شرح كتاب التوحيد ( 55 ) [ باب لا يُردُّ من سأل بالله ]

شرح كتاب التوحيد ( 55 ) [ باب لا يُردُّ من سأل بالله ]

مشاهدات: 525

شرح كتاب التوحيد

( 55 )

[ باب لا يُردُّ من سأل بالله ]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لفضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وهذا هو رابط هذا الدرس على القناة العلمية الصوتية للشيخ :

 

https://www.youtube.com/watch?v=GLyJgRdOmlo&index=56&list=PLLqPd_eY0IBM6kO0TRJOVvrp3H7mmLbbz

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ وَمَنْ سَأَلَ بِاللَّهِ فَأَعْطُوهُ وَمَنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ وَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ».

رواه أبو داود والنسائي بسند صحيح

 من الفوائد:

1 ـ أنه يجب إعطاء من سأل بالله عز وجل   وإن لم يكن مستحقاً ، لم؟ تعظيماً لاسم الله عز وجل  الذي جرى على لسانه ، شريطة ألا يكون على المسؤول ضرر ن فإن كان هناك ضرر عليه فإن  الضرر لا يزال بضرر، كما هي القاعدة الشرعية.

2 ـ أنه يجب أن يحمى من استعاذ بالله عز وجل  «مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ» ما لم يستعذ من فعل محرم أو ترك واجب ، فإن أمر بالصلاة قال: أعوذ باللهعز وجل   منك، فإنه لا يقبل هذا الكلام ، أو أن عليه حداً فاستعاذ بالله عز وجل  فإنه لا يلتفت إلى هذا.

3 ـ أن السؤال بالله عز وجل  لا ينحصر على لفظ الجلالة ، قال : «وَمَنْ سَأَلَ بِاللَّهِ» فإنه لو قال: أسألك بالرحمن فإن الحكم باقٍ، ولذا في حديث الأبرص والأقرع والأعمى  «أَسْأَلُكَ بِالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ»

4 ـ أن من أضاف النعمة إلى الله بقلبه وبلسانه لا يمنع من أن يشكر المخلوق كما مر معنا، وقال هنا: «وَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ» .

5 ـ أن كلمة  «معروفاً» نكرة في سياق الشرط فتعم أي معروف قدم إليك فلتكافئ صاحبه على هذا المعروف ولذا جاء حديث قال عنه المنذري والألباني:لا بأس به، قال:  «مَنْ لَمْ يَشْكُرْ الْقَلِيلَ لَمْ يَشْكُرْ الْكَثِيرَ»

6 ـ أن من لم يتمكن من أن يكافئ صاحب المعروف فليدع له ، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:  «أعجز الناس من عجز عن الدعاء» وأفضل ما يدعى به أن يقول:«جزاك الله خيرا»

 قال صلى الله عليه وسلم:«من صنع إليه معروف فقال لفاعله جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء»

7 ـ أن الدعاء لهذا المحسن يكون بقدر إحسانه ، وكيف تعرف هذا القدر؟ إما أن تعرفه باليقين ، وذلك إذا نطقنا كلمة  «تروا» بالفتح، «حتى تَروا» أي حتى تعلموا ، أو بغلبة الظن إذا ضممنا التاء «حتى تُروا» يعني حتى تظنوا.

8 ـ أن جملة «فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ» تصدق حتى على الفقير الذي لا يملك شيئا، وتصدق على الغني، لكن لو قال قائل: كيف يُكافَأ الملك، فلو كافأته هل هو مناسب؟

فالجواب: أنها تصدق عليه بإعطائه شيئا نادراً جداً ، أو يكون بالدعاء له.

9 ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم من أحرص الناس على تطبيق ما يقوله ، ففعله يوافق قوله ، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم  دخل على امرأة عقد عليها فدخل بها فقالت: «قَالَتْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ فَقَالَ لَهَا لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ الْحَقِي بِأَهْلِكِ» فهي قالت هذه الكلمة باجتهاد منها «لكن ليس كل مجتهد بمصيب» فحرمت خيراً عظيماً ؛ ولذا كان صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري  «يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا»

10ـ أن سؤال المخلوقين يختلف بحكم المسئول عنه، فإن سألهم مالاً وهو غير محتاج فإنه حرام لقول النبي صلى الله عليه وسلم عند مسلم «مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ»

اللهم إلا إن سأل ولي الأمر ، فهذا فيه خلاف بين أهل العلم، فمنهم من جوَّز ومنهم من منع، والأقرب الجواز مع أن الأولى ترك ذلك، لأنه إنما يسأل الملك من بيت مال المسلمين الذي له فيه حق، قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في السنن «الْمَسْأَلَةُ كَدٌّ يَكُدُّ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ إِلاَّ أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ سُلْطَاناً أَوْ فِى أَمْرٍ لاَ بُدَّ مِنْهُ»

وأما إن سأل المخلوقين غير المال فهو مكروه، لأن على المسلم أن يعلِّق رجاءه وسؤاله بربه، ولذا عاهد النبي صلى الله عليه وسلم  بعض الصحابة من بينهم ثوبان رضي الله عنه ألا يسألوا الناس شيئا، فكان أحدهم يقع سوطه على الأرض وهو على دابته فلا يسأل أحدا أن يناوله إياه.

فخلاصة القول أن الأليق بالمسلم ألا يسأل الناس شيئا فمن باب أولى ألا يسألهم بالله.

11 ـ أن قوله  صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ» يشمل حتى الكافر، فلو أن الكافر دعا مسلماً فيجيبه لأن النبي صلى الله عليه وسلم  «لما دعته اليهود أجاب دعوتهم»

لكن يلحظ في هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أجاب دعوتهم ما أجابهم إلا لمصلحة، فإذا رأيت المصلحة تقتضي ذلك فلتذهب ، وإلا فالأصل أن المسلم يبتعد عن مجالسة ومؤاكلة الكفار، لأن إجابة الدعوة من حقوق المسلم على المسلم كما جاء في حديث «وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ» 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ