شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 73 ) حديث 82 ـ 85 (يأتي أحدكم الشيطان في صلاته ….)

شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 73 ) حديث 82 ـ 85 (يأتي أحدكم الشيطان في صلاته ….)

مشاهدات: 427

شرح كتاب ( بلوغ المرام  )  ـ الدرس 73  من حديث 82 حتى 85

( باب نواقض الوضوء  )

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

فقد قال الحافظ بن حجر رحمنا الله وإياه

في باب نواقض الوضوء

عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { يأتي أحدكم الشيطان في صلاته فينفخ في مقعدته فيُخيّل إليه أنه أحدث ولم يحدث فإذا وجد ذلك فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحاً } أخرجه البزّار وأصله في الصحيحين من حديث عبد الله بن زيد ولمسلم عن أبي هريرة نحوه

 

وللحاكم عن أبي سعيد مرفوعا { إذا جاء له الشيطان فقال له إنك أحدثت فليقل كذبت }

 

وأخرجه ابن حبان في لفظ { فليقل في نفسه }

 

هذه الأحاديث

 

ليت المصنف رحمه الله لمّا ذكر حديث عبد الله بن زيد كما مر معنا ليته ذكر هذه الأحاديث حتى يجتمع القول الكامل فيه ، لأن هذا الحديث مر معنا ولكنه مر معنا على وجه الإيجاز هنا على وجه التفصيل

ومجموع هذه الأحاديث

أولاً من حيث أصل هذه الأحاديث وهو أن الإنسان عليه أن يأخذ باليقين أصل هذه الأحاديث ثابتةكحديث عبد الله بن زيد في الصحيحين وحديث أبي هريرة عند مسلم وهذه الأحاديث بما فيها الروايات .

 

{من الفوائد }

 أن اليقين لا يزول إلا بيقين وهذه القاعدة مطّردة في جميع أبواب الفقه وأخذنا أمثلة على ذلك فلا معنى لإعادتها مرة أخرى .

{ومن الفوائد}

 

أنه بُيّنَ في هذه الراوية أن الشيطان ينفخ في مقعدة ابن آدم وهذه إن دل يدل على أن الشيطان عدو صريحٌ صُراحٌ لابن آدم كما بين ذلك عز وجل في مواطن كثيرة

{يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ }الأعراف27

{ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً }فاطر6

 

فإذا عجز الشيطان أن يأتي ابن آدم عن طريق الذنب أٍتاه عن طريق الطاعة ليفسد طاعته عليه أو ليثقّلها على نفسه، فإن من استسلم لأوهامووساوس الشيطان في عبادته من صلاة أو وضوء أو نية أو غسل جنابة أو أي عبادة من العبادات فإن تلك العبادة تكون ثقيلة على ابن آدم وبالتالي فإنه ينفر منها ولذا ليحذر المسلم من سبل وأبواب الشيطان .

 

ولذا فإنه ماترك سبيلا وطريقا لإيقاع ابن في الذنب أو في تكريهٍ للطاعة إلا فعله،

 

فانظروا إلى إيقاع الشبهة على الإنسان حينما ينفخ الشيطان في مقعدته ، فتحقيق خروج الريح من عدم خروج الريح من نفخ الشيطان عسير ومع ذلك

 

{نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلمأن ينصرف الإنسان من عبادته ومن صلاته حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا}

 

وجاءت رواية لكنها ضعيفة { أن الشيطان يحرك شعرة في دبره فيُخيّل إليه أن أحدث }

ومن الفوائد

 

الشيطان عنده قوة أعطاه الله من القوة ما يتسلط به على الإنس إلا من اعتصم بالله فإن من اعتصم بالله صار قويا ولذلك قال{ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً }الإسراء62

من هم القلّة؟

{ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ } الحجر 40

ولذا على المسلم أن يلتجئإلى الله عز وجل وإلا فإن أمامه عدواً لدوداً شديداً قوياً يحب أن يوصل الضرر إليه ، لكن من اعتصم بالله قواه الله ولذلك صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال { إن العبد إذا سقط من دابته فقال تعس الشيطان تعاظم حتى يكون كالجبل }

لِمَ ؟

لأنه يقول صرعته بقوتي ، لكن إن قال بسم الله صغر كالذبابة فلا يكون له قدر ولا قيمة .

ومن الفوائد

 

أن على ابن آدم أن يسد باب الوساوس مهما بلغت مبلغاً في الرجحان ولذلك جاءت هذه الرواية التي عند ابن حبان لكنّها ضعيفة لكن العلماء أرشدوا إلى أن يأخذ بها ابن آدم فإذا جاء الشيطان وقال خرج منك بول فلتقل هو من الماء فلتقل في نفسك كذبت أنت أيها الشيطان حتى تغلق عليه الباب .

 

لكن من فتح الباب واستمر معه زاده فإذا أوقعه في وسوسة الوضوء أوقعه بالتالي في وسوسة الصلاة ثم في وسوسة النية ثم في وسوسة النجاسة ثم في وسوسة الجماع ثم في وسوسة الغسل وهكذا حتى تنفتح عليه أبواب الشرور ثم إذا بهذه العبادة تعسر عليه وأعرف أشخاصاابتلوا بالوساوس فقالوا لا راحة لنا إلا بترك صلاة الجماعة بل إن بعضهم لا يصلى ليرتاح ولا راحة له .

 

ولو تفطن الإنسان لسيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسيرة الصحابة الكرام رضي الله عنهم ما وجد لأحد منهم وسوسة ، ولذلك لما يشتكي بعض الصحابة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم الوسوسة أمره أن يستعيذ بالله عز وجل من الشيطان يقول فما آتاني بعد .

لِمَ ؟

لأنه هناك إرادة

 

{ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ } آل عمران159 توكل على الله

لِمَ ؟

لأنه الله أمر بهذا الشيء لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر بهذا الشيء فلا ألتفت إلى هذا الأمر

ومن الفوائد

أن الشكوك إذا كثرت فلا يلتفت إليها ولذلك ما يذكره الفقهاء من أسباب السجود ثلاثة :

زيادة

ونقصان

وشك

الشك المقصود منه الشك الاعتيادي

أمّاالشك الخارج عن المعتاد كحال الموسوسين فإنهم لا يدخلون في هذا

ولذا من كثرت عليه الوساوس وقال والله لا أدري مرة لا أدري زدت في الصلاة ركعة هل زدت سجودا أو ركوعا هو في شك مستمر يقال لمثل هذا حتى ينغلق عليه الباب يقال له :

غلّب ما في ظنك ولا تسجد للسهو

لأنه لو سجد للسهو استرسل وقرر شيئاًفي نفسه من أن هذا الشك شك اعتيادي ، لكن إذا فصم وفصل الموضوع فإنه يبتعد عنه فإذا كثرت الشكوك في وضوء في غسل في صلاة فلا يلتفت إليه فليستمر إلى ما بعده فلو قال لم تغسل يدك اليمنى اعتبر أن اليمنى قد غسلت واغسل اليسرى ووضوؤك صحيح لو قال ما قرأت الفاتحة يُقالُ له اعتبر أنك قرأت الفاتحة

 

ومن الفوائد

 

أن الشكوك سواء أن كانت كثيرة أو معتادة بعد العبادة  لا يُلتفتُ إليها فلو فرغت من الصلاة وشككت هل صليت الظهر أربعا أم ثلاثا اعتبر أن صلاتك صحيحة  لكن لو وجد يقين فاليقين يختلف لو فرغت من الوضوء وشككت هل مسحت رأسك أم لا فاعتبر أن وضوءك صحيح لكن لو تيقنت فاليقين يختلف ، لو أنك رميت الجمرات شككت هل رميت خمسا أو سباع اعتبر انك رميت سبعاً لو شككت في الطواف بعد أن طفت هل طفت سبعا أم ستة اعتبر أن طوافك سبعة وصحيح وهكذا.

 

فمحصلة هذا القول أن الشك ثلاثة أقسام :

 

القسم الأول

 إذا كان الشك في ثنايا العبادة وكان طارئا

فيكون هذا الشك معتبرا فلو شككت عندما أردت أن تغسل قدمك اليمنى أنك لم تمسح رأسك فيقال عُد وامسح رأسك واغسل رجلك اليمنى ثم اليسرى لأن الشك طارئ .

القسم الثاني

إذا كان الشك كثيراً في ثنايا العبادة فلا يُلتفتُ إليه .

القسم الثالث

إذا كان الشك بعد الفراغ من العبادة فلا تلتفت إليه  سواء كان طارئا أو كان مضطردا معتاداً.