شرح بلوغ المرام ـ الدرس (7) حديث (8 ـ 9) ( النبي كان يغتسل بفضل ميمونة ـ الماء لا يجنب )

شرح بلوغ المرام ـ الدرس (7) حديث (8 ـ 9) ( النبي كان يغتسل بفضل ميمونة ـ الماء لا يجنب )

مشاهدات: 478

شرح ( بلوغ المرام )

كتاب الطهارة 

الدرس السابع ـ حديث ( 8 ) و (9 )

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بفضل ميمونة رضي الله عنها ) أخرجه مسلم .

ولأصحاب السنن ( اغتسل بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في جفنة ، فجاء ليتغسل منها ، فقالت له ” إني كنت جنبا ” فقال : ” إن الماء لا يجنب ” ) وصححه الترمذي وابن خزيمة .

الشرح :

من فوائد هذين الحديثين :

أن فيه بيان أن ما خلت به المرأة فبقي منه فضلة ، فلا يحرم على الرجل أن يستعمله ، فذكر رحمه الله هذين الحديثين لكي يبين أن النهي في الحديث السابق ليس نهي تحريم .

ومن الفوائد :

أن الإطلاع على الروايات في الحديث تبين المبهمات في الأحاديث الأخرى  فـ ( بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ) فسرت في الأحاديث الأخرى بأنها ميمونة رضي الله عنها .

ومن الفوائد :

أن المحدث حدثا أكبر ، ومن باب أولى من أحدث حدثا أصغر لو غمس يده في ماء فإنه لا ينجس ، ولا يُمنع المسلم من استعماله .

ومن الفوائد :

أن ماء الغسل ليس له حدٌّ مقدر في الشرع ، وإنما المجزئ أن يعمم البدن بالماء ففي أدنى صوره أن يسيل الماء ، وفي أكثر صوره ألا يبلغ الإسراف .

ومن الفوائد :

أن الجفنة : هي إناء كبير ، وهذا يؤكد ما سبق ، ولا يعني أن هذه الجفنة ممتلئة ، قد يكون هناك ماء في إناء كبير وليس بماء كثير ، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يقتصد في غسله بالماء .

ومن الفوائد :

أن كلمة ( الجنب ) تطلق على الذكر والأنثى والمثنى والجمع ، دون أن تتغير ، ولذلك قالت ( إني كنت جنبا ) وهي أنثى ، وهي قاعدة غالبة في المصدر[ أنه يلزم صورة واحدة ] كما قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ }التوبة28 وقال تعالى { بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ }البقرة36 ولم يقل ( أعداء ) .

 

ومن الفوائد :

أن ( الجنب ) سمي بهذا الاسم : إما لكونه يجتنب مواضع الصلاة ، أو أن الماء الذي هو المني جانبه ، يعني فارقه وخرج منه .

ومن الفوائد :

أن الجنابة كانت معظمة في نفوس الصحابة رضي الله عنهم ، ولذلك توهمت أنها قد تؤثر في الماء ، فبين عليه الصلاة والسلام أن الجنابة لا تؤثر ، ويؤكد هذا حديث أبي هريرة لما فارق النبي صلى الله عليه وسلم ، قال ( إني كنت جنبا ، قال إن المسلم لا ينجس ) .

ومن الفوائد :

أن الحديث يؤكد ما رُجح سابقا من أن الجنب لو انغمس في الماء الدائم فإنه لا يتنجس ، فالجنابة لا تؤثر في الماء .

ومن الفوائد :

أن كلمة ( إن ) تفيد عند الأصوليين التعليل ، فقد عللت كلامها فقالت    ( إني كنت جنبا ) ولها أمثلة مهمة جدا ، من أوضحها قوله تعالى { وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ}النمل43 ، فهذه علة لكونها كانت كافرة مع رجاحة عقلها وحصافة رأيها ، فكيف تُصد ؟ تصد لأن البيئة تؤثر ، فبيئة الإنسان تؤثر عليه وإن كان عاقلا ذا رأي .