مختصر فقه المعاملات
[ 1 ]
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
( كتاب البيوع )
( 1 )
( تعريف البيع وصيغته )
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحابته وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين أما بعد :
فالأحاديث الواردة في المعاملات قليلة
بالنسبة لما ورد في فقه العبادات ، ولذا فإن هذه الأدلة التي جاءت في تحريم بعض المعاملات مبنية على أمور ، فما من معاملة في الغالب إلا وتكون مبنية إما على أن التحريم فيها من أجل أنها ربا ، أو أنها وسيلة إلى الربا ، أو أنها غرر يعني جهالة ، أو أنها تفضي إلى النزاع والشقاق بين المتعاقدين .
مسألة :
تعريفه :
هو مبادلة مالٍ بمال ـ ولو في الذمة ـ أو منفعة مباحة لمثل أحدهما على التأبيد غير ربا وقرض .
الشرح :
هذا هو تعريف البيع :
[ مبادلة مال بمال ]
ولذا لو أن شخصين أُعطيا جائزتين في المسجد فأحب أحدهما أن يأخذ جائزة الآخر ، فإن هذا يعد بيعاً
، فالمبادلة هي بيع ، ولذا إن وقعت في المسجد فهي حرام لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا لا أربح الله تجارتك ) وإن كانت خارج المسجد فإنها تجوز ، ويترتب عليها ما يترتب على البيع .
إذاً :
البيع [ مبادلة مال بمال ] .
[ولو في الذمة ]:
أي لو كان ديناً ، أي لم يكن هذا الشيء حاضراً ، ولذا لو اشتريت من شخص سلعةً غير حاضرةً في مجلس العقد كأن يقول : تشتري مني سيارتي الفلانية التي أوصافها كذا وكذا فهذا يعد بيعاً
[ أو منفعة مباحة ] :
وذلك بأن يحتاج الإنسان أن يمر مع بيت جارٍ له ، فيتعاقد معه على أن يمر مع هذا الطريق بثمن معين فيكون هذا المرور بيعاً ، فيملك هذا الرجل أحقية المرور ، لكن لا يملك أحقية التصرف فيه
[ بمثل أحدهما على التأبيد ] :
هذا يُخرج الإجارة ، فالإجارة مبادلة مالٍ بمال ، والمقصود من المال كل ما يُتمول ، وليس معنى ذلك أن يكون المال مربوط بالأوراق النقدية لا ! ، لو أعطيتك هذا الجهاز مبادلة وتعطيني جهاز آخر فهذا يعد مالاً ، فكل ما يُتمول بين الناس يعد مالاً ، فالإجارة مالاً ، لكنها ليست على التأبيد ، وإنما كما سيأتي معنا يجب أن تكون الإجارة مبينة ومشروطاً فيها تبيين المدة
[ غير ربا وقرض ]:
الربا فيه مبادلة ، مبادلة مالٍ بمال محرم ، لو اشتريت كيلو من الذهب بكيلوين هذه مبادلة مال بمال لكنها محرمة
،[ غير ربا وقرض ]
القرض فيها مبادلة ، ولكنه إحسان وأجر ونفع ،
ولذا لو أقرضت إنسان ألف ريال فهو سيعيده بعد مدة ألف ريال ، فهنا مبادلة مال بمال ، ولكنه جائز ، ولذا كما سيأتي معنا لو أن هذا القرض أُريد منه المعاوضة والفائدة فإنه يُعد ربا ،
لو أقرضت شخصاً ألف ريال على أن يعطيك هذا الألف ويعطيك سيارته لتنتفع بها هنا خرج عن مقصوده وهو الإرفاق والإحسان إلى المعاوضة أي إلى البيع فيعد ربا .
مسألة :
البيع ينعقد:
بالإيجاب وهو : [ اللفظ الصادر من البائع ] ،
وبالقبول وهو : [ اللفظ الصادر من المشتري ] .
الشرح :
الإيجاب والقبول هذا سيأتي معنا في عدة معاملات ، فالإيجاب هو :
اللفظ الصادر من البائع ،
والقبول هو :
اللفظ الصادر من المشتري ، فينعقد بالإيجاب والقبول ، لو قلت أبيعك ساعتي ،
فقال : اشتريت ،
لو قال أبيعك ساعتي بمائة ريال ،
فقال : اشتريت ،
هنا ينعقد البيع لأن البعض يظن أن البيع ينعقد بالكتابة وهذا خطأ ، ولذا بعض الناس قد يبيع بيتاً له في مكتب العقار ، ثم يشتري أخوه منه بيته ، ثم يخرجان على هذا الأمر ، ثم بعد ذلك إذا بأحدهما يتراجع
فلا يحق له أن يقول أتراجع ،
لِمَ؟
يقول أني لم أكتب شيء فهذا ليس بصحيح ، فالبيع ينعقد بالإيجاب والقبول ، متى ما صدر الإيجاب من البائع والقبول من المشتري فإن البيع يتم .
مسألة :
يُشترط أن يكون القبول عُقيب الإيجاب إلا إذا توفرت ثلاثة شروط فيجوز التراخي :
أولاً :
[ أن يكونا في نفس المجلس ] .
ثانياً :
[ أن لا يتشاغلا فيما يقطعه ] .
ثالثاً :
[ أن يُطابق القبول الإيجاب ] .
الشرح :
لا بد أن يكون القبول من المشتري بعد الإيجاب فلو كان هناك فصل طويل فإنه لا يتم بيع ، ولذا لو أنه قال بعتك سيارتي بعشرة آلاف ريال ثم بعد ساعة أو ساعتين قال : اشتريت . لا يتم البيع ، فلا بد أن يكون القبول عُقيب الإيجاب ،
إلا بثلاثة شروط فيجوز أو يصح أن يكون القبول متأخراً وذلك :
[ أن يكونا في نفس المجلس ]
لم يتفرقا بعد .
[ وأن لا يتشاغلا فيما يقطعه ]
وذلك كأن يتحدثا في قضية أخرى فيخرجان عن قضية البيع
[ وأن يكون القبول مطابق للإيجاب ]
بمعنى أنه إذا قال بيعتك سيارتي بعشرة آلاف ريال التي لونها أبيض ، فيقول اشتريت منك سيارتك بعشرة آلاف التي لونها أسود ، فهنا لم يطابق القبول الإيجاب ، فإذاً لا بد أن يكون عُقيب الإيجاب لكن هل يصح إذا تأخر ؟
يصح بثلاثة شروط :
أولاً
: أن يكونا في مجلس العقد .
ثانياً :
أن لا يتشاغلا بحديث آخر.
ثالثاً :
أن يكون القبول مطابق للإيجاب .
مسألة :
ننعقد البيع بصيغه الفعلية المسماه بالمعاطاة
الشرح :
الإيجاب والقبول هذه صيغة قولية ، تقول : بعتك ، ويقول : اشتريت ، أما هنا ينعقد البيع بصورة المعاطاة ، وهي الفعلية إذا جرى العرف بذلك ،
مثل : أن يأتي أحدنا إلى الخباز ولم يتحدث فيعطيه ريالاً ، ويأخذ أربع خبزات ،
فهذا بيع مع أن أحدهما لم يتحدث بشيء ، أو يتحدث أحدهما كأن تأتي إلى الصيدلي وتقول مثلاً أريد علاجاً فيقول : قيمته كذا ، فتعطيه المبلغ دون أن تتلفظ ، فهذه هي المعاطاة .