الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى الدين .
البلاغة تعريفها لغة : هي ( الوصول )
تقول : ” بلغت بلدة كذا ” أي وصلت إليها .
وأما من حيث الاصطلاح ، فهي [ مطابقة الكلام لما يقتضيه حال الخطاب مع فصاحة الألفاظ المفردة والمركبة ] .
فمطابقة الكلام : لا يكون الكلام بليغا إلا إذا أتى بكلام يتوافق مع الحالة المناسبة لهذا الكلام ، فإذا كان مثلا لدينا درس في الألفية ، فمن غير البلاغة أن نأتي بكلام يتعلق بالفقه .
إذاً [ مطابقة الكلام لما يقتضيه حال الخطاب ]
لكن يمكن أن يتحدث إنسان في فن من الفنون ، ويكون كلامه مطابقا لما يقتضيه الحال ، لكن هل هو كلام بليغ ؟ نحتاج إلى شروط أخرى : أن تكون الكلمات التي يتكلم بها فصيحة من حيث الإفراد ومن حيث التركيب ، أما من حيث الإفراد فكما سبق معنا : ألا تكون عسيرة على النطق ولا صعبة على السمع ولا يبحث عن معناها بحثا عميقا في كتب اللغة .
وأما من حيث التركيب : قد تكون الكلمات فصيحة ، لكن قد يكون الكلام بمجموعه غير فصيح ، إما لتتابع الإضافات ، وإما لتنافر الكلمات ، مثل قول الشاعر :
وقبر حربٍ بمكان قفر | وليس قربَ قبرِ حربٍ قبرُ |
والبلاغة ملكة في النفس ، يطمح إليه الطامحون ، ويرغب فيها الراغبون ، وهي مشرب البلغاء والفصحاء ، ولكن لا يملكها إلا من غاص في فنون اللغة ، وأكثر من القراءة فيها ، ولذلك أعجز القرآن فصحاء وبلغاء العرب ، وسيأتي إن شاء الله ما يدل على ذلك .