مختصر فقه العبادات
[ 28 ]
( كتاب الصلاة )
باب صلاة الكسوف
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
مسألة :
لا يؤذن لها وإنما يقال الصلاة جامعة بقدر ما يحصل به المقصود .
الشرح:
سبق معنا أن الآذان لا يكون إلا للصلوات الخمس . فالآذان لغير الصلوات الخمس من البدع .
فصلاة الكسوف لا يؤذن لها بل ينادى كما ثبت في الخبر “الصلاة جامعة” ولم أجد دليلاً على أن هناك عدداً معيناً تقال به هذه الكلمة . بل تقال بقدر ما يحصل المقصود وهو إسماع الناس .
مسألة :
السنة أن يبادر بالصلاة متى ما حصل الكسوف .
الشرح:
لفعله عليه الصلاة والسلام حتى خرج من غير رداء حتى اُتبع بردائه يجره وكأن الساعة قد قامت . وكان بعض الصحابة يلهو بسهمه فلما سمع ” الصلاة جامعة “رمى بسهمه وهرع إلى الصلاة )
مسألة:
لم يحصل الكسوف للشمس في عهده عليه الصلاة والسلام إلا مرة واحدة . فيكون ما ذكر من الصفات شاذة.
الشرح:
صفة صلاة الكسوف وردت على صفات متعددة والصحيح أن الصحيح منها صفة واحدة وهو ما جاء في الصحيحين ، فكل ما ورد مما يخالف الصفة التي سنذكرها فهي شاذة ، وذلك لأن الكسوف لم يحصل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلا مرة واحدة . فكيف تتعدد هذه الصفات .
مسالة:
ما يذكر في الصحف من تحديد بداية ونهاية الكسوف يخضع لعملية حسابية لا علاقة لها بالغيب .
الشرح:
لا علاقة لها بالغيب ولا بالكهانة لأنها تخضع لعملية حسابية وقد ذكر ذلك شيخ الإسلام رحمه الله “كيف يحصل الكسوف وكيف يحصل الخسوف حتى قال لا يمكن أن يحصل الكسوف للشمس إلا في أواخر الشهر . وذلك لأن القمر في أواخر الشهر يكون قريباً من الشمس وبين الأرض . وقال ان خسوف القمر لا يمكن أن يحصل إلا في ليالي الإبدار لأن القمر يكون في هذه الليالي بعيدا عن الشمس فتحول الأرض بينهما .
مسألة:
الحكمة كما في الحديث تخويف العباد.
الشرح:
قال عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين ” إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده ” ولذا لو تركت الصحف الإخبار عنها فهو احسن . لكن كما قال بعض العلماء ” من كان يخاف اليوم الآخر ويخش الله عز وجل فإنه لو اخبر في وقته فإن الخوف حاصل له .
مسألة :
الصحيح أنها فرض كفاية وتصلى في السفر وتصح فرادى .
والأفضل في المساجد وُيجهر بالقراءة ليلاً أو نهاراً على الصحيح ويصلي ركعتين بأربعة ركوعات ويقرأ بعد الركوع الثاني الفاتحة وسوره طويلة بعد التحميد .
الشرح:
الصحيح أنها فرض كفاية خلافاً لمن قال إنها سنة .
لما جاء في الصحيحين قال عليه الصلاة والسلام
( إذا رأيتم ذلك فازعوا إلى الصلاة )
وهذا هو رأي ابن لقيم رحمه الله ، ولو حصل في السفر فتصلى في السفر ، وتصح ولو فرادا. فلو صلاها الإنسان لوحده فلا بأس ولكن الأفضل أن تؤدي جماعة في المساجد كما فعل عليه الصلاة السلام وهل يجهر بالقراءة حتى ولو كان في النهار؟
نعم يجهر . وما ورد من أحاديث انه أسر فهي أحاديث ضعيفة وما ورد منها ما هو صحيح فإنه مؤول،والصحيح الثابت عند مسلم انه عليه الصلاة والسلام جهر بالقراءة وكان الحاصل في عهده هو كسوف الشمس
وتصلى ركعتين وصفتها كالتالي:
يقول:
ــ الله اكبر فيستفتح ويستعيذ بالله ويبسمل ويقرأ الفاتحة ويقرأ بعدها سورة طويلة ولم تحدد ولكن من روى الأحاديث يقول قام عليه الصلاة والسلام فقرأ سورة بقدر سورة البقرة
ــ ثم يركع ويكون ركوعه طويلاً بقدر القيام ثم يرفع قائلاً سمع الله لمن حمده . ربنا ولك الحمد.
ــــ ثم يستعيذ بالله ثم يبسمل ثم يقرأ الفاتحة ثم يقرأ سورة طويلة دون السورة الأولى ثم ركع ركوعاَ طويلاً ثم يقول سمع الله لمن حمده. ربنا ولك الحمد .
والسنة أن يطيل في هذا خلافاً لمن قال لا يطيل لورود ذلك عند مسلم
ثم يسجد فيطيل في السجود ثم يجلس بين السجدتين
والصحيح أنه يطيل الجلوس بين السجدتين كما ورد. ثم يسجد ثم يقوم فيفعل في الركعة الثانية مثلما فعل في الركعة الأولى .
وهذا هو الوارد عن النبي عليه الصلاة والسلام .
أما ما ورد ثلاثة ركعات أو أربع أو ست . فهذه وإن كانت عند مسلم لكن حكم العلماء المحققون بأنها شاذة وذلك لأنه لم يحصل الكسوف في عصر النبي صلى الله عليه وسلم إلا مرة واحدة .
مسالة:
إن لم يتجل فيدعو ويتصدق ويكبر ويستغفر ويذكر الله ويعتق.
الشرح:
النبي عليه الصلاة والسلام صلى صلاة طويلة فلم ينصرف حتى يتجلى الكسوف . ولكن إن لم يحصل بأن فرغ من الصلاة قبل أن يزول الكسوف أو الخسوف فهنا يدعو الله عز وجل ويستغفره ويكبر ويذكر الله وهذا وارد وكذلك أمر عليه الصلاة والسلام كما عند البخاري بالعتاقة بأن يعتق الإماء والعبيد .
مسألة:
لو صلى الكسوف مثل النافلة صحت.
الشرح:
لو صلى صلاة الكسوف كصلاة النافلة صحت لأن الركوع الثاني سنة ولذا من أدرك الركوع الثاني من الركعة فهو لم يدرك الركعة على القول الصحيح. فإن الإدراك للركعة إنما يكون بإدراك الركوع الأول لأن الركوع الأول ركن أما الركوع الثاني فهو سنة .
مسألة :
الصحيح إذا اقتضت الحاجة إلى إن يخطب خطب.
الشرح :
النبي صلى الله عليه وسلم حصل الكسوف في عصره مرة واحدة فخطب بعدها فقال بعض العلماء إنها سنة ولو لم تكن هناك حاجة ،وقال بعض العلماء ليست بسنة إلا إذا وجدت حاجة فالنبي صلى الله عليه وسلم خطب خطبته بعد الصلاة لما قيل إن الكسوف حصل لما مات ابنه إبراهيم عليه السلام
وكلا القولين قويان لكن الذي يظهر أن الخطبة إذا كان هناك دواعي لها فليخطب ، فالأمر فيه سعه.
وهي خطبة واحدة ليست خطبتين.
مسألة :
إن لم يعلم بالكسوف إلا بعد غروبها فلا تقضى وكذا قبل الغروب .
الشرح :
إذا علم أن هناك كسوفاً قد حصل فلا تقضى لأن صلاة الكسوف شرعت لسبب وهذا السبب قد زال وانتهى لكن إن علم به قبل الغروب أو قبل شروق الشمس علم بخسوف القمر فهنا لو صلى لا فائدة من الصلاة لأن الوقت يسير . لكن إن كان هناك وقت للصلاة فليصلي لعموم قوله عليه الصلاة والسلام
( إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة )
لكن إن كان الوقت يسير لا يمكن فيه الصلاة فإنه لا يصلي.
مسألة:
الصحيح أنه يصلي لكل آية تخويف.
الشرح :
قال عليه الصلاة والسلام عن خسوف القمر وكسوف الشمس
( إنهما آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده ) . فلو حصل شئ غير الكسوف مثل الزلازل ثبت ذلك عن ابن عباس وحذيفة أنهما صليا لما حصلت الزلزلة في البصرة
ولذا قال بعض العلماء : لا يصلي إلا لخسوف أو للكسوف وبعضهم قال يصلي للكسوف والخسوف والزلزلة وبعضهم قال وهو رأي شيخ الإسلام رحمه الله يصلي لكل آية مخوف زلازل أو براكين أو فيضانات أو أعاصير.
والمراد من ذلك:
الآية المخوفة تخويفاً واضحاً ظاهراً فإنه يصلي من أجلها للعلة السابقة المذكورة في الخسوف
( يخوف الله بهما عباده )
وإن صلاها بثلاث ركعات فلا بأس وإن صلاها كالنافلة لا بأس.
مسألة :
تقدم على الجمعة إن آمن فواتها إلا إن شرع في الخطبة وتقدم على المفروضة إن آمن فواتها وتقدم على التراويح وعلى الوتر مطلقاً.
الشرح :
قد يحصل كسوف في يوم الجمعة فأيهما يقدم؟
تقدم صلاة الكسوف لأنها مقرونة بسبب لكن بشرط إذا آمنا فوات وقت صلاة الجمعة .
فإذا كنا سنصلي الكسوف وسيترتب على ذلك أن يفوت وقت صلاة الجمعة فلتقدم صلاة الجمعة
وكذلك لو كان الوقت طويلاً لكن شرعنا في الخطبة فلما شرعنا في الخطبة شرعنا في الصلاة فلا تقدم صلاة الكسوف مع خروج وقت أداء المفروضة، لكن إن خشينا أن يفوت وقت المفروضة فلتقدم المفروضة.
وتقدم على التراويح مطلقاً وتقدم على الوتر مطلقاً.