شرح كتاب التوحيد ( 51 ) [ باب قول الله تعالى :﴿وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا… ﴾ [الأعراف 180]

شرح كتاب التوحيد ( 51 ) [ باب قول الله تعالى :﴿وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا… ﴾ [الأعراف 180]

مشاهدات: 469

شرح كتاب التوحيد

( 51 )

باب قول الله تعالى :

﴿وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ  فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف 180].

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لفضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وهذا هو رابط هذا الدرس على القناة العلمية الصوتية للشيخ :

 

https://www.youtube.com/watch?v=3rkX6EQRiwU&list=PLLqPd_eY0IBM6kO0TRJOVvrp3H7mmLbbz&index=52

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ذكر ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ﴾ أي: يشركون 

وعنه: «سموا اللات من الإله والعزى من العزيز »

وعن الأعمش: «يدخلون فيها ما ليس منها»

 من الفوائد:

1 ـ أن كتاب التوحيد لم يقتصر على توحيد الألوهية والربوبية، وإنما أدرج المؤلف رحمه الله أبوابا عن الأسماء والصفات كما في هذا الباب وكما سبق في باب من جحد شيئا من الأسماء والصفات.

2 ـ أن تقديم الجار والمجرور في قوله:﴿وَللهِ﴾على﴿الأَسْمَاء الْحُسْنَى﴾ يدل على الحصر وذلك أن الأسماء التي لله عز وجل  هي حسنى وأنه لا يشاركه أحد في هذه الأسماء التي بلغت الغاية في الحسن، ولذا مر معنا أن «الدَّهر» لا يصح أن يكون اسماً لله عز وجل  لأنه ليس بحسن.

3 ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال كما في الصحيحين: «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ»

ولذا النطق الصحيح السليم لهذا الحديث أن يقول: «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا» لا يقف عند قوله: «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا» ثم يستأنف ويقول: «مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ» لم؟  لأنه لو وقف لفهم أن أسماء الله محصورة في تسعة وتسعين، ونظير هذا قول شخص: عندي ألف أعددته للصدقة، لا يفهم منه أنه ليس له مال غيره إذاً نصل كلمة «أَحْصَاهَا» بكلمة «اسْمًا» فنخلص من هذا إلى أن هذه التسعة والتسعين إنما هي المذكورة في الكتاب والسنة وإلا فلله أسماء لا يحصيها إلا هو، ولذا جاء في الحديث الذي هو في دعاء تفريج الهم قال: «أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ»  فهناك أسماء استأثر الله بعلمها .

4 ـ أن معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «أحصاها» يعني حفظها وفهم معناها وعمل بمقتضاها، كيف يعمل بمقتضاها ؟ إذا أثبت لله عز وجل  اسماً كالسميع فإنه لا يتكلم إلا بكلام يرضي الله عز وجل   لأنه سميع، وعلى هذا فقس في جميع الأسماء، هذا إذا كان الاسم متعدياً ، أما إذا كان الاسم الذي لله عز وجل  ليس متعدياً فتثبته مع صفته مثل ” العظيم ” نأخذ منه صفة العظمة ، لكنه ليس بمتعدي ليس كالسميع فالسميع نأخذ منه صفة السمع والتعدي لأنه يسمع عز وجل .

5 ـ أنه يجب علينا أن نتعلم أسماء الله عز وجل  لم؟ لأنه قال:  ﴿فَادْعُوهُ بِهَا﴾ ومن لوازم دعاء الله عز وجل أن نعرفها وأن نتعلمها.

6 ـ أن الدعاء بها يكون دعاء مسألة ، ويكون الدعاء بها دعاءً مناسباً بحيث يختار الاسم المناسب للمقام فيقول: يا غفور اغفر لي، يا رحيم ارحمني، ولا يتناسب أن يقول: يا شديد العقاب ارحمني، وإنما يأتي باسم يتناسب مع المقام.

7 ـ أن الأمر قد يخرج عن معناه الأصلي، لأن «الأمر»  عند البلاغيين هو  [طلب حصول الشيء على وجه الاستعلاء] وهنا قال: ﴿وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ﴾ ذروا : أي اتركوا، فليس المراد منه المعنى الذي هو معنى الأمر وإنما المراد التهديد ففي هذه الكلمة تهديد كما قال تعالى: ﴿اِعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ﴾ [فصلت 40]  وكقوله تعالى : ﴿فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف29] من باب التهديد.

8 ـ أن الإلحاد في أسماء الله عز وجل   أنواع :

أولا: تسمية الله عز وجل بما لم يسم به نفسه وذلك كتسمية الفلاسفة له بأنه «علة فاعلة»  أو أنه «عقل مدبر».

ثانيا: أن يوصف عز وجل  بما لا يليق به كما قالت اليهود: ﴿يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ﴾[المائدة 64].

ثالثا: أن يكون الإلحاد نفيا لها، وذلك كالجهمية فإنهم ينفون الأسماء والصفات وهذا من الإلحاد فيها.

رابعا: تحريفها كما قالت الأشاعرة: «إن يد الله بمعنى النعمة».

خامسا: اشتقاق أسماء منها للأصنام ، كما ذكر هنا قال «سموا اللات من   الإله، والعزى من العزيز» وهذا صنيع الكفار.

9 ـ أن الإلحاد في اسم واحد من أسمائه يسري إلى جميع الأسماء، ولذا قال: ﴿وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ﴾ فـ «أسماء» أضيفت إلى المعرفة فتعم.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ