شرح بلوغ المرام الدرس 183 حديث ( 206 ) ( من أصابه قيء أو رعاف أو مذي فلينصرف فليتوضأ )

شرح بلوغ المرام الدرس 183 حديث ( 206 ) ( من أصابه قيء أو رعاف أو مذي فلينصرف فليتوضأ )

مشاهدات: 428

بلوغ المرام ــ  باب شروط الصلاة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

206- وَعَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنه – قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – (( مَنْ أَصَابَهُ قَيْءٌ , أَوْ رُعَافٌ , أَوْ مَذْيٌ , فَلْيَنْصَرِفْ , فَلْيَتَوَضَّأْ , ثُمَّ لِيَبْنِ عَلَى صَلَاتِهِ , وَهُوَ فِي ذَلِكَ لَا يَتَكَلَّمُ ))

رَوَاهُ اِبْنُ مَاجَهْ  وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــ

 

من فوائد هذا الحديث :

ــــــــــــــ ــــــــــــــ ــــــــــــــ

فإن هذا الحديث أورده ابن حجر هنا بعد حديث ( إذا فسا أحدكم  )

وهذا الحديث الذي أورده هنا ثنى بذكره فإنه فيما مضى مر معنا هذا الحديث في نواقض الوضوء فناسب هنا أن يذكر هذا الحديث ؛ لأن هذا الحديث استدل به بعض العلماء كالحنفية فيما ذهبوا إليه مما يخالف  الجمهور

وهذا إن دل يدل على ابن ابن حجر كما أنه محدث فهو فقيه

وما أحسن المحدث إذا كان فقيها !

وما أحسن الفقيه إذا كان محدثا !

 

فلا غنية عن الحديث في الفقه ، ولا غنية عن الفقه في الحديث

ومن أخذ بجانب من هذين فإنه ستقع منه أخطاء ، ولاشك في ذلك ؛ لأن هناك من يعنى بعلم الحديث ، وبأسانيدها دون أن يتأمل ما فيه وما ذكر حولها من علماء الأمة

وإذا أراد الإنسان أن يكون مصيبا بإذن الله تعالى في شرحه للأحاديث فإن عليه بالفقه

 

وأظن أن من درس الفقه قبل الولوج في الحديث فإنه سيستفيد فائدة من لا يستفيدها من دخل في الحديث من أول أمره

 

وهذا ظاهر من الأئمة نجد أن الإمام أحمد تنوزع فيه :

 هل هو محدث أم أنه فقيه ؟

شيخ الإسلام من يقرأ كلامه لا يمكن أن تقول إنه محدث ولا يمكن أن تقول إنه فقيه ولا يمكن أن تقول هو مفسر ولا لغوي يعني كما قال الذهبي وهو تلميذ له

قال : ” إذا تكلم في فن قلت إنه لا يحسن إلا هذا الفن لتضلعه فيه “

 

يظن من يسمعه أنه تخصص في هذا مع أنه لا تخصص عنده

فمعرفة الفقه :

لأنه هو الأساس لاشك أنه بوابة إلى إصابة الحكم أو التوفيق بإذن الله في استنباط الفوائد من الحديث

ــــ ولذا نرى هذا في ابن حجر في هذا الكتاب

ــــ وأيضا من يقرأ قرءاة موسعة في الفتح يجد هذا

ــــ من ينظر إلى الإمام أحمد يجد الجمع بين الفقه وبين الحديث

ــــ من يتمعن في تبويب البخاري في صحيحه يجد هذا أيضا واضحا

ولذا : قالوا إن فقه البخاري في تبويبه

 

من يقرأ كلام الشيخ ابن باز يجد أنه جمع بينهما مع أنه في أول أمره درس  الفقه على شيخه محمد بن إبراهيم

 

فاحرص على أن تجمع بين الأمرين بين الفقه وبين الحديث

ولذا :

ذكر رحمه الله هذا الحديث مع أن فيه ما فيه لأن الحنفية يقولون  ــ ومر هذا معنا  ــ يقولون : إن أحدث تعمدا فينطبق عليه الحديث السابق  :

( إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف )

وإن سبقه الحدث يعني خرج الحدث من غيره اختياره ليس تعمدا فإنه في مثل هذه الحال ينصرف ثم يتوضأ ، ولا يتكلم فيما بين ذلك ثم يبني على صلاته فتكون تلك الصلاة مقبولة وصحيحة

ولكن الصواب  :

خلاف ما ذهبوا إليه

لم ؟

لأن ما استدلوا به لو ثبت لقيل به وليس لنا أي اختيار وليس لنا أي رأي إذا جاء شرع الله

فلو صح هذا الحديث لعمل به ولوفق بينه وبين الحديث السابق

لكن بما أنه ضعيف فلا يبنى عليه حكم

 

لكن لو قال قائل : ما ضعفه ؟

نقول : ننظر إلى السند ، ومن خلاله تعرف :

ضعفه في كونه مرسلا

ولذا :

صحح الأئمة أنه مرسل ذكر من بينهم هنا الإمام أحمد على أنه مرسل ولا يصح لى أنه مرفوع إلى النبي عليه الصلاة والسلام

 

إسناد هذا الحديث :

من طريق إسماعيل بن عياش عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عائشة عن النبي عليه الصلاة والسلام  :

إسماعيل بن عياش إذا روى عن الشاميين أهل بلدته كانت روايته مقبولة

بينما لو روى عن الحجازيين كانت روايته مرفوضة

وابن جريج حجازي وليس بشامي

 

هذا هو الأمر الأول

 

الأمر الثاني :

أن إسماعيل أخطأ فعامة أصحاب ابن جريج رووه عن ابن جريج عن أبيه عن النبي عليه الصلاة والسلام

يعني : هو تفرد بهذه الرواية أو بهذا الطريق وهو عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عائشة عن النبي عليه الصلاة والسلام

 

مع أنه ضعيف في روايته عن الحجازيين

 

فيكن الصواب :

 أنه مرسل

يعني ليس من هذا الطريق

 

يعني  :

هذا الحديث ليس من هذا الطريق ليس من طريق إسماعيل بن عياش عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عائشة

وإنما الصحيح :

الذي رواه أصحاب ابن جريج عنه من أنه عن ابن جريج عن أبيه عن النبي عليه الصلاة والسلام وأبوه لم يدرك النبي عليه الصلاة والسلام أبوه أرسله فيكون الحديث مرسلا

 

لو قال قائل من الحنفية :

سأورد حديثا ، قالوا : معنا دليل أنتم ضعفتم هذا ، معنا دليل آخر

ما هو ؟

قالوا :

(( النبي عليه الصلاة والسلام كما جاء في السنن لما قام في مصلاه فكبر فتذكر أنه على جنابة ، ثم قال لأصحابه : مكانكم ثم ذهب فاغتسل ثم عاد ))

ألا يدل هذا على أنهم كبروا معه وهو كبر وبنى في صلاته على اعتبار ما مضى أنهم دخلوا في الصلاة معاه

 

فالجواب عن هذا :

أن ما جاء في الصحيحين يخالف هذا

جاء في الصحيحين مفسرا :

(( فلما أراد أن يكبر ))

 يعني :

قبل أن يدخل في التكبير تذكر فتكون رواية ما في السنن :

(( فلما كبر ))

يعني : لما أراد أن يكبر

 

ولو قيل بعدم هذا فنقول إن ما في الصحيحين أولى من السنن لأن الحادثة واحدة لا يمكن أن تقول  إنها واقعتان  ،  لا

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

هذا الحديث دليل لمن قال :

إن القيء إذا خرج بكثرة فإنه يكون ناقضا للوضوء لكن هذا الحديث لا يصح

 

والصحيح : أنه أعني القيء ليس بناقض للوضوء قل أو كثر لعدم الدليل

أما ما جاء عند الترمذي :

(( أنه عليه الصلاة والسلام قاء فتوضأ ))

فقد ورد : (( أنه قاء فأفطر ))

 

وللعلماء فيه كلام وعلى ثبوته فإنه مجرد فعل ، وهذا الفعل لا يدل على الوجوب ، وإنما يدل على الاستحباب ولنفرق في القيء بين حكمه وبين حكم خروجه

 

حكمه عند الجمهور  :

أنه نجس لأنه شبيه بالغائط فهو طعام وصل إلى المعدة فاستحال فأشبه ما يكون بالغائط خلافا للظاهرية يرون أنه طاهر

 فهذا حكمه

ففرق بين هذا الحكم وبين قولنا : إنه ليس بناقض للوضوء

 

قوله عليه الصلاة والسلام في حديث عائشة : (( إذا أحدث أحدكم فلينصرف وليأخذ بأنفه ))

 

 قد يقول قائل : إن الدم الكثير ناقض للوضوء ولذلك خرج

 

والصواب  :

أن أخذه بأنفه ليس من أجل أن الدم إذا خرج أنه ناقض للوضوء ، وإنما كما أسلفنا تمويها لأن ابن آدم لما ينزل منه الدم من أنفه فإن به ضررا عليه ، ذلكم الضرر لا يجعله يبقى في صلاته ، فيكون معذورا في قطعه للصلاة لأن الدم ينزل منه وليس لأنه ناقض للوضوء

 

لأنه وهو الصحيح أن الدم ولو كثر ليس بناقض للوضوء وقررنا هذا مسبقا

وهي قاعدة :

على ما رجحنا أن ما خرج من السبيلين فهو ناقض للوضوء على أي شكل كان وبأي نوع كان من غائط من بول من حصا من دم من سوائل شتى

وكذلك إذا خرج الغائط والبول من غير السبيلين ويلحق بهما الريح من البدن

أما ما عدا ذلك مما خرج من البدن من غير السبيلين وليس ببول ولا بغائط ولا بريح فإنه لو كثر كقيح وصديد ودم وقيء ونحو ذلك فإنه ليس بناقض للوضوء