شرح بلوغ المرام الدرس 184 حديث ( 207 )( لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار ) 1

شرح بلوغ المرام الدرس 184 حديث ( 207 )( لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار ) 1

مشاهدات: 787

بلوغ المرام ــ  باب شروط الصلاة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

207- وَعَنْهَا , عَنْ اَلنَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ :

 (( لَا يَقْبَلُ اَللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إِلَّا بِخِمَارٍ ))

رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ إِلَّا النَّسَائِيُّ

وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ

ــــــــــــــــــــــــ (1) ــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

هذا الحديث فيما يظهر لي من خلال تتبعي لكتاب البلوغ لابن حجر فإنه رحمه الله فيما يبدو لي أنه متى ما تردد في الحكم على حديث أخلى نفسه بحيث يذكر من صحح أو من ضعف أو من أوقف أو من رفع أو من أوصل أو من أرسل

وهذا مر معنا شيء منه

وهذا الحديث :

قد ذكر الدارقطني الصحيح أنه مرسل

ولذلك :

أبو داود لما ذكر الموصول ذكر المرسل ، وذلك لأن هذا الحديث أرسل وأوصل فرجح الدارقطني ، وكأن ذكر أبي داود للمرسل بعد الموصول كأنه فيه إشارة إلى ذلك من أن أكثر الرواة أرسلوه

والصواب :

أن الحديث موصول

فإن القاعدة في الحديث :

أنه لا يؤخذ بترجيح أكثر الرواة إلا عند التعارض ، وليس ثمة تعارض

فلا تعارض بين من أرسل وبين من أوصل

فلا يُعلّ الموصول بالمرسل ، بل إن هذا الموصول يزيد قوة بالمرسل

ثم إن من أرسله قد أوصله

فيكون الحديث صحيحا

فخلاصة القول : أن الحديث صحيح

 

من فوائد هذا الحديث :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أنه قال : (( لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار ))

هذا الحديث دليل على وجوب ستر العورة في الصلاة

واختلف العلماء في هذا :

هل ستر العورة شرط من شروط صحة الصلاة أو أنه واجب من واجبات الصلاة أو أنه سنة ؟

من يقول بالسنية لا دليل معه

بقينا فيمن يقول بالشرط ، وفيمن يقول بالوجوب

وقد نصر الشوكاني في نيل الأوطار وذكرت ذلك في الفقه الموسع قديما نصر بأن من يقول بأن ستر العورة ليس شرطا ، وإنما هو اجب من واجبات الصلاة

وقال : إن الأحاديث إنما دلت على الوجوب ، ولم تدل على الشرط لأن الشرط حكم وضعي

وإذا كان كذلك :

فإن من صلى متعمدا ولم يستر عورته فصلاته صحيحة لكنه آثم

 

بينما من يقول بالسنية :

صلاته صحيحة ولا إثم عليه وانما ترك الأولى

بينما من يقول شرط :

وهم الجمهور يقولون : إن من ترك ستر العورة في الصلاة متعمدا فقد بطلت صلاته وهو آثم

والصحيح : قول الجمهور :

وما استدل به من أدلة يمكن أن يسعف بها الشوكاني فيما ذهب إليه ، لكن هذا الحديث فصل ؛ لأنه قال : (( لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار ))

دل على أنه متى ما فقد هذا الشرط انتفى القبول

لكن إن انتفى القبول ، فالقبول انتفاؤه له ثلاث حالات :

نفي الوجود

نفي الصحة

نفي الكمال

نفي  الوجود :

ــــــــــــــــــــ

لا يمكن أن ننفي الوجود ، فالصلاة وجدت لكنه غير ساتر للعورة

إذاً :

 ما بقي معنا إلا المرحلة الثانية : نفي الصحة

ولا يعدل عن درجة إلى التي بعدها إلا إذا تعذر الحمل على تلك الدرجة الأولى

فلما انتفى نفي الوجود حل محله نفي الصحة

ولا يقال هنا إنه نفي للكمال ؛ لعدم الدليل

 

ما الدليل على نفي الكمال ؟

قوله عليه الصلاة والسلام  : (( لا صلاة بحضرة طعام ))

هنا لو صلى بحضرة طعام وخالف ، فالصلاة صحيحة لكنه ترك الكمال

 

لِمَ لَمْ تبطل الصلاة ؟

لأنه إن اشتغل بالصلاة فاته الخشوع ، وفوات الخشوع لا يبطل الصلاة على الصحيح ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام :((فلم يدر كم صلى))

كما  مر معنا في حديث السهو

وقال :

(( إن الرجل لينصرف من صلاته ولم يكتب له إلا عشرها تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها ))

فهذا هو متمسك الجمهور

فتكون عندنا ثلاثة أقوال : 

 ــ بطلان الصلاة مع الإثم 

ــ صحة الصلاة مع الإثم

ــ صحة  الصلاة من غير إثم

 

من يقول : بأن ستر العورة شرط من شروط صحة الصلاة فالصلاة باطلة وهو آثم

من قال : إن ستر العورة واجب من واجبات الصلاة فتكون صلاته صحيحة وهو آثم

من يقول : إن ستر العورة سنة لا بطلان  لصلاته وليس بآثم

 

لو قال قائل :

نحن رجحنا رأي الجمهور وهو الصحيح ، هذا إن تعمد

 لكن لو لم يتعمد ؟

خرج من عورته شيء لكنه ليس متعمدا

للفقهاء تفصيل كثير

 لكن أحسن وأحصر وأقرب ما يقال :

إن كان غير متعمد وكان الذي قد ظهر من عورته ظهر شيء يسير فالصلاة صحيحة

لأنه معذور ، معذور بالجهل ، ومعذور بعدم العلم

 لكن إن كان الذي قد ظهر هو شيئا كثيرا  فيقال :

إن تفطن له في الحال فستر ، فالصلاة صحيحة

وإن طال الوقت فالصلاة باطلة

لم ؟

لأن ظهور الشيء الفاحش الكبير يدل بدلالة القرينة يدل على أنه مفرط

وهناك أدلة ذكرت في قضية عدم الشرطية وهي :

 

حديث [ عمرو  بن سلمة ] لكن هذا محمول على العذر

بل إنه دليل لمن قال بالتفصيل الذي ذكرنا فكان يصلي وتظهر سوأته لأنه كان يلبس ثوبا قصيرا فقالت امرأة واروا عنا سوأة إمامكم ، فاشتروا له قميصا فيقول : ففرحت به فرحا عظيما

مما يدل على أنه في حالة عذر

ثم هو في مثل هذه الحال هو صغير وعورة الصغير ليست كعورة الكبير  كما سيأتي معنا

وهناك أدلة إن مرت علينا إن شاء الله ذكرناها

المقصود  :   الفاحش ، فإن قل فحشه فالصلاة صحيحة ولو طال الفصل

وإن عظم الفحش ، والفحش يعظم إما كمية أو كيفية :

الكمية  : أن يظهر شيء  كثير من عورته

الفاحش كيفية :

أنه قد يظهر ما قرب من الفرج أو الدبر ولو قل فإنه فاحش باعتبار المحل  لا باعتبار الكبر

فمثل هذا إن تفطن له وستر في الحال فالصلاة صحيحة وإلا فتبطل  الصلاة

ستر العورة عندهم يكون قبل الدخول كما يجب قبل الدخول يجب في ثنايا الدخول

بينما لو ترك مثلا تسبيحة الركوع مثلا على القول بوجوبها هنا أصلا لا يمكن أن تكون قبل الصلاة

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــ

قال هنا  : (( لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار ))

نفي

إذاً عدم النفي ضده الثبوت الذي هو القبول :

قبول الشيء أو قبول العمل له ثلاث درجات :

نفي القبول له ثلاث درجات كما أسلفنا :

نفي الوجود

نفي الصحة

نفي الكمال

ثبوت القبول له ثلاث درجات كل واحدة أعلى من الأخرى :

الدرجة الأولى :

أن يقبل منك العمل ، المراد من هذا القبول هو ثناء الله عليك

هذه أعلى درجة

ولذلك قال بعض  العلماء :

دليلها (( إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ )) المتقي يتقبل منه لكن لماذا قال (( إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ )) قبول ماذا ؟

قبول ثناء

 

الدرجة الثانية :

قبول أجر وثواب ، يقبل منه العمل ويؤجر لكن من غير الثناء

 

الدرجة الثالثة :

 قبول إجزاء :

يعني قبلت منه الصلاة ، إنسان صلى لكن لم يخشع فيها بتاتا قبلت منه الصلاة على أنها مجزأة ، لكنه لا يؤجر عليها بل يحاسب عليها ، وهذه الدرجة ذكرها ابن القيم رحمه الله

العلم جميل :

ابن القيم رحمه الله في روضة المحبين يقول عن العشق ، لما ذكر العشق ذكر أن من بينه أنواعا منه ما هو جميل قال : ” مثل العلم “

قال  : ” من يعشق العلم فهو يحمد

يقول : لو صور العلم على أنه رجل أو على أنه آدمي لكان من أحسن ما يكون في الصورة والجمال والأناقة والروعة

متى تعرف أنه جميل ؟

إذا تلذذت به ، إذا شعرت أن له طعما