شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 98 ) حديث 116 ( كان رسول الله يقرئنا القرآن ما لم يكن جنبا )

شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 98 ) حديث 116 ( كان رسول الله يقرئنا القرآن ما لم يكن جنبا )

مشاهدات: 470

شرح كتاب ( بلوغ المرام  ) ـ حديث 116

( باب الغسل  )

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

 

فقد قال الحافظ بن حجر رحمنا الله وإياه

 

{عَنْ عَلِيٍّ – رضي الله عنه – قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وآله وسلم – يُقْرِئُنَا الْقُرْآنَ مَا لَمْ يَكُنْ جُنُبًا }

رَوَاهُ الْخَمْسَةُ, وَهَذَا لَفْظُ التِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

من الفوائد

أنّ { كان } تدل على الاستمرار

فهو صلى الله عليه وآله وسلم في دوام فعله أنه إذا كان جنبا أنه لا يقرأ ولا يُقرئُ غيره القرآن

وقد تأتي كان ويراد منها الفعل المجرد فقط لكن هنا يراد منها الاستمرار فسنته المعهودة الدائمة صلى الله عليه وآله وسلم أنّه لا يقرأ القرآن حال الجنابة .

ومن الفوائد

بيان فضيلة الاجتماع لتلاوة القرآن

لأنه قوله { يُقْرِئُنَا } يدل على أنهم يجتمعون

والاجتماع عند التلاوة له فضل ولذلك عند مسلم { ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم  السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده }

 

 

ومن الفوائد

بيان فضيلة تعلُّم وتعليم القرآن وكذلك حفظه وتحفيظه

لكن تعليمه أولى من الحفظ

ولذلك قال { كَانَ يُقْرِئُنَا } القراء إذا ذكروا في النصوص أو على لسان السلف والصحابة رضي الله عنهم فالمقصود من ذلك حفظه وتعلّمه ولذلك حديث عثمان عند البخاري

قوله صلى الله عليه وآله وسلم { خيركم من تعلم القرآن وعلمه }  لم يقل حفظه وحفّظه .

 

لاشك أن الحفظ مطلب أساسي لكن لا يعني أنّه يغفل عن تعلّمه وتعليمه ولذلك في الحديث الذي إسناده جيد

 

{ من علم آية من كتاب الله فله أجرها ما تليت }

 

فإذن بعض من الناس يستدل بحديث عثمان على حفظ القرآن وتحفيظه  فأول ما ينقدح في الذهن من يحفظ

ونسي المفسر

المفسر أولى بهذا

وفي كلٍ خير ولذلك عند مسلم

 

{ أيكم يحب أن يغدو إلى بُطحان فيأتي بناقتين كوماوين ، قالوا : يا رسول الله كلنا يحب ذلك قال : لأن يغدو إلى المسجد فيتعلم آية خير له من ناقة وآيتين خير له من ناقتين وثلاث خير له من ثلاث ومن أعدادهن من الإبل }

 

ومن الفوائد

 

لو قال قائل

لو أنه قرأ القرآن وهو جنب من حفظه

يجوز ؟

النهي عام

ما الذي أدراك أنه عام ؟

{مَا لَمْ يَكُنْ جُنُبًا} ، فالجنب ممنوع من أن يقرأ القرآن سواء من حفظه أو لم يكن

لو قال قائل

من به حدث أصغر  ، مر معنا أنه لا يمسّ القرآن من به حدث أصغر وهذا هو رأي الأئمة الأربعة لكن هو يقول لن أقرأ القرآن من المصحف سأقرأه من حفظي وهو محدث حدثاً أصغر

أيجوز له ذلك ؟

يجوز هنا  الدليل { مَا لَمْ يَكُنْ جُنُبًا }

ومن الفوائد

أن هذا الحديث دليل للأئمة الأربعة كما ذكره شيخ الإسلام رحمه الله من أنهم اتفقوا على أن من كان جنبا  لا يقرأ القرآن سواء أن كان من حفظه أو لم يكن ويرى بعض العلماء أن هذا الحديث الذي معنا معلول كالألباني رحمه الله لكن لهذا الحديث طرق كما عند أبي يعلى وغيره أنه صلى الله عليه وآله وسلم   { قرأ القرآن قال هكذا أما الجنب فلا ولا آية }

لكن هناك من يرى خلاف ما ذهبت إليه الأئمة الأربعة من أنّه يجوز له أن يقرأ القرآن عن ظهر قلب من غير أن يمس المصحف

لِمَ ؟

قالوا لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم  كما عند مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها { كان يذكر الله على كل أحيانه } وقراءة القرآن من ذكر الله

إذن

على كل أحيانه سواء أن كان ذلك الحين حال جنابة أو لم يكن

والجواب عن هذا

أنّ حديث عائشة عام في جميع الأحوال ويستثنى منه حال الجنابة

 

ومن الفوائد

أن القراءة لابد فيها من تحريك الشفتين واللسان ولذلك في الشرع حتى في اللغة لا يكون القول قولا إلا إذا حُرّكَ اللسانُ والشفتان، ولذلك من ينكر كلام الله يقول ما ورد من كلام مثبت لله أو من قول مثبت لله يقولون هذا معنى في النفس

الأصل في الكلام أنّه لابد أن تكون هناك حركة للسان وللشفتين إلا إذا قيد الكلام بالنفس قوله صلى الله عليه وآله وسلم

في الصحيح { إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم }

انظروا

فرق بين كلام النفس وبين الكلام الأخر فدّل على أنّه كلام ملفوظ به

ومن هنا

لو أن الجنب تذكره في نفسه من غير أن يحرّك اللسان والشفتين

ممنوع ؟

لا يمنع

لو قال قائل

لو أنّه قرأ بعض الآيات التي هي دعاء أممنوع ؟

ممنوع إلا إذا أراد الدعاء كأنه يقول

{ رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا }

لو قصد من هذه الآيات التي هي في صورتها دعاء قصد منها دعاء فيجوز ، وإذا قصد منها القراءة فلا

لو قال قائل

لو أنّه شغل شريطاً من القرآن واستمع إليه ممنوع ؟

ليس بممنوع ، جائز

لو قال قائل

لو أنّه لم يقرأ آية وإنما قرأ نصف آية ممنوع ؟

الحديث الأخر { أما الجنب فلا ولا آية }

غير ممنوع عند الفقهاء

يقولون لا يمنع إلا إذا كانت طويلة كآية الدين ، والصواب خلاف ما ذهبوا إليه

أولاً : لماذا فرّقتم بين آية الدين وبين غيرها من الآيات ؟  ثم: إنّ قوله { أما الجنب فلا ولا آية } المقصود منه المبالغة وما كان في سياق المبالغة فلا مفهموم له يعني كونه يقول   { أما الجنب فلا ولا آية } لا يفهم منه أن نصف آية أو ربع آية تجوز

لِمَ ؟

لأن الحديث جاء في سياق المبالغة كقوله تعالى وهذه مفيدة جداً لطالب العلم وهذه قواعد أصولية  {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ } الحج73

لو قال قائل

أيفهم أنهم يستطيعون أن يخلقوا ما هو أصغر من الذباب ؟

الجواب لا

لو قال قائل

هو على ما يروق لكم ( لا ) وفي أمر آخر

( نعم )؟

ماذا عساك أن تقول لو لم تفهم هذه القاعدة ؟

تقول إن السياقَ سياقُ مبالغة وما كان في سياقَ المبالغة فلا مفهوم له { إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ } التوبة80 ،

لو استغفر أكثر من سبعين مرة أيغفر لهم ؟

لا      لأن السياق للمبالغة

لو قال قائل

لو أنّه قرأ الأحاديث الصحيحة القدسية المروّية عن الله أتدخل ؟

لا تدخل

لأن المقصود هو القرآن الذي هو لفظه ومعناه من الله

أما الحديث القدسي فمعناه من الله بينما اللفظ من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ولذلك الأحاديث القدسية لا يتعبد بتلاوتها

فمن قرأ حرفاً من الأحاديث القدسية يؤجر كما ثبت عن القرآن ؟

لا يؤجر