( فقه المعاملات )
( 12 )
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
( كتاب البيوع )
( 12 )
(باب السلم )
مسألة : شروط السلم :
أولاً :
( إمكانية ضبطه بالصفة ] :
الشرح :
يقول : أريد سلعة صفتها كذا وكذا و كذا ، بحيث استوفى الصفات ، أما إذا كانت سلعة لا يمكن أن نستوفي فيها الصفات ، ويؤدي الأمر في نهايته إلى النزاع والشقاق ، فهذا لا يجوز ، لابد أن تكون السلعة منضبطة ، أما لو قال مثلاً : السلعة بعض الأواني ، هذا لا يجوز ، لأن بعض الأواني لا تُضبط بالصفة ، فإذا أتى بها في موعدها حصل نزاع وشقاق بين المتبايعين
ثانياً :
[ أن يكون المبيع الذمة ] :
الشرح :
أن يكون المبيع في الذمة ليس بحاضر ، يقول أبيعك ثماراً من النخل قدره (كذا ) من الأصواع نوعه
( كذا ) ، في الوقت ( كذا ) ، وهذا هو ( المبلغ ) فيكون الثمن حالاً ، والسلعة في الذمة مؤجلة .
ثالثاً :
[ أن يكون التسليم في أجلٍ معلوم بقدر معلوم ، ويقبض الثمن قبل التفرق ]
الشرح : إذاً لابد أن يكون الأجل محدداً في تاريخ التسليم ، متى يكون تاريخ التسليم ؟ و ما هو القدر ؟ كم صاع ؟ كم كيلو ؟ وأن يكون الثمن مقبوضاً في الحال ، وإلا أصبح بيع ( دين ) بـ( دين ) لو لم يقبض الثمن في الحال أصبح الثمن مؤجلاً ، والسلعة مؤجلة ، فأصبح هذا البيع بيع ( دين ) بـ( دين ) فهذا يحرم ، النبي عليه الصلاة والسلام أتى المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين ، قال النبي عليه الصلاة والسلام ( من أسلف في شيء فليُسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم ) .
رابعاً :
[ أن يوجد المُسلَم فيه غالباً في وقت حلول الأجل ، وعلى هذا لو أتى بها قبل الأجل أو أجود منها يلزم المشتري بقبضها ما
لم يتضرر ] .
الشرح :
المسلم فيه ـ أي السلعة المؤجلة ـ فيكون المُسلم فيه يكون وجوده في نفس وقت التحديد ، فلو أنه أسلف في عنب ـ العنب يكون في فصل الصيف ـ لو أنه أسلف في عنب في فصل الشتاء لا يصح البيع ، لِمَ ؟ لأنه ليس بوقته .
فإذاً : إذا أسلف في شيء ليس في وقته فإنه لا يجوز ، لِمَ ؟ لأنه يُفضي إلى النزاع والشقاق ، ولهذا لو أتى به قبل وقته .
من المستفيد ؟ المشتري .
لو أتى بأجود منه ، المستفيد من ؟
المشتري .
فيلزمه أن يأخذه إذا أتى بأجود منه أو أتى به قبل حلول وقته ، إلا إذا قال المشتري : أنا أتضرر ، لا أريده في هذا الوقت ، هذا الوقت سيأتيني ضرر لو استلمت هذا الشيء هنا نقول ( لا ضرر ولا ضرار ) ولا يُلزم بأخذه ، أما إذا لم يكن هناك ضرر ، فإنه يُلزمُ بأخذه .
مسألة :
كل مالين حرم النسيئة فيهما لا يجوز إسلام أحدهما في الآخر ، كـ( مائة جرام ذهب ) حالة بـ( ألف جرام من الفضة ) مؤجلة .
الشرح :
ما يؤدي إلى الربا فلا يجوز السلم فيه كما مُثِل هنا ، فلو قدم له ( مائة جرام من الذهب ) على أن يعطيه بعد سنة ( ألف جرام من الفضة ) فإنه لا يجوز لِمَ ؟ لأنه لم يحصل قبض قبل التفرق ، لأنه بِيع هنا ( ذهب ) بـ( فضة ) واشترطنا إذا بيع الجنسان المختلفان ، اشترطنا شرطاً واحداً فقط وهو القبض قبل التفرق .
مسألة :
ما كان وديعة عند المُسلم إليه يصح أن يكون ثمناً .
الشرح :
اشترطنا أن يكون الثمن مقبوضاً في مجلس العقد فإن لم يحصل قبض ، فإنه لا يصح ، لو قال : يا فلان أريد منك سيارة نوعها كذا ، وصفتها كذا إلى سنة وحدد الوقت ، وقال : الوديعة التي عندك لي هي ثمن لهذه السلعة فيجوز ، لِمَ ؟
لأنه حصل القبض قبل التفرق .
مسألة :
كل بيع يجوز إلى أجل ـ يجوز الى آجال ـ وكذا لو أسلم في جنسين إلى أجل معين .
الشرح :
كل بيع يجوز إلى أجل يجوز إلى آجال ،
لو قال : أريد منك عشرين صاعاً من التمر خمسة منها في رجب ، وخمسة منها في شعبان فيصح ، فكل بيع صح فيه البيع إلى أجل فيصح إلى آجال ، وكذلك لو أسلم في جنسين إلى أجل معين .
قال : يا فلان هذه عشرة آلاف ريال ، أريد منك في رجب أن تُعطيني عشرة أصواع من القمح وعشرة أصواع من التمر ، فيصح ، لأن كما أسلفنا لا بد أن تكون الشروط السابقة موجودة
وهو :
( التحديد في المدة )
و ( التحديد في القدر )
و ( التحديد في النوع والصفة )
مسألة :
لا يُشترط ذكر مكان التسليم إلا إذا كان هناك شرط أو كان العقد في مكان لا يصلح للتسليم كالبحر مثلاً .
الشرح :
لا يشترط في أثناء العقد أن يبين مكان التسليم ،
يعني مكان تسليم السلعة ، إلا إذا كان هناك شرط ، كأن يقول يا فلان أريد أن تُسلم لي هذه السلعة المؤجلة في الرياض ، مكان العقد قد حصل في مكة فيصح ، أو كان العقد بينهما في سفينة في بحر ،
فهنا لابد أن يبين مكان التسليم لِمَ ؟
لأنه لو لم يُبين مكان التسليم في غير البحر ، نقول : مكان التسليم في نفس مكان التعاقد ، لكن في السفينة لا يتم هذا لأن السفر سينقطع وينتهي .
مسألة :
لا يجوز بيع المسلم فيه قبل قبضة وتجوز هبته .
الشرح :
لِمَ ؟
لأن النبي عليه الصلاة والسلام ( نهى عن بيع الطعام حتى يقبض ونهى أن تبتاع السلع حيث تُباع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم ) كما سلف ، لكن الهبة ليست معاوضة ،
ولذا لو سألت : لماذا لا يجوز أن يُباع الشيء قبل قبضه وقبل تحويله إلى مكان آخر ؟
لأنه ربما يستفيد هذا المشتري فيحاول البائع أن يُبطل البيع ، لكن الهبة لا وجود لإبطال هذا البيع كما لو أنك وهبت هذا الشيء قبل أن تقبضه ، فهنا الهبة والعطية ليست معاوضة ، فمن ثم فيجوز أن تهب وأن تهدي مالم تقبضه ، فلو اشتريت سيارة قبل أن تقبضها فيجوز لك أن تهبها .
مسألة :
لا تصح الحوالة في السلم إلا إذا فسخ العقد .
الشرح
هذه تتعلق بالحوالة ، عند شرط في الحوالة وهو لابد أن يكون الدين مستقراً .
إنسان يطالبك بمائة ريال ، وأنت تطالب شخصاً بمائة ريال ، فإذا أتاك وطلب منك المائة تُحيله إلى فلان الذي تطالبه بالمائة ، فالحوالة لا تصح في السلم لِمَ ؟ لأنها ليست ديناً مستقراً فلربما أن السلعة لا تتوفر فينفسخ البيع .
مسألة :
من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره حتى مع تعذر المسلم فيه والراجح الجواز مع العذر .
الشرح :
قال النبي عليه الصلاة والسلام :
( من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره )
لكنه حديث ضعيف
ومن ثم قال بعض الفقهاء بناءً على هذا الحديث ، أنه لا يجوز أن تُسلم في شيء غيره ،
بمعنى لما جاءت السنة التي حددت على أن يسلم لك سيارة
وقد حددت الأوصاف وبينت ، فلما جاء الوقت لم يستطع أن يأتي بهذه السيارة ، فقال : يا فلان ، عندي ألف صاع من البر الجيد ما رأيك في أخذه ؟
عند المذهب لا يجوز ، ينفسخ البيع ،
والصحيح وهو ترجيح لشيخ الإسلام رحمه الله أنه يجوز مع وجود العذر ، وقد ورد قبل ذلك عن بعض الصحابة رضي الله عنهم كما في حديث ابن عمر ، قال : ( كنا نبيع الإبل بالدراهم فنعتاض عنها بالدينار ) فهنا كان المبلغ أو الشيء المطالب به فضة ، فأصبح البديل له الدنانير وهو الذهب .
مسألة :
إن تعذر التسليم فللمشتري الخيار بين الفسخ أو الإنتظار .
الشرح :
تعذر التسليم ، قال : يافلان لم استطع في هذه المدة ، جاء الوقت ولم يستطع ، هذا المشتري مخير بين : [ أن ينتظر إلى وقت آخر لتوفيرها ] وبين [ أن يفسخ العقد وأن يأخذ ماله ] .
مسألة :
تصح الإقالة في السلم أو في بعضه وكذا الرهن ، والضمان على الصحيح
الشرح :
الإقالة مرت معنا ، وتصح في السلم كما لو حصل السلم وليس هناك خيار ( خيار مجلس , خيار شرط ) فندم أحدهما فتصح الإقالة .
هل يجوز الرهن والضمان في المسلم فيه ؟ كأن يقول يا فلان : أريد ضامناً أو أريد رهناً لأنني أقبضتك المبلغ ، وأنت لم تقبضن السلعة ، فأريد ضامناً يضمن لي هذه السلعة أو أريد رهناً أرهن به هذه السلعة ، فقال بعض العلماء لا يجوز ، لِمَ ؟
لأنه إذا لم توجد هذه السلعة من سيطالب ؟ الضامن ، من سيؤخذ منه قيمة السلعة ؟
الراهن .
فيكون صرفه إلى غيره ، والنبي عليه الصلاة والسلام قال : ( من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره ) ولكن الصحيح أنه يجوز الضمان والرهن لأن الحديث الوارد فيه ضعيف .