شرح بلوغ المرام الدرس 189 حديث ( 211 ) ( كنا مع النبي في ليلة مظلمة فأشكلت علينا القبلة ) 1

شرح بلوغ المرام الدرس 189 حديث ( 211 ) ( كنا مع النبي في ليلة مظلمة فأشكلت علينا القبلة ) 1

مشاهدات: 1232

بلوغ المرام ــ  باب شروط الصلاة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

211- وَعَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ – رضي الله عنه – قَالَ : ( كُنَّا مَعَ اَلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي لَيْلَةٍ مَظْلَمَةٍ , فَأَشْكَلَتْ عَلَيْنَا اَلْقِبْلَةُ , فَصَلَّيْنَا . فَلَمَّا طَلَعَتِ اَلشَّمْسُ إِذَا نَحْنُ صَلَّيْنَا إِلَى غَيْرِ اَلْقِبْلَةِ , فَنَزَلَتْ : { فَأَيۡنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجۡهُ ٱللَّهِۚ } )

 أَخْرَجَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ وَضَعَّفَهُ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــ

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــ

 

هذا الحديث أخرجه الترمذي وحكم عليه بالضعف ومكمن الضعف منه أن به رجلا اسمه  أشعث السمان هو ضعيف لا يحتج به لكن يؤيده ما جاء من حديث معاذ عند الطبراني وكذلك ما ذكره البيهقي من أن بعض الصحابة جرى لهم مثل هذا فهذا يدل على أن للحديث أصلا

 

قال شيخ الإسلام قال به أشعث السمان والرجل إذا كان غير متهم بالكذب وإنما هو ضعيف لسوء حفظه فإنه إن تابعه في هذا وقد تابعه رجل آخر فإنه وإن تابعه شخص آخر ضعيف فإنه يكون أقوى بخلاف ما لو كان متهما بالكذب يقول وكيف إذا كان هذا الحديث أتى عن طريق حصابي آخر

هنا عن طريق من  ؟عامر

وجاء من طريق معاذ

فيقول رحمه الله هذا مما يجعل الحديث له أصل

ولذا :

حسنه جملة من العلماء وذلك لهذه الشواهد فيكون الحديث ثابتا وإذا كان ثابتا بمجموع طرقه وشواهده فإنه يستفاد منه ما يلي :

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــ

أنه به دليلا على أن استقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة وأن استقبالها يسقط مع العذر

والدليل على سقوط استقبال القبلة مع العذر هنا :

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــ

أن من استشكلت عليه القبلة ماذا عليه وماذا يصنع ؟

القبلة استشكلت على الإنسان والاستشكال نوعان :

كما قال شيخ الإسلام :

إما استشكال في عدم معرفة الجهات الأربع : ما يدري أين الشمال من الجنوب من الغرب من الشرق ؟

 

وإما استشكال لجهة القبلة مع معرفته للجهات ويعرف الغرب من الشرق  والشمال من الجنوب لكنه يشكل عليه تحديد القبلة

فعلى هذين النوعين ماذا يصنع  ؟

اختلف العلماء :

قال بعض العلماء  : يصلي أربع صلوات كل جهة يصلي صلاة من أجل أن يتيقن أنه أصاب الجهة أنه أصاب القبلة

 

القول الثاني : أنه يصلي من غير تحري حسبما اتفق لظاهر هذا الحديث قال ( فأشكلت علينا القبلة فصلينا ) ولم يذكر أنهم تحروا في هذا

 

القول الثالث : أن الواجب عليه أن يتحرى وهذا هو الصواب  لم ؟

 

لأن القاعدة الشرعية تقول : إذا تعذر اليقين يرجع إلى غلبة الظن

 

ومعلوم أن استقبال القبلة واجب وإذا كان واجبا فهذا الواجب يحرص على تحصيله إما يقينا وإما اجتهادا لكن أن يجتهد هكذا حسبما اتفق فهذا لا يتوافق مع كون استقبال القبلة شرطا أو واجبا ؛ لأن ما كان واجبا فعليك أن تأتي به إما باليقين وإما بالتحري

 

وأما ما استدل به أصحاب القول الأول :

فإنه استدلال ضعيف فإنه لم يرد كما قال ابن القيم لم يرد دليل من الشرع يلزم من صلى بأمر الشرع أن يعيدها مرة أخرى إلا إن كان مفرطا وإلا فإن الصلاة لا تعاد بما أنك صليت على مقتضى الشرع والشرع أمرك أن تصلي على حسب وسعك ثم تبين  لك الخطأ فإنه لا إعادة عليك

 

ولذلك  :

عند أبي  داود أن النبي عليه الصلاة والسلام قال ( لا تصلى الصلاة في يوم مرتين ) إلا لسبب

وكيف  نلزمه بأربع صلوات ؟

وأما ما استدل به أصحاب القول الثاني أن يصلي حسبما اتفق لظاهر هذا الحديث

فيقال يبعد أن يصلي الصحابة هكذا حسبما اتفق لأن النصوص الشرعية الأخرى تأمر بالاجتهاد في تحصيل الشرط

 

ولذلك ماذا قال جل وعلا عن شرط الطهارة  ؟

قال : { فَلَمۡ تَجِدُواْ مَآءٗ } وهذا يدل على أنه اجتهد في تحصيل الماء فكلمة   { فَلَمۡ تَجِدُواْ مَآءٗ } يدل على أنه بحث والذي باق في مكانه فإنه في الحقيقة لم يصدق عليه أنه عادم للماء فلابد من التحرك لتحصيل هذا الشرط

 

والصواب :

أنه يتحرى لقوله عليه الصلاة والسلام في هيئة الصلاة مع أن هذا شرط  قال في هيئة الصلاة إذا شك الإنسان فلم يدر صلى ثلاثا أم أربعا قال (( فليتحر الصواب وليتم عليه )) كما جاء  في الصحيح

 

فهو مطالب في تحري الصلاة هذا إذا شك في عدد الركعات التي هي  من صلب الصلاة فكيف بشرط ؟

ثم إذا صلى على هذا القول  ثم تبين له أنه صلى بعدما اجتهد

 

والاجتهاد يحصل بأمور :

إما بخبر الثقة قد يخبرك ثقة فيخطئ

قد تجتهد بنفسك بأمارات تحديد الاتجاه وأمارات تحديد الاتجاه إما أمارات أرضية أو سماوية أو هوائية

فإذا اجتهد فتبين له الخطأ فما هو الجواب أو ماذا عسانا أن نقول له ؟

اختلف العلماء في هذا :

قال بعضهم :

يجب عليه الإعادة مطلقا سواء علم قبل خروج وقت الصلاة أو بعد خروج وقت الصلاة

وقال بعض العلماء :

إن علم قبل خروج وقت الصلاة فليعد الصلاة وإن علم بعد خروج وقتها فلا يعيد الصلاة

 

وقال آخرون : لا يعيد مطلقا علم قبل خروج الوقت الأول أو بعد خروجه   وهو الصواب

لم ؟

لأنه صلى بمقتضى أمر الشرع فلا يلزم بالإعادة وأسلفت لكم حديث ابن عمر ( لا تصلى الصلاة في يوم مرتين ) كما عند أبي داود

 

هو إن كان عنده من أهل البلد من يخبره فإنه كما قال بعض فقهاء الحنابلة يلزمه أن يسأله ، وإن كان أعلم وإن كان ذا اجتهاد يعني :  قد يكون بعض  الناس وهو في البلد عنده خبرة في تحديد الجهات فهم يقولون لا يلزمه أن يسأل

 

والقول الآخر يقول : لا يلزم بما أن عنده اجتهادات فلا بأس بذلك من أنه بنفسه ولا يحتاج إلى أن يسأل وعلى كلتا الحالتين لا يعيد لو أخطا ، أخطأ من أخبره  أو أخطا هو باجتهاده

لكن إن كان ليس من أهل الاجتهاد فالواجب عليه أن يسأل

 

لكن لو قال قائل :

لم يجد أحدا يسأله كان في بر وليس عنده أدوات الاجتهاد ما يعرف أين الاتجاه ؟

فهنا يكون حاله كحال الأعمى الذي لا يعرف 

لأن بعض من هو كفيف البصرعنده خبرة ودراية ربما يعرف هذا شيء نادر

ولذلك : حدثنا بعض مشايخنا في كلية الشريعة أنه أخبر عن بعض من هو أعمى أنه بمجرد ما يلمس الثوب يعرف لونه

 

درسني من هو كفيف البصر في المعهد العلمي في الأفلاج ونحن في المرحلة الثانوية في المعهد يعرف من هو الذي تحرك من الطلاب وله من الهيبة ما ليست عند عشرة من المبصرين في البصر

 

فهؤلاء فريدون لكن حال من اشتبهت عليه القبلة وليست عنده أداة من أدوات الاجتهاد حاله كحال الأعمى يتحرى حسب  استطاعته يعني ينظر إلى ما هو أقرب إلى قلبه فيعمل به

فإن تبين خطؤه  فلا إعادة عليه لكن إن وجد من يقلده ويتبعه فهذا واجب عليه

لم لا يلزم الإعادة من اجتهد فأخطأ أو من تحرى مع عدم وجود المخبر وعدم وجود أدوات الاجتهاد لديه   لم ؟

الحديث هذا الدليل الأول على أنه لا يعيد

 

الدليل الثاني  :

ومر معنا ذكره في السنن من أن الصحابة صلوا تجاه بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا فأتى الخبر من هو خارج المدينة في اليوم التالي في صلاة الفجر فانحرفوا وهم في الصلاة إلى الكعبة ثم أكملوا صلاتهم

 

ثم مر عليهم وقتان وقت المغرب ووقت العشاء ، وهم يصلون تجاه بيت المقدس وجزء من صلاة الفجر صلوها تجاه بيت المقدس ثم أتى الخبر هذا إذا قلنا إن الصلاة تغيرت وقت صلاة العصر فإن قلنا على ما قيل وذكر من أن الصلاة أمر فيها النبي عليه الصلاة والسلام بالاتجاه من بيت المقدس إلى الكعبة في صلاة الظهر فيكون مر عليهم ثلاث صلوات وجزء من صلاة الفجر

العصر والمغرب والعشاء وجزء من صلاة الفجر

ومع ذلك    لم ؟

لأنهم جاهلون الناسخ الذي نسخ الحكم فيقول شيخ الإسلام يقول : ” من اجتهد في إصابة القبلة فأخطأ هو جهل جهتها فيستوي الجهلان جهل هؤلاء بالناسخ الذي نسخ الحكم وجهل هذا الذي جهل الجهة فكلاهما جهل “

 

ولذلك صحت الصلاة

 

الدليل الثالث :

أن تغيير القبلة وصل إلى من هو خارج المدينة في الفجر إذاً ما ظنكم والقول لشيخ الإسلام رحمه الله ما ظنكم بمن كان في مكة فتأخر مجيء الخبر إليه ما ظنكم بمن أسلم ثم ذهب في البادية وبقي على الحكم الأول ؟

 

الدليل الرابع :

أن هذه الآية { فَأَيۡنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجۡهُ ٱللَّهِۚ } قيل إنها نزلت في النجاشي فإنه لما مات وأراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يصلي عليه كأن الصحابة وجدوا في أنفسهم من أنه كان لا يصلي إلى القبلة فنزلت هذه الآية

 

الدليل الخامس :

قول شيخ الإسلام يقول : ” ليس استقبال القبلة بأعظم من شرط الطهارة ليس شرط استقبال القبلة بأعظم من شرط الطهارة قال فإن الإنسان لو فقد الماء فصلى ثم تبين أن الماء تحت قدميه بعدما فرغ من الصلاة فصلاته صحيحة ولا يلزم بالإعادة فجهله أو خطؤه بعدم معرفة القبلة من باب أولى  لأن شرط الطهارة في الصلاة أعظم من شرط استقبال القبلة