من الفوائد البلاغية :
تعريف المسند إليه عن طريق الإشارة :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الفوائد البلاغية :
لازال الحديث في تعريف المسند إليه وقلنا :
إن علم المعاني يرتكز على أساسين المسند والمسند إليه
فالمسند هو المحكوم به
والمسند إليه هو المحكوم عليه
وهذا المحكوم عليه لابد أن يكون معروفا واضحا حتى يكون الحكم عليه
وسبق تعريف هذا المسند إليه بطريق الضمير وبطريق العلمية
في هذا اليوم نأخذ تعريف المسند إليه عن طريق الإشارة :
ولتعلموا :
أن الإشارة لا تكون على بابها إلا إذا كان المشار إليها واضحا في ذهن السامع والمتكلم أو نقول إلا إذا كان المشار إليه في ذهن السامع والمتكلم ويكون هذا المشار إليه موجودا محسوسا ولا يعرف له المتكلم ولا السامع اسما ولا صفة
كما لو قلت :
أتعطيني هذا ؟
أشرت إليه لأنك لا تعرفه من حيث الاسم لا تعرف له اسما ولا تعرف له صفة
وهو شيء موجود ومحسوس ليس في الذهن وإلا فما الفائدة من الإشارة
لما تقول :
جاء هذا
لابد أن يكون شيئا محسوسا أمامنا موجودا لكني لا أعر ف له اسما ولا صفة
لو كنت أعرف له اسما قلت : جاء محمد
لو كنت أعلم له صفة قلت : جاء الذي هو مريض هو عليل هو فقير
لكن هنا لما نتحدث ونقول اسم الإشارة دل على أننا لا نعرف له اسما و لا صفة ولذلك أشرت إليه
لابد أن يكون حاضرا
أعطني هذه
هي معروفة لديك وهي موجودة
هي عالقة بالذهن محسوسة
لكن لما يكن هذا الشيء معروفا أقول : أعطني المسَّاحة
لكن قد تعرف اسمها
وقد تعرف اسم المشار إليه أو وصفه وتأتي باسم الإشارة لأغراض :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يخرج عن معناه الأصلي معنى الإشارة الأصلي : أن يكون حاضرا محسوسا وغير معلوم الاسم والصفة
إن كان معلوم الاسم والصفة وأتيت باسم الإشارة فلغرض
وهذا ما نريد أن نصل إليه
ما هي هذه الأغراض ؟
من بينها :
ـــــــــــــــــــــ
بيان حال المشار إليه من حيث قرب المكان وتوسطه وبعده :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مثال :
ــــــــ
تقول :
هذا ابني ـــــــــــ تريد بذلك بيان حال قربه
لما أقول :
ذاك ابني ـــــــــــ أنت لم تصرح باسمه تريد أنه متوسط المكان
لما تقول :
ذلك ابني ــــــــ تريد بذلك بيان حاله بعدا
ومن الأغراض :
ـــــــــــــــــــ
بيان قدر المشار إليه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بيان درجة المشار إليه قربا أو بعدا:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كقوله تعالى في مثال القرب : (( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ))
بيان ماذا ؟
بيان درجته من حيث القرب بمعنى أنه قريب ميسر لأن يهتدي به الإنسان
وبيان درجته من حيث البعد :
((ذلك الكتاب لا ريب فيه ))
يعني : أنه بعيد عن أن يصل إليه ريب أو شك
ومن الأغراض :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بيان تحقير المشار إليه قربا أو بعدا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما احتقر الكفار النبي عليه الصلاة والسلام :
((هل هذا إلا بشر مثلكم ))
وإما التحقير من حيث البعد:
(( فذلك الذي يدع اليتيم ))
ومن الأغراض :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
قصد إظهار غباوة السامع :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كقول الشاعر يهجو جريرا :
أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جامعتنا يا جرير المجامعُ
أولئك آبائي :
كأنه يشير إلى أنه غبي غفل عن أن آباءه وأجداده أصحاب مكانة
ومن الأغراض
بيان تمييز المشار إليه وانه بلغ مرتبة من الكمال :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كقول القائل :
ــــــــــــــــــــــــــ
هذا هو العالم الفلاني
كقول الشاعر :
وليس قولك من هذا بضائره العرب تعرف من أنكرت والعجمُ
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرمُ
ومن الأغراض :
ـــــــــــــــــــ
بيان أن المشار إليه ما استحق هذا الفضل إلا باتصافه بالصفات الحميدة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فإنه عز وجل لما ذكر المؤمنين وذكر ما لهم من صفات قال
: (( أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون ))
ومن الأغراض :
ـــــــــــــــــــــــ
أيضا قد يكون العكس :
استحقوا هذا الوصف الذميم باعتبار ما اكتسبوه من صفات ذمية
ـــــــــ
على كل حال الأغراض كثيرة وهذا من باب أن الذهن ينفتح على أشياء أخرى
ـــــــــــــــــــــــــــ
فائدة أخيرة تتعلق باسم الإشارة :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن الشيء القريب إذا كان بعيدا عن الذهن يكثر ذكر اسم الإشارة البعيد
أو بعبارة أخرى :
ننزل البعيد في الذهن منزلة البعيد في المكان
يعني :
نقول :
(( هذا ابني ))
يدل على قرب مكانه
ذاك ابني يدل على توسطه مكانا
ذلك ابني يدل على بعده من حيث ا لمكان
هذا شيء في الأعيان
لكن إذا كان بعيدا في الذهن وإن كان قريبا من حيث الواقع ينزل من زلة البعيد
ولذلك قال عز وجل في سياق الخضر : (( ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا ))
هوواقع وقريب من موسى لكن لما كان بعيدا عن ذهنه نزل البعيد في الذهن منزلة البعيد في المكان وهذا يحصل كثيرا أو يكثر كما قال أهل اللغة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ