شرح كتاب التوحيد (21) [باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثاناً تعبد من دون الله]

شرح كتاب التوحيد (21) [باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثاناً تعبد من دون الله]

مشاهدات: 495

شرح كتاب التوحيد

(21)

[ باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين  يصيرها أوثاناً تعبد من دون الله ]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لفضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وهذا هو رابط هذا الدرس على القناة العلمية الصوتية للشيخ :

 

https://www.youtube.com/watch?v=g_on7sMe4-8&index=22&list=PLLqPd_eY0IBM6kO0TRJOVvrp3H7mmLbbz

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 من الفوائد تحت هذا العنوان :

أن هذا الباب متمم للباب السابق ، لأن الباب السابق يتحدث عن صور الغلو ، وهنا يتحدث مرة أخرى عن الغلو، وكأن المؤلف يشير إلى أن الغلو له خطر عظيم ولاسيما إذا كان هذا الغلو في الصالحين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

روى مالك في الموطأ: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال:  «اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ»

 من الفوائد:

1 ـ أن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم  استجيبت له – كما قال ابن القيم  رحمه الله – فلم يُتخذ قبره وثناً يُعبد، وذلك أنه أحيط بثلاثة جدران، أما كون شخصه  صلى الله عليه وسلم  اتخذ وثناً فإنه لا يدخل في هذه الدعوة لأنه خصص فقال:  «اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ»

2 ـ أن الوثن ما كان منحوتاً على صورة أو لم يكن، والقبر ليس منحوتاً على صورة فَصَدُق عليه أن يكون وثناً.

3 ـ أن قوله صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ» أتى بكلمة «يعبد» وذلك لبيان الواقع لأن الوثن يُراد به العبادة.

4 ـ إثبات صفة الغضب لله عز وجل  في قوله: «اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ» وفيه رد على من قال إن الغضب هو إرادة الانتقام ، وهذا تحريف لأن الله عز وجل  فرَّق بين الانتقام وبين الغضب ، فقال : ﴿ فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾   [الزخرف55] ﴿ آسَفُونَا﴾  يعني أغضبونا، ثم قال : ﴿انتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾ فجعل الانتقام غير الغضب، وإنما يكون الانتقام أثراً من آثار الغضب.

5 ـ أن قوله:  «اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ» يدل على أن غضب الله متفاوت بحسب الذنب، ولذا قال تعالى:﴿كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾   [الصف3]، ولذا في حديث الشفاعة يقول الأنبياء  عليهم الصلاة والسلام:

«إِنَّ رَبِّى قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ»

6 ـ أن صنيع الأمم السابقة مع أنبيائهم وصالحيهم سبب لمقت اللهعز وجل  وغضبه، فيجب علينا أن نحذر مما وقعوا فيه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ولابن جرير بسنده:

” عن سفيان عن منصور عن مجاهد في قوله تعالى ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ﴾ [النجم 19] ”  قال: كَانَ يَلُتُّ لهم السَّوِيقَ ؛ فَمَاتَ فعَكَفُوا عَلَى قَبْرِهِ .

وكذا قال أبو الجوزاء، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما كَانَ يَلُتُّ السَوِيقَ للحَاجِّ»

 من الفوائد :

1 ـ أن الله عز وجل  ذكر رجلا كان يَلُتُّ السويق للحاج، فَمِنْ فِعْلِه ومن صنيعه لُقِّب باللَّات، فكان آخر أمره أنهم عكفوا على قبره وعبدوه من دون الله عز وجل ، ثم أكدوا هذا الاشتقاق بسبب فعله أكدوه ، إذ قالوا: إن هذا اللات مأخوذ من اسم الله عز وجل  الذي هو «الإله» كما سيأتي معنا في باب قوله تعالى:﴿وَلِلَّهِ اَلْأَسْمَاءُ اَلْحُسْنَى﴾.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وعن ابن عباس رضي الله عنهما  قال:

«لعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَائِرَاتِ الْقُبُورِ وَالْمُتَّخذين عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ» رواه أهل السنن.

 من الفوائد:

1 ـ أن هذا الحديث يضعفه الألباني رحمه الله وتضعيفه له يؤيد ما ذهب إليه من أن زيارة النساء للمقبرة سنة ما لم تبالغ، فإن بالغت فإنه يحرم عليها، لأنه يصحح لفظ:

«لَعَنَ اللَّهُ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ»، و«زَوَّارَاتِ» صيغة مبالغة فيقول: إن النهي ورد فيمن بالغت في الزيارة، أما كلمة «زائرات» فإنها لا تدل على المبالغة، ولكن شيخ الإسلام رحمه الله يصححه.

2 ـ أن زيارة القبور من النساء محرمة بل هي كبيرة من كبائر الذنوب، وهناك من يقول: إنها مكروهة، وهناك من يقول إنها جائزة، وهناك من يقول إنها محرمة إذا أكثرت، ومنهم من يقول بالسنية، وهو الألباني رحمه الله وإن كان شيخ الإسلام رحمه الله يقول: لم أر أحداً من الأئمة قال إن زيارة النساء للمقابر سنة ، ومن أراد التوسع في معرفة أدلة كل قول فيرجع إلى شرحنا الموسع على كتاب التوحيد فقد بينا فيه أن زيارة المرأة للمقابر كبيرة من كبائر الذنوب.

3- لا يجوز إنارة القبور لا إنارة دائمة أو مُؤقَّتة،  لقوله :

«والسُّرج» اللهم إلا إذا كانت هناك حاجة إلى إيقاد سراج أو ضوء لدفن ميت ثم يطفأ بعد الفراغ من الاحتياج إليه فجائز لما ثبت عند ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم: «أَدْخَلَ رَجُلًا قَبْرَهُ لَيْلًا، وَأَسْرَجَ فِي قَبْرِهِ»

4 ـ أن هذا الحديث يدل على قاعدة  «الوسائل لها أحكام المقاصد» وذلك أن من زار المقابر من النساء وهن ضعاف العقل والرأي ولا يتحملن، فقد يفضي بها الأمر إذا علمت أن هذا القبر صاحبه فلان العالم أو العابد إلى أن تتخذه من دون الله عز وجل ، وكذلك اتخاذ السُّرج  فإنها وسيلة إلى تعظيم أصحاب هذه المقبرة في المستقبل لأنها ما أُسْرِجَت إلا لِعِظَم أهلها.

5ـ أن هذا الحديث فيه حكم واحد، ما هو هذا الحكم؟ اللعن، وسبب هذا اللعن شيئان «زَائِرَاتِ الْقُبُورِ» و«وَالْمُتَّخذين عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ»

فدل على أن الحكم يمكن أن يكون له سببان كما في هذا الحديث، كما أن السبب الواحد قد يكون له حكمان، فغروب الشمس سبب في إفطار الصائم، وفي صحة الصلاة كما جاء  ذلك في الحديث.

6ـ أن قوله رواه أهل السنن، أهل السنن هم [أبو داود– والنسائي – والترمذي – وابن ماجه]  ويُعبر عنهم بالأربعة.