شرح كتاب التوحيد ( 4 ) [ باب الخوف من الشرك ]

شرح كتاب التوحيد ( 4 ) [ باب الخوف من الشرك ]

مشاهدات: 470

شرح كتاب التوحيد

( 4 )

باب الخوف من الشرك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لفضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهذا هو رابط هذا الدرس على القناة العلمية الصوتية للشيخ :

 

https://www.youtube.com/watch?v=9yQxY1INlFY&index=5&list=PLLqPd_eY0IBM6kO0TRJOVvrp3H7mmLbbz

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وقول الله عز وجل :

﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء﴾

[النساء48].

 من الفوائد:

1 ـ أن الشرك الأكبر ضابطه عند العلماء: «أن يجعل مع الله ندا في ألوهيته أو في ربوبيته أو في أسمائه وصفاته»

وأما الشرك الأصغر: فهو عند بعض العلماء المذكور في النصوص الشرعية، ولم يصل إلى حد الشرك الأكبر.

وعند البعض : هو ما كان وسيلة إلى الشرك الأكبر فكل ما كان وسيلة إلى الشرك الأكبر فإنه يعد شركاً أصغر، فإن جاء في النصوص تسميته «أنه شرك» ولم يكن وسيلة إلى الشرك الأكبر، فيكون شركا أكبر.

2 ـ أن الشرك لا يغفر، بخلاف الذنوب فإنها تحت المشيئة.

3 ـ الرد على المعتزلة والخوارج القائلين : بأن صاحب الكبيرة مخلد في نار جهنم ، كيف وقد قال عز وجل : ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ﴾  [النساء48].

4 ـ أن الشرك الأصغر تحت المشيئة ، وشيخ الإسلام رحمه الله  قد تردد فيه ، فمرة قال : تحت المشيئة ، ومرة قال : إنه لا يغفر ، لأن قوله تعالى: ﴿أَن يُشْرَكَ بِهِ﴾ ﴿أَنْ﴾ المصدرية والفعل المضارع يُسْبَكان فيحولان إلى مصدر فيكون المعنى  [إشراكاً] إن الله لا يغفر إشراكاً به، فتكون كلمة  [إشراكا] نكرة في سياق النفي فتعم أي شرك الأصغر أو الأكبر.

وهذا يدل على خطورة الشرك الأصغر وأن الواجب على المسلم ألا يتهاون به، مع العلم بأن شيخ الإسلام رحمه الله  في هذا الرأي لا يقول بأنه يخلد في النار، وإنما يقول: يدخل ابتداءً النار لكن مآله ومصيره إلى الجنة.

5 ـ أن هذه الآية ذُكرت في كتاب الله عز وجل  مرتين في سورة النساء فختمت الآية الأولى بقوله : ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً﴾ والآية الأخرى ﴿وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً﴾ [النساء116] فدل على أن الشرك افتراء عظيم وأنه ضلال مبين، ولذا قال عز وجل  عن موسى عليه السلام  في سورة الأعراف: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ﴾واتخاذ العجل لعبادته شرك ﴿سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا﴾ وختم عز وجل الآية فقال:﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ ﴾ [الأعراف152]  فالمشرك مفتري أفَّاك ، ولذا قالت الفتية كما قال الله عز وجل عنهم في سورة الكهف: ﴿هَؤُلَاء قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً ﴾ [الكهف15]، وقال عز وجل  عن الجن: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً﴾  [الجن4]، وقال عز وجل  عن الفتية من أهل الكهف ﴿لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً ﴾ [الكهف14].

6 ـ إثبات صفة المغفرة لله عز وجل .

7 ـ إثبات صفة المشيئة لله عز وجل .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وقال الخليل عليه السلام : ﴿ وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ ﴾ [إبراهيم35].

 من الفوائد:

1 ـ مر معنا أن إبراهيم عليه السلام قد حقق التوحيد ، ومع ذلك فإنه خاف على نفسه وعلى بنيه من الشرك.

2 ـ شفقة إبراهيم عليه السلام على أبنائه إذ دعا لهم ، وهذه هي الشفقة الحقيقية النافعة ، ليست شفقة دنيوية يُوفَّر فيها المطعم والمشرب والملبس للأولاد دون النظر إلى أحوالهم في دين الله عز وجل .

3 ـ أن إبراهيم عليه السلام قال : ﴿ وَاجْنُبْنِي ﴾  وهذا أبلغ إذ جعله في جانب والشرك في جانب آخر .

4 ـ أن على العالم أن يخاف على نفسه من الشرك ، إذ إن إبراهيم عليه السلام خاف على نفسه فغيره من باب أولى ، ولذا قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كشف الشبهات قال : « إن على العالم أن يحذر من الوقوع في الشرك ».

5 ـ أن الصنم ما نُحِت على صورة معينة كصورة أسد أو إنسان أو طير، أما بالنسبة إلى الوثن فإنه يطلق على ما كان منحوتاً أو غير منحوت، ولذا قال صلى الله عليه وسلم :

«اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَناً يُعْبَدُ »  ولم يقل : صنماً.

6 ـ أن إبراهيم عليه السلام  خليل الله ، وليس هذا مستفاداً من قول المؤلف لأن إثبات الأحكام إنما هي من طريق الشرع لا من طريق البشر، لكنه قال رحمه الله: «وقال الخليل»  لما ورد في الأحاديث الأخرى أنه صلى الله عليه وسلم  قال: « إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدِ اتَّخَذَنِى خَلِيلاً كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً » .

وقال تعالى: ﴿ وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً  ﴾ [النساء125]، والخلة أعلى من المحبة ؛ ولذا نفاها صلى الله عليه وسلم  عن أبي بكر رضي الله عنه  إذ قال: «وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً إِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ»  مع أنه أثبت المحبة لأبي بكر رضي الله عنه ، كما جاء في الصحيحين في حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه  لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم  «من أحب الناس إليك؟ قال: عائشة ، قال من الرجال؟ قال: «أبوها»  والنبي صلى الله عليه وسلم  هو خليل الله أيضاً، وما ورد عند الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إبراهيم خليل الله وأنا حبيب الله»  فهو حديث ضعيف.

7 ـ أن قول إبراهيم عليه السلام : ﴿ وَبَنِيَّ ﴾ إن كان المقصود « إسماعيل وإسحاق» فإن دعوته قد استجيبت ، وإن كان المقصود ما كان من سلالته ممن ليس من صلبه ابتداءً فإن دعوته لم تستجب لقوله تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة124].

8 ـ أن هناك عبودية في الأرض لغير الله عز وجل لكنها عبودية باطلة  قال تعالى : ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾  [الحج62]  وقال تعالى : ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ  ﴾ [يونس32].

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وفي الحديث:

«أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ» فَسُئِلَ عَنْهُ فَقَالَ «الرِّيَاءُ»

 من الفوائد:

1 ـ أن يسير الرياء شرك أصغر ، أما كثيره فهو شرك أكبر، كما قال ابن القيم رحمه الله : كما لو كان يرائي في كل عمل يقوم به فلم يبق له عمل يثاب عليه.

2 ـ أن الشرك أقسام : منه ما هو أصغر، ومنه ما هو أكبر.

وقال بعض العلماء: إنه ثلاثة أقسام: شرك أكبر و شرك أصغر و شرك خفي.

ولكن الأقرب أنه نوعان لأن الشرك الخفي نوع من أنواع الشرك الأصغر كما جاء في حديث آخر فسَّر هذا الشرك قال صلى الله عليه وسلم  لما دخل على الصحابة وهم يتذاكرون الدجال قال : «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنْ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ قَالَ قُلْنَا بَلَى فَقَالَ الشِّرْكُ الْخَفِيُّ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ» .

3 ـ أن العمل إذا خالطه الرياء ابتداءً فإن هذا العمل باطل، قال صلى الله عليه وسلم  فيما يرويه عن ربه عز وجل  كما عند مسلم :

«أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ»  وأما إذا خالطه لا ابتداءً وإنما طرأ عليه ، فينظر إن دافعه فلا حرج لقوله صلى الله عليه وسلم :

«إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ» أما إن لم يدافعه واسترسل فإنه يبطل على القول الراجح.

4 ـ أن على المسلم أن يتقي الشرك ، وأعظم ما يتحصن به من الشرك أن يدعو الله أن يجنبه الشرك كما دعا إبراهيم عليه السلام ، وكما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم  صحابته بذلك قال:

«أَلا أُخْبِرُكَ بِقَوْلٍ يُذْهِبُ صِغَارَهُ وَكِبَارَهُ، قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لا أَعْلَمُ»

5 ـ خوف النبي صلى الله عليه وسلم  على أمته ، وهذا يدل على حرصه وفي المقابل حرص الصحابة رضي الله عنهم على معرفة طرق الشر ليجتنبوه كما حرصوا على معرفة طرق الخير ليعملوا به، فإنه لما ذكر المخوف عليهم سألوه ولذا قال : حذيفة رضي الله عنه : «كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي»

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وعن ابن مسعود رضي الله عنه  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«مَنْ مَاتَ وَهْوَ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ نِدًّا دَخَلَ النَّارَ» رواه البخاري .

 من الفوائد تحت هذا الحديث:

1 ـ أن كلمة الند وقعت في سياق الشرط ، والنكرة في سياق الشرط تعم فمن جعل لله عز وجل  نداً مهما كان هذا الند من الرفعة والعلو فإن مصيره إلى النار.

2 ـ أن كلمة «يدعو من دون الله» تشتمل على نوعي الدعاء : دعاء العبادة ودعاء المسألة  ، وسبق تفسيرهما

3 ـ أن التائب من الشرك قبل أن يفجأه الموت توبته صحيحة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم علَّق دخول النار بموته على الشرك قال: «من مات» ويدل لذلك قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ…﴾

[الفرقان 68] إلى أن قال: ﴿إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً﴾ [الفرقان70] وكما قال عز وجل :  ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ﴾ يعني قبل أن يفجأه الموت ﴿فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً ﴾  [النساء17]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ولمسلم عن جابر رضي الله عنه  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

«مَنْ لَقِىَ اللَّهَ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ لَقِيَهُ يُشْرِكُ بِهِ شيئاً دَخَلَ النَّارِ»

 من الفوائد :

1 ـ أن ما جاء في هذا الحديث يدعى بالموجبتين، قال صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم: «أتدرون ما المُوجِبَتَان؟» فذكر الحديث.

2 ـ أن هذا الحديث يؤكد ما قاله ابن مسعود رضي الله عنه  في الحديث السابق، فإنه في الحديث السابق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَاتَ وَهْوَ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ نِدًّا دَخَلَ النَّارَ»

قال ابن مسعود رضي الله عنه : «وَقُلْتُ أَنَا مَنْ مَاتَ وَهْوَ لَا يَدْعُو لِلَّهِ نِدًّا دَخَلَ الْجَنَّةَ»

فخفي عليه ما جاء في حديث جابر رضي الله عنه إذ قال في حديث جابر رضي الله عنه هنا «مَنْ لَقِىَ اللَّهَ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ».

3 ـ أن هذا الحديث اشتمل على نوعي اللقيا، فإن قوله :

«مَنْ لَقِىَ اللَّهَ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ» لقيا يحمد عليها المرء ويثاب، ولقيا عذاب كما في قوله: «وَمَنْ لَقِيَهُ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارِ».

4 ـ أن إطلاق كلمة «لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا»  قد يقال في إطلاقها ما قاله شيخ الإسلام رحمه الله  في قوله تعالى ﴿إِنَّ اَلَّلهَ لَا يَغْفُرُ أَنْ يُشْرِكَ بِهِ…﴾  [النساء 48] كما تقدم

ومن ثمَّ فإن الشرك الأصغر خطره عظيم ، والشرك الأصغر كما سبق هو الرياء، والرياء يختلف عن السمعة، كما قال ابن حجر رحمه الله في الفتح، فإن الرياء ما يتعلق بحاسة البصر، كأن يصلي رياء فإنه يُرَى، وأما السمعة  فهي ما يتعلق بعبادة تتعلق بحاسة السمع كالتسبيح مثلاً، وقد ألحق بعض العلماء بالسمعة ما يعمله  العبد من عمل صالح لله عز وجل  في خفاء ثم يخبر به بعد ذلك يخبر به افتخاراً، أما إذا أخبر به لمصلحة الاقتداء والتأسي فلا يدخل في هذا، وقد ذكر بعضهم  أن هناك دقائق من الرياء، وذلك مثل أن يعمل العمل الصالح ابتغاء غرض شرعي ، كأن يخلص لله عز وجل  من أجل أن يفوز بعلم ، وقد عمد إلى هذا بعض الناس استناداً إلى حديث «مَنْ أَخْلَصَ لله أَرْبَعِينَ يَوْماً ظَهَرَتْ يَنَابِيعُ الْحِكْمَةِ مِنْ قَلْبِهِ عَلَى لِسَانِهِ» ولكنه حديث ضعيف.

ومن أمثلة دقائق الرياء أن يغضب العالم أو العابد إذا أتى إلى مجلس ولم يفسح له في صدر المجلس فإنه ما غضب أو ما وجد في نفسه إلا لأنه يرى أن له منزلة وفضلاً بسبب علمه أو عبادته.

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ