شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 101 ) حديث 119 ـ 120 (حديث عائشة وميمونة في صفة الغسل) ( 1 )

شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 101 ) حديث 119 ـ 120 (حديث عائشة وميمونة في صفة الغسل) ( 1 )

مشاهدات: 455

شرح كتاب ( بلوغ المرام  )  ـ حديث 119 وحديث 120 جزء 1

( باب الغسل وحكم الجنب )

صفة الغسل 1

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــ

( أما بعد :

فقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَت

{ كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اِغْتَسَلَ مِنْ اَلْجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ, ثُمَّ يُفْرِغُ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ, فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ, ثُمَّ يَتَوَضَّأُ, ثُمَّ يَأْخُذُ اَلْمَاءَ, فَيُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي أُصُولِ اَلشَّعْرِ, ثُمَّ حَفَنَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ, ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ, ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ } 

مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِمُسْلِم ٍ،

وَلَهُمَا فِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ:

{ ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى فَرْجِهِ, فَغَسَلَهُ بِشِمَالِهِ, ثُمَّ ضَرَبَ بِهَا اَلْأَرْضَ } 

وَفِي رِوَايَةٍ:

{ فَمَسَحَهَا بِالتُّرَابِ }

وَفِي آخِرِهِ:

{ ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِالْمِنْدِيلِ }  فَرَدَّهُ, وَفِيهِ: { وَجَعَلَ يَنْفُضُ الْمَاءَ بِيَدِهِ }  

( من الفوائد )

بيان فضل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إذ نقلن للأمة ما هو خفي عليها مما يكون من أموره الخاصة التي لا يطلع عليها إلا الزوجات ،

 حتى الأقربون منه صلى الله عليه وسلم لا يعرفون مثل هذه الأشياء الخاصة ، إنما الذي يطلع عليها الزوجات .

( ومن الفوائد )

أن في تغاير ما ذكرته عائشة رضي الله عنها وما ذكرته ميمونة رضي الله عنها من وصف غسله صلى الله عليه وسلم يكون أحد المبررات التي لها عدَّد النبي صلى الله عليه وسلم هذا العدد من الزوجات ، لا كما يقال – وقد قيل في هذا العصر – من أنه صلى الله عليه وسلم رجل شهواني ، وهذه المقولة مقولة كفرية ، لم ؟

لأن المطلع على حاله صلى الله عليه وسلم في هذا التعدد يجد أن هناك أسبابا عديدة ذكرها العلماء ، ولا شك أنه صلى الله عليه وسلم من البشر من النساء ، ولذلك عند النسائي :

( حُبِّب إلي من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة )

بعض الناس يأتي بزيادة منكرة ( حُبِّب إلي من دنياكم ثلاث ) فالصلاة ليست من الدنيا حتى تحسب من أمور الدنيا ، وإنما الوارد :

( حُبِّب إلي من دنياكم النساء والطيب ، وجعلت قرة عيني في الصلاة )

( ومن الفوائد )

أن في إحدى الروايات :

( أتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بغُسله )

بضم الغين ، وضم الغين يختلف عن فتحها ويختلف عن كسرها .

فإذا فتحنا الغين ( الغَسل ) فالمراد المصدر الذي هو الفعل ، يعني فعل الغسل.

وإن ضممنا الغين ( الغُسل ) فالمقصود من ذلك الماء  .

وإن كسرنا الغين ( الغِسل ) فالمقصود ما يخلط مع الماء من سدر وأشنان ، أو ما شابه ذلك مما هو في هذا الزمن من هذه الصابونات .

( ومن الفوائد )

في إحدى الروايات :

( أتي إليه بالحِلاب )

وهو إناء تغسل فيه الثياب ، وهذا إن دلَّ يدل على شظف العيش الذي كان فيه صلى الله عليه وسلم ، فيغتسل من الإناء الذي تغسل فيه الثياب ، والغالب أن تغسل فيه الثياب في ذلك العصر يكون من خشب ، فانظروا إلى حاله صلى الله عليه وسلم وإلى حالنا ، فإتيان الدنيا إلى الإنسان ليس فيه دلالة على خير فيه ، وإدبارها عنه ليس فيه دلالة على شر وقع به – كلا – { فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ{15} وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ{16} كَلَّا } ليس الأمر كما يتوقع من أنه إذا أتته النعمة فإنه مكرَّم عند الله ، وإذا أدبرت عنه النعمة فإنه بغيض عند الله – كلا – فالميزان هو ميزان التقوى :

{  إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ }الحجرات13

وقال بعض العلماء : إن ( الحِلاب ) المقصود منه الطيب ، فيكون المعنى ” المِحْلب ” فيكون صلى الله عليه وسلم تطيب قبل أن يغتسل .

ولا شك أن السياق من الحديث يدل على أن المقصود هو الاغتسال ، لكن ذكر ” الحِلاب ” وتأويله ” بالمحلب ”

قالوا : أن الطيب تطهير للبدن من الروائح كشأن الماء ، ولذلك طاف النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن تطيب على نسائه لما أراد أن يحرم بالحج ، فلما جامعهن اغتسل ، وكان قد أكثر من الطيب حتى كان يرى وبيص المسك في مفارق رأسه عليه الصلاة والسلام )

حتى استحب بعض العلماء أن الزوج إذا أراد أن يجامع زوجته أن يتطيب ليكون ذلك أدعى إلى قرب قلبيهما ، ولاسيما قرب قلب الزوجة إلى زوجها ، فكما هي مطالبة بأن تكون على أحسن حال قبيل الجماع من التطيب والتجمل ، فكذلك الزوج ، ولذلك قال عز وجل :

{ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ }البقرة  228

قال ابن عباس رضي الله عنهما تحت هذه الآية :

( إني أحب أن أتجمل لزوجتي كما أحب من زوجتي أن تتجمل لي ، وقرأ : { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ } )

وقال بعض العلماء : إن ( الحِلاب ) المقصود منه ليس الطيب وإنما المقصود منه الماء فيتفق المعنى  ، لأن الماء طيب للبدن وتطهير له .

( ومن الفوائد )

جاء رواية عند البخاري رواية :

( أنه أتي إليه ماء للغسل )

( ومن الفوائد )

أنه صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخل يده في الإناء صبَّ بيده اليمنى على يده اليسرى ولم يدخل يديه في الإناء ، لم ؟

قال بعض العلماء : لوجود ما يستقذر في يديه صلى الله عليه وسلم ، وليست نجاسة وإنما مبالغة في التنظف والتطهر بحيث لا يصل شيء إلى هذا الماء مما قد يعلق بالكفين .

وقال بعض العلماء : إنما غسل صلى الله عليه وسلم كفين قبل أن يدخلهما في الإناء للروايات الأخرى – كما ذكر ذلك ابن حجر في الفتح- من أن غسل يديه هنا للاستيقاظ من النوم ، ومر معنا قوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين :

( إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده )

 

( ومن الفوائد )

لو قال قائل :

لو أنه أدخل يديه في الإناء فهل يتأثر هذا الماء ؟

الجواب  / لا ، لأن عائشة رضي الله عنهما كما في الصحيحين قالت :

( كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد تختلف فيه أيدينا من الجنابة )

فدل على أن بدن الجنب طاهر  .

وقد أسرف بعض العلماء فقال : إن الماء المتساقط من بدن الإنسان في الغسل نجس  “

وهذا لا دليل عليه ، بل إنه مخالف للنصوص الشرعية ، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم :

( كان يستدفئ بعائشة بعد الغسل )

والحديث فيه خلاف .

( ومن الفوائد )

التفريق بين أعضاء الوضوء في الغسل ، لأنه لما غسل كفيه غسل فرجه ، ثم تمضمض ، وهذا يدل على التفريق ، لم ؟

قال ابن حجر رحمه الله :

لو كان هذا الماء في إبريق مثلا فإن الأفضل أن يؤخر غسل الكفين حتى تتابع أعضاء الوضوء  .

( ومن الفوائد )

أن المستيقظ من النوم يلزمه أن يستنشق ثلاثا ، كما في الصحيحين :

( إذا استيقظ أحدكم من نومه فليسنثر ثلاثا فإن الشيطان يبيت على خيشومه )

جاءت رواية البخاري تدل على أن الاستنشاق للوضوء كافي

( إذا استيقظ أحدكم من نومه فتوضأ   00000 )

( ومن الفوائد )

أن ” اليدين ” إذا أطلقتا فالمراد منهما ” الكفان “

قال تعالى : {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا }المائدة38 هل تقطع اليد كاملة ؟

لا ، وإنما الكف .

لكن إذا قيدت اليد فتكون على ما قيدت به ، قال تعالى :

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ }

فتغسل اليد إلى المرفقين .

( ومن الفوائد )

لو قال قائل : هل غسل النبي صلى الله عليه وسلم مرة أو مرتين أو ثلاثة ؟

جاءت رواية بالشك ( مرتين أو ثلاثا )

والصواب / ( أنه غسل كفيه ثلاث مرات )

( ومن الفوائد )

تقديم الشمال على اليمين إذا كانت هناك مصلحة “

وإلا فإن حقَّ اليمين أن تكون مقدمة ، هنا :

( فصبَّ بيمينه على يساره )

من أجل أن هذه اليسار ستكون آلة لغسل الفرج

( ومن الفوائد )

أنه صلى الله عليه وسلم ( غسل فرجه )

وكلمة ( الفرج ) يدخل فيها الدبر ، ولذلك يتعاهد غسل الدبر أيضا .

وفي رواية : ( فغسل مذاكيره )

وليس للإنسان إلا ذكر واحد ، فلماذا قال ( مذاكيره ) ؟

باعتبار هذا الاتصال أطلق عليه أنه ذكر ، فيغسل الذكر وما اتصل به .

 

 

 

( ومن الفوائد )

جاء عند أبي داود :

( أنه صلى الله عليه وسلم غسل مرافغه )

والمرافغ : هي ما انطوى من ظاهر البدن ، مثل الآباط ، مثل غضاريف الأذنين ، فهذه وأشباهها تتعاهد في الغسل ، وليس المراد أن الإنسان يبالغ مبالغة كبرى إلى درجة أنه يؤذي شيئا من بدنه .

( ومن الفوائد )

أن اليسار تستخدم فيما حقه عدم التكريم ، واليمين للتكريم .

وهنا كانت اليسرى أداة للتنظيف .

( ومن الفوائد )

في إحدى الروايات :

( فغسل فرجه وما أصابه من أذى )

قال ابن حجر رحمه الله قد أبعد النجعة وبعد عن الصواب من استدل بهذه الرواية على أن المني نجس وأن رطوبة فرج المرأة نجسة ، وإنما المقصود من وصف هذه الأشياء بالأذى  لأن النفوس لا تتقبلها لا لكونها نجسة ، فتكون السنة بعد غسل الفرج أن تغسل ما أصاب بدنك من أذى مما علق بك من هذا السائل .

 

( من الفوائد )

قال القاضي عياض رحمه الله :

” لم يرد دليل ينص على أن على أعضاء الوضوء في الغسل تغسل ثلاث مرات “

فرد عليه ابن حجر رحمه الله فقال :

” ثبت هذا في حديث عائشة رضي الله عنها عند النسائي وغيره :

( أنه تمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا وغسل وجه ثلاثا وغسل يديه ثلاثا )

وهذا يدل على فائدة الإحاطة بالروايات ، ومهما أوتي الإنسان من علم فما حفظه شيء يسير بالنسبة إلى ما غاب عنه { وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً }الإسراء85

إذا كان هؤلاء الأئمة رحمهم الله يفوتهم مثل هذا الشيء فما ظنكم بمن أتى في هذا العصر ، بل إن بعضهم يرى نفسه شيئا ، وهو في الحقيقة ليس بشيء ، وقد خُدع من أرخى سمعه لمدح الناس ، عند مسلم :

( من بطَّأ به عمله ، لم يسرع به نسبه )

إذا كان نسبك الحقيقي الثابت اليقيني لا ينفعك ، فما ظنك بهذه الأوصاف المنسوبة إليك وقد يكون بعضها مجاملة ، أو بعضها مجاراة لما يقال ، قال الناس كذا في فلان نحن نقول كذا ، فلا يلتفت إلى مثل هذه الأشياء ، ولذلك الشعبي رحمه الله سئل عن مسألة فقال لا أدري ، فقيل له أتقول ما أدري وأنت فقيه العراق ، قال ” وما لي لا أقول لا أدري وقد قالت الملائكة { لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا }البقرة32 .

والإمام مالك رحمه الله – كما ذكر ابن عبد البر في فضل العلم :

” لما أتاه رجل فقال أجبني في هذه المسألة ، قال لا أدري ، فكرر عليه ، قال لا أدري ، قال إن أهل قريتي أرسلوني إليك لأسألك فماذا أقول لهم ؟

قال : قل لهم إن مالكا لا يدري “

ولذلك لما عرفوا أنفسهم رفعهم الله عز وجل ، عند مسلم :

( وما توضع أحد لله إلا رفعه )

والدين نعمة ، ومن الدين العلم ، لكن قد يكون العلم نقمة على الإنسان فيسقط به من حيث لا يشعر ، فليعاهد المسلم قلبه ، ولا يلتفت إلى الناس ، لو لم يأت أدلة من الشرع تحذر من الركون إلى مدح الناس ، فالعقل لا يقر هذا الشيء ، لم ؟

كم من شخص مُدح بأبيات وقصائد ثم طارت في الهواء ، وكم من شخص ذُمَّ وذم وطارت في الهواء ، فالمدح الحقيقي المفيد هو مدح الله ، ولذلك في المسند :

( أتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال يا محمد اخرج – وكان النبي صلى الله عليه وسلم في إحدى الحجر ،{إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ }الحجرات4 ، فقال يا محمد اخرج فإن مدحي زين وذمي شين “

إن مدحتك علوت بهذا المدح مراتب ، وإن ذممتك نزلت بهذا الذم مراتب .

( فقال صلى الله عليه وسلم ذاك هو الله ) الذي مدحه زين وذمه شين .

وإنما أنت بشر لا تملك لنفسك نفعا ولا تدفع عن نفسك ضرا ، فكيف تدفع عن غيرك الضر أو تجلب لغيرك النفع ؟

ومن نعمة الله عز وجل على العالم أن تفوته أشياء ، تصور لو لم يفته شيء – وهذا بعيد – فلو أن الإنسان كل ما قرأه حفظه وما حفظه استطاع أن يستحضره وأن يذكره ، فربما ينسى المُنعم الأول ، وربما يقف عن العلم فيرى أنه بلغ ، لكن إذا شعر في كل لحظة تفوته فيها المعلومة يلجأ إلى الله عز وجل ، ويتعاهد علمه ، ويحرص على أن يتلقى العلم وأن يستفيد ، فيسعى في تطوير نفسه ، فهذا من نعمة الله عز وجل أن ينسى العالم  ، ولذلك مريم قالت :

{ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً }مريم23 ، فالنسيان يكون نعمة في بعض الأحيان .

( ومن الفوائد )

أن المضمضة والاستنشاق الحاصلان هنا هل هما للوضوء أم للغسل ؟

الجواب / للوضوء ، وإذا كانت المضمضة والاستنشاق للوضوء ، فهل تجب المضمضة والاستنشاق للغسل فيما لو أنني سكبت الماء على بدني وكنت جنبا ؟

ليس هناك غسل يكفي عن الوضوء إلا غسل الجنابة ، فلو أنه غسل بدنه للتبرد أو للتنظف أو لغسل الجمعة ثم تمضمض واستنشق فصلى فصلاته باطلة ، لم ؟

لأن الوضوء يجب فيه الترتيب ” المضمضة والاستنشاق ثم غسل الوجه ثم غسل اليدين ثم مسح الرأس ثم غسل القدمين “

لكن ترتيب الوضوء يسقط في غسل الجنابة ، لم ؟

لأنه حدث أصغر اجتمع مع الحدث الأكبر فدخل الأصغر في الأكبر .

لو قال قائل :

أنا أريد أن أغتسل للجمعة ، وأثناء صب ِّ الماء رتبت أعضاء الوضوء فهل يصح ؟

نقول : نعم يصح .

فهل تجب المضمضة والاستنشاق للغسل فيما لو أنني سكبت الماء على بدني وكنت جنبا ؟

” بوَّب البخاري فقال:  باب المضمضة والاستنشاق للجنب “

كأنه يشير رحمه الله إلى أنه ليس هناك دليل على أن المضمضة والاستنشاق يجبان في غسل الجنابة .

وهذه المسألة مسألة خلافية :

قال بعض العلماء : لا يلزم المضمضة ولا الاستنشاق في الغسل

وقال بعض العلماء : يلزمان في الغسل .

وقد استدل بعضهم كما في المسند والسنن ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( إن تحت كل شعرة جنابة فاغسلوا الشعر وأنقوا البشر )

البشر : يعني البدن ، أليس الفم والأنف من ضمن البشرة ؟ بلى ، إذاً هذا دليل على المضمضة والاستنشاق .

قالوا : هذا الحديث ضعيف .

قلت : قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في السنن في حديث أبي ذر رضي الله عنه :

( الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو لم يجد الماء عشر سنين ، فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته )

والفم والأنف من البشرة .

فالصحيح أنه إذا اغتسل للجنابة غسلا عاما فالصحيح أنه  يلزمه أن يتمضمض ويستنشق .