شرح كتاب التوحيد ( 40 ) [ باب مَنْ جَحَدَ شَيْئَاً مِنَ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ ]

شرح كتاب التوحيد ( 40 ) [ باب مَنْ جَحَدَ شَيْئَاً مِنَ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ ]

مشاهدات: 535

شرح كتاب التوحيد

( 40 )

[ باب مَنْ جَحَدَ شَيْئَاً مِنَ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ ]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لفضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وهذا هو رابط هذا الدرس على القناة العلمية الصوتية للشيخ :

 

https://www.youtube.com/watch?v=J132n9Bm5Bg&index=41&list=PLLqPd_eY0IBM6kO0TRJOVvrp3H7mmLbbz

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 من الفوائد:

1 ـ أن الجحد هو الإنكار والتكذيب، فمن أنكر اسماً من أسماء الله أو صفة من صفاته فإنه كافر، لم؟  لأنه كذَّب الله عز وجل  الذي ذكر هذا الاسم وهذه الصفة في كتابه، وكذَّب النبي صلى الله عليه وسلم الذي ذكر هذا الاسم أو هذه الصفة في سنته.

أما من أوّلها عن حقيقتها وعن ظاهرها فيقال : إن كان تأويله لها من غير دليل فهذا كفر ، كأن يقول: إن اليد بمعنى البصر أو بمعنى  السمع أو ما شابه ذلك.

وأما إن كان هناك دليل لغوي اشتبه على العالم فإنه لا يعد كافراً، وذلك لأنه صادر عن اجتهاد منه ، لكن اجتهاد ليس فيه بمصيب، وهذا نراه في بعض كلام ابن حجر رحمه الله في الفتح على بعض الصفات، والنووي في المنهاج على بعض الصفات وكذلك القرطبي، فهؤلاء مجتهدون لأنهم ظنوا أن هذه الصفة مؤولة لأنها قد تطلق في اللغة العربية على هذا المعنى له، كما لو قال: إن يد الله عز وجل  نعمته ، فإنه في اللغة تطلق اليد ويراد منها النعمة ، لكن إضافة الصفة إلى الله إضافة حقيقية ولا يجوز أن تؤول.

 

وقول الله تعالى: ﴿وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَـنِ﴾ [الرعد30]

 من الفوائد:

1 ـ  أن فيه دليلا على أن من أنكر اسماً أو صفة  لله عز وجل  فإنه كافر، ولذا قال: ﴿وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَـنِ﴾  [الرعد30]، أي باسم الرحمن، وذلك أنهم يعني – قريشاً – كانوا يقولون: لا رحمن إلا رحمن اليمامة.

2ـ  أن بعض الكفار من قريش أنكروا اسم الرحمن، وذلك في صلح الحديبية لما قال صلى الله عليه وسلم: «اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»  قَالَ سُهَيْلٌ: أَمَّا بِاسْمِ اللَّهِ فَمَا نَدْرِى مَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَلَكِنِ اكْتُبْ مَا نَعْرِفُ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ»

ومع ذلك نسب عز وجل  هذا القول إلى كل الكفار، لم؟ لأنهم سمعوا ولم ينكروا، فأي قوم سمعوا أن أحدهم يقول شيئا منكراً ولم ينكروه فإنهم يكونون في الحكم سواء، ولذا نسب أفعالا منكرة من اليهود في عصر موسى صلى الله عليه وسلم نسبها إلى اليهود الذين في عصر النبي صلى الله عليه وسلم  مع أنهم لم يفعلوها   لم؟ لأنهم رضوا بها وأقروها ، ولذا يقول لهم: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ﴾[البقرة84]، وقال:﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ﴾ [البقرة63] مع أن الطور إنما رفع على من كان في عصر موسى صلى الله عليه وسلم.

 

3 ـ أن الله عز وجل  أنكر على الكفار إنكارهم اسم الرحمن فقال: ﴿قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى ﴾ [الإسراء 110] ولذا لما سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم  يدعو مرة بهذا الاسم ومرة بهذا الاسم ، قالوا : إن محمداً قد ضلَّ عن إلهه فهو لا يعرف إلهه.

4 ـ أن اسم الرحمن ، قد أدرجه بعض المفسرين تحت قوله تعالى:﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً ﴾ [مريم65] بمعنى أنه لم يتسم بهذا الاسم أحد ، ولما تسمى به مسيلمة ألصق الله عز وجل  به وصفاً بليغاً في القبح وهو وصف الكذَّاب فإذا ذكر اسمه فإنه لا يقال إلا مسيلمة الكذَّاب.

5 ـ أن من أنكر الاسم فإنه قد أنكر الصفة ، ومن ثمَّ فإن كفار قريش لما أنكروا اسم الرحمن سينكرون من لوازم ذلك الصفة لأن كل اسم يتضمن صفة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وفي صحيح البخاري قال علي: «حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ أَتريدون أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ»  

 من الفوائد:

1 ـ أن على الداعية أن يلتزم الطريقة الصحيحة في الدعوة إلى الله ، وأن يكون حكيماً في دعوته إلى الناس ، لأن الناس تختلف أفهامهم، فما يقال عند طلاب العلم لا يقال عند عوام الناس، ولذا قال ابن مسعود رضي الله عنه، كما في مقدمة صحيح مسلم:

«مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لاَ تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إِلاَّ كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً»

ولو قال قائل: أيترك الناس دون أن يتعلموا العلم؟ .

فيقال له : لا يتركون وإنما يعلم الناس شيئا فشيئا.

وروى عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه:

عن ابن عباس رضي الله عنهما «أنه رَأَى رَجُلاً انْتَفَضَ لمَّا سَمِعَ حَدِيثَا عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم في الصِّفَاتِ اسْتِنْكَاراً لِذلكَ، فَقَالَ: مَا فَرَقُ هَؤلاء؟ يَجِدُونَ رقَّةً عِنْدَ مُحْكَمِهِ ويَهلِكُونَ عند مُتَشَابِهِهِ»  انتهى.

 من الفوائد:

1 ـ أن الواجب على المسلم فيما أخبر به جل وعلا أو أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم  من أسماء لله وصفات له عز وجل  أن يثبتها وهو منشرح الصدر ولا يتردد، لكن عليه أن يجتنب أثناء إثباته لها التمثيل والتكييف لا يمثلها بصفات المخلوقين ولا يكيفها ولذا أنكر ابن عباس رضي الله عنهما على هذا الرجل الذي أصيب بهذا الفرق.

2 ـ أن القرآن منه ما هو محكم ومنه ما هو متشابه ولذا قال ابن عباس رضي الله عنهما : «يجدون رقة عند محكمه ويهلكون عند متشابهه» وقد وصف عز وجل  القرآن بأنه كله محكم ووصفه بأنه كله متشابه، والمراد من أنه محكم كله يعني في غاية الإتقان فأخباره صدق وأحكامه عدل، وأما وصفه بأنه كله متشابه أي أنه يشبه بعضه بعضاً في هذا الحسن وفي هذا الإتقان ، لكن قد تكون هناك آيات متشابهات يخفى معناها جعلها الله عز وجل  ابتلاء وامتحانا، وهذا المتشابه منه ما هو حقيقي ومنه ما هو نسبي، فالحقيقي ككيفية صفات الله فهذه مجهولة الكيفية لدينا معلومة المعنى، وأما النسبي فهو يختلف باختلاف العلماء، فقد يفهمه البعض ولا يفهمه البعض الآخر لكن قول إن في القرآن آيات لا تعلمها الأمة كلها هذا ليس بصحيح لم؟

لأن الله عز وجل  أمر بالتدبر، لكن قد تخفى على البعض دون البعض هذا في التشابه النسبي، أما المتشابه الحقيقي كإدراك كيفية أسماء الله أو صفاته، أو كإدراك حقيقة ما يكون في الآخرة من نعيم وعذاب ونحوهما، فهذا لا يعلمه إلا الله عز وجل .

ولما سمعت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الرحمن أنكروا ذلك فأنزل الله فيهم ﴿وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَـنِ﴾  [الرعد30].

وهذه الآية سبق الحديث عنها

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ