شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 24 ) حديث ( 26 ) ( خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى)

شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 24 ) حديث ( 26 ) ( خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى)

مشاهدات: 659

شرح كتاب ( بلوغ المرام  ) ــ الدرس 24 حديث 26

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــ

( أما بعد :

فقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

عن عمرو بن خارجة -رضي الله عنه : قال :

خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ، وهو على راحلته ولعابها يسيل على كتفي )

أخرجه : أحمد ، والترمذي وصححه .

( من الفوائد )

أن ” على العالم أن يستفيد من جمع الناس “

وذلك بإفادتهم ما ينفعهم في دينهم ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في هذا الجمع الغفير بمنى .

( ومن الفوائد )

أن : ” هذه الخطبة في ثاني أيام التشريق ” ، فاستفيد من هذا :

أن من السنة  ” أن تكو ن هناك خطبة في ثاني أيام التشريق .

( ومن الفوائد )

جواز الخطبة على الدواب شريطة أن تكون متحملة ، فلا يكون عليها ضرر   .

فإن  ( الراحلة  ) هنا هي ” الناقة “

 

 

 

( ومن الفوائد )

استحباب الخطبة على مكان مرتفع ، فإنه عليه الصلاة والسلام خطب على راحلته لكي يبصره الناس  ، وليسمعهم

( ومن الفوائد )

أن ” لعاب الحيوان الطاهر في الحياة ولاسيما ما يؤكل لحمه أن لعابه طاهر “

ويؤكد هذا ما جاء في قصة العرنيين – كما جاء في الصحيحين  :

( أمرهم عليه الصلاة والسلام أن يشربوا من أبوالها )

ومعلوم أن الريق واللعاب لا مقارنة بينهما وبين البول .

 

 

( ومن الفوائد )

أن قول عمرو رضي الله عنه :

( ولعابها يسيل على كتفي )

الكتف : ” هو العظم الذي يلي المنكب من الخلف “

فيدل هذا على أنه كان ماسكا بها ، وإذا كان كذلك فلا بأس أن يكون المتحدث في مكان عالي وتحته آخرون ، ولا يكون في هذا كِبْرٌ   .

( ومن الفوائد )

أن في ظاهره رداً على من غلَّظ القول على من خطب على مكان مرتفع يزيد عن ثلاث درجات ، فإن منبر النبي صلى الله عليه وسلم ” كان ثلاث درجات “

فغلَّظ بعضهم أن يزيد على هذا .

ولكن ظاهر هذا الحديث يدل على التسامح ، لأن ركوبه على الراحلة يزيد عن ارتفاع ثلاث درجات .

( ومن الفوائد )

أن المصنف رحمه الله ذكر هذا الحديث

من باب أن يبين أن لعاب الإبل طاهر .

ومكمن الاستدلال : أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى لعابها يسيل على كتف عمرو  ولم يأمره بتجنب هذا ولا بغسله بعدما أصابه .

فإن قال قائل :

لعل النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم لكثرة الناس ولانشغاله بالخطبة ؟

فيقال :

إن الله عز وجل يعلم هذا  ، ولو كان اللعاب نجساً لأخبر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر  ، ولذلك يقول جابر رضي الله عنه :

( كنا نعزل والقرآن ينزل )

والعزل هو : أن يجامع الرجل زوجته فإذا قارب على الإنزال كان هذا الإنزال خارج الفرج .

فاستدل جابر رضي الله عنه بعلم الله عز وجل .

( ومن الفوائد )

أن قوله :

( وهو على راحلته )

جملة حالية ، و [ الجملة الحالية تقيد ]

فلو قال ( خطبنا بمنى ) لكانت هذه الخطبة على مكان مبهم .

لكن لما قال : ( وهو على راحلته )

قيدت هذه الجملة .

وأتيت بهذه الجملة من أجل أن نعلم أن تعلم علم النحو من الضرورة بمكان لطالب العلم حتى يفهم النصوص الشرعية  كما قلت ” جاء زيد “

أثبت مطلق المجيء .

لكن لو قلت : ” جاء زيد ركاباً “

قيدت مجيئه بأنه راكب .

وهذه القاعدة يستفاد منها في نصوص ستأتي إن شاء الله تعالى .

ولذلك قال عز وجل {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ }الأنبياء16

لو قال عز وجل : {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا }الأنبياء16 ، نفى خلقه للسماء والأرض وما بينهما ، ولا يستقيم هذا ، لكن لما قال عز وجل :

{ لَاعِبِينَ } هذه حال ، فنفى عز وجل خلقه للسموات والأرض وبما بينهما حالة اللعب ، فهو جل وعلا ما خلقها إلا بالحق .

ولذا قال عز وجل {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً }ص27 .