شرح دروس البلاغة ـ الإيجاز والإطناب

شرح دروس البلاغة ـ الإيجاز والإطناب

مشاهدات: 481

البلاغة

الإيجاز والإطناب

فضيلة الشيخ  :زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قلنا فيما سبق :

إن ما يختلج في الصدر  من المعاني لا يعدو التعبير عنه طريقا من طرق ثلاث:

إما الإيجاز

وإما الإطناب

وإما المساواة

وتحدثنا عن الإيجاز :

إيجاز القصر

وتحدثنا عن إيجاز الحذف بشيء يسير

ومعنى : إيجاز الحذف :

أن يحذف شيء من العبارة بما لا يخل بالمقصود مع وجود قرينة تدل على المحذوف

والمحذوفات كثيرة :

قلنا إما أن يكون:

حرفا

أو مضافا

أو مضافا إليه

ومثلنا على كل فقرة

الفقرة الرابعة :

أن يكون المحذوف اسما موصوفا :

كقوله جل وعلا :

((إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً))

فصالحا صفة

أين الموصوف ؟

محذوف

أصل الكلام : إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا

فعملا : هو الموصوف

وإما أن يكون المحذوف هو العكس :

أن تحذف الصفة :

مثاله :

((فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ))

أصل الكلام :

فزادتهم رجسا مضافا إلى رجسهم

فرجسا هو الموصوف

ومضافا : هو الصفة

وإما أن يكون المحذوف :

جواب شرط :

ــــــــــــــــــــ

((وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ))

فـ” لو “ من أدوات الشرط :

وفعل الشرط : ترى

الجواب : محذوف  ، وتقديره : أي : لرأيت أمرا فظيعا

وفائدة عرضية :

جواب الشرط إذا حذف يدل على فظاعة الأمر ، فإن جواب الشرط حذف لعدم إيفائه بالصورة الفظيعة .

وقد يكون المحذوف :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

مسندا :

ــــــــــــــ

ما هو المسند ؟

قام زيد :

أين المسند والمسند إليه ؟

قام : مسند

زيد : مسند إليه

قد يكون المحذوف  مسندا :

((وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ))

أين المسند ؟

محذوف ، تقديره : خلقنا الله

وقد يكو ن المحذو ف:

مسندا إليه :

كقول الشاعر:

أَمَاوِيُ ما يغني الثراءُ عن الفتى

إذا حشرجتْ يوما وضاقَ بها الصدرُ

أي إذا حشرجت ماذا ؟

النفس

وقد يكون المحذوف متعلقا :

ـــــــــــــــــــــــــــــ

{لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ }

عما يفعل متعلق بماذا ؟

لا يسأل عما يفعل

فأما يفعل متعلق بـ” يسأل “

أين متعلق يسألون ؟

أي وهم يسألون عما يفعلون

وقد يكون المحذوف جملة :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مثاله :

قال تعالى :

((كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً ))

أين الجملة المحذوفة ؟

((كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ )) ــــ فاختلفوا

الفعل الماضي مع واو الجماعة جملة

وقد يكون المحذوف  جملا :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال تعالى :

((أَنَاْ أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ{45} يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ  ))

فيه جمل محذوفة : أي فأرسلوني إلى يوسف لأستعبر الرؤيا فأرسلوه فأتاه وقال له :

((يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ   ))

وهذا أكثر : أعني حذف الجمل أكثر ما يرد في  كتاب الله عز وجل إذ هو غاية الفصاحة

أما الطريق الثاني :

نأخذ منه بعض الشيء :

وهو الإطناب :

وهو أن يزاد في اللفظ على المعنى لفائدة يراد منها تقويته أو توكيده

 

ويتضح هذا بالأمثلة الآتية :

فإن لم تكن فائدة سمي تطويلا أو حشوا

وهذا معيب في البيان

أقسام الإطناب :

كثيرة نأخذ شيئا منها :

وهذه الأمثلة تكون دليلا لنا على معرفة أقسام أخرى عند التأمل في السياق

وهذه الأقسام ليست بغريبة عليكم قد مرت ولكنها مرت دون أن تُنسب

من بين أنواع الإطناب :

الحروف الزائدة :

مثاله :

قوله تعالى :

((فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ))

تذكرون أن : ما تزاد على بعض حروف الجر : (( عما قليل )) زيدت

مع من : ((هل  من خالق ))

ولا تكفها عن العمل

ولذا هنا ماذا صنعت في رحمة ؟

جرتها ((فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ))

إذاً تزاد مع عن ومع من ومع الباء فلا تكفها عن العمل

ورب : يجوز الأمران إعمالها وإهمالها

أما بقية الحروف فتكفها عن العمل

على كل حال :

هذه  مسألة نحوية لكني أقول : إنها زيدت هنا لفائدة تقوية الكلام : ((فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ ))

أصلها : فبرحمة

مر معنا في البلاغة من أنواع التوكيد : الحروف الزائدة

الحروف الزائدة:

تؤكد الكلام بقطع النظر عن العمل

معنى الحرف وفائدته يتحدث عنه أهل البلاغة

أما فعل الحرف يتحدث  عنه أهل النحو

ومن أنواع الإطناب :

ذكر الخاص بعد العام :

مثل :

((حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى))

لو قال : حافظوا على الصلوات ألا يتم المقصود ؟

بلى

لكن زاد اللفظ عن المعنى وزيد لفائدة

وفائدة ذكر  الخاص بعد العام :

التنبيه على مزية الخاص كأنه لفضله ولقدره جزء  منفصل مغاير لما قبله

ومن أقسام الإطناب :

ذكر  العام بعد الخاص:

(({وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ }))

السبع المثاني كما فسرها النبي عليه الصلاة والسلام عند البخاري بأنها الفاتحة وهي من القرآن

ما الفائدة ؟

أولا :

للاهتمام بهذا الخاص أي بسورة الفاتحة

ثانيا :

أن يشمل هذا العام كل أفراده

بمعنى : أن هذه السورة ليست خارجة عن هذا العام

ومن أنواع الإطناب :

الإيضاح بعد الإبهام :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال تعالى :

((وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ))

((وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ))

الأمر هنا مبهم

ما هو هذا الأمر؟

فسر بما بعده:

((أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ))

ما الفائدة ؟

التفخيم

والتعظيم لهذا المعنى الذي ذكر مرتين : مرة مبهما ، ومرة موضحا  .