( مختصر فقه المعاملات ) [ 40 ] ( كتاب الطلاق ) [ 3 ] ( باب الرجعة )

( مختصر فقه المعاملات ) [ 40 ] ( كتاب الطلاق ) [ 3 ] ( باب الرجعة )

مشاهدات: 778

( فقه المعاملات )

(40)

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

كتاب الطلاق )

 [ 3 ]

 (  باب الرجعة  )

مسألة :

 لوليِّه أن يقوم مقامه إذا جُنَّ  )

الشرح :

 الرجعة :

 هي إعادة الزوجة  للنكاح السابق،  فالولي يقوم مقام الزوج إذا جُنَّ ،  فلو جُنَّ الزوجُ وكان قد طلَّق زوجته ، فإنَّ وليَّه يقوم مقامه إذا رأى المصلحة في إرجاع الزوجة .

مسألة :

 شروط الرجعة :

 أولاً :

أن يكون الطلاق دون ما يملك من العدد ، فللحُرِّ ثلاثٌ و للعبدِ اثنتان .

الشرح :

 لا بد في صحة الرجعة أن يكون الطلاق دون ما يملكه الزوجُ من العدد ، فإنَّه لو طلَّقَ ثلاثًا وهو حُرٌّ ، أو طلَّقَ اثنتين وهو عبدٌ فإنه لا رجعة إلا بعد زوجٍ آخرَ .

مسألة :

 ثانيًا :

 أن تكون في العدة .

الشرح :

أن تكون في العدة ، فإنه لو طلَّقها واحدةً ثم انتهت عدتها ، فإنه لا رجعة لأنها بانت بينونةً صغرى .

مسألة :

 ثالثًا :

 أن تكون مدخولاً بها أو مَخْلُوًّا بها .

الشرح :

 أن تكون الزوجة مدخولاً بها أو مخلوًّا بها ، لأنها إن لم يدخل بها ولم يخلُ بها كما قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا } ولذا :

 إذا طلقها قبل الدخول والخلوة طلقةً واحدةً ، فإنها تبين منه بينونةً صغرى .

مسألة :

 رابعًا :

 أن تكون بلا عِوَضٍ .

الشرح :

 أن تكون بلا عِوَضٍ . فإنه لو كان الطلاق حاصلاً بعِوَضٍ فهو خُلْعٌ – كما سبق – وإذا كان بعوضٍ فصار خُلْعًا فإنَّها تملك نفسَهَا .

مسألة :

 خامسًا : أن يكون النكاح صحيحًا .

الشرح :

 أن يكون النكاح صحيحًا ، لأن النكاح الفاسد إذا طلَّقَها فتبين منه .

مسألة :

سادسًا : أن تكون الرجعة منجزة .

الشرح :

 أن تكون منجزةً . بمعنى : راجعتك . 

أما لو قال : راجعت زوجتي إذا جاء الشهر الفلاني . فلا يصحُّ .أو : إذا رضِيَ أبي . فلا يصحُّ .

مسألة :سابعاً

 أن يقصد الإصلاح .

الشرح :

أن يقصد الزوجُ الإصلاح ، فلو أنه راجعها من أجل أن يضربها فيحرم ولا تصح الرجعة على الصحيح . لقوله تعالى :{ إن أرادوا إصلاحًا } .

مسألة :

لا يشترط رضاها ولا علمها .

الشرح :

 للقاعدة السابقة :

 ( من لا يُشْتَرَطُ رِضاهُ لا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ ) .

مسألة :

تحصل الرجعة إما بالقول أو بالوطئ مع النية على الصحيح .

الشرح :

تحصل الرجعة إما بالقول : كأن يقول : راجعتُكِ . أو : راجعْتُ زوجتي . أو بالفعل ، وذلك : أن يطأها مع نيةٍ للرجوع . وذلك : أن المطلَّقة الرجعيّة لا يجوز أن تخرج من البيت ولا يجوز له أن يخرجها . قال تعالى :{ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ  } إلى قوله :{ لا تخرجوهنَّ من بيوتهِنَّ ولا يخْرُجْنَ إلا أن يأتين بفاحشةٍ مبيِّنَةٍ } فلتبق في بيت زوجها ولتتجمَّل له ، وتكون كالزوجات .

مسألة :

 الإشهاد واجبٌ فيها على الصحيح .

الشرح :

لا بد أن يُشهد في إرجاعه لزوجته اثنين على القول الصحيح . خلافاً لمن قال : إنه سنَّة . لقوله تعالى :

{ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ } .

مسألة :

 الرجعية زوجة فيما عدا القسم .

الشرح :

 فهي مثل الزوجات ، ما عدا القَسْمُ فإنه لا يَقْسِمُ لها .

مسألة :

 تنتهي بانتهاء العدَّة : فإن كانت حاملاً فبوضعه كله . وإلا فالحيض إذا انقطع دم الحيضة الثالثة على الصحيح . وإن لم تغتسل .

الشرح :

تنتهي العدَّةُ باختلاف النساء . فإن كانت حاملاً فلا بد أن تضع ما في بطنها ، فلا تنتهي العدة بوضع نصفه ، بل بوضعه كله لا بد أن يخرج كله . وإن كان الحمل اثنين . لا بد أن يخرج الاثنان لقوله تعالى :

{ و أولات الأحمال أجَلُهُنَّ أن يَضَعْنّ حمْلَهُنَّ }

 فإن لم تكن حاملاً فتكون عدتها بالحيض . وتنتهي بانقطاع دم الحيضة الثالثة على الصحيح وإن لم تغتسل ، لأنَّ بعض العلماء يقول : لو انقطع دمها بعد الحيضة الثالثة ولم تغتسل فليس فلزوجها الرجوع ،والصحيح أنه لا رجعة له

مسألة :

 إن تزوجت وأتى ببيِّنَةٍ على رجعتها رُدَّت إليه ، وتَعْتَدُّ للثاني .

الشرح :

 لو أنها تزوجت ولم تعلم أن زوجها قد راجعها فتبين بعد زواجها أنَّ زوجها قد راجعها في عدتها قبل أن تنقضي ، وهي تزوجت بعد انتهاء العدَّة . فيقال للزوج : ألديكَ بيِّنَةٌ على الرجعة .

فإن قال / لا ،  فلا يُقْبَلُ قوله ، وإن أتى ببينة فترد إليه ،  لكن لا يمسُّها الأول حتى تعتدَّ للثاني ، لئلا  يختلط الماءان .

مسألة :

 تعود البائنة الكبرى إن تزوجت بنكاحٍ صحيحٍ وجامعها في القُبُل مع الانتشار ، ولو كان من نائمٍ . ولو لم ينزل .

الشرح :

 إذا أراد أن يتزوج الزوج الأول بزوجته التي بانت منه بينونةً كبرى فلا بد أن تتزوج بزوجٍ ثانٍ . قال تعالى :

{ فإنْ طلَّقها فلا تحِلُّ له من بعدُ حتى تنكِحَ زوجًا غيره }

 لكن لا بد أن يكون هذا النكاح من الثاني نكاحًا صحيحًا

( ويخرج الفاسد والباطل )

ولا بد أن يجامعها الزوج الثاني في القُبُلِ مع الانتشار وذلك أن ينتشر ذكَرُه ،

 أما مع استرخاء الذكر فلا يكون هذا جماعًا . حتى ولو جامعها في حال نومه ، وذلك : كأن ينتشر ذَكَرُهُ حال النومِ ، ثم تُدْخِلُ ذَكَرَهُ في فرجِهَا فيكون هذا جماعًا ولو لم يحصلْ إنزالٌ . فمتى ما جامعها في قُبُلِهَا قد انتشر ذكره ، فطلّقَها الثاني فلها أن تعود إلى الأول بعقدٍ جديدٍ وبمهرٍ  جديد .

مسألة :

إن ادعت أنه جامعها وأنكر الزوج الثاني فقولها .

الشرح :

لو أن الزوج الثاني طلَّقها وأرادت أن تعود إلى الزوج الأول بنكاحٍ جديدٍ ، فأنكر الزوج الثاني أنه وطئها . قالت : لقد جامعني . وقال هو : لم أجمعها ، لم أطأها . وقالت : وطِئَني . فالقول قولها .

مسألة :

إن ادَّعَت انقضاء عدَّتها بوقتٍ لا يمكن انقضاؤها فيه لم يسمع لها ، ولو أتت ببيِّنةٍ . وإن كانت في وقتٍ يندُرُ فنَعَم . وإن كانت في وقتٍ ممكنٍ قُبِلَ بلا بيِّنَةٍ .

الشرح :

لو أن امرأة ادعت أنها حاضت ثلاث حِيَضٍ في عشرة أيامٍ فجاءت بعد طلاق زوجها لها بعشرة أيامٍ ، وقالت : لقد انتهت عدتي ، حِضتُ ثلاثَ حِيَضٍ . فلا يقبل قولها ولا يسمع لدعواها ، لأنَّ هذا مستحيل .

لكن لو أنها أتت في وقتٍ يندر .

الغالب : أن النساء يَحِضْنَ في الشهر مرةً واحدةً . يعني : أنها في ثلاثة أشهرٍ . هذا هو الغالب . فلو أنها أتت وقالت : بعد أربعين يومًا أو خمسة وثلاثين يومًا . وقالت : لقد انتهت عدتي . هذا ممكن ، لكن نقول : لا بد أن تأتِ ببينةٍ .

لكن إن كان في وقتٍ يكثر : فلا حاجةَ للبيِّنة ، لأن الله – عز وجل – وكَّلَ أو جعل أمرَ ما في أرحامهِنَّ إليْهِنَّ ، فهُنَّ مُؤتَمَنَاتٍ . قال تعالى :{ ولا يحِلُّ لهُنَّ أنْ يكْتُمْنَ ما خلق الله في أرحامِهِنَّ إنْ كُنَّ يُؤمِنَّ بالله واليوم الآخر } .

مسألة :

 إن عادت بعد البينونة الكبرى فيملك ثلاث طلقاتٍ ، والبينونة الصغرى : يملك ما بقي . وكذا على الصحيح لو عادت بعد زوجٍ ثانٍ

الشرح :

 إن طلَّقَهَا طلاقًا بائنًا فلا بد من نكاحٍ آخرَ من زوجٍ آخرَ . فإن عادت إلى الزوج الأول فإنه يملك ثلاث تطليقاتٍ .

لكن : لو أنه طلَّقها طلاقًا بائنًا طلقةً واحدةً أو طلقتين ، ثم انتهت عدتها ، ثم تزوَّج بها فعادت إليه فهو طلَّق في الماضي طلقتين فلا يبقى له إلا واحدة .

 وكذلك : لو طلَّق واحدة ً فإنه لا يبقى له إلا اثنتان . لو قال قائلٌ : هبْ أنه لما طلّق زوجته طلاقًا بائنًا . طلّقها اثنتين طلاقًا رجعيًّا فبانت منه ، فلما بانت منه بينونةً صغرى تزوجت بزوجٍ ثانٍ – الزوج الثاني غير مشترط – إلا في البينونة الكبرى . لكن في البينونة الصغرى : تزوجت بزوجٍ ثانٍ ، ثم طلقها الزوج الثاني فعادت إلى الأول .

فهل يملك ثلاث طلقاتٍ ؟

 أو يملك طلقةً واحدةً ، لأنه طلق في السابق طلقتين ؟

خلافٌ بين العلماء ،

 والصحيح :

 الذي عليه فتيا كثيرٍ من الصحابة أنها تعود على ما سبق بمعنى أنه لا يملك إلا طلقةً واحدةً ، حتى ولو كانت بعد زوجٍ ثانٍ .

إذًا :

  • بعد البينونة الكبرى : يملك ثلاثا .
  • بعد البينونة الصغرى : تزوجت بزوجٍ آخرَ أو لم تتزوج . تعود على ما بقيَ من طلاقٍ