شرح كتاب التوحيد
( 46 )
[ باب التسمي بقاضي القضاة ونحوه ]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لفضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذا هو رابط هذا الدرس على القناة العلمية الصوتية للشيخ :
https://www.youtube.com/watch?v=mDscIkfxtZs&list=PLLqPd_eY0IBM6kO0TRJOVvrp3H7mmLbbz&index=47
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ أَخْنَعَ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأَمْلاَكِ» «لاَ مَالِكَ إِلاَّ اللَّهُ»
قَالَ سُفْيَانُ :مِثْلُ شَاهَانْ شَاهْ ، وفي رواية: «أَغْيَظُ رَجُلٍ عَلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَخْبَثُهُ»
قوله «أخنع» يعني: أوضع.
من الفوائد:
1 ـ أن ” شاهان شاه ” كلمة تطلقها الفرس ويريدون بها ملك الأملاك.
2 ـ معاملة الإنسان بنقيض قصده السيئ ، فإنه لما أراد أن يتسمى بهذا الاسم المفعم بالفخامة عاقبه الله عز جل بأن يكون وضيعاً حقيراً ، ولذا كلما كان العبد متواضعاً لله عز وجل كلما كان في رفعة، متى يكون متواضعا؟ إذا كان عابداً لله عز وجل ، ويختار من الأسماء التي تدل على خضوعه لربه.
ولذا قال صلى الله عليه وسلم: «أَحَبُّ الأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ» لم؟ لأنها تدل على العبودية لله عز وجل .
3 ـ أن بعض العلماء حرَّم إضافة الإسلام أو الدين في الأسماء ، كأن يقال «محيي الدين» أو «شيخ الإسلام» وقد كان النووي رحمه الله يكره أن يلقب بمحي الدين، وكذلك شيخ الإسلام رحمه الله يكره أن يقال له تقي الدين، ولكنه قال: إنه اسم سمانيه أهلي فذكرت به، وأما كلمة ” شيخ الإسلام ” فإنه ينظر إن كان المراد أنه جدَّد هذا الدين، ونفع الله عز وجل به في زمن من الأزمان فهذا جائز كما يطلق المسلمون هذه الكلمة على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وعلى مؤلف هذا الكتاب الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ، وأما إن كان المقصود أن الإسلام يرجع إلى هذا العالم فلا يجوز ، لم ؟ لأن أبا بكر وعمر أفضل منه ولم يلقبا بهذا الاسم.
4 ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر العلة في التحريم قال: «لاَ مَالِكَ إِلاَّ اللَّهُ».
5 ـ أن مثل هذا اللقب المفعم بالفخامة يقاس عليه غيره، ولذا قال سفيان: كـ [شاهان شاه]، وذلك أن يلقب إنسان بسيد السادات ، فلا يأتي بهذا اللفظ المترادف لأنه يشعر بالتعظيم.
6 ـ أن الله عز وجل مالك، كذلك هو ملك، وفي قوله تعالى:﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة4]، في قراءة ﴿مَلِكِ يَومِ الدِّينِ﴾ وجمع الله عز وجل بينهما لأنه جل وعلا ملك ومالك لأن البعض قد يكون مالكاً وليس بملك وقد يكون ملكاً وليس بمالك، وذلك أن الملك قد يكون مُدبِرا لمملكته وقد لا يكون، أما المالك فإنه قد يكون مدبراً ولا ملك له.
7 ـ أن رواية «أَغْيَظُ رَجُلٍ» فيها إثبات صفة الغيظ لله عز وجل وأن هذا الغيظ يتفاوت،ولذا قال:«أَغْيَظُ» وهي أفعل تفضيل، ولذا مر معنا في حديث الشفاعة «رَبِّي غَضِبَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَا يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ»
8 ـ أن رواية:«وَأَخْبَثُهُ» فيه دلالة على أنه يستخبث الشيء بما يليق بجلاله وعظمته وأن ذلك يتفاوت بورود أفعل التفضيل.
9 ـ أن الحكم المعلق بوصف يثبت بثبوته وينتفي بانتفائه، فلو قال قائل: أريد أن أتسمى بقاضي القضاة ولا أريد أن أفتخر؟ فنقول: هذا محرم وإن نويت زاد الإثم.
لو قال قائل: أريد أن أتسمى بهذا اللفظ ولست بملك ولا صاحب منصب فنقول: هذا محرم لم؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم عمم ولم يخص أحداً دون أحد، وإنما ذكر المَلِك لأن غالب الملوك يبحثون عن العظمة، فجاء النص لبيان الواقع أو للغالب.
10- أنه ذم الاسم هنا، فمن باب أولى صاحب الاسم.