بلوغ المرام ــــ باب الأذان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
204-وَعَنْ جَابِرٍ- رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ :
(( مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ اَلنِّدَاءَ : اَللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ اَلدَّعْوَةِ اَلتَّامَّةِ , وَالصَّلَاةِ اَلْقَائِمَةِ , آتِ مُحَمَّدًا اَلْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ , وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا اَلَّذِي وَعَدْتَهُ , حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ ))
أَخْرَجَهُ اَلْأَرْبَعَةُ
ـــــــــــــــــــ( 2 ) ـــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الفوائد :
ـــــــــــــــــــــ
أنه يجوز أن تنطق هذه الجملة فيقال : (( اللهم ربَّ هذه الدعوة التامة )) فتكون كلمة [ ربَّّ ] منصوبة لأنها منادى مضاف ، والمنادى إذا أضيف فإنه ينصب أضيف إلى هذه
ويصح أن تنطق اللهم [ ربُّ ] هذه الدعوة التامة على أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره أنت : (( اللهم أنت رب ))
والمشهور :
هو النصب لكن لو سمع شخص رفع كلمة رب فلا ينكر عليه
وهذا إن دل يدل على سعة العلم أو أن العلم لا يحاط به : { وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85) }
فاسأل ربك أن يزيدك علما كما سأل النبي عليه الصلاة والسلام ربه كما في سورة طه : { وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114) }
من الفوائد :
ـــــــــــــــــــــ
أن وصف هذه الدعوة بأنها تامة لأنها لا يتطرق إليها خلل ولا نقص
ولذلك وقد أسلفنا هذا ، استدل الإمام أحمد من أن القرآن غير مخلوق لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال كما عند مسلم من حديث خولة : (( من نزل منزلا فقال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك ))
فوصفها بأنها تامة فلو كانت مخلوقة ما كانت تامة لأن المخلوق يعتريه النقص فدل على أن كلمات الله من ضمنها القرآن لأنه كلام الله هو منزل غير مخلوق خلافا للمعتزلة ومن قبلهم الجهمية
من الفوائد :
ـــــــــــــــــــــ
أنه قال هنا ” آت محمدا ” آت يعني أعط ففرق بين كلمة أتى وآتى وهذه يخطئ فيها بعض الناس :
أتى : من الإتيان وهو المجئ
آتى : هو من الإعطاء
من الفوائد :
ـــــــــــــــــــــ
أنه قال هنا ” آت محمدا ” ذكر اسمه عليه الصلاة والسلام مجردا من غير أن يوصف بالنبوة أو بالرسالة
ومعلوم أن الصحابة نهوا أن ينادي أحدهم الرسول بقول يا محمد
ما يجوز هذا في حق الصحابة إذا نادوا رسول الله أن يقولوا : يا محمد وإنما عليهم أن يقولوا : يارسول الله ، يانبي الله
قال جل وعلا : { لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا }
يعني :
لا ينادي أحدكم النبي عليه الصلاة والسلام باسمه كما ينادي بعضكم بعضا وهذا وجه في التفسير ويلتحق به الوصف الثاني
وكلاهما صواب
بمعنى أنه لا تجعلوا استجابتكم لدعوة النبي عليه الصلاة والسلام كدعوة غيره إن أجبتم فلكم ذلك وإن لم تجيبوا فلا تثريب عليكم لأن النبي عليه الصلاة والسلام إذا دعا أحدا منكم فليستجب على أي حال كان :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ }
إذاً :
هنا نودي باسمه فيه مخالفة للآية
فالجواب :
أنه لا مخالفة لِمَ ؟
لأن الآية المراد منها هو النداء أما هنا الإخبار فمن أخبر من الصحابة عن اسمه عليه الصلاة والسلام وصرح به فلا إشكال في ذلك المنهى عنه هو أن يقول : يا محمد أما لو صرح باسمه كما مر معنا في التوحيد: قال ابن مسعود : (( من أراد أن ينظر إلى وصية محمد عليه الصلاة والسلام التي عليها خاتمه فليقرأ )) خبر فلا إشكال في هذا
من الفوائد :
ـــــــــــــــــــــ
أن هذا اسم من أسمائه عليه الصلاة والسلام وأسماؤه كثر ومر معنا الحديث عنها بإسهاب
من الفوائد :
ـــــــــــــــــــــ
أنه قال : (( آت محمدا الوسيلة ))
ما هي هذه الوسيلة ؟
هذه الوسيلة بينت في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند مسلم قال : (( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ثم صلوا علي ثم سلوا لي الوسيلة فإنها درجة لا ينبغي أن تكون إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو ))
فتكون درجة عالية عند الله عز وجل
هذه الدرجة جاء في مسند الإمام أحمد أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : (( هي أعلى درجة في الجنة ))
ففرق بين الحديثين قال هي : ” منزلة أو درجة ” لكن هنا هي أعلى درجة في الجنة لكن الحديث فيه ابن لهيعة ، وابن لهيعة كما هو معروف سيء الحفظ وأصابه ما أصابه في حفظه
ولذا فإن الحديث فيه ضعف لكن عموم أو ظاهر حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند مسلم من أنها درجة لا ينبغي أن تكون إلا لعبد من عباد الله ، هذا يدل على أنها أعلى ما يكون لكن التنصيص على أنها أعلى درجة في الجنة عند أحمد لا تصح
وبهذا نعرف أن من قال من العلماء إن الوسيلة هي القربة عند الله لأن الوسيلة معناها هي القربة كما قال تعالى :{ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ } القربة فيقال من بلغ هذه المرتبة العالية التي لا ينبغي إلا أن تكون لعبد من عباد الله فهو قريب من الله جل وعلا
من الفوائد :
ـــــــــــــــــــــ
أنه قال ” والفضيلة ” ما هي هذه الفضيلة ؟
قال بعض العلماء : هي تفسير للوسيلة فتكون الواو على كلامهم تفسيرية لكن في هذا تضييق لمعنى النص
والصواب :
أن الواو عاطفة والعطف يقتضي المغايرة كما لو قلت جاء زيد وعمرو هل زيد هو عمرو ؟ لا
فالصحيح أن الواو عاطفة فتكون الفضيلة غير الوسيلة
لكن ما هي ؟
هي منزلة عند الله جل وعلا يفضل بها النبي عليه الصلاة والسلام على غيره فتكون غير الوسيلة
فتكون هناك منقبتان : وسيلة وفضيلة لكن تحديد هذه الفضيلة كما حددت الوسيلة لم نرد فيما نعلم من كلام أهل العلم والبحث عنها لم يرد فيما نعلم حديث يبينها
من الفوائد :
ـــــــــــــــــــــ
أنه قال هنا : (( وابعثه مقاما محمودا ))
بعض الناس إذا دعا قال وابعثه المقام المحمود بالألف واللام هنا مقاما محمودا بدون الف ولام ، وهذا هو الوارد عند البخاري هنا وهو الموافق للآية : ((عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79) ))
بدون ال
أفيصح أن يقال ” وابعثه المقام المحمود “ بالألف واللام ؟
الجواب عن هذا :
قال النووي لا يقال إلا مقاما محمودا لأنه لم يرد ، وإنما الوارد في الحديث هو ماجاء موافقا للآية ( وابعثه مقاما محمودا )
ابن حجر في الفتح قال أخرجه النسائي بالألف واللام ( وابعثه المقام المحمود ) وأخرجه غيره
سبحان الله ! أفيخفى هذا اللفظ على النووي ؟
نعم يخفى مع أنه في سنن النسائي
هذا إن دل يدل على أنه قد يفوت العالم الكبير قد يفوته علم يطلع عليه من هو أصغر منه في العلم
ينضم إليه في هذا الباب لكنه أخف ابن رجب في كتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن رجب وهو أسبق من ابن حجر لأنه متقدم عليه يقول ابن رجب يقول : ” وما ذكر أنه عند النسائي فليس بشيء وإنما هو عند الإسماعيلي “
ابن رجب أقل في الحكم على هذه الرواية أو على هذه اللفظ من النووي النووي أنكر مطلقا
ابن رجب أثبت لكن نفى أن تكون عند النسائي
هنا قلت أرجع هي ثابتة عند غير النسائي ، لكن أهي عند النسائي أم لا فبحثت عنها فوجدتها في سنن النسائي
سبحان الله !
كم هو ضعيف هذا الإنسان ؟!
عملاء يشار إليهم بالبنان في عصرهم فكيف لو كانوا في عصرنا ؟
على كل حال هي ثابتة ويصح أن تقول : ( وابعثه مقاما محمودا ) ويصح أن تقول : ( وابعثه المقام المحمود)
لكن لو قال قائل :
ما هو هذا المقام المحمود ؟
المقام المحمود جاءت الأحاديث ببيان أنه الشفاعة شفاعة النبي عليه الصلاة والسلام
وقال بعض العلماء : إن المقام المحمود هو كل مقام يحمد فيه النبي عليه الصلاة والسلام ولا ينحصر في الشفاعة
ولاشك أن قولهم قول سديد لكن من ضمن المقامات بل أعلى المقامات التي يحمد عليها النبي عليه الصلاة والسلام هي الشفاعة
ولتعلموا :
بما أننا تطرقنا إلى هذا وذكر ذلك شيخ الإسلام رحمه الله : ” أن ما ورد من أن الله جل وعلا يجلس على العرش فيبقى من كل جانب مقدار أربع أصابع “
فيقول شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى : ” لا نعرف قائله ولا ناقله “
يعني ليس له أصل
ما ورد :
( من أن الله جل وعلا يجلس على العرش أو على السرير فما يبقى منه إلا أربع أصابع )
النص السابق : ( من كل جانب )
هنا لا يبقى إلا أربع أصابع إثبات بقاء أربع أصابع
قال :
ورد فما يبقى أربع أصابع نفي ورد فما يبقى إلا أربع أصابع بالإثبات والنفي
قال : وهذا يدل على تناقضها كما قال شيخ الإسلام رحمه الله
وذكرها أيضا الألباني وقال : لا تصح
إذاً :
عندك روايات :
رواية تقول :
إنه يبقى من كل جانب من جلوسه جل وعلا أربع أصابع من كل جانب لا تصح وليس لها أصل
منهم من أثبت أنه يبقى فراغ مقدار أربع أصابع وهذه أيضا لا تصح
ومنها :
ما يبقى إلا أربع أصابع والأولى يبقى منه أربع أصابع وهنا ما يبقى أربع أصابع لا تصح
نعيدها :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــ جلوسه جل وعلا على العرش ويبقى من كل جانب أربع أصابع لا يصح
ـــ جلوسه جل وعلا على العرش ويبقى أربع أصابع لا يصح
ـــ جلوسه جل وعلا على العرش ولا يبقى شيء لا أربع أصابع أيضا لا يصح
من الفوائد :
ـــــــــــــــــــــ
أنه قال : (( الذي وعدته ))
الذي اسم موصول معرفة
هذه جملة : إن قلنا ( وابعثه مقاما الذي وعدته ) أتكون جملة الذي وعدته صفة مقاما محمودا ؟
أيصح أن تقول جاء رجل الكريم ؟
يشترط في الصفة والموصوف أن يتوافقا في التعريف وفي التنكير
إذاً ما الحل ؟
نقول بدل لأنه لا يشترط في البدل أن يتوافق مع المبدل منه في التعريف والتنكير
فتكون جملة ” الذي وعدته ” بدل
ويمكن أن تكون صفة لم ؟
لأن كلمة [ مقاما محمودا ] عرف أن هذا هو للنبي عليه الصلاة والسلام فاختص به فصار كأنه معرفة
أما على لفظة [ المقام المحمود ] أيصح أن تكون الذي وعدته صفة لا إشكال لأنها معرفة وهذه معرفة
ولعل مما يزيد القول من أنه يمكن أن تكون صفة لمقاما محمودا أنه وعد من الله للنبي عليه الصلاة والسلام ووعد الله متحقق فكأنه علم هذا المقام بالتنكير كأنه علم على أحقية النبي عليه الصلاة والسلام له تفضلا منه جل وعلا