البلاغة ـ النداء
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من أضرب الإنشاء وهو النوع الأخير :
النداء :
وتعريف النداء :
هو : طلب المتكلم إقبال المخاطب عليه بحرف ناب مناب أنادي
وأدواته ثمانية :
منها المشهور منها غير المشهور
وبعضها في الاستعمال أكثر من الآخر وهي :
الأداة الأولى :
الهمزة / وأي :
ـــــــــــــــــــــ
وهاتان الأداتان ينادى بهما للقريب
أما بقية الأداوت فينادى بها للبعيد
ما هي ؟
يا أ أي أيا هيا وا
إذاً : الأصل في الهمزة وأي إذا أتيتا في جملة فلتعلم أن هذه الجملة المناداة جملة نداء القريب
وما عداها من الأدوات فتكون للبعد
لكن :
قد تستعمل أداوت البعد في القرب والعكس لغرض بلاغي
فقد ينادى البعيد بأداة القريب
والغرض من ذلك :
أن هذا البعيد لشدة استحضاره للذهن أصبح كأنه قريبا ماثلا بين عينيك لكثرة ما يفكر به فيكون في مقام القريب الماثل نصب عينيك
كما قال الشاعر :
أسكانَ نعمانِ الأراك تيقنوا
بأنكم في ربع قلبي سكانُ
ويكون العكس :
وذلك أن ينادى القريب بأداة البعيد لأغراض بلاغية :
من بينها :
أن هذا القريب نودي بأداة البعيد لعلو مرتبته ومكانته كقولك : أيا مولاي
أو إشارة إلى انحطاط مرتبته :
كقولك لمن هو قريب منك : يا هذا
أو أيا هذا
أو لتنبيه شارد الذهن :
أيا فلان
إذاً :
قد يستخدم في الكلام المنادى الذي هو للبعيد بأداة القرب
لم ؟
لشدة استحضاره والتفكير به فكأنه ماثل بين عينيك
وقد يكون العكس وذلك
وقد يكون العكس وذلك إما:
ـــ لعلو مرتبته
ـــ أو انحطاط مرتبه
ــــ أو لشرود ذهنه فكأنه غير قريب من المتحدث
إذاً :
هذا هو النداء وهو :
طلب المتكلم إقبال المخاطب عليه بأداة نابت مناب أنادي
هذا هو الأصل
لكن قد تخرج هذه القاعدة لأغراض بلاغية يقتضيه السياق، وتدل عليها القرائن:
فقد يكون : للإغراء :
كقولك لمن أتى يتظلم :
يا مظلوم :
تغريه وتحثه على أن يفصح عن مظلمته
ويأتي النداء ويراد منه الاستغاثة :
يا لله للمسلمين :
فتطلب من الله الغوث للمسلمين
ويكون لغرض الندبة :
كقول الشاعر:
فوا عجبا كم يدعي الفضل ناقص
ووا أسفا كم يظهر النقص فاضل
ويأتي أيضا لغرض التعجب :
يا لك من رجل كريم !
وتأتي للزجر :
أفؤادي متى المتاب ؟
فهو ينادي فؤاده لكن هذا النداء ليس على بابه وإنما يراد منه زجر النفس
ومن الأغراض : التحسر والتندم :
((يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً))
ويأتي لغرض الاختصاص وهو أن يأتي اسم ظاهر بعد ضمير لبيانه وتوضيحه
والاختصاص يراد منه أمران :
إما الفخر
كقولك : أنا أُكرم الضيف أيها الرجل
ــ وليعلم أنه لا يصح في هذا الاختصاص أن تذكر أداة النداء
أو يراد منه :
التواضع :
أنا الفقير المسكين أيها الرجلُ
ويأتي لغرض:
التضجر والتحير :
ويكثر هذا في مناداة الأطلال والأماكن والديار كقول الشاعر :
أيا منازل سلمى أين سلماكِ
من أجل هذا بكيناها بكيناكِ
وتأتي لغرض:
التذكر :
كما في قول الشاعر :
أيا منزلي سلمى سلام عليكما
هل الأزمن اللاتي مضينا رواجعُ