شرح كتاب التوحيد ( 66 ) [ باب ما جاء في حماية النبي صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد وسدِه طرقَ الشرك ]

شرح كتاب التوحيد ( 66 ) [ باب ما جاء في حماية النبي صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد وسدِه طرقَ الشرك ]

مشاهدات: 472

 

شرح كتاب التوحيد 

( 66 )

[ باب ما جاء في حماية النبي صلى الله عليه وسلم

حمى التوحيد وسدِه طرقَ الشرك ]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لفضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهذا هو رابط هذا الدرس على القناة العلمية الصوتية للشيخ :

 

https://www.youtube.com/watch?v=otjCZQTkmO8&list=PLLqPd_eY0IBM6kO0TRJOVvrp3H7mmLbbz&index=67

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 من الفوائد تحت هذا العنوان :

1 ـ أن المؤلف رحمه الله لما أوشك على أن ينهي الكتاب أراد أن يعيد حرص النبي صلى الله عليه وسلم  على التوحيد وذلك لأنه رحمه الله قد ذكر بابا بين فيه حرص النبي صلى الله عليه وسلم  على التوحيد ثم لما مرت أبواب تلو أبواب على ذلك الباب فلربما نسي ذلك الباب أتى المؤلف رحمه الله وعقد هذا الباب تأكيدا لأهميته وذلك لأن المطلع على هذه الأبواب قد يعرف فضل التوحيد ويحقق التوحيد ويجتنب نواقض التوحيد ثم يظن أنه قد لا يشوب توحيده شائبة فأحب رحمه الله والله أعلم أن يؤكد على المطلع على هذه الأبواب أن يتعاهد توحيده ولذا كانت مقولته في كشف الشبهات «إن قول البعض»  إن التوحيد قد فهمناه أن هذا من الجهل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه  قال:

انْطَلَقْتُ فِى وَفْدِ بَنِى عَامِرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا أَنْتَ سَيِّدُنَا. فَقَالَ « السَّيِّدُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى » قُلْنَا وَأَفْضَلُنَا فَضْلاً وَأَعْظَمُنَا طَوْلاً،  فَقَالَ « قُولُوا بِقَوْلِكُمْ أَوْ بَعْضِ قَوْلِكُمْ وَلاَ يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ»

 رواه أبو داود بسند جيد

 من الفوائد:

1 ـ أن هذا الوفد ذكر هذه الصفات وهي موجودة في النبي صلى الله عليه وسلم  لكنه صلى الله عليه وسلم خشي أن يفضي بهم هذا الأمر إلى الغلو ، فلربما رفعوه فوق منزلته  صلى الله عليه وسلم  لاسيما أنهم قدموا في آخر حياته.

2 ـ أن قولهم: «وَأَعْظَمُنَا طَوْلاً» أي غنى ، ولا شك أنه  صلى الله عليه وسلم  وإن لم يكن غنياً في المال لكنه غني القلب  صلى الله عليه وسلم.

3 ـ  أن السيادة المطلقة لله ، ولذا أتى بقوله «السيد الله» فحلاها بالألف واللام ، لأن الألف واللام مستغرقة لعموم السيادة.

4 ـ أن الرجل لو قال لآخر «يا سيدي» فإنه جائز، لما مر معنا في باب ” لا يقل أحدكم عبدي وأمتي”  ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأنصار لما أتى سعد بن معاذ رضي الله عنه قال:«قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ» ، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ» فيجوز هذا بشرط أن يطلق هذا اللفظ على من هو أهل له ولم يخش عليه من العجب، أما إن قاله لمن لا سيادة عليه فإنه منهي عنه، لأنه كذب فليس هو له بسيد وكذلك لو كان هذا المقول له منافقا فإنه لا يجوز حتى ولو كان له سيادة عليه، ولذا قال  صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّداً فَإِنَّهُ إِنْ يَكُ سَيِّدًا فَقَدْ أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ عز وجل » أما السيادة المطلقة فكما سبق فهي لله.

5 ـ أن كلمة  «تبارك» لا تطلق إلا على الله عز وجل  كما قال العلماء، أما قول البعض حصلت لنا البركة بحضورك يا فلان فقد مر معنا في “باب من تبرك بحجر أو شجر” وذكرنا قول أسيد بن حضير رضي الله عنه: «مَا هِي  بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِى بَكْرٍ»

6 ـ أن على المسلم أن يسد جميع الأبواب التي يدخل منها الشيطان كما فعل صلى الله عليه وسلم إذ قال:  «وَلاَ يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ»، ولذا قال «إِذَا رَأَيْتُمُ الْمَدَّاحِينَ فَاحْثُوا فِى وُجُوهِهِمُ التُّرَابَ» وهذا الحديث قيل هو على ظاهره كما فعل الصحابي وقيل: معنى  «فَاحْثُوا فِى وُجُوهِهِمُ التُّرَابَ» أي أنهم أرادوا بهذا المدح أن تملأ أكفهم بالمال فاملئوها بالتراب.

ولكن الأظهر أن الحديث على ظاهره

ولذا قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: «وَيْحَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ ». مِرَارًا « إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ مَادِحًا صَاحِبَهُ لاَ مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ أَحْسِبُ فُلاَنًا وَاللَّهُ حَسِيبُهُ وَلاَ أُزَكِّى عَلَى اللَّهِ أَحَدًا»

ولو قال قائل: إن النبي صلى الله عليه وسلم  مدح بعض صحابته كما مدح أبا بكر رضي الله عنه إذ قال: «إِنَّكَ لَسْتَ تَصْنَعُ ذَلِكَ خُيَلَاءَ»

وقال في عمر رضي الله عنه : «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلاَّ سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ»

والجمع بينهما كما قال النووي رحمه الله : أن هذا يحمل على من لم يخش عليه من الغرور ، بل إن الثناء يزيده طاعة وشكرا لله عز وجل .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وعن أنس رضي الله عنه  أن ناسا قالوا:

«يَا رسولَ اللهِ يَا خَيْرَنَا وَابْنَ خَيْرِنَا وَسَيِّدَنَا وَابْنَ سَيِّدِنَا فَقَالَ: يَا أيُّهَا النَّاسُ قُولُوا بِقَوْلِكُمْ وَلَا يَسْتَهْوِيَنكُمُ الشَّيْطَانُ أَنَا مُحَمَّدٌ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ مَا أُحِبُّ أَنْ تَرْفَعُونِي فَوْقَ مَنْزِلَتِي الَّتِي أَنْزَلَنِي اللَّهُ عز وجل » رواه النسائي بسند جيد

 من الفوائد:

1 ـ أن قولهم: «وَابْنَ خَيْرِنَا وَسَيِّدَنَا وَابْنَ سَيِّدِنَا» إن كان قصدهم من حيث النسب فنعم فإنه من خير الأنساب، أما إن كان من حيث الدين فلا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم  كما عند مسلم «أخبر أن أباه في النار» ومن هو في النار لا خير فيه ولا سيادة له.

2 ـ أن كلمة «رسوله» رداً على من انتقص حقه صلى الله عليه وسلم إذ إن البعض في هذا العصر قال: إنه رجل شهواني يحب النساء، وهذا الكلام كفر صريح، ثم إن المتأمل لهذا الفعل منه  صلى الله عليه وسلم  في التزوج من أكثر من أربع، لأنه يحب أن يرفع الحزن عن الآخرين، ولذا من تأمل زواجه بنسائه يجد أن له مغزى إما امرأة مات زوجها، أو ارتد زوجها، أو لمحبته أن يدخل عليه خواص أصحابه كأبي بكر رضي الله عنه كما تزوج عائشة رضي الله عنها ، ولو كان رجلاً شهوانياً لما كان نساؤه كلهن ثيبات ماعدا عائشة رضي الله عنها ، ولو كان رجلا شهوانيا لما أخذ خديجة رضي الله عنها وهي فوق سن الأربعين وهو ابن خمس وعشرين سنة في زهرة الشباب.

3 ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغ في مراتب العبودية مبلغها، ولذا لما بلغ هذه المرتبة قام بشكر الله عز وجل  ومن شكره أنه إذا وصفه العبد بصفات لا تليق أنكر على الواصف لم؟ لأن في إنكاره تعظيماً لله عز وجل  ولذا قال صلى الله عليه وسلم: «مَا أُحِبُّ أَنْ تَرْفَعُونِي فَوْقَ مَنْزِلَتِي الَّتِي أَنْزَلَنِي اللَّهُ عز وجل » ومن ثمَّ نعلم خطأ وضلال من يستغيث به ويدعوه من دون الله عز وجل .

4 ـ أن الله عز وجل  أنزل النبي صلى الله عليه وسلم مرتبة وهي مرتبة العبودية ، فلا يجوز لأحد أن يرفعه فوق ذلك

ولذا وصفه بالعبودية صلى الله عليه وسلم في أعلى المقامات فقال في مقام الإسراء: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾  [الإسراء 1]، وقال في مقام المعراج: ﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى﴾ [النجم10]،  وقال في مقام الدفاع عنه: ﴿وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا﴾ [البقرة23]، وقال في مقام التنزيل: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا﴾ [الكهف1]، وقال في مقام الدعوة: ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ﴾ [الجن19].

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ