شرح بلوغ المرام ـ الدرس (4) ـ حديث ( 5 ) ( إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث )

شرح بلوغ المرام ـ الدرس (4) ـ حديث ( 5 ) ( إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث )

مشاهدات: 501

شرح ( بلوغ المرام )

كتاب الطهارة 

الدرس الرابع ـ الحديث الخامس

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث ) وفي لفظ ( لم ينجس ) .

أخرجه الأربعة ، وصححه ابن خزيمة ، وابن حبان والحاكم .

الشرح :

 

من فوائد هذا الحديث :

أن هذا الحديث صححه المذكورون في كلام ابن حجر رحمه الله ، وكذلك صححه ، ابن حجر والنووي ، ومن المعاصرين الألباني ، بينما يرى شيخ الإسلام رحمه الله أن الحديث موقوف على ابن عمر ، فيكون من كلام ابن عمر، لا من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ومن الفوائد :

أن الماء الكثير يكون من قلتين فأكثر ، فيرد به على أبي حنيفة الذي ضبط الماء الكثير أن الإنسان لو حرك أحد طرفيه لم يتحرك الطرف الثاني .

ومن الفوائد :

أن القلتين ضبطتا بالكيلو بمائتي كيلو ، فما كان من هذا المقدار فأكثر فهو الكثير ، ومن كان دون ذلك فهو القليل .

 

 

ومن الفوائد :

أن من ضعَّف هذا الحديث طعن فيه من حيث الاضطراب في سنده ، فإنه لم يروه إلا ابن عمر ، ولم يروه عن ابن عمر إلا ابنه عبيد الله .

ولكن رُد هذا القول لوجود شاهد له .

ومن طعن فيه أيضا طعن في متنه ، إذا قالوا وردت رواية بـ ( ثلاث قلال) ووردت رواية ( أربعين قلة )

والصواب / أن الاضطراب علة في الحديث ، لأنه يدل على ضعف في حفظ الرواة ، لكن متى نحكم عليه بالاضطراب ؟ إذا تساوت وجوه الروايات ، أما إذا كانت بعض الروايات أصح وأرجح ، فإن الاضطراب غير مقبول ، إذ إن رواية ( ثلاث قلال ) شاذة ، ورواية ( أربعين قلة ) قيل إنها موضوعة .

ومن الفوائد :

أن تحديد هاتين القلتين لم يثبت في حديث مرفوع ، كما قال الألباني رحمه الله إلا من رواية واحدة ، لكنها لا تصح ، إذ جاءت أنها ( كقلال هجر ) ولكنها رواية لا تصح .

ومن الفوائد :

أن مفهومه يدل على أن ما دون القلتين من الماء لو وقعت فيه نجاسة أصبح نجسا ، ولو لم يتغير أحد أوصافه [ الطعم أو الريح أو اللون ] وهذا ما ذهب إليه بعض العلماء ، بل كثير منهم ، ومن ثم فإنه تعارض مع الحديث السابق ( إن الماء طهور لا ينجسه شيء ) وهو حديث بئر بضاعة ، وحديث بئر بضاعة ، أخذ منه بعض العلماء كشيخ الإسلام رحمه الله من أن الماء قلَّ أم كثر إذا وقعت فيه النجاسة ولم تغيره  فلا يكون نجسا ، لأن حديث بئر بضاعة منطوق ، بينما حديث ابن عمر هنا مأخوذ بدلالة المفهوم ، والقاعدة عند أهل الأصول [ أن النصين إذا تعارضا ، فالمنطوق مقدم على المفهوم ] .

ثم إن من يرى نجاسة ما دون القلتين بوقوع النجاسة فيه ولو لم يتغير ، لا يأخذون بحديثهم هذا على وجه العموم ، إذ إن الماء لو كان قلتين فأكثر ووقعت فيه نجاسة فغيرته حكموا عليه بالنجاسة ، لا سيما أن هناك من يقول إن حديث ابن عمر موقوف ، والموقوف لا يعارض المرفوع ، ولذا قال ابن القيم رحمه الله : قواعد الشرع تدل على طهارته ولو وقعت فيه النجاسة لو كان قليلا ولم تغيره ، لم ؟ لأن الله أحل لنا الطيب، وهذا يصدق عليه الطيب ، فإن النجاسة لا أثر لها .

ومن الفوائد :

أن رواية ( لا ينجسه شيء ) هذا مبني على الغالب ، وإلا فقد تقع نجاسة في الماء ذي القلتين ويتنجس .

ومن الفوائد :

أن رواية لا ينجسه شيء يُرد بها على أبي حنيفة ، إذ قال في رواية             ( لم يحمل الخبث ) أي لم يدفع الخبث ، لكن يرد عليه برواية ( لا ينجسه شيء ) فرواية ( لا ينجسه شيء ) تبين رواية ( لم يحمل الخبث) ولذا من يخالف أبا حنيفة يقول : إن معنى ( لم يحمل الخبث ) أي لم يتسلط عليه الخبث ، حتى يتوافق مع رواية ( لا ينجسه شيء ) .

ومن الفوائد :

أن الخبث يمكن أن يفسر بالنجس ، فقوله ( لم يحمل الخبث ) أي النجاسة ، لأنه قد يطلق على الشيء المباح خبيث مثل ( الثوم والبصل ) .