التفسير المختصر الشامل تفسير سورة النساء من الآية (84) إلى (91) الدرس (65)

التفسير المختصر الشامل تفسير سورة النساء من الآية (84) إلى (91) الدرس (65)

مشاهدات: 537

تفسير سورة النساء

من آية ٨٤ إلى آية ٩١

الدرس٦٥

للشيخ زيد البحري حفظه الله

 

(فَقاتِل في سَبيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلّا نَفسَكَ)هنا أمر

 بالقتال ، فقاتل أُمر ، الفاء هنا مرتبطة بما سبق لأن ما سبق من بينه (وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ) ومما تقدم( وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ ).. الآية

 قال هنا (فَقَٰتِلْ في سَبِيلِ ٱللَّهِ) فقاتل في سبيل الله لإعلاء كلمة الله ( فَقَٰتِلْ في سَبِيلِ ٱللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ) يعني أنت مأمور بأن تقاتل في سبيل الله ولو كنت وحدك .

قال ابن عطية وغيره من أهل العلم قالوا : لم يأت أمر من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقاتل وحده ولو في زمن محدد ولو كان في زمن  قليل ، قالوا  لم يأت  أمر بذلك فدل هذا على  أن قوله ( فَقَٰتِلْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ) أي هو أمر له ولأتباعه ممن أمر بالقتال فهو له ولجنسه بمعنى أن كل مؤمن مأمور بأن يقاتل في سبيل الله ولا ينظر إلى حال المثبطين كما قال الله عز وجل في الآيات السابقات(وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ ) الآية ..

فقال هنا ( فَقَٰتِلْ في سَبِيلِ ٱللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ) قال ”  لَا تُكَلَّفُبالرفع لم يقل لا تكلفْ بالجزم لأنه ليس علة  للكلام السابق ليس قوله لاتكلف أي فقاتل في سبيل الله بسبب أنك لا تكلف إلا نفسك ليس هذا هو المقصود حتى تجزم هذه الكلمة لا تكلفْ وإنما أتت بالرفع لأنها للمستقبل يعني قاتل وحدك في سبيل الله في المستقبل ولو لم يأت أحد معك .

(لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ) أي هيّج المؤمنين وأمرهم بما بالقتال كما قال عز وجل ( وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ) على القتال ، وسياق الآيات يدل على أن التحريض  في القتال لقوله ﴿فَقاتِل في سَبيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلّا نَفسَكَ وَحَرِّضِ المُؤمِنينَ عَسَى اللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأسَ الَّذينَ كَفَروا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأسًا وَأَشَدُّ تَنكيلًا﴾عسى الله أن يكف عسى إذا أتت من الله أو من الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال ابن حجر رحمه الله وغيره فهي للتحقيق يعني أنها واقعة (عَسَى اللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأسَ الَّذينَ كَفَروا)فالله ما أطمع أهل الإيمان إلاّ لأنه سيعطيهم ما أطمعهم فيه فقال هنا ( عَسَى اللَّهُ أَن يَكُفَّ)

أن يمنع ( بَأسَ الَّذينَ كَفَروا) أي قوة ومنعة الذين كفروا ،يكفهم عنكم أنتم أيها المسلمين ؛ إذاً عليكم أن تعتصموا بالله عزوجل ولو قال  قائل ما يُرى  في هذا الزمن وما سبقه من أزمان من أن الكفّار تسلطوا على المسلمين فأين هذا الوعد الذي هو متحقق كما قلتم ؟ لأن كلمة عسى تدل على التحقق وعلى الوقوع ، فيقال إنّ وعد الله عز وجل يتحقق ولو بما قل ولو بما قل فإنه متى ما وقع  فهنا ولو كان قليلاً فإن وعد الله عز وجل لم يخلفه الله وتحقق وتأمل ما جرى في غزوة بدر كيف كفّ الله عز وجل بأس هؤلاء ، تأمل ما جرى في صلح الحديبية، تأمل ما جرى في غزوة الأحزاب(وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا ) تأمل حال اليهود الذين دفع الكثير منهم الجزية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم . إذاً تحقق مثل هذا ، لكن لو قيل لماذا لم يتحقق في مثل هذا الواقع ؟ نقول لأن النفوس تغيرت ماذا قال الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُم) من نصر دين الله وتمسك بشرع الله عز وجل نصرة الله عز وجل ، ولكن هنا لمّا حصل التفريط من أهل الإسلام هنا عاقبهم الله عزوجل لأنهم لم يقوموا بهذا الأمر الواجب وهو القيام بشرعه ، ولذا ماذا قال ( إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ )(عَسَى اللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأسَ الَّذينَ كَفَروا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأسًا) (أَشَدُّ بَأْسًا ) أشد سلطة وقوة ( وَأَشَدُّ تَنكِيلًا) أي عقوبةً لهؤلاء فعقوبة هؤلاء لكم ليست بشيء فالله عز وجل سيعاقبهم أعظم العقوبة ( وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا ) هو أعظم قوة فهو القوي العزيز القدير المقتدر الملك فقال عز وجل هنا

  ( وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلًا)(مَن يَشفَع شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَهُ نَصيبٌ مِنها وَمَن يَشفَع شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَهُ كِفلٌ مِنها)  الشفاعة هنا ما هي ؟ الشفاعة اختلف فيهاالمفسرون لكن هي من حيث الإجمال ولا تناقض فيما ذكروه من أن الشفاعة الحسنةهي الشفاعة لجلب نفعٍ لمسلمٍ،والشفاعة السيئة هي الشفاعة يعني الوساطة التي تجلب للمسلم الضر ، ومن ذلك يدخل في الشفاعة الحسنة الدعاء لأهل الإسلام ، ولذلك ثبت قوله صلى الله عليه وآله وسلمدَعْوةُ المُسْلِمِ لأَخيهِ بِظَهْرِ الغَيْبِ مُسْتَجَابة وأما الشفاعة السيئة فهي الدعاء على أهل الإسلام .

إذاً الشفاعة الحسنة هي إيصال الخير والنفع إلى أهل الإسلام ، والشفاعة السيئة هي ماذا إيصال الشر والضر إلى أهل الإسلام .

خذ على  سبيل المثال من شفع شفاعة حسنة عند شخص له مكانة من أجل أن يعطي فقيراً هذه شفاعة حسنة ، من شفع بشفاعةٍ سيئة لمن لديه مكانة وقدرة من أجل أن يضر بفلان بحبس أو بضرب أو ما شابه بذلك فهي شفاعة سيئة ، من شفع شفاعة حسنة للإصلاح بين متخاصمين مسلمين هنا شفاعة حسنة ، من شفع  بشفاعة سيئة لغيبة أو نميمة ليتوصل إلى التفريق بين شخصين من زوجين أو غيرهما هنا شفاعة سيئة ، إذاً هي عامة ( مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ  ) قال حسنة ، يعني هنا نكّرها في سياق الشر فتعم ولو قلّت (مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةًحَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا ) أي نصيب من هذه الشفاعة ، وإذا كان له نصيب من هذه الشفاعة فإنه يؤجر عليها ، وإذا كانت نصيباً له فالله

عز وجل يضاعف لمن يشاء ، ولذا لما  أتى إلى كلمة السيئة ماذا قال ؟( وَمَن يَشفَع شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَهُ كِفلٌ مِنها) الكفل هو المقدار بمعنى أن تلك السيئة التي بسببه حصلت إنما هي مثلها ولا تضعّف كما قال عز وجل

( مَن جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشرُ أَمثالِها)مع العلم أن كلمة الكفل تطلق على النصيب في الشر والنصيب في الخير ، في نصيب الشر كما هنا ، وفي نصيب الخير ماذا قال عزوجل؟ (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ)قال ( يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ ويجعل لكم نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ) ، ( وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا ) فهو القدير المقتدر المعطي الذي يعطي كل إنسان مايحتاج إليه ويسبغ النعم ، فإن تلك الشفاعة سبب ، تلك الشفاعة الحسنة سبب وإلاّ فلا يمكن أن تحصل إلابقضاء من الله وبقدره لأنه هو المقيت المقتدر ، المقيت الذي يوصل للناس أرزاقهم وللخلق أرزاقهم ومن ذلك ماقاله صلى الله عليه وآله وسلم كما ثبت عنه كفى بالمرءِ إثمًا أن يُضَيِّعَ من يقوتُ وفي رواية مَن يَعُول هنا ماذا قال ؟ ( وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا ) إذاً من يفعل تلك الأسباب لإيصال الخير إنما النفع يكون له ، أيضاً أنت يا من يُشفع لك لا تعلق رجاءك وقلبك بهذا فإنما هذا بشر جعله الله سبباً ولو شاء الله  عز وجل لو اجتمعت الأسباب كلها على أن تعطيك شيئاً والأسباب المخلوقات

ما استطاعت ، كل ذلك بقضاء من الله عز وجل وبقدر ، ولذلك ماذا قال صلى الله عليه وآله وسلم لابن عباس كماثبت عنه قال واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك بشيء إلا قد كتبه الله لك،ولو اجتمعت الأمة الأمةيعني الخليقة ولو اجتمعت الأمة على أن يضروك بشيء لم يضروك بشيء إلا قد

 كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف كل شيء بقدر من الله عز وجل فلا حولاً  للإنسان ولا قوة إلا بالله  ومن ثَمّ فإن على العبد أن يعلق قلبه بالله عز وجل.

(وَإِذا حُيّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيّوا بِأَحسَنَ مِنها أَو رُدّوها)(وَإِذا حُيّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيّوا بِأَحسَنَ مِنها أَو رُدّوها) التحية هنا على المشهور وهو الصحيح هي تحية السلام التحية المعروفة خلافاً لمن قال من أن  التحية هي الهدية

 لأنه قال هنا دليلهم ( أَوْ رُدُّوهَا ) قالوا والتحية لا ترد إنما الذي يرد هو الهدية ، الذي يرد هو الهدية قالوا ومن ثم بناءً على قولهم هذا من أهديت له هدية من أجل أن يُعطى هذا المهدي نظير هذه الهدية فإنه إن شاء لم يقبلها وإن شاء قبلها وعوضه ثمنهاوهذه تسمى عند العلماء بهدية الثواب  بمعنى أنها تأخذ حكم البيع وليست كالهدية التي يدفعها الإنسان من باب البر أو من باب تحسين العلاقة أو من باب إسداء الخير لصاحبه ، فهذه تختلف عن هذه ، فهناك هدية ابتغاء الأجر من الله وهناك هدية

الثواب التي يراد منها ماذا ؟ العوض ..كأن يعطيك شخص مثلاً سيارة كهدية  على أنه وأنت تعرف على أنه يريد منك عوضاً منها إما مثلاً سيارة أخرى أو مثلاً بهيمة ناقة أو ماشابه ذلك فإن هذا يعد من البيع أما هدية ابتغاء الأجر من باب تصافي القلوب والإحسان إلى الغير فهذا كما قال صلى الله عليه وآله وسلم كما ثبت عنه تهادوا تحابواوكان صلى الله عليه وآله وسلم كما عند البخاري يقبل الهدية ويثيب عليها ، والصحيح أنها كما سلف التحية

تحية السلام (وَإِذا حُيّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيّوا بِأَحسَنَ مِنها أَو رُدّوها)( بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ) ، إذا سُلم عليك فإنك بين أمرين لأن الرد هنا واجب قال( فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) إذا كنت وحدك وإذا سلّم عليكم شخص وأنتم جماعة فالصحيح أنه يجزئ أن يرد واحد ، ولذلك ثبت قوله صلى الله عليه وآله وسلم يجزئ في الجماعة أن يسلم أحدهم، ويجزئ من المُسلّم عليهم أن يرد أحدهم فدل هذا على أن مايقال من أن السلام سنة صحيح ولذلك قال صلى الله عليه وآله وسلم كما ثبت عنه ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه  تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم وأمابالنسبة إلى أن رده واجب كما يقال ، نعم رده واجب إذا كنت وحدك فإن الواجب

يتعين عليك وحدك ، وإن كنتم جماعة فإن الواجب يتعين عليكم كلكم فإن قام به واحد سقط الإثم عن الباقين ، فقال هنا( فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ) ولا يحصل الرد بالمثل أو بالأحسن إلا إذا كان بالصوت ، فإذا سلم عليك ورفع الصوت فارفع الصوت ولاترد عليه بماذا ؟ بإخفات صوت لا يكاد أن يُسمع ، أيضاً ليس من رد التحية بأحسن منها أو بمثلها بأن تكون  بالإشارة إلا إذا كان الإنسان بعيداً عنك فإنك كما جاءت بذلك الأحاديث ويعضد بعضها بعضاً من أنك تشير إليه ولكن مع النطق حتى لو كان لا يسمعك حتى لا تتشبه باليهودوبالنصارى في تسليمهم ، إلا إذا كنت في الصلاة إذا كنت في الصلاة فسلّم عليك شخص فإن السنة جاءت كما ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم الرد باليد أو بالأصبع لكن من غيرأن يتلفظ ، فلو تلفظ المصلي فرد عليه وقال وعليكم السلام فإن صلاته تبطل إذا كان عالماً عامداً ، (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا )

 ( أَوْ رُدُّوهَا) قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما ثبت عنهلما أتى رجل فقال السلام عليكم قال : عشر ، فأتى رجل آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله فرد عليه عليه الصلاة والسلام فقال : عشرون ،فجاء رجل آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فرد عليه عليه الصلاة والسلام فقال : ثلاثون يعني من أنها ماذا ؟ من أنها ثلاثون حسنة . ومن ثّم هل يزيد على كلمة وبركاتهُ ؟ يزيد على وبركاتهُ قلتها بناء على الحكاية وإلا تجر  هل يزيد على كلمة وبركاته ؟هل يزيد عليها ومغفرته أو وطيب صلواته ؟ جاء حديث لكنه به ضعف ، أتى رجل رابع فقال السلام عليكم ورحمة الله ومغفرته فقال أربعونلكن هذه زيادة ضعيفة .

 ومن ثّم فإن بعض أهل العلم قال لا يزيد الملقي للسلام على كلمة وبركاته ، لايزيد عليها ، وجاءت آثار عن ابن عمر وعن ابن عباس رضي الله عنهما من أن شخص لما زاد قالوا إلى وبركاته فهذا هو نهاية التحية ونهاية السلام . وبعض أهل العلم يقول يجوز في ذلك والذي يظهر لي من خلال الأحاديث من أن الملقي يكتفي بكلمة وبركاته السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ولا يزيد لكن بالنسبة إلى من أُلقي عليه السلام فإنه يزيد، ولذلك ثبت في أحاديث يقوي بعضها بعضاً  عند البخاري في الأدب المفرد وعند غيره من هذه الآثار من أن الصحابة رضي الله عنهم إذا سلم عليهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم زادوا ومغفرته وعليك السلام ورحمة الله ومغفرته ولذلك سالم مولى ابن عمر لما أتى إلى ابن عمر فسلم عليه فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وطيب صلواته ”  وهذه آثار كما قال ابن حجر رحمه الله يعضدبعضها بعضاً ، فدل هذا على أن بعض أهل العلم قال : تجوز الزيادة على بركاته سواء الملقي أو الملقَى عليه ، وقال بعضهم تكون الزيادة لمن ألقي عليه السلام وهذا هو الأقرب عندي والعلم عند الله .

(وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا)

فهو حسيب وهو كفيل ووكيل وسيحاسب كل إنسان على ما عمل ومن ثَمّ فإن من تلك الأعمال التي يحاسب الله عز وجل عليها عباده ماذا ؟ مامر من ماذا؟ من التحية ومن الشفاعة فيما جاء من آيات سابقات .

(اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ) لما ذكر اسمه عز وجل (وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا) هنا ذكر مايتعلق بيوم القيامة من أن الناس سيموتون ، هذه الآية (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ) تدل على ماذا ؟ وتذكر بماذا ؟ تذكر الناس أن تلك الأعمال التي عملوها سينتقلون من هذه الدنيافيجتمعون في القبور ثم بعد ذلك يكون المرد إلى الله ولذا ماذا قال ؟ ( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ ) أي لا معبود بحق إلا هو (لَيَجْمَعَنَّكُمْ ) اللام تدل على القسم ، قسم(اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ)

 أين ؟  ليجمعنكم في القبور ( إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ) يعني سيكون بعد الجمع في القبور إلى يوم القيامة،ولذا لا يقال دفن في مثواه الأخير إذا قيل للميت دفن في مثواه الأخير فهذا غلط ، لم ؟ لأن القبر ليس هو المثوى الأخير لأن القبر كما قال عزوجل (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ) فإنما هي مدة محددة ثم بعد ذلك يبعث الله عز وجل الموتى فيحاسبهم عز وجل يوم القيامة

(اللَّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ لَيَجمَعَنَّكُم إِلى يَومِ القِيامَةِ لا رَيبَ فيهِ﴾ليس هناك شك في مجيء هذا اليوم ولذا ماذا قال عز وجل عن أولئك الراسخين في العلم(رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَّا رَيْبَ فِيهِ ) كما مر معنا في سورة آل عمران وقال عز وجل كما مر معنا في سورة آل عمران (فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَّا رَيْبَ فِيهِ) (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ)  وسمي يوم القيامة بهذا الاسم لأن الناس يقومون من قبورهم كما قال تعالى( يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ )

ولأن الموازين يوم القيامة كما قال عزوجل ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ) فدل هذا على أن يوم القيامة سمي بهذا  الاسم من أجل هذا الأمر ، ولذا قال(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا) استفهام يراد منه النفي والتحدي

 (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا) الجواب : لا أحد وفيه تحدي(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا) ومما دل على هذا ما ذكره عز وجل في الآيات السابقات وما ذكره عز وجل من الأخبار التي هي صدق  ولذلك ماذا قال عز وجل (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا  ) صدقاً في أخباره ، عدلاً في أحكامه قال عز وجل (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا)  وقال عز وجل ( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلا) (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوا) ذكر عز وجل مايتعلق بحال هؤلاء المنافقين بعد ماذكر تلك الأحكام السابقة من باب بيان أن أولئك المنافقين  لهم صور متعددة وضررهم متنوع قال عز وجل من باب التذكير بحال من سبق من أن هناك طوائف وأن هناك صوراً متعددة لأحوال هؤلاء المنافقين (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ) أي جماعتين ، بمعنى أن هذه الآية قيل إنها نزلت في شأن من خرج في غزوة أحد ممن خرج بثلث الجيش كما قال عز وجل   (وقيلَ لَهُم تَعالَوا قاتِلوا في سَبيلِ اللَّهِ أَوِ ادفَعوا قالوا لَو نَعلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعناكُم) وقيل في غير  هؤلاء ، المهم أن هذا الصنف صنف نفاق اختلف فيهم الصحابة رضي الله عنهم على جماعتين هل أولئك يقاتلونهم أم أنهم  لا يقاتلونهم فقال عزوجل  (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ) لماذا اختلفتم في هؤلاء إلى فئتين (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوا) والله أركسهم يعني نكّسهم بمعنى أنه ردهم إلى الضلالة بسبب أعمالهم ( بِمَا كَسَبُوا)  (واللَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ) سبحان الله انظر إلى حرص  من ؟ إلى حرص الصحابة رضي الله عنهم وحرص أهل الإيمان على أن يسلم الناس وأن يهتدي الناس ولذا قال عز وجل( أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ) بينما حال أهل الضلال والكفر ماذا قال عز وجل ( وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً ) (وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ ) ( وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا )

إلى غير ذلك من هذه الآيات ، بينما أهل الإيمان سبحان الله يحبون الخير للناس ولذا ماذا قال عز وجلأَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ ) استفهام انكاري لم ؟ لأن الهداية بيد الله  ولذا ماذا قال بعدها ؟ ( وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا ) لن تجد له أي طريق للهداية مهما كان ذلكم الطريق والسبيل عن طريق بشر عن طريق مال عن طريق قوة كما قال عز وجل ( لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) ( وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنتَجِدَ لَهُ سَبِيلًا ) كما قال عز وجل (وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا ) (مَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ ) (وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِهِ)فقال هنا( وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا ) .

( وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً) سبحان الله أنتم تريدون الهداية لهم وهم

يريدون لكم الكفر ،  ( أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّه وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ) أي من أنكم تكونون أنتم وهم سواء ، فقال عز وجل هنا(فَتَكُونُونَ سَوَاءً ) الفاء هنا ليست فاء سببية لو كانت فاء سببية لوقعت جواباً للتمني فتكون منصوبة كقوله تعالى ( يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا) وإنما الفاء هنا فاء عاطفة يعني ( وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً) أي وودوا تكونون سواء كما قال عز وجل ( وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ) أي وودوا فيدهنون فقال هنا ( فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ ) أولياء أصحاب ولاية ونصرة ومحبة (فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) سبحان الله هؤلاء منافقون وهم يعيشون معهم فكيف يهاجرون ؟ الهجرة أنواع من الهجرة : الهجرة من ديار الكفر إلى ديار الإسلام ، منها هجران أهل المعاصي وعدم الجلوس معهم ، منها الهجرة هجران العبد للذنوب كمال قال صلى الله عليه وآله وسلم المهاجر من هجر مانهى الله عنه الهجرة من بين أنواعها الهجرة في الجهاد في سبيل الله وهي المرادةُ هنا

(فَلا تَتَّخِذوا مِنهُم أَولِياءَ حَتّى يُهاجِروا في سَبيلِ اللَّهِ)حتى يخرجوا في الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . ( فَإِن تَوَلَّوْا ) فإن تولوا يعني أعرضوا عن

 الهجرة .(فَخُذُوهُمْ) يعني الأسر ولذلك يقال للأسير

 أخيذ ( فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا ) تحريم اتخاذ هؤلاء أولياء و أنصاراً (وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا)

( إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىٰ قَوْمٍ )  هنا إلا الاستثناء يعود إلى ماذا ؟ يعود إلى أنه يكف عن هؤلاء وهم الصنفان  المذكوران هنا ، وليس معنى ذلك  (إلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ) بمعنى أنه يجوز لكم أن تتخذوهم أولياء و أنصاراً ، لا لأن المسلم

لا يجوز له أن يوالي وأن يناصر الكافر ، ولذلك لأن هذين الصنفين هما كفار ، فإذاً (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ)يعود إلى ماذا ؟ يعود إلى ما قبل الولاية والنصرة من أنه لا سبيل لكم بقتالهم  ( إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ ) يعني أن هؤلاء المنافقين ذهبوا وانضموا فصاروا في حلف أناس من الكفار ، بينكم وبين أولئك الكفار معاهدة وصلح فهنا لا تقاتلوهم ، لمَ؟ لأنهم التحقوا بقوم بينكم وبينهم ميثاق ، وهذا هو الصحيح وليس معنى قوله ( إِلَّاالَّذِينَ يَصِلُونَ ) أي بينكم وبينهم نسب لأن الله عز وجل لم يحرم قتال الكفار الذين بين المسلمين وبين الكفار نسب ولا أدل من الوقائع التي حصلت في غزوة بدر وغزوة أحد ، إذاً ( إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ )يعني ينضمون إلى قومٍ كفار بينكم وبين هؤلاء

 الكفار ميثاق وعهد وصلح فيكون شأن هؤلاء المنافقين كشأن أولئك فلا يُتعرض لهم .

(أَوْ جَاءُوكُمْ) هذا صنف آخر ( أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ ) يعني ضاقت وهنا جملة حالية لأن المقدر قبلها قد أي قد حصرت ، ( أَوْجَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُم ) يعني هم من باب الاحترام لكم ومن باب عدم الأذية لكم لم يقاتلوكم وأيضاً لم تطاوعهم أنفسهم أن يقاتلوا قومهم ، فهؤلاء أيضاً لا يُتعرض لهم ، فقال هنا ( أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُم وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُم) ابتلاءً واختباراً ( وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً)

( وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَمِنْهُمْ وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ )

 لكن الله عز وجل كف عنكم شرهم ولذلك ماذا قال قبلها بآيات(عَسَى اللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا) هنا من بين ذلك ما ذكر هنا ، فقال هنا ( وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ ۚ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ) يعني الصلح والمسالمة ( فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا ) ليس لكم على هؤلاء سبيل .

إذاً تلخيص لما سبق من أن هؤلاء إن جاهدوا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو المراد بالهجرة فلا يُتعرض لهم ، إذا انضم بعض هؤلاء إلى قومٍ كفار بينكم وبين أولئك الكفار عهد  لا يُتعرض لهم ، إذا أتى قوم ولم يقاتلوكم ولم يقاتلوا قومهم لا يريدون أن يقاتلوا قومهم باعتبار أنهم منهم ولا يريدون أن يقاتلوكم احتراماً أو تقديراً أو ما شابه ذلك من هذه الأمور فهنا هؤلاء أيضاً وهو الصنف الثالث لا يُتعرض لهم .

( سَتَجِدُونَ آخَرِينَ ) هؤلاء صنف قد يشتبه عليكم بالصنف السابق من هم ؟ ( أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَو ْيُقَاتِلُوا قَوْمَهُم) هذا صنف خبيث ( سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ ) من باب ماذا أن يحفظوا أموالهم ونفوسهم( وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ ) إذا رجعوا إلى قومهم قالوا إنما نحن معكم( سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ) لأنهم من حيث الصورة يشبه هؤلاء أولئك ، (سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا ) بمعنى أن هؤلاء لو سمحت لهم فرصة بقتالكم لقاتلوكم لكنهم ما امتنعوا من قتالكم إلا خوفاً وجبناً ورعبا ، بينما الصنف السابق  (أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَوْيُقَاتِلُوا قَوْمَهُم ) ما امتنعوا من قتالكم إلا احتراماً لكم وتقديراً لكم فاختلف الأمر ، ولذلك ماذا قال عز وجل عن هؤلاء هنا

(كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ) يعني إلى الشرك( أُرْكِسُوا فِيهَا ) أي نكّسوا فيها كما قال تعالى(ثُمَّ نُكِسُوا عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ) قوم إبراهيم ( لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَٰؤُلَاءِ يَنطِقُونَ) ولذلك ماذا قال عز وجل عن حال هؤلاء المنافقين في غزوة الأحزاب ( لَوْدُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا) فحال هؤلاء ليس كحال السابقين (فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ ) أي المسالمة والصلح ( وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ) يعني عنكم ( فَخُذُوهُمْ ) بالأسر(وَاقتُلوهُم حَيثُ ثَقِفتُموهُم) أي وجدتموهم ( وَأُولَٰئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا ) أي لكم سلطان واضح وبيّن للتعرض لهؤلاء بالأسر وبالقتل  لم ؟ لأن هؤلاء ليسوا كأولئك السابقين ..نكتفي بهذا القدر

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد .