شرح كتاب التوحيد
( 17 )
بـاب الشفـاعـة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لفضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذا هو رابط هذا الدرس على القناة العلمية الصوتية للشيخ :
https://www.youtube.com/watch?v=K0w0jx2cMl0&list=PLLqPd_eY0IBM6kO0TRJOVvrp3H7mmLbbz&index=18
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( بـاب الشفـاعـة )
وقول الله عز وجل :
﴿وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام51].
من الفوائد :
1 ـ أن هؤلاء المعبودين لا يملكون الشفاعة التي يحصل بها النفع يوم القيامة، فكيف يُعْبَدون من دون الله عز وجل ؟
2- أن الشفاعة هنا في هذه الآية منفية قال: ﴿وَلَا شَفِيعٌ﴾، والمراد من هذه الشفاعة المنفية هي شفاعة المعبودين لعابديها كشفاعة الأصنام لمن يعبدها.
3 ـ أن أعظم ما تنذر وتذكَّر به القلوب كتاب الله عز وجل ولذا قال: ﴿وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ﴾ [الأنعام51].
4 ـ أن من جعل الآخرة نصب عينيه انتفع بهذا القرآن وبما فيه.
5 ـ أن تذكر اليوم الآخر يكون بتلاوة كتاب الله عز وجل وإنذار القلوب به، وأن ثمرة الإيمان باليوم الآخر هي التقوى ، ولذا قال : ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ [الأنعام51].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله تعالى : ﴿قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً﴾ [الزمر44].
1 ـ أن كلمة «شفاعة» حُلِيت بالألف واللام «ال» فتشمل جميع الشفاعات فهي ملك لله عز وجل وأكَّد ذلك بكلمة ﴿جَمِيعاً﴾
2- أن قوله : ﴿ جَمِيعاً ﴾ يدل على أن هناك أنواعاً للشفاعات ، وبالفعل فهناك أنواع للشفاعة فمنها ما هو خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ومنها ما هو مشترك.
فأما الخاصة به صلى الله عليه وسلم :
أولا: الشفاعة الكبرى: حينما يشفع لأهل الموقف عند الله عز وجل لفصل القضاء.
ثانيا : شفاعته لعمه أبي طالب الكافر : إذ خَفَّفَ عنه العذاب ليكون من أهون أهل النار عذاباً.
ثالثاً: شفاعته لأهل الجنة أن يدخلوا الجنة : أما ما عدا هذه الثلاث فيكون النبي صلى الله عليه وسلم مشتركاً فيها هو وغيره، وذلك كشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين لقومٍ من العصاة استوجبوا دخول النار ألا يدخلوها، ومن بينها الشفاعة لأقوام دخلوا النار أن يخرجوا منها، ومن بينها الشفاعة لرفعة درجات أهل الجنة، فجميع هذه الشفاعات ملك لله عز وجل لا يجوز أن تُطَلب من غيره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله تعالى : ﴿مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ﴾
[البقرة255].
من الفوائد:
1 ـ أن الاستفهام هنا مشرب بالنفي، بمعنى أن الجواب يكون بكلمة منفية، وهذا هو التحدي ، فهنا سؤال من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه؟
الجواب: لا أحد، وهذا يدل على عظمته عز وجل ، إذ إن الملوك في الدنيا قد يُشْفَع عندهم من غير أن يُسْتَأذنوا.
2 ـ أن الله عز وجل أثبت هنا الشفاعة بينما في الآية الأولى نفى الشفاعة، وبيَّن أن الشفاعة المنفية هي شفاعة المعبودين لعابديهم ، أما الشفاعة المثبتة هنا فقد أثبتها إذا تحققت شروطها ، ومن بين الشروط المذكورة في هذه الآية، إذنه للشافع أن يشفع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله تعالى : ﴿وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَى ﴾ [النجم26].
من الفوائد:
الشرط الأول: إذن الله عز وجل للشافع أن يشفع.
الشرط الثاني : رضاه عن المشفوع له، بأن يكون هذا المشفوع له من أهل التوحيد ، وأما من لم يكن من أهل التوحيد فإنه لا يُشفع له ، إلا ما مضى من الشفاعة الخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم في تخفيف العذاب عن عمه أبي طالب ، لا في إخراجه من النار.
2 ـ أن الملائكة مع ما لهم من المنزلة لا يشفعون إلا بعد إذن الله عز وجل ، فمن باب أولى أن تكون شفاعة المعبودين من دون الله عز وجل أن تكون باطلة وغير نافعة.
3- أن ثمرة وفائدة الشفاعة أمران:
الأمر الأول: إكرام الشافع.
الأمر الثاني: نفع المشفوع له.
4- إثبات صفة الإذن لله عز وجل لقوله ﴿مَنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ﴾
5- اثبات صفة المشيئة لله عز وجل لقوله ﴿لِمَن يَشَاءُ ﴾
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله تعالى: ﴿ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ (22) وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ﴾.
من الفوائد:
1 ـ أن الله عز وجل نفى أن تكون الشفاعة لمن عُبد من دونه وذلك لأسباب ثلاثة :
أولاً: أن هؤلاء المعبودين لا يملكون مثقال ذرة أي مثقال نملة على وجه الانفراد.
ثانياً: أنهم لا يشاركون الله عز وجل في الملك.
ثالثاً: أنهم ليسوا بأعوان لله عز وجل في خلق السماوات والأرض فإذا كانوا لا يملكون واحداً من هذه الأشياء دلَّ على أنهم لا يستحقون شيئاً من الشفاعة.
2 ـ أن هذه الآيات ذكر فيها شرط من شروط الشفاعة ، وهو الإذن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال أبو العباس :
« نفى الله عما سواه كلَ ما يتعلق به المشركون، فنفى أن يكون لغيره مُلْك أو قسط منه أو يكون عوناً لله ولم يبق إلا الشفاعة فبين أنها لا تنفع إلا لمن أذن له الرب، كما قال تعالى ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنْ ارْتَضَى﴾ [الأنبياء28] فهذه الشفاعة التي يظنها المشركون هي منتفية يوم القيامة كما نفاها القرآن، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يأتي ويسجد لربه ويحمده، وهذه هي الشفاعة الكبرى لا يبدأ بالشفاعة أولاً ثم يقال له ارفع رأسك وقل: يسمع، وسل تعطى، واشفع تشفع ، وقال أبو هريرة رضي الله عنه له: «من أسعد الناس بشفاعتك؟ قال: «مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ»
«فتلك الشفاعة لأهل الإخلاص بإذن الله عز وجل ولا تكون لمن أشرك بالله عز وجل ، وحقيقته أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يتفضل على أهل الإخلاص، فيغفر لهم بواسطة دعاء من أذن له أن يشفع، لم؟ ليكرمه وينال المقام المحمود، فالشفاعة التي نفاها القرآن، ما كان فيها شرك، ولهذا أثبت الشفاعة بإذنه في مواضع وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أنها لا تكون إلا لأهل التوحيد والإخلاص» انتهى كلامه
من فوائد كلام شيخ الإسلام رحمه الله:
كقوله تعالى : ﴿لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ﴾ [سبأ22].
[سبأ 22].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ