( فقه المعاملات )
(31)
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
( كتاب النكاح )
[ 2 ]
( أركان النكاح )
أولاً :
وجود الزوجين الخاليين من الموانع . فلو كانت أخته فهذا مانع من الزواج .
ثانياً :
الإيجاب .
الشرح:
الإيجاب من ولي المرأة أو نائبه كأن يقول : زوّجْتُكَ .
ثالثاً :
القبول . ويصح بكل لفظٍ يدل عليه .
الشرح : وأن يقول الزوج قبلت. والقبول من المشتري – كما مر معنا – في البيع ، كأن يقول : قبلتُ .
مسألة :
إذا حصل الإيجاب والقبول انعقد النكاح هازلاً أو تلجأتاً .
الشرح :
لقوله r كما عند ابن ماجة :
( ثلاثُ جدهنَّ جِد ، وهزْلُهُنّ جِد )
وذكر منها النكاح ، فلو حصل إيجابٌ وقبولٌ على سبيل الهزل في النكاح فقد تم النكاح ، وكذلك تلجأتاً لو أنه زوَّج فلاناً من الناس خفيةً من أن يتقدم إليها شخصٌ للزواج بها لا يرغبه فقال : أزوجها لك . فيقع النكاح .
= شروط صحة النكاح
. أولاً :
تعيين الزوجين .
الشرح: لا بد من وجود أركان النكاح ، وأنه متى ما حصل إيجابٌ وقبولٌ لا بد من وجود شروط صحة النكاح .
الشرط الأول : تعيين الزوجين
. كأن يقول : زوجتك ابنتي فلانة ، فيصرِّحُ باسمها . فلو قال : زوجتك ابنتي وله عدة بناتٍ . لم يصح لكن إن لم يكن عنده إلا بنتٌ واحدة . فقال : زوجتك ابنتي . فيصِحُّ وكذلك لا بد من تعيين الزوج . فيقول : زوجت ابنتي لولدك فلان .
= ثانياً :
رضاهما إن كانا مكلفين ، لكن الثيِّب تستثنى إن بلغت تسع سنوات وعلى قول إن لم تبلغ تسع سنوات .
الشرح :
( فلا بد من رضاهما )
أي رضى الزوجين إن كانا مكلفيْن ، وإن كانا بكرين لأن البكر يطلق على الذكر وعلى الأنثى ، فالذي لم يتزوج يعد بكراً والتي لم تتزوج تعد بكراً ، فالشاهد من ذلك لا بد من رضى الزوجين ،
ولذا لو أن الأب أجبر ابنته البالغة العاقلة ورفضت الزواج لم يجُز عليها الزواج .
ولذا النبي r لما اشتكت امرأة من أن أباها قد زوجها من غير رضاها جعل لها الخيار .
أما إن كانت صغيرة وهي بكرٌ فيجوز من غير رضاها ولذا زوَّج أبوبكر الصديق – t – عائشة – رضي الله عنها – وهي بنتُ ست سنين . زوجها النبي r وأما إن كانت بكراً بالغة فلا بد من رضاها وأما الثيِّب بلغت أم لم تبلغ ، فعموم الأدلة لا بد من استئذانها واستئمارها . قال r :
( لا تُنْكَحُ الثَّيِّبُ حتى تُستَأمَر )
مسألة :
إذن البكرِ . أن تسكت أو تضحك أو تبكي .
الشرح :
لما قال e :
(( ولا تُنكح البكرُ حتى تُستَأذن .قيل : ما إِذنُها ؟ قال e : صماتُها ))
ويضاف إلى ذلك إذا ضحكت أو بكت .
مسألة :
الإجبار لا بكون إلا من الأب أو وصِيُّه ، فإن عدما فالحاكم وأما غيرهم فلا .
الشرح :
فإن أراد أن يجبر غير البالغة البكر فلا يكون الإجبار إلا من الأب أو من وصيِّه ، لأن الوصي بمنزلة الوكيل عنه . وإن عدم الوصيّ فالحاكم لقوله e :
( فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له ))
وأما غيرهم من الإخوان والأعمام ، فلا يحق لهم أن يجبروا البكرَ غير البالغة .
ثالثاً :
الولي إن كان جائز التصرف ذكراً مسلماً عدلاً وهو أبوها ثم وصيُّه فيها ، ثم جدها لأب وإن علا ، ثم ابنها وإن نزل إلى آخره من العصبة ثم بعدهم الحاكم فإن تعذر وكَّلَت من يُزوِّجُهَا .
الشرح :
لا بد أن يكون الولي جائز التصرف ذكراً لقوله e :
(( لا تزوج المرأةُ المرأةَ ، ولا تزوج المرأةُ نفسَها )) كما عند ابن ماجة .
عدلاً وهذه مسألة خلافية – سيأتي معنا فيها كلام – لشيخ الإسلام رحمه الله .
من هو وليها ؟
على حسب الأولوية :
أبوها ثم وصيُّه ثم جدها لأب وإن علا ، فلو كان لها جدٌ سابع فإن الابن لا يُقدم ، ثم ابنها وإن نزل ثم أخوها الشقيق ، ثم أخوها لأب ، ثم أبناء الإخوة الأشقاء ثم أبناء الإخوة لأب وإن نزلوا ، ثم الأعمام على آخر العصبة فإن عدموا فالحاكم فإن تعذَّر وكّلت من يزوجها .
ولذا لو أن المرأة في البلاد الغربية وكّلت رئيس المركز الإسلامي في البلاد الكافرة إن لم تجد ولياً لها ، فإن النكاح يصح .
مسألة :
إن زوَّجَهَا الأبعدُ مع وجود الأقرب بلا عذر لم يصح على قول .
الشرح :
المذهب يرون عدم الصحة لو زوَّجَهَا مثلاً : الأخ لأب متقدماً على الأخ الشقيق ، فإنه لا يصح . ويقول الشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله – يقول : يصح النكاح . لأن له ولاية سابقة .
مسألة :
يصح التوكيل في عقده ولا يحق عزل وكيل وليّها .
الشرح :
يصح أن يوكل الوليُّ الزوجَ يقول : وكَّلتُكَ تزويج ابنتي من نفسك ، فيتولى طرفيّ العقد الإيجاب والقبول الزوجُ نفسُهُ أو أن الوليّ له أن يقول : وكّلتك في تزويج ابنتي لفلانٍ من الناس ولا يحق للبنت أن تعزله . لمَ ؟ لأن الولاية للأب فهو إن شاء قام بهذا العمل بنفسه أو بنائبه .
= رابعاً :
الإشهاد .
الشرح :
من شروط صحة النكاح الإشهاد .
= إن كانوا عدولاً والعدل في كل زمانٍ ومكانٍ بحسبه ويعتبر في الشهود التكليف والذكورية والتكلم والسمع من غير أصليِّ الزوجين وفرعيهما .
الشرح :
لابد من الإشهاد لقوله e :
(( لا نكاح إلا بوليٍّ وشاهديْ عدلٍ ))
ولا بد أن يكون هؤلاء الشهود عدولاً ، أما إن كانوا فسقه فإنه لا يصح النكاح . لكن من هو العدل ؟ قال شيخ الإسلام – رحمه الله – في كل وقت بحسبه وذلك لأن العدلَ في هذا الزمن قد يكون عند الصحابة – رضي الله عنهم – ليس بعدل .
فهو بكل زمان بحسبه ولا بد أن يكون الشاهد بالغاً عاقلاً ذكراً .
والصبي لا يصح منه إشهاد وكذلك المجنون ، والأنثى لا يصح منها إشهاد .
والتَّكلم فالأخرس لا يصح منه إشهاد وإنما أجزنا إشارته لما يتعلق بأحواله وبخصائصه هو دون غيره .
والسمع فإن كان أصم فلا يصح .
من غير أصليّ الزوجين وفرعيهما
وهذا ما يذكره فقهاء الحنابلة :
من أن الشاهد لا يكون من أصل الزوج أو الزوجة أو فرعيهما ولذا لو أن والد الزوج شهد فلا يصح هذا الإشهاد لأنه أصل . لو أن جدَّ الزوج شهد فلا يصح لو أن ابن ابن الزوج شهد فلا يصح . لو أن ابن الزوجة شهد فلا يصح . لو أن جدَّ الزوجة شهد على النكاح فلا يصح . فلا يكون من الأصول ولا من الفروع .
من هم الأصول والفروع ؟
الأصول هم الآباء وإن علوْ ، والفروع هم الأبناء وإن نزلوا . أما الحواشي الذين هم الأخوة وأبناؤهم وإن نزلوا والأعمام وأبناؤهم وإن نزلوا ، فهؤلاء الحواشي ليسوا بفروعٍ ولا أصول ٍ . فيصح الإشهاد .
مسألة :
اختار شيخ الإسلام – رحمه الله – عدم اشتراط عدالة الوليّ ولا يلزم الشهود إن كان النكاح معلناً .
الشرح :
شيخ الإسلام – رحمه الله – يرى عدم اشتراط عدالة الوليّ ، فيقول : لو كان الوليُّ فاسقاً لكنه مسلمٌ فإن النكاح يصح .
والمشهور من مذهب الإمام أحمد أن النكاح لا يصح لأنه فاسق والفاسق لا يتولى أمر النكاح ، ويستدلون بحديث : لا نكاح إلا بولي مرشد .لكن هذه اللفظة فيها ما فيها من المقال .
وشيخ الإسلام يقول : إن كان النكاح معلناً أصبح معلناً . أصبح منتشراً الخبر في الحي ولم يشهد عليه فالنكاح صحيح . لأن الغرض من الإشهاد أن لا يكون هذه النكاح نكاح سرٍّ يعني زنا ، فهذا الإشهاد لكي ينفي نكاح الزنا والسر ، فلما أُعلِنَ حصل المقصود ولو من غير إشهاد .
( أحكام الكفاءة في النكاح بين الزوجين )
وتكون بخمسة أشياء – على المذهب –
أولاً : الدين .
الشرح : الكفاءة .
قال النبي e :
(( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه . إلا تفعلوا تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبير ))
فما هي الكفاءة وما شروطها ؟
أولاً :
عند المذهب الأمر الأول من الأمور الخمسة :
الدين . فلا يكون الفاسق كفئاً للمستقيمة .
ثانياً :
النسب . فلا يكون الأعجمي كفئاً للعربية .
ثالثاً :
الحرية . فلا يكون الرقيق كفئاً للحرة .
رابعاً :
الصناعة . فلا يكون الجزّار كفئاً لامرأةٍ ذات منصب .
خامساً :
اليسار بالمال . فلا يكون الفقير كفئاً للغنية الموسرة .
فإن انتفت فلا تؤثر في صحة النكاح ، إنما في لزومه . فإذا انتفت هذه الأشياء الخمسة فلا تؤثر في صحة النكاح
وإنما تؤثر في لزومه فلو أن المرأة زُوِّجت بغير كفئٍ . لها أن تعترض ولو أن أولياء الزوجة اعترضوا على تزويج موليتهم لمن ليس بكفئٍ لها . لهم ذلك حتى لو اعترض واحدٌ فلا يكون النكاح لازماً . لكن لو رضوا ورضيت فإن النكاح صحيح .
مسألة والكفاءة حقٌ لها ولجميع أوليائها . كفاءة المرأة غير معتبرة ، وذلك لأن النبي e وهو من أشرف الناس قد تزوج بصفية بن حييّ بن أخطب وكانت رقيقةً ، وجعل عتقها صداقَهَا والكفاءة لا ينظر فيها للمرأة إنما للرجل .
والصحيح : أن الكفاءة تكون في الدين فقط
أما الأحاديث الواردة هنا فضعيفة .
الشرح :
الكفاءة . الصحيح أنها تكون في الدين لقول الرسول e :
(( إذا أتاكم من ترضون دينه وخُلُقَهُ فزوجوه ))
أما بقية الأشياء التي ذكرها الفقهاء في الكفاءة فقد وردت فيها أحاديث ضعيفة .