( مختصر فقه المعاملات ) [ 24 ] ( كتاب البيوع ) [ 24 ] ( باب الوديعة )

( مختصر فقه المعاملات ) [ 24 ] ( كتاب البيوع ) [ 24 ] ( باب الوديعة )

مشاهدات: 514

( فقه المعاملات )

( 24 )

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

( كتاب البيوع )

( 24 )

 (باب الوديعة )

 

يشترط لها ما يشترط للوكالة وتنفسخ بما تنفسخ به وتستحب لمن علم من نفسه القدرة على حفظها ولا يضمنها إلا إذا تعدى أو فرط ويجب أن يحفظها في حرز مثلها ، فإن كانت دابة فيجب إعلافها وله الرجوع على صاحبها إن نوى ، فإن لم يعلفها ضمن وأثم .

الشرح :

 يشترط فيها :

ما يشترط في الوكالة وسبق معنا الحديث عن الوكالة وبما تفسخ به الوكالة ،

ويستحب للمودع:

أن يتقبل الأمانات من الناس إذا كان يعلم من نفسه القدرة على المحافظة عليها لأن في هذا بذلاً للخير لإخوانه المسلمين ، وإذا أودعت عنده فإنه لا يضمن لأنه أمين ، إلا إذا كان متعديا أو مفرطا ،

والواجب عليه :

بأن يحفظها في حرز مثلها ،

فالنقود جرى العرف أن توضع في صندوق محكم فلابد أن يضعها في هذا الصندوق على حسب ما اقتضاه العرف ،

وإن كانت هذه الوديعة بهيمة يجب أن يعلفها فإن لم يعلفها فتلفت أثم ويضمن وإذا أعلفها تكون النفقة على صاحبها إن نوى المودع الرجوع على صاحبها أما إذا لم ينو شيئاً ونوى عدم الرجوع فإنه لا يرجع لِمَ ؟

لأنه متبرع .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 إذا دفعها لمن يحفظ ماله فكهو ، وإن دفعها إلى أجنبي وهو ثقة فيضمن مطلقاً ، إلا في حالة الضرورة مثل أن يكون في سياق الموت .

الشرح :

إذا أودعت شيئاً وقد جرت العادة أن زوجتك أو أمك تحفظ مالك فدفعت هذه الوديعة التي استودعتها دفعتها لوالدتك بحكم أنها تحفظ مالك فتلفت عند والدتك فلا ضمان لِمَ ؟ لأنك تودع أو تحفظ مالك عند والدتك ولو دفعتها إلى أجنبي لم تجر العادة بأن تحفظ مالك عنده فتلفت فتضمن ولو كان هذا الأجنبي ثقة فلا تودعها إلى أجنبي إلا في حالة الضرورة كما لو أن الإنسان في سياق الموت أو كان الإنسان على أهبة السفر ويعلم بأنه لو أخذها في سفره لتلفت أو سرقت فله أن يدفعها إلى أجنبي ثقة .

! ! ! ! ! ! !

 

مسألة :

 إن سافر يسافر بها إلا إذا كان يخاف عليها فيودعها للحاكم وإلا فلثقة ؟

الشرح :

إذا سافر فليسافر بها ، وإن خشي عليها في سفره فإنه يدفعها إلى الحاكم فإن تعذر دفعها إلى الحاكم فإنه يدفعها إلى ثقة .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 إن عمل مافيه مصلحة لها فلا يضمن كما لو أخرجها ليضعها فيما هو أحرز .

الشرح :

لو أن المودع تصرف فيها لمصلحتها وذلك كأن يخرجها من صندوق جرت به العادة أن تحفظ فيه وأراد أن يحفظها في صندوق أقوى وأحرز فأخرجها فتلفت فلا يضمن لأنه محسن .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 لو تنازعا في ردها فقول المودع وإن تنازعا مع ورثة المودَع فقول المودِع .

الشرح :

المودِع:

هو صاحب الشيء ،

والمَودع :

هو من استودع الشيء

فلو تنازعا المودِع والمودَع في ردها ،

قال المودَع : رددتها

قال المودِع: لم تردها ،

 فالقول :

قول المودَع لأنه مؤتمن ، وهو غارم فكل غارم فالقول قوله مع يمينه ،

لكن لو أن المودَع مات الذي استودع الشيء مات فجاء صاحبها الذي هو المودِع وطلب من الورثة أن يردوا إليه وديعته ، قالوا : ردت إليك فقال لم ترد إلي ، فالقول قول المودِع لِمَ ؟ لأن الوديعة جرت بينه وبين مورثه فيصمنون.

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

إذا أذن المودع في التصرف فيها فتصير قرضاً .

الشرح :

إذا أذن المودِع في التصرف فيها فتصير قرضاً نحن الآن نودع في البنوك ونحن نعلم بالعرف المطبق أنهم يتصرفون فيها فهذا ليس بإيداع ، إنما هو قرض ماندفعه للبنوك في حساباتنا هذا يسمى قرضاً ، ولذا لو أن البنك أعطاك هدية أو نفعك بشيء فتدخل ضمن قاعدة ( كل قرض جر نفعاً فهو رباً )

ولذلك لا يعطون الهدايا إلا أصحاب الأموال الطائلة وإذا كنت صويحب مالاً يمكن أن تعطى هديةً يسيرة ، لكن الهدايا العظام لا تعطى إلا للكبار.

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

لو طلبها صاحبها فتأخر من غير عذر ضمنها .

الشرح :

لو أن المودِع الذي هو صاحبها طلبها من المودَع فتأخر فتلفت فإن المودَع يضمن لأنه متعدي بإمساكها عنده .

! ! ! ! ! ! !

 

 

 

 

(( باب إحياء الموات (نأأني

[ إحياء الموات ]

متى أحيى  أرضاً لا يملكها معصوم ولا مصلحة للبلاد بها فيملكها والمعادن الظاهرة لا يملكها ، وكذا الباطنة والسائلة .

الشرح :

هذا ما يسمى بإحياء الموات قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( من أحيا  أرضا ميتة فهي له )

 الأرض الميتة:

هي التي لا يملكها معصوم لا يملكها مسلم ولا كافر معاهد أو ذمي أو مستأمن وليس للبلاد فيها مصلحة ، ولذا :

لو ذهبت إلى الصحراء وأحييت أرضاً فتملكها بهذا الإحياء فلا تملك الأرض التي للمعصوم ولا تملك الأرض التي للعباد أو للمسلمين فيها مصلحة ،

وكذلك لو أنه أتى لأرض موات فوجد فيها معادن ظاهرة فلا يملكها

لكن لو أنه حفر فيها فوجد معادن فننظر هل هذه المعادن سائلة أم جامدة :

إن كانت جامدة فهي له وإن كانت سائلة فكما سبق :

( المسلمون شركاء في ثلاث )  ذكر منها النبي عليه الصلاة والسلام : ( الماء ) .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 يحصل الإحياء بأمور أربعة :

أولاً :

[ بناء حائط منيع عرفاً ، أما الأحجار فلا إنما هو أحق بها من غيره ] :

الشرح :

هذه هي علامات إحياء الموات :

أن يحيط بها جدار منيع لقول الرسول صلى الله عليه وسلم

( من بنى حائطاً على أرض ميتة فهي له )

أما لو وضع أحجار فهذا يسمى بالتحجر يعني أنه أحق بها من غيره لكنه لا يملكها .

ثانياً :

 [ إن حفر بها بئراً فووصل إلى ماء ] :

الشرح :

كذلك يحصل الإحياء فيما لو لم يضع حائطاً ، وإنما حفر فيها بئرا فوصل إلى الماء فيكون مالكاً لها لأن الماء سبب لإحيائها فإذا حفر بئرا ولم يصل إلى مائها فإنه لا يملكها وإنما يكون هو أحق بها من غيره .

ثالثا :

 [ إذا أوصل إليها الماء من نهر وغيره ] :

الشرح :

إذا أوصل إليها ماء من نهر  أو عين أو غيرهما فيملكها

رابعاً:

 [ إذا حبس عنها الماء الذي يهلكها ، وقال بعض العلماء : إن الإحياء يحصل بالعرف دون النظر الى ما سبق ] :

الشرح :

إذا حبس عنها الماء قد يكون في هذه الأرض مياه غمرتها وأهلكتها فأزال المياه لتحيى فيكون إحياء لها فإذا حصل واحد من هذه الأمور الأربعة فإنه يملكها وقال بعض العلماء لا يلتفت إلى هذه الأشياء وإنما ما عده العرف إحياء للأرض فهو إحياء وهو الصحيح ولا شك ما ذكر يعد إحياء ، والمقصود أنه يكون هناك شيء أكثر من هذه الأمور الأربعة عند عرف الناس.

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

من أقطع أرضا من الإمام فإن أحياها ملكها وإلا استرجعها .

الشرح :

لو أن الحاكم أقطع شخصاً أرضا فيقال إن أحياها ملكها وإن لم يحيها هذا المقطع فإنها تعود لبيت مال المسلمين .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

الإقطاع ثلاثــــة أنواع :

أولاً :

[ إقطاع تمليك : كما مر في المسألة السابقة ] :

الشرح :

كأن يقول الحاكم أقطعتك يا فلان هذه الأرض فإن أحياها ملكها وإلا عادت .

ثانياً :

 ( إقطاع منفعة )

: كأن يقطع شخصاً مكان ينتفع به في البيع فلا يملك العين ] :

الشرح :

إقطاع منفعة وهو أن يقول الحاكم لشخص أقطعتك هذا المكان لتنتفع به لينتفع به في بيع أو ما شابه ذلك فإن له الحق في أن ينتفع به لكن لا يملكه فلا يجوز أن يبني فيه ولا يضع فيه شيئاً إنما يستفيد منه بقدر هذه المنفعة .

ثالثاً :

 [ إقطاع استغلال :

 كأن يقطعها لذمي ليحييها ويخرج منها الخراج ] :

الشرح :

 إقطاع استغلال :

وذلك أن يقول الحاكم لذمي يا فلان أقطعتك الأرض لكي تحييها فإذا أحياها استفاد المسلمون خراجاً وهو خراج الأرض فيضرب على هذه الأرض خراج كل سنة يعني مبلغ من المال يحدده ولي أمر المسلمين يعود  إلى بيت مال المسلمين .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 حريم البئر القديمة من كل جانب خمسون ذراعاً والجديدة خمسة وعشرون ذراعاً إن كانت لسقيا ونحوه أما الزراعة فقيل ستمائة ذراع وقيل لا يتحدد إلا بالعرف على قدر الحاجة .

الشرح :

حريم البئر القديمة حريمها يعني  فناؤها فالمراد من ذلك لو أنه في أرض موات حفر بئر كم يأخذ مما حولها  من مساحة ؟نقول إن كانت هذه البئر قديمة فالماء يزيد فيها فلك من كل جانب خمسين ذراعاً ،

والذراع من أطراف أصابع اليد إلى المرفق ، فتأخذ من كل جانب خمسون ذراعاً وما بعد ذلك فلا حق لك فيه ،

وإن كان حفره للبئر حفراً جديداً فإن له خمسة وعشرين ذراعاً لأن الماء في الغالب يقل فيها هذا إن كان حفره للبئر من أجل أن يسقي بهائمه ، أو يسقي نفسه ومن معه ،

 لكن لو كان حفره للبئر من أجل أن يزرع ليس من أجل السقيا فقد ورد الحديث مرسل :

( أن له ستمائة ذراع )

وهذا قول أكثر العلماء يأخذ من كل جانب ستمائة ذراع ، وقال بعض العلماء نرجع في ذلك إلى العرف وإلا على الحاكم أو من عليه الولاية يرى ما تقتضيه المصلحة .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 إن حفر أهل البادية بئراً لهم فهم أحق بها ماداموا قائمين عليها .

الشرح :

إذا حفر أهل البادية بئراً فإنهم أحق بها من غيرهم ماداموا فيها .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 من غرس شجرة في موات يملك مقدار ما امتدت أغصانها .

الشرح :

 لقوله عليه الصلاة والسلام : ( حريم النخلة قدر جريدها ) فإذا غرس شجرة في أرض موات كم له ؟ يقال لك ما حولها من أرض بمقدار ما امتدت له أغصانها وما زاد عن ذلك فلا حق لك فيها .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

الماء المباح كماء النهر إذا كان يمر بأملاك الناس فللأعلى أن يحجزه حتى يصل إلى الكعب ثم يرسله إلى من بعده وإن كان مملوكاً فعلى قدر أملاكهم .

الشرح :

هذا ما يسمى بالمسايل والمسايل وهي أن تكون أراضي في أماكن مرتفعة فيأتي المطر وينحبس في مكان فهنا من أعلى يأخذ من هذا الماء فيزرع ويسقي أرضه إلى أن يصل الماء إلى الكعبين

ثم ما فاض يرسله إلى من تحته ثم هكذا إلى أن يصل إلى الأخير أو ينفذ الماء وبنفاذه ليس لمن بعده شيء لقول الرسول صلى الله عليه وسلم للزبير

( اسق يا زبير إلى الجدر )

وهو وصول الماء إلى الكعبين

أما إذا كان الماء مشتركاً بينهم فإنه على قدر أملاكهم من هذا الماء قد تكون هناك عين يملكونها أو بئر فإن هذا يتصرف فيه على قدر أملاكهم يأخذ كل واحد منهم ما يملكه من هذا الماء .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

لإمام المسلمين أن يحمي المرعى لمواشي بيت المال مالم يضر بالناس .

الشرح :

هذا ما يسمى بالمحميات فيجوز لولي المسلمين أن يحمي أرضاَ لبهائم  المسلمين ما لم يضر بالناس  ، لأن حاجة الناس مقدمة على حاجة البهائم .

! ! ! ! ! ! !

(( باب الجعالة (نأأني

مسألة :

 [ الجعالة ] :

مثلثة الجيم وتسمى جعيلة كأن يقول من بنى لي حائطاً فله كذا من المال مثلاً .

الشرح :

الجعالة مثلثة الجيم  تقول الجِعالة بالكسر أو الجَعالة بالفتح أو الجُعالة بالضم وتسمى جعيلة وهو أن يقول شخص من بنى لي حائطاً فله ألف ريال أو من وجد بعيري الضال فله ألف .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

الجعالة تختلف عن الإجارة في أمور فلا يشترط لصحتها العلم بالعمل وكذا لا يشترط معرفة مدة العمل ، الجعالة يجوز فيها العمل والمدة معاً وهي عقدٌ جائز ، فإن فسخه بعد الشروع فللعامل أجرة ماعمل ، والجعالة لا يشترط فيها تعين العامل .

الشرح :

الجعالة :

تختلف عن الإجارة في أمور:

الإجارة لها شروط ومشدد فيها

أما الجعالة فخفف فيها ،

ولا يشترط أن يعلم العامل ماهية العمل ،

فلو قال من بنى لي حائطاً فله ألف ريال ولم يصفه له ،سبق معنا في الإجارة لا بد أن تكون معلومة برؤية أو بصفة ، وهنا لم يصف، فتصح الجعالة ،

بينما في الإجارة لا بد أن نعرف المدة ، تستأجر شخصاً ليعمل لك شهراً فلا بد أن تبين المدة بينما الجعالة لا يشترط ذلك فقد يطول وقت هذا الجدار في بنائه وقد يقصر ،

والجعالة يجوز فيها الجمع بين العمل والمدة وذلك كأن يقول من بنى لي حائطاً في يوم فله ألف ريال ، بينما الإجارة مختلفاً فيها فلو قلت للأجير الخاص الذي يشتغل عندك بالمدة أريد أن تبني لي جداراً في يوم

فقال بعض العلماء لا يجوز وبعضهم قال يجوز والمسألة هنا مسألة اتفاق بينما هناك مسألة خلاف ، والجعالة عقد جائز

والعقد الجائز يصح أن يفسخ لكن إن فسخ الجاعل العقد فإن كان هذا العامل قد بنى مثلاً جزء من هذا الحائط فإنه يعطى أجرة ماعمل ،

وكذلك يشترط في الإجارة أن يعين العامل من هو العامل الذي سيعمل عندك أجيراً بينما في الجعالة يقول من بنى لي فأي شخص قام به فإنه يستحقه ، فلو قال من بنى لي حائطاً فله ألف ريال فلما جاء الغد إذا بالحائط قد بنى فيستحق العامل الأجرة مع أنه لم يعين .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

من عمل لغيره عملاً بغير جعل ولا إذن لا يستحق شيئاً إلا في حالتين :

[ 1 ] إذا كان العامل أعد نفسه لهذا العمل بالأجرة .

[ 2 ] من قام بتخليص متاع غيره من الهلكة على الصحيح .

الشرح :

لو أن شخصاً عمل لك عملاً من غير أن يستأذن منك أو من غير أن تجعل له جعلاً فإنه لاشيء له إلا في حالتين :

الأولى :

 من أعد نفسه للعمل بالأجرة وذلك مثل الحمالين في الأسواق لو وضعت ما اشتريته ، ثم أتى العامل وحمل ما أشتريته ولم تتكلم فإنه يستحق الأجرة لأن العرف جرى بأن هذا الرجل قد أعد نفسه للعمل بالأجرة .

الثانية :

وهي مختلف فيها ،

 لكن الصحيح أن له أجرة أن يخلص شخصا متاع غيره من الهلكة  مجوهرات مثلاً سقطت في بحر فقام شخصاً سباح وأتى بها فإنه يعطى أجرته مع أن صاحبه لم يأذن ولم يجعل جعلاً .