مختصر فقه العبادات
[ 54 ]
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
( كتاب الجهاد )
[ 1 ]
(أنواع الجهاد وشروطه )
( الجهاد لا يتم إلا بمجاهدة النفس ، وهناك جهاد باللسان وهو العلم الشرعي وحكمه فرض كفاية ، ولا يجب إلا إذا داهم العدو بلاد المسلمين أو استنفر الإمام أو التقى الصفان )
الشرح :
الجهاد هو آخر كتاب في فقه العبادات:
يذكره فقهاء الحنابلة رحمهم الله ،
ولا يتم إلا بمجاهدة النفس ،فالنبي عليه الصلاة والسلام قال ( المجاهد من جاهد نفسه )
ولا يمكن أن يتم جهاد في ساحة القتال إلا إذا جاهد الإنسان نفسه عن المعاصي والذنوب، فإن المنحرفين عن شرع الله عز وجل لن يقدموا أنفسهم ولا أموالهم لله عز وجل وذلك لضعف الإيمان .
وهناك جهاد باللسان وهو جهاد المنافقين بالعلم الشرعي ، ولذا قال عليه الصلاة والسلام :
( جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم )
والجهاد في الأصل فرض كفاية إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين ،
ولا يجب إلا في حالات أربع :
الحالة الأولى :
إذا داهم العدو بلاد المسلمين فلابد أن يخلص هذا البلد من هذا العدو ، وهنا يكون الجهاد واجبا عينيا على كل شخص بعينه ، وكما قال شيخ الإسلام رحمه الله ” فعلى القريب أن يدافع عن بلاد المسلمين ثم الذي يليه ثم الذي يليه “
الحالة الثانية :
إذا استنفر الإمام الناس ، قال عليه الصلاة والسلام”
( وإذا استنفرتم فانفروا )
الحالة الثالثة
: إذا استنفر الإمام شخصا بعينه ، لأن هذا الشخص قد يكون له خبرة في تشغيل سلاح معين فيجب على هذا الشخص أن ينفر .
الحالة الرابعة :
إذا التقى الصفان ،
قال تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ }الأنفال15 .
مسألة :
( لا يجاهد تطوعا إلا بأذن أبويه المسلمين )
الشرح :
لقوله عليه الصلاة والسلام ( ففيهما فجاهد ) وطاعة الوالدين واجبة وجوبا عينيا وأما الجهاد في الأصل أنه فرض كفاية ، فلا يقدم الفرض الكفائي على الواجب العيني إذا كانا أبواه مسلمين .
مسألة :
( جهاد الدفع لا يشترط فيه أي شرط ، وأما جهاد الطلب فلابد فيه من شروط وهي :
أولا : الإسلام .
ثانيا : الحرية .
ثالثا : البلوغ .
رابعا : العقل .
خامسا : الذكورية .
سادسا : القدرة بنفسه أو ماله بحيث يبقي مالا يكفي أهله حتى يعود )
الشرح :
الجهاد نوعان ، :
جهاد دفع وجهاد طلب ،
وجهاد الطلب :
فرض كفاية ،
أما جهاد الدفع:
فهو واجب عيني ولا يشترط فيه أي شرط ، وذلك إذا هاجم العدو بلاد المسلمين ، فإنه بمنزلة الصائل الذي يجب أن يدفع ، فيجب على النساء ويجب على الصبيان أن يهرعوا لمقاتلة هذا العدو ، وإذا كان المسلمون في حالة ضعف فإن الواجب على ولي أمر المسلمين أن يتحاور مع العدو ليكفه حتى تسلم دماء المسلمين ، لكن إن كان هذا العدو قد قدم ولا محيص من ذلك فلا يجوز الفرار ، وهنا لا يستأذن دائن ولا أب ولا أم ، وإنما على الجميع واجب الدفاع .
أما جهاد الطلب :
وهو أن يذهب المسلمون إلى العدو ، فهذا لابد فيه من شروط :
أولا : الإسلام ، لأن الكافر لا يمكن أن يجهاد .
ثانيا : الحرية ، فالعبد لا يلزمه .
ثالثا : البلوغ ، يخرج الصغير .
رابعا : العقل ، يخرج المجنون .
خامسا : الذكورية ، يخرج النساء .
سادسا : القدرة بنفسه أو ماله ، يخرج العاجز بنفسه أو العاجز بماله
، فإذا توفرت هذه الشروط فيكون الجهاد في حقه فرض كفاية ، بشرط أن يبقي مالا يكفي أهله ومن يعول حتى يعود ، وذلك لأن النفقة على الأهل والأولاد واجب عيني وجهاد الطلب فرض كفاية
ولا تقدم الفروض الكفائية على الفروض العينية .