التفسير المختصر الشامل تفسير سورة النساء من الآية (78) إلى (83) الدرس (64)

التفسير المختصر الشامل تفسير سورة النساء من الآية (78) إلى (83) الدرس (64)

مشاهدات: 436

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة النساء الدرس 64

من آية 78 الى آية 83

فضيلة الشيخ زيد البحري   حفظه الله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم وأصلي وأسلم على خاتم الأنبياء وإمام المرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيرا إلى يوم الدين    أما بعد

كنا قد توقفنا عند قول الله عزوجل ﴿ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ﴾   
هذه الآية ذكرها عزوجل بعد قوله تعالى ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾  فذكر هذه الآية من باب بيان أن أهل النفاق أو- كما قيل في الأية السابقة هم ضعفة أهل الإيمان – لو أن هؤلاء كانوا في هذه البروج ما نفعتهم تلك البروج والحصون من قضاء الله وقدره, ولذا قال: ﴿ أَيْنَمَا ﴾ أين أداة شرط و ما زائدة للتأكيد ﴿ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ ﴾ يدرككم جواب الشرط  ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ﴾  ولو كنتم في حصون مشيدة, ومن ثم قال بعض المفسرين ﴿ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ﴾  اي مجمّلة ومزينة كما قال عزوجل ﴿ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ. ﴾ ولكن قيل إن كلمة مشيد تختلف عن كلمة مشيد، على كل حال سواء كانت تلك البروج مزينة أو لا فإنها بروج وحصون منيعة سواء كانت مجملة أو لم تكن فإنها لن تغني عنهم من قدر الله عزوجل شيئاً،وهذه البروج هي الحصون المنيعة وهذا هو الصواب خلافاً لمن قال إن هذه البروج هي التي في السماء كما قال عزوجل ﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ﴾  فالمقصود هنا هي البروج التي تكون في الأرض, ومن ثم فإن الإنسان لا مفر له من الموت ولذا قال عزوجل ﴿ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ﴾ وكما قال عزوجل.﴿ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ ﴾  فقال عزوجل هنا ﴿ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ﴾  وذكرالحصون هنا يدل على أن الأمة مأمورة بأن تتخذ الحذر ومن ذلك مما مر معنا كما قال عزوجل ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ ﴾ هذا يدل على أن الأمة مأمورة بأن تأخذ الحذرمن الأعداء ومن ذلك أن تُبنى الحصون فبناية الحصون من أسباب أخذ الحذر والحيطة من مكائد الأعداء ومن ثم فإن في هذا رداً على المعتزلة القدرية الذين يقولون لو أن الرجل لو لم يُقتل لعاش أكثر من ذلك فيقال لهم هذه الآية ترد عليكم لم ؟ فهؤلاء لو كانوا في بروج مشيدة وهذه الأسباب التي استخدموها من الحصون لن تنفعهم شيئاً فدل هذا على أن الإنسان إذا مات بأي سبب من الأسباب سواء كان بمرض أو بقتل أوببلاء أو بأي شيء من هذه الأسباب فإن هذا هو قدره وهذه مدة حياته كما قال عزوجل ﴿ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا ۗ﴾  كما مرمعنا تفصيل هذه المسألة عند تلك الآية التي في سورة آل عمران. ﴿ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۖ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذه مِن عندكَ ﴾ يعني بسببك يا محمد وهنا الحسنة والسيئة ليس المقصود بها حسنة الطاعة أو سيئة الذنب المعصية, لا وإنما المقصود كل ماذكره المفسرون من أن الحسنة تشمل كل ما يلائم الإنسان من رزق من صحة من قوة من نصر من غنيمة والسيئة تشمل كل ما لا يلائم الإنسان من مرض من بلاء من ضعف من هزيمة كل ذلك داخل في هذا. إذاً قوله عزوجل ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۖ﴾ وهذه تكون في سياق من ؟ في سياق اليهود وفي سياق المنافقين لما أتاهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإن جاء الخير قالوا: هذا من عند الله , وإن جاءهم شر لا يلائمهم قالوا: إنما هذا منك يا محمد, وهذا تطير وهو شأن من ؟ شأن الأمم السابقة الكافرة, ولذا ماذا قال قوم صالح : ﴿ قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ﴾  وقال عزوجل عن موسى ﴿فإذا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَٰذِهِ ۖ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَىٰ وَمَنْ مَعَهُ ۗ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ الله﴾ وفي هذا دليل على تحريم التطير, ولذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: – الطيرة شرك – فالطيرة من الشرك بالله عزوجل, إذاً هنا ماذا قال ؟ ﴿ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ  وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِنْدِكَ ۚ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّه ﴾  تلك الحسنة وتلك السيئة, مايلائم الإنسان وما لايلائم الإنسان كله من عند الله يعني بقضاء الله وبقدره فلا يمكن أن يقع شيء في الكون مما يلائم الناس ومما لا يلائمهم لا يمكن أن يقع إلا بقضاء الله عزوجل وبقدره ولكن ليُعلم من أن الله عزوجل يخلق الخير لذات الخير ويخلق الشر لا لذات الشر وإنما هو يخلق الشر لمنافع متعددة ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾  فهو عزوجل يخلق الشر لمنافع و لمصالح, خذ هذه على سبيل المثال – إنسان مرض وهو متجبرإذا أتاه هذاالمرض فإن به خيراً لعله أن يعود إلى الله عزوجل إن كان تقياً مسلما فإن في ذلك تكفيراً لسيئاته أورفعة لدرجاته وخذ هذا كمثال. إذاً الله عزوجل يخلق الخيرلذات الخير ويخلق الشرلا لذات الشرعلى سبيل المحض وإنما يخلق الشر لمنافع ومصالح متعددة, ولذا ماذا قال عزوجل؟  ﴿ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا.﴾  فما يشاءه إنما هو عن علم وعن حكمة ومن ثم قال هنا ﴿ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ  وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِنْدِكَ ۚ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّه فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ﴾ هذا يدل على ماذا ؟ يدل على عدم فقههم وعلى عدم وعيهم وإلا لو كانت قلوبهم ملآ بالإيمان وبالتوحيد لما قالوا هذا القول ومن ثم ماذا قال عزوجل بعدها ؟ ﴿مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ  ﴾ ما أصابك من حسنة, أي مما يلائمك, مما مرمعنا مما يلائم الإنسان من صحة ومال وغنيمة وما شابه ذلك, ﴿ مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾  هذا تفضل وكرم من الله عزوجل, ﴿وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ﴾ أي بسبب نفسك يعني ما أصابك أيها الإنسان مما لايلائمك إنما هو بسبب ذنوبك مع أن الحسنة والسيئة التي تلائمك والتي لاتلائمك كما سبق ﴿قل كل من عند الله﴾  كلها بقضاء الله وبقدره، لكن إن أُصبت بحسنة من هذا الخيرفإنما هو تفضل وكرم من الله وإن أُصبت بسيئة مما لا تلائمك من شر أو مرض وماشابه ذلك فبسبب تقصيرك وبسبب ذنوبك أنت أيهاالإنسان ومن ثم فقد قال عزوجل ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾  ﴿ مَأَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ﴾ ومن ثم وإنه كان الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فالمراد من ذلك جنس الإنسان ومن ثم فإن قوله هنا ﴿ مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾  فيه الرد على القدرية الذين يقولون: إن العبد يخلق الطاعة والحسنة وهو يخلق بنفسه السيئة والذنب, يستدلون بالآية السابقة, لو كان كما قلتم لقال: ما أصبتَ من حسنة وما أصبتَ من سيئة وإنما قال: ما أصابك دل هذا من أن هذا بأمر الله عزوجل ولذا لو كانت الحسنة والسيئة المذكورة في هاتين الآيتين المراد منها الحسنة الطاعة والمراد من السيئة الذنب لو كان كذلك لما قال ما أصابك وإنما ما أصبتَ كما قال عزوجل لما ذكر الحسنة التي هي الطاعة ماذا قال عزوجل ولما ذكر السيئة التي هي المعصية ماذا قال عزوجل ؟ ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا ﴾  قال هنا ﴿وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا ﴾ وأرسلناك يامحمد للناس رسولا يعني إنما أنت رسول وما على الرسول إلا البلاغ . وقال عزوجل ﴿ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾ كفى بالله شهيدا فهو الشهيد المطلع العالم ومن ذلك هو شهيد ومطلع وعالم بأنك رسوله فلا يضرك ما يُقال عنك ولو لم يُؤمنوا كيف ؟ الله عزوجل شهيد ومما يدل على صدق رسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أنه لو لم يكن رسول كيف يطلع الله عزوجل على حال النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يفعل ما يفعل دون أن يُرسله, فدل هذا على أنه لو لم يكن رسولا لعاقبه الله عزوجل ولذا كما قال عزوجل ﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ ; لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾  ولذلك مما يدل على هذا الأمر وهي شهادة عظيمة تكفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم صدقاً وفخراً من أن الله شهد له بالرسالة ولذا ماذا قال عزوجل  ﴿ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ ﴾ يعني قل يامحمد لهؤلاء ﴿ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أكبرشَهَادَةً قُلِ اللَّهُ ۖ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ۚ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ۚ ﴾ وكما قال تعالى ﴿ لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾  ،  ﴿ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا ; مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾  ذكر هذه الآية من باب بيان من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رسول, والرسول الواجب عليكم أن تطيعوه لأن طاعته طاعة لله عزوجل لذا قال  ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ وقد ثبت قوله صلى الله عليه وآله وسلم – من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله –   ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّىٰ ﴾ أعرض وانصرف ﴿فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ﴾ لست يامحمد بحفيظ على هؤلاء لتنظرإلى أعمالهم وإلى تصرفاتهم إنما أنت رسول وما على الرسول إلا البلاغ ﴿ إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ.﴾ ، ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ; وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ ﴾  ويقولون طاعة هذاهو شأن أهل النفاق يقولون إذا أتوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمرنا لك طاعة نحن نطيعك كحالهم إذا التقوا بالمؤمنين ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ﴾ فقال عزوجل عن هؤلاء المنافقين ﴿ وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ ﴾  أي مجرد قول إنما قالوا قولاً ولكن هذا القول لا يفيد حتى تتحقق هذه الطاعة في الواقع مع اعتقاد صادق في القلب وإيمان بالله عزوجل وتصديق لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم وإلا لم تنفع, و لذلك هم يصلون ولكن صلاتهم لاتكون مقبولة لما في قلوبهم من الكفر والطغيان, لذا ماذا قال تعالى  ﴿ وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فإذا برزوا ﴾ أي انصرفوا وخرجوا وظهروا منك ﴿فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ ﴾ يقال بُيِت هذا الأمر بليل أي أُحكم بليل وإنما ذكرالليل لأن الإنسان يخلو بالليل مالا يخلو بالنهار لتدبير أمره وذلك لأن الشواغل منصرفة عنه في الليل, ﴿بَيَّتَ طَائِفَةٌ ﴾ يعني بدلوا هذا الأمر بمعنى أنهم بالليل يدبرون أمراً ذلكم الأمر أنهم يبدلون ويغيرون ماقالوه  ﴿ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ ﴾ غير الذي تقول وهنا -والعلم عند الله- ذكر الطائفة يعني خص منهم طائفة مع أنهم قالوا في أول الأمر ﴿وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ﴾  ثم ذكر من أن طائفة منهم تبيت هذا الأمر وتغيره والعلم عند الله لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم علم بحال هذه الطائفة فبين حالها فاختُصت به وأما الطائفة الأخرى فلم يتبين له شئ من أمرها فظهر مايتعلق بالتبعيض هنا, ﴿ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ ۖ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ﴾ الله عزوجل يكتب ويحفظ عليهم مايبيتونه ومايبدلونه ولذا كما قال عزوجل في الآيات الآتيات ﴿ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ ۚ﴾ فإن الإنسان لو أخذ مايريد من البشر فإن الله عزوجل مطّلع عليه، ولذا قال ﴿ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ ۖ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ ﴾ فأعرض عنهم كما قال عزوجل في الآيات السابقات ﴿ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا ﴾ هنا ماذا قال عزوجل عن هذه الطائفة من المنافقين ؟ قال هنا لما قال ﴿ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ ۖ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا ﴾ أُمر بالتوكل على الله عزوجل فإن هؤلاء ولو صنعوا ماصنعوا بالليل ودبروا مادبروا فإن عليك أن تتوكل على الله عزوجل ومن توكل على الله كفاه ولذا قال ﴿ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا ﴾ هو الذي يتولى أمورك فيدفع عنك الضر ويأتي إليك بالخير، فإن هؤلاء ولوصنعوا ماصنعوا فإنهم ضعفاء ومن ذلك هنا لما قال عزوجل آمراً له بالتوكل هذا التوكل لابد من فعل الأسباب ومن الأسباب أن يأخذ الإنسان حذره والحيطة من مكائد الأعداء ومما يدل على ذلك ما مر معنا في قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ ﴾ فقال عزوجل هنا ﴿ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا ﴾  ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ﴾ أفلا يتدبرون القرآن إستفهام إنكاري ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ﴾ ومن ثم هذه الآية فيها دليل على الأمر بالتدبرولذلك ماذا قال عزوجل ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ ، ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ فقال هنا ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ﴾ ولذلك هؤلاء وغيرهم لكن السياق حول هؤلاء والآية عامة لكن هؤلاء لو تدبروا القرآن لنفعهم ذلك لكنهم معرضون منصرفون ولذا ماذا قال عزوجل عن الكفار ﴿ أفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ﴾ فدل هذا على أن الإنسان مأمور بتدبر كتاب الله عزوجل حتى من كان غير عالم ويقرأ القرآن عليه أن يتدبر فهناك من الأشياء ماهي واضحة ومفهومة إذا لم يعرف شيئاً  عليه أن يسأل أهل العلم ومن ثم فعلى المسلم أن يحرص على التدبر والتأمل, ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ لو كان هذا القرآن من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا وذلك لأن من يتكلم بكلام كثير فإنه يحصل في كلامه من التناقض أو يحصل في كلامه من الإختلاف من حيث لفظه, من حيث لغته, من حيث معناه مما يتعلق بأصول وبمفردات الكلام لفظاً أو معنىً  لكن هذا القرآن لايمكن أن يقع فيه اختلاف وتناقض, ولذا ماذا قال عزوجل كما مر معنا في أوائل سورة البقرة ﴿الم ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ﴾ أي لا شك فيه فقال هنا  ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ وهذا يدل على ماذا ؟ يدل على أن القرآن محكم وهو الإتقان يعني أنه متقن ولذلك ماذا قال تعالى ﴿ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ﴾ ويدل هذا أيضاً على أن ما تشابه من الآيات في كتاب الله عزوجل لو رُدت هذه الآيات المتشابهات – كما مر معنا في سورة آل عمران كما يفعل الراسخون – لأصبح الكل محكما, ولذلك ماذا قال الراسخون لما ذكر الله عزوجل حال أهل الزيغ  ﴿فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا ﴾ إذاً ماكان من عند الله فلا تناقض فيه ولذا ماذا قال عزوجل ﴿ وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ﴾ فهو حكيم وقرآنه حكيم أُحكمت آياته ومن ثم لو قيل أن هناك اختلاف في القرءآت هناك قرءآت سبعية وهناك قرءآت تسمى بالعشر وشيخ الإسلام رحمه الله يقول: هذه القرءآت السبعية التي ثبتت يأتي ما يكملها من تلك الثلاث فتكون عشرة ولا تناقض بينها, قال رحمه الله كما في الفتاوى: مثل هذه لا تناقض فيها فالقرءآت السبع أوالقرءآت العشرلاتناقض فيها لم؟ لأنها إما أن يتفق لفظها ومعناها وذلك مثل الإمالة, مثل الترقيق, مثل التفخيم هذا القارئ أو أحد القراء يقرأ بإمالة ذلك لايقرأ بها فاللفظ هوهو والمعنى هوهو لم؟ لأن الإختلاف من حيث الظاهر فقط في الإمالة وفي الترقيق وفي التفخيم, النوع الثاني ما اختلف لفظه واتفق معناه كما في مثل لفظ – هلم ,تعال, أقبل – اختلف اللفظ واتفق المعنى فكل هذه المعاني واحدة.  النوع الثالث ما اختلف لفظه واتفق معناه من وجه دون وجه آخر كما يقرأ بعضهم – يكذبون – وآخر يقرأ – يكَذِبون – قال رحمه الله: فهذا الإختلاف من وجه دون وجه آخر يكون متمماً بمعنى أن تلك القراءة إذا ضُمت مع هذه القراءة فإنها تكمل, على سبيل المثال – يكذبون – هذا يدل على أنهم أصحاب كذب فإذا جاءت تلك القراءة – يُكَذِبون – دل هذا على أنهم أصحاب كذبٍ عظيم وهذا كمثال. إذاً قال ﴿عزوجل  وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا.  وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ ﴾ إذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به – هذه الآية إما أن تكون لبيان حال المنافقين مما مر ذكرهم مما ذكره عزوجل عن هؤلاء المنافقين, أوعن ضعفة إيمان من أهل الإسلام. ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ ﴾  أي نشروه بمعنى أنه إذا جاء خبر من الأخبار التي تتعلق بمصالح المسلمين من غزو أوغيره إن كانت صالحة أو إن كانت غير صالحة  بمعنى هل هي سارة أو مسيئة؟ – مثلاً كانتصار جيش أو سرية, هزيمة جيش أو سرية, أذاعوا به , ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ ﴾  وهذا يدل على ماذا؟ يدل على إنه قيل هم ضعفة الإيمان على أن الإيمان ليس براسخ في قلوبهم وإلا فمن كان مؤمناً تمام الإيمان فإنه يؤمن بقضاء الله وبقدره وإن كان المقصود أهل النفاق فإنهم أصحاب رعب وأصحاب خوف وأصحاب إرجاف, ولذا ماذا قال هنا ﴿ أَذَاعُوا بِهِ ۖ ﴾  ومن ثم فإن مثل هذه الآية تصدق على مثل هذا الواقع فإن الأخبار التي تُنشر في وسائل التواصل أو في وسائل الإعلام دون التثبت حتى لو تثبت منها الإنسان ويعلم مثلاً أن إفشاءها ونشرها يتولد منه شرورعلى أهل الإسلام كأن تُخبر مثلاً بتحركات جيوش المسلمين أو قوات عسكرية لأهل الإسلام إلى تلك البقعة أو إلى ذلك المكان فمثل هذا يُنتج منه الضرر على أهل الإسلام ومن ثم فإن المسلم عليه أن يكون حكيماً. ماذا قال عزوجل ﴿ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ ﴾ أولوا الأمر هم أصحاب العلم والفقه وقال بعضهم هم الولاة والحكام ومن له منصب في بلدان  المسلمين وهذا يؤكد ما مر معنا من أن قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾  من أنهم الأمراء والعلماء لأن ذكر العلماء هنا عند المفسرين هو الأشهر من الحكام باعتبار أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ذُكر قبل أولي الأمر﴿ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ ﴾ أي يستخرجونه بمعنى أنهم أصحاب العقل وأصحاب الفهم وهم أولو الأمر ينظرون هل في هذا الخبر – إذا وصلهم – هل في هذا الخبر خير لأهل الإسلام فيظهرونه أو أنه يكون فيه شر فيكتمونه لأنهم أصحاب علم وفهم ولهم دراية وبعد نظر ﴿ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ ﴾ وقيل – ولا مانع من دخول ذلك – وقيل لعلمه يعني من يبحث عن معرفة هذا الأمر من الأمن أو الخوف لعرفه أولئك بعد أن يردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم والأول هو الأشهروالأظهرولا مانع من دخول هذا. ﴿ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ ﴾ ولذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه – وأصل الحديث في الصحيحين في رواية مسلم – لما أُشيع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم طلق نساءه –اعتزل صلى الله عليه وآله وسلم نساءه – فأتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه إليه وقال: يارسول الله الناس يقولون إنك طلقت نساءك فهل طلقتهن؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: لا فقال عمر رضي الله عنه: الله أكبر ثم نشر الخبر من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يطلق نساءه فنزلت هذه الآية فقال عمر رضي الله عنه: – أنا من الذين يستنبطونه – ولذا ماذا قال عزوجل  ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ لولا فضل الله عزوجل فضل الله عزوجل واسع ورحمته عزوجل واسعة ومن ذلك من أنه عزوجل بعث إليكم هذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم وارتضى لكم هذا الدين وأنزل عليكم هذا القرآن ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ سبحان الله هنا فيه إشكال عند المفسرين ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ بمعنى الإشكال ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ﴾ لاتبع الكل الشيطان لأنه لا يمكن أن يستقل هؤلاء القلة من هذا الإستثناء فلماذا قال عز وجل هنا ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ قيل أن كلمة قليلا ترد إلى الذين يستنبطونه ﴿ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ إلا قليلا منهم أو ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ﴾ أي نشروه إلا قليلا منهم وهذا يقتضي أن هناك تقديما وأن هناك تأخيرا وهناك من العلماء من قال ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ﴾  بمعنى لو لم يبعث إليكم هذا الرسول ولم ينزل عليكم هذا القرآن لاتبعتم الشيطان إلا قلة منكم و هذا كحال من كان قبل مجيء النبي صلى الله عليه وآله وسلم كورقة ابن نوفل وكزيد ابن عمر ابن النفيل الذي لما عجز أن يعرف الدين الحق وكان قد اجتنب عبادة الأصنام واجتنب أكل ما يذبحونه للأصنام قال لما سأل الرهبان من أن الدين الحق هو دين إبراهيم فقال : اللهم إني على دين إبراهيم قال هنا عز وجل ﴿ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ يمكن يصدق على أولئك لأنه لم يأت لهم رسول ولم تأت إليهم رسالة ولم ينزل عليهم قرآن والذي يظهر – مع أن ما سبق أيضا هي توجيهات لها مكانتها و قدرها- من أن قوله عز وجل ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾  من أن القلة هنا الكل، ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ﴾  كلكم بمعنى  القلة  وهناك أبيات من الشعر تدل على أن القلة الكل ولعله مما يؤيد هذا من أنه عز وجل قال ﴿ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ﴾ فقليلا ما يؤمنون من بين الأقوال التي ذكرناها العدم وعلى كل حال فهذه التوجيهات من أهل العلم ومن أهل التفسير لها مكانتها وقدرها والآية ولله الحمد لا إشكال فيها إما أن ترد إلى كلمة ﴿ أَذَاعُوا بِهِ﴾  أو إلى ﴿ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ﴾ أو إلى ما سبق قبل أن يأتي هذا الإسلام أوتكون كلمة القلة هنا بمعنى الكل .