّامَّةِ , وَالصَّلَاةِ اَلْقَائِمَةِ , آتِ مُحَمَّدًا اَلْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ , وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا اَلَّذِي وَعَدْتَهُ , حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ ))

 أَخْرَجَهُ اَلْأَرْبَعَةُ

 ـــــــــــــــــــ( 1 )  ـــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ـــــــــــ

 

هذا الحديث أخرجه الأربعة

من هم الأربعة ؟

أصحاب السنن أبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي

هذا الحديث أخرجه البخاري في صحيحه وسبق أن شرحه وعلق عليه ابن حجر ، ومع ذلك لم يعزه إليه لأن العزو إلى ما في الصحيحين أو ما في الصحيحين أولى من العزو إلى غيرهما أو إلى غير ما في الصحيح بل إن تقديم ما في الصحيحين في الذكر أولى من غيرهما

تقول : أخرجه البخاري ومسلم وأصحاب السنن

 

لكن بعض العلماء قد يورد أخرجه الإمام أحمد والبخاري ومسلم باعتبار تقدم الإمام أحمد

هذا إن دل يدل على أن ابن آدم عرضة للنسيان والخطأ

من هو ؟ الحافظ ؟

إذا قيل قال الحافظ عرف العلماء أنه ابن  حجر ومع هذا جرى له ما جرى

إذاً :

من يقول أنا أحفظ أو أنا حافظ أو أنا متقن أو قرأت من الكتب كذا أو لم أدع كتابا في الحديث أو الفقه أو التفسير إلا قرأته هذا لا يقدم ولا يؤخر أو من يقول أنا أحفظ الكتب الستة أو السبعة هذا لا يفيد

 

فليست العبرة بالانتساب أو الأوصاف ولو كنت قرأتها مسبقا فانظر كيف عزا ابن حجر هذا الحديث إلى أصحاب السنن مع أنه في صحيح البخاري وشرحه هو ، نحن ضعفاء

 

هو لو أورد ما في السنن كما سيأتي من روايات مثل إلا حلت ممكن نقول هنا عذر

على كل حال هذا هو حال ابن آدم

 

وهذا الحديث قال عنه الترمذي : حديث غريب

 

والغرابة :

كما قال ابن حجر في الفتح هو غريب ، لكنه صحيح لأن الراواي هنا من هو ؟ جابر روراه عنه محمد بن المنكدر

لم يروه عن محمد بن المنكدر إلا رجل واحد هذا هو الغرابة

لأن الحديث باعتبار طرقه ينقسم إلى قسمين :

ــ متواتر

ــ آحاد

فالمتواتر:

هو ما رواه جماعة عن جماعة يستحيل أن يتواطؤوا على الكذب على أمر محسوس

والمتواتر نوعان : لفظي ومعنوي

 

من أمثلة المتواتر اللفظي :

حديث : (( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ))

رواه قيل خمسون وقيل ستون من الصحابة

 

وأما المتواتر المعنوي :

من حيث كثرة الطرق لكنه ليس بمتواتر لفظي مثل أحاديث الشفاعة وأحاديث المسح على الخفين

 

أما الآحاد :

فهو خلاف المتواتر فإذا اختل شرط من شروط المتواتر :

الآحاد ينقسم إلى ثلاثة أقسام :

ــ مشهور

ــ عزيز

ــ غريب

 

المشهور : ما رواه ثلاثة فأكثر ولم يصل إلى حد المتواتر

العزيز : ما رواه اثنان

الغريب : ما رواه واحد

ولذلك حديث عمر في الصحيحن : (( إنما الأعمال بالنيات )) غريب

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــ

 

رواه عن جابر مَن ؟ محمد بن المنكدر

سبحان الله !

علماء ومع ذلك عباد يقول بعض أصحاب محمد بن المنكدر يقول :

” إني إذا رأيت في قلبي قسوة أتيته فرأيته فأتعظ برؤيته أياما “

هذا مصداق حديث النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الحسن :

(( أولياء الله الذين إذا رءوا ذكر الله ))

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــ

 

أنه قال هنا  : (( من قال حين يسمع النداء )) ظاهره أنه يكون في ثنايا متابعة أو بداية المؤذن

هل هذا مراد ؟

الجواب : لا

 

هل هذا الثواب حاصل لمن قال هذا الدعاء دون أن يضاف إليه شيء  آخر ؟

الجواب :

يبين هذين الأمرين حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند مسلم قال عليه الصلاة والسلام : (( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ثم صلوا علي ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة لا تنبغي إلا لعبد وأرجو أن أكون أنا هو ))

إذاً :

يسبق هذا الذكر  ماذا ؟

الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام بعد المتابعة تتابع المؤذن ثم تصلي على النبي عليه الصلاة والسلام ثم هذا الدعاء

فأوضح هنا أن الوسيلة متى يدعى بها للنبي عليه الصلاة والسلام ؟ بعد الفراغ من الأذان وليس في ثنايا الأذان

أيقال ذكر آخر بعده ؟

جاء في صحيح مسلم قال عليه الصلاة والسلام : (( من قال حين يسمع النداء : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا غفر له ذنبه ))

 

إذاً :

يقول أيضا  : (( رضيت بالله ربا ))

 

الألباني رحمه الله قال وردت زيادة عزيزة عند الطحاوي في هذا الحديث (( من قال حين يسمع النداء حين يتشهد )) قال هذا يدل على أنه لو قال هذا الذكر أنه يكتفى به عن متابعة المؤذن

على كل حال هذا هو رأيه رحمه الله

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــ

 

أن قوله (( اللهم )) أصلها (( يا الله ))

يا : حرف نداء

الله : منادى مبني على الضم حذفت ياء النداء وعوض عنها الميم

وحرف النداء في أول الكلام لكن جعلت الميم في آخر الكلام تبركا ابتداء وتبركا باسم الله اللهم

واختيرت الميم دون غيرها من الحروف لأن الميم تدل على الضم والاجتماع

ولذلك : إذا نظقت بها تضم شفتيك وتكون هناك مناسبة وهي بأن يجتمع قلب الإنسان مع لسانه في الدعاء وهذه هي أعلى المراتب

الدعاء أن يكون اللسان موافقا لما في القلب

 

ولتعلموا :

أن نداء المحلى بالألف واللام لا يكون إلا في مناداة اسم (( الله ))  وإلا فيكون لحنا

 

بعض الناس يقول : يا المرأة يا الرجل ، خطأ ،  لا يدخل حرف النداء على المحلى بالألف واللام بل يؤتى بأي في التذكير ، ويؤتى بــ ” أية ” في التأنيث :  يا أيها الرجل ، يا أيتها المرأة

 

لا ينادى إلا الله ، وهناك قول في الاسم الموصول يصح أن تقول يا الذي  لكن الأصل المنع منع نداء المحلى بالألف واللام إلا اسم الله ،  يا الله ارحمني

وكلمة ” اللهم  ” وهذه هي فائدة اللغة العربية تذكر في ثلاثة مواطن :

 وكل موطن لها معنى :

الموطن الأول : الدعاء كما هنا ” اللهم  ”

 

الموطن الثاني : الإشارة إلى قلة المستثنى كما لو ذكرت كلاما فتقول : اللهم إلا إن كان كذا وكذا مثلا  : سنخرج إلى النزهة اللهم إلا أن كان كذا وكذا

 

الموطن الثالث : تيقن المجيب بالإجابة إما نفيا وإما إثباتا كما لو قال المجيب : اللهم نعم ، اللهم لا

فهذا هو ورود كلمة اللهم والمشهور أنها للدعاء فقط

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــ

 

أنه قال هنا (( رب هذه الدعوة التامة ))

 ما هي هذه الدعوة ؟

 ألفاظ الأذان فهي دعوة وهي تامة وصفت بأنها تامة ،  لم ؟

لأن بها كلمات التوحيد ، والتوحيد لا نقص فيه ، وإنما النقص في غير الدين ، وإذا نقص التوحيد عند الناس أو انعدم نقص أو انعدم الخير وإذا كمل التوحيد كمل الخير

 

ولذلك :

استدل الإمام أحمد من أن القرآن منزل غير مخلوق بحديث خولة عند مسلم : (( من نزل منزلا فقال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ))

فوصف  كلمات الله بأنها تامات فلو كانت مخلوقة ما كانت تامة لأن النقص يعتري المخلوق

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــ

 

أن هنا إشكالا :

قال : (( اللهم رب هذه الدعوة التامة ))

أهو ربها ؟

فيها ألفاظ تدل على صفات الله

 فما هو الجواب ؟

 

الجواب :

أن الربوبية هنا ليست منسوبة إلى هذه الألفاظ وإنما إلى قول المؤذن ، يعني ما يقوله المؤذن من حركة اللسان هي مخلوقة بينما الألفاظ التي يقولها لا

وقال بعض العلماء : وهو أوجه عندي أن [  الرب ] يطلق في اللغة على المستحق فهو مستحق لهذه الصفات الكاملة لأنه هو الكامل جل وعلا

وهنا أمثلة أخرى { سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ } والعزة من صفات الله فهو المستحق لها

 

ولذلك :

الأوزاعي قال :

لما سئل عن شخص يقول : برب القرآن ، فقال رحمه الله : إن كان لا يقصد ما تقصده الجهمية فلا إشكال ، لأن الجهمية تقول إن القرآن مخلوق يعني إن كان المقصود أنه مستحق لهذه الصفة فلا إشكال في ذلك لأن الربوبية في اللغة العربية تطلق على معان متعددة

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــ

 

أنه قال : (( والصلاة القائمة )) وصف الصلاة بأنها قائمة

وأين القيام ما قامت ؟

هذا أسلوب من أساليب اللغة يعني التي ستقام باعتبار ما سيكون مثل قول الله عن ذلك الرجل { إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا } العنب هو الذي يعصر في غير القرآن إني أراني أعصر عنبا

لماذا قال { خَمْرًا } باعتبار ما سيكون

وإما أن تكون كلمة القائمة من الديمومة بمعنى أن هذه الصلاة وهذه العبادة باقية ودائمة ومستمرة

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــ

 

أن هنا توسل  توسل بماذا ؟

توسل برب هذه الدعوة

والتوسل المشروع ثلاثة أنواع :

 التوسل بأسماء الله وصفاته :

كما هنا بربوبيته جل وعلا  قال جل وعلا : { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا } 

 

التوسل بدعاء الصالحين لا بذواتهم ، بدعائهم :

الدليل :

(( عكاشة لما قال : يارسول الله ادع الله أن يجعلني منهم )) توسل بدعاء النبي عليه الصلاة والسلام

وحديث عمر رضي الله عنه إن صح قال : (( لا تنسنا يا أخي من دعائك ))

 

التوسل الثالث : توسل بعمل صالح قام به الداعي :

يعني :

عملتُ عملا صالحا فأتوسل الله به لا بعمل قمتَ أنت به لا ، بعمل صالح قمتُ به أنا كما قال جل وعلا عن الصالحين : { رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }

{ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا }

 وقصة الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة في الغار

 

ما عدا هذه الأنواع الثلاثة من التوسل فهو توسل مذموم شرعا