التفسير المختصر الشامل تفسير سورة النساء من الآية (113) إلى (122) الدرس (69)

التفسير المختصر الشامل تفسير سورة النساء من الآية (113) إلى (122) الدرس (69)

مشاهدات: 493

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة النساء من الآية ( 113) إلى ( 122)

 للشيخ زيد البحري ـ حفظه الله ـ

 

﴿وَلَولا فَضلُ اللَّهِ عَلَيكَ وَرَحمَتُهُ لَهَمَّت طائِفَةٌ مِنهُم أَن يُضِلّوكَ ﴾ لولا فضل الله عليك ورحمته يامحمد ، فضل الله عزوجل عليك واسع ، ورحمته عليك عامة، ومن ذلك أنه ارتضى لك هذا الدين وهو الإسلام ، وأنزل عليك هذا القران ، وعصمك عزوجل ، قال : ﴿وَلَولا فَضلُ اللَّهِ عَلَيكَ وَرَحمَتُهُ لَهَمَّت طائِفَةٌ ﴾ هذه عامة لاتحصر بالقضية التي عن طُعْمه بن أُبيرق ، لا ، لذلك بعضهم حصرها في هذا الجانب ، لا ، فضل الله عزوجل ورحمته على النبي ﷺ شئ عظيم، ولذا ماذا قال : ﴿وَلَولا فَضلُ اللَّهِ عَلَيكَ وَرَحمَتُهُ لَهَمَّت طائِفَةٌ مِنهُم أَن يُضِلّوكَ ﴾ يضلونه في ماذا؟ الضلال إما أن يكون في العمل ، وإما أن يكون في العلم ، فهم لم يستطيعوا ولن يستطيعوا أن يضلوا النبي ﷺ في عمله ، فهو قائم على شرع الله ، هو قائم بشرع الله ، وأيضًا الضلال في العلم ، بمعنى أنهم بما يأتون من الحيل وما شابه ذلك فإنهم لن يستطيعوا أن يضلوا النبي ﷺ عن العلم لم ؟ ، لأن الله عزوجل عصمه ولذا قال هنا : ﴿وَلَولا فَضلُ اللَّهِ عَلَيكَ وَرَحمَتُهُ لَهَمَّت طائِفَةٌ مِنهُم أَن يُضِلّوكَ وَما يُضِلّونَ إِلّا أَنفُسَهُم ﴾ دل هذا على أن الضلال إنما يعود على أنفسهم ،﴿وَما يَضُرّونَكَ مِن شَيءٍ ﴾ سبحان الله لما نفى أن يُصاب النبي ﷺ بضلال هؤلاء بين أنه لن يُضَرّ ، لم ؟ لأن الإنسان ربما أنه يُصرف عنه ماذا ؟ يُصرف عنه شئ ، قد يُنجّى من شئ لكن لا يلزم إذا نُجِّي أنه يصيبه شئ ، فقد ينجى بعد أن يصاب لكن هنا لما قال : ﴿وَما يَضُرّونَكَ مِن شَيءٍ ﴾ دل هذا على أن هؤلاء لن يستطيعوا إضلال النبي ﷺ ولا إضراره ، لافيما يتعلق بشرعه، ولا فيما يتعلق به ﷺ  ﴿وَما يَضُرّونَكَ مِن شَيءٍ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيكَ الكِتابَ وَالحِكمَةَ الكتاب والحكمة مر معنا ، إذا اجتمع الكتاب والحكمة ، فالمراد من الكتاب هنا : القران ، الحكمة : السنة ، ولذا قال بعض العلماء دل هذا على ماذا ؟ دل هذا على أن السنة منزلة، قلت : ولعل مايدل على هذا القول ، قول الله عزوجل :  ﴿وَما كانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلّا وَحيًا أَو مِن وَراءِ حِجابٍ أَو يُرسِلَ رَسولًا فَيوحِيَ بِإِذنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكيمٌ﴾

﴿ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيكَ الكِتابَ وَالحِكمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَم تَكُن تَعلَمُ ﴾ قبل مجئ هذا الشرع علمك الله عزوجل مالم تعلم قبل مجئ هذا الشرع ، ألم يقل الله عزوجل :﴿ ما كُنتَ تَدري مَا الكِتابُ وَلَا الإيمانُ﴾ ،﴿وَوَجَدَكَ ضالًّا فَهَدى﴾ الضلال هنا ليس الضلال الذي يتصوره الناس لا ، الضلال هنا مُفسر بقوله تعالى كما ذكرنا آنفًا قال :﴿ ما كُنتَ تَدري مَا الكِتابُ وَلَا الإيمانُ﴾

 

وهذه الآيات سأجمعها لك حتى تكون واضحة بينة :

1- هنا قال ﴿ وَعَلَّمَكَ ما لَم تَكُن تَعلَمُ ﴾

2- وقال عزوجل  ﴿نَحنُ نَقُصُّ عَلَيكَ أَحسَنَ القَصَصِ بِما أَوحَينا إِلَيكَ هذَا القُرآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبلِهِ لَمِنَ الغافِلينَ﴾

3- ﴿وَوَجَدَكَ ضالًّا فَهَدى﴾

4-﴿ ما كُنتَ تَدري مَا الكِتابُ وَلَا الإيمانُ﴾

5-﴿وَما كُنتَ تَرجو أَن يُلقى إِلَيكَ الكِتابُ إِلّا رَحمَةً مِن رَبِّكَ﴾

 هذه الآيات يوضح بعضها بعضًا .

 

﴿وَعَلَّمَكَ ما لَم تَكُن تَعلَمُ وَكانَ فَضلُ اللَّهِ عَلَيكَ عَظيمًا﴾ فضل الله عليك عظيم فيما مضى وفي أمورٍ أخرى.

 

﴿لا خَيرَ في كَثيرٍ مِن نَجواهُم إِلّا مَن أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَو مَعروفٍ أَو إِصلاحٍ بَينَ النّاسِ ﴾ قال هنا :﴿لا خَيرَ في كَثيرٍ ﴾  قال في كثير

﴿ مِن نَجواهُم ﴾ دل هذا على ماذا ؟ على أن هناك من النجوى فيها خير

 

 ﴿لا خَيرَ في كَثيرٍ مِن نَجواهُم إِلّا مَن أَمَرَ ﴾ هنا إلا إما أن تكون متصلة بمعنى : لاخير في كثيرٍ من نجواهم إلا نجوى من تناجى في أمر صدقة

﴿إِلّا مَن أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَو مَعروفٍ أَو إِصلاحٍ بَينَ النّاسِ ﴾ أو تكون إلا هنا استثناءً منقطعًا بمعنى لكن ، لاخير في كثير من نجواهم لكن من أمر بصدقة ولو لم تكن نجوى

 

 والنجوى كما يُطلق على الكلام الذي يُسَرّ ، يطلق على الأشخاص الذين يتناجون ، فالمتناجون يُطلق عليهم نجوى ، كما قال تعالى :﴿وَإِذ هُم نَجوى ﴾ وإذ هم نجوى ؛ يُطلق على أصحاب النجوى فيكون هنا : ﴿لا خَيرَ في كَثيرٍ مِن نَجواهُم ﴾ أي من المتناجين ﴿إِلّا مَن أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَو مَعروفٍ أَو إِصلاحٍ بَينَ النّاسِ ﴾

﴿ مَن أَمَرَ بِصَدَقَةٍ  ﴾ الصدقة: تتعلق بذات الإنسان نفسه فيما يخصه من العبادات التي تُقْصر عليه ، وقد تكون أشمل من ذلك ، مما يدل عليه : قوله ﷺ 🙁 فكل تسبيحة صدقة ، وكل تهليلة صدقة ، وكل أمرٍ بالمعروف صدقة ….)

﴿إِلّا مَن أَمَرَ بِصَدَقَةٍ ﴾ -صدقة ، تشمل !

ومن أعظم الصدقات ؛ صدقة العلم ، ولذلك قال بعض السلف : أعظم النفقات نفقة العلم .

 

﴿إِلّا مَن أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَو مَعروفٍ ﴾ أي ماتعورف  حسنه في الشرع والعرف

 

﴿ أَو إِصلاحٍ بَينَ النّاسِ ﴾ وهذا شامل ، إصلاح بين الناس ؛ إصلاح بين متخاصمين ، إصلاح بين قبيلتين ، إصلاح بين دولتين ، إصلاح بين زوجين ، إصلاح بين أخوين … ( شامل )

 

﴿ أَو إِصلاحٍ بَينَ النّاسِ وَمَن يَفعَل ذلِكَ ﴾ أي ماسبق ،﴿ابتِغاءَ مَرضاتِ اللَّهِ ﴾يعني: من أجل مرضات الله ،﴿فَسَوفَ نُؤتيهِ أَجرًا عَظيمًا﴾ فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا ، ووصف الأجر بأنه عظيم لأنه من لدن رب العالمين عزوجل .

 

قال هنا ﴿ وَمَن يَفعَل ذلِكَ ابتِغاءَ مَرضاتِ اللَّهِ فَسَوفَ نُؤتيهِ أَجرًا عَظيمًا﴾ بعض العلماء  -من المعاصرين – قال : إن هذه الأشياء -السابقات – متعدي نفعها فإذا عملها ابتغاء مرضات الله إخلاصًا لله فإنه يؤجر عليها هذا الأجر العظيم ، لكن لو أنه لم يفعلها ابتغاء الأجر من الله ؟ كحال مثلا الفلاح ؛ فإنه يرى الطير فيرميه من أجل أن لا يأكل من الثمر فإذا أكل الطير من الثمر ؟

الفلاح لا يريده أن يأكل ! هل يؤجر ؟ قال نعم يؤجر ، لمفهوم هذه الآية 

وإن كان هذا المفهوم له دلالته لكنها دلالة خفية لأن الذي يعارض هذا – وكنت أميل إلى هذا من وقت قريب – وهذا الرأي رأي شيخنا ابن عثيمين رحمه الله ، لكن مما يدل على أن هناك ترددًا في هذا الأمر ، النبي ﷺ   قال كما في الصحيحين 🙁 إنما الأعمال بالنيات ) وهذه أعمالٌ صالحة ، فإذا كان لا يريد أن يأكل ، مثلا الفلاح لا يريد أن يأكل هذا الطير وكان يرميه من أجل ألا يأكل ، فإن هذا الثواب والعلم عند الله لايكون له ، والعلم عند الله .

قال عزوجل :﴿وَمَن يُشاقِقِ الرَّسولَ مِن بَعدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الهُدى وَيَتَّبِع غَيرَ سَبيلِ المُؤمِنينَ ﴾ سبحان الله !

قال هنا : ﴿وَمَن يُشاقِقِ الرَّسولَ ﴾يعني يكون في شِقّ والشرع في شِقٍّ آخر ، بمعنى المباعدة ﴿وَمَن يُشاقِقِ الرَّسولَ مِن بَعدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الهُدى ﴾ يعني : الهدى اتضح له ، لم يكن منه مباعدة عن جهل ، وإنما بعد أن قامت عليه الحجج ، كما قال تعالى : ﴿فَلَمّا زاغوا أَزاغَ اللَّهُ قُلوبَهُم ﴾﴿وَنُقَلِّبُ أَفئِدَتَهُم وَأَبصارَهُم كَما لَم يُؤمِنوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾

 

قال هنا :﴿وَمَن يُشاقِقِ الرَّسولَ مِن بَعدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الهُدى وَيَتَّبِع غَيرَ سَبيلِ المُؤمِنينَ ﴾ ولاشك أن من يشاقق الرسول هو لم يتبع سبيل المؤمنين  لكن لماذا ذكر سبيل المؤمنين ؟ من باب بيان ماذا ؟ قال هنا :﴿وَمَن يُشاقِقِ الرَّسولَ مِن بَعدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الهُدى ﴾بمعنى أنه خالف القران والسنة ، كما قال تعالى في الآيات السابقات ﴿ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيكَ الكِتابَ وَالحِكمَةَ ﴾ قال هنا : ﴿ وَيَتَّبِع غَيرَ سَبيلِ المُؤمِنينَ ﴾أي يخالف المصدر الثالث من مصادر التشريع وهو الإجماع فإجماع الأمة على حكم شرعي بعد وفاة النبي ﷺ مما يتعين على المسلمين أن يأخذوا به فهذا الرجل -من باب التوضيح والتفصيل- فهو إن شاقق الشرع ؛ بمعنى باعد الشرع وخالفه ، خالف الكتاب والسنة أو خالف ما أجمعت عليه علماء الأمة ، فإن هذا الحكم حكمه ، وهذه الآية من الأدلة التي يستدل بها العلماء على ماذا؟ على مشروعية الإجماع ووجوب الأخذ بإجماع الأمة ، لقول النبي ﷺ 🙁 لاتجتمع أمتي على ضلالة ) وهذا دليل على ماذا ؟ على حجية إجماع الأمة .

دليل آخر مرّ معنا ، قوله تعالى : ﴿فَإِن تَنازَعتُم في شَيءٍ فَرُدّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسولِ ﴾ دل على أنهم إذا لم يتنازعوا فهو إجماع يؤخذ به ، دليل آخر مر معنا ، قال عزوجل : ﴿وَكَذلِكَ جَعَلناكُم أُمَّةً وَسَطًا لِتَكونوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ وَيَكونَ الرَّسولُ عَلَيكُم شَهيدًا ﴾ فهي أمة وسطية : خيارٌ عدول ، فإذا اجتمعوا على حكم شرعي هنا يكون ماذا ؟ يكون إجماعًا شرعيًا وحجته مقبولة .

فقال هنا : ﴿ وَيَتَّبِع غَيرَ سَبيلِ المُؤمِنينَ ﴾يعني غير طريق المؤمنين ، العقاب : ﴿ نُوَلِّهِ ما تَوَلّى ﴾ نوله ماتولى : يخذله الله ، فيوليه إلى من تولى إليه ، سبحان الله لم ؟ لأنه لم يأخذ بالشرع لكن من كان حريصًا على الشرع وزل وأخطأ كطبيعة البشر فإن الله عزوجل برحمة منه يتداركه ويوفقه ، لكن من نازع الشرع وخالف الشرع نوله ماتولى ولذلك النبي ﷺ ماذا قال كما ثبت عنه 🙁 من علَّق شيئًا وُكِل إليه ) يعني من أن الإنسان إذا اعتمد على ماذا ؟ على أحجار أو على تمائم ، أو جعلها أسبابًا فإنه يوكَّلُ إلى هذه الأشياء ويخذله الله عزوجل قال هنا :﴿نُوَلِّهِ ما تَوَلّى وَنُصلِهِ ﴾ أي : نعاقبه بالإصلاء والإحراق والإيلام ،

﴿وَنُصلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَت مَصيرًا﴾أي ساءت جهنم مصيرًا ومآلًا لهذا ثم إن مثل هذا الأمر ، وهو :﴿نُوَلِّهِ ما تَوَلّى وَنُصلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَت مَصيرًا﴾ إصلاؤه جهنم هنا ماذا ؟ عقابٌ شديد ولاشك أنه يختلف باختلاف من ؟ الأحوال ، فمن كان كافرًا فإن جهنم مصيره مخلدًا فيها ، لكن لو كان معه إيمان ؟ فكما سبق ، فأهل الإيمان يكونون تحت مشيئة الله ، إن شاء الله عذبهم بقدر ذنوبهم ثم أدخلهم الجنة ، وإن شاء رحمهم ، ولعل مايدل على ذلك الآية التي بعدها لأنه قال  من باب بيان هذا الأمر الذي ذكرته ، ذكر حال المشرك  ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ ما دونَ ذلِكَ لِمَن يَشاءُ ﴾

أما من يقول بصحة قصة طُعمة بن أُبيرق فيقولون : إن طُعمه خالف الشرع وخالف إجماع المسلمين ، ثم ذهب فارًا وهاربًا لما تبين خبثه وارتد عن الدين فنزلت فيه هذه الآيات ، وكما سلف ؛ الآيات عامة والقصة التي ذُكرت عن طُعمة صححنا من أنها لاتصح .

 

﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ ما دونَ ذلِكَ لِمَن يَشاءُ ﴾هذه الآية مرت معنا في نفس السورة :﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ ما دونَ ذلِكَ لِمَن يَشاءُ وَمَن يُشرِك بِاللَّهِ فَقَدِ افتَرى إِثمًا عَظيمًا﴾

هنا قال : ﴿ وَمَن يُشرِك بِاللَّهِ فَقَد ضَلَّ ضَلالًا بَعيدًا﴾ وأي ضلال أعظم من أن يشاقق الرسول وأن يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة ، وهذه الآية كما هو معتقد أهل السنة والجماعة من أن من أتى الله مشركًا فإن الله عزوجل لايغفر له ، لكن من أتى بذنوب  ولو عظمت !! ، ولو عظمت وقد جاء بالتوحيد فإنه تحت مشيئة الله إن شاء الله عذبه بقدر ذنبه ثم المرد إلى الجنة وإن شاء رحمه ابتداءً فأدخله الجنة وفي هذا رد على الخوارج وعلى المعتزلة الذين يقولون بتخليد صاحب الكبيرة في نار جهنم ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ ما دونَ ذلِكَ لِمَن يَشاءُ ﴾ وهذا يدل على ماذا ؟

يدل على عظم التوحيد ولذا عند الترمذي كما ثبت في الحديث القدسي ( يابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لاتشرك بي شيئًا لقيتك بقرابها مغفرة ) فدل هذا على عظم النوحيد لكن لايدل على التهوين والتسهيل من أمر الذنوب  فإن الإنسان لو دخل النار ولو بعض الثواني فإنها ولاشك نار عظيمة وعذاب أليم ،  ولذا هذه الآية تكررت في هذه السورة مرتين ، والعلم عندالله والعلم عند الله  هذه الآية تكررت في المرة الأولى ثم جاء بعدها قول :﴿وَمَن يَقتُل مُؤمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِدًا فيها ﴾ ممايدل على أن من أعظم الذنوب هو قتل النفس ولذا جعله الله بعد الشرك بالله قال تعالى: ﴿وَالَّذينَ لا يَدعونَ مَعَ اللَّهِ إِلهًا آخَرَ وَلا يَقتُلونَ النَّفسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلّا بِالحَقِّ ﴾ فأتت الآية أيضًا هذه بعدها مؤكدةً والعلم عندالله من أن هذا الذنب ولو عظم فإن صاحبه تحت مشيئة الله عزوجل ﴿إِن يَدعونَ مِن دونِهِ إِلّا إِناثًا ﴾ إن يدعون من دونه إلا .. قلنا لكم :  إنّ ، إن  في القاعدة في غالبها إذا أتت بعدها أداة الاستثناء إلا تكون إن بمعنى ما النافية ، أي : مايدعون من دونه إلا إناثا والدعاء هنا هو العبادة ودل هذا على أن من عبد غير الله عزوجل فهو مشرك ،ومن دعا غير الله فهو مشرك فلا يظن أحد من أن أحدًا إذا دعا غير الله من أن هذا أمر هين لا ؛ولذا النبي ﷺ كما ثبت عنه عند الترمذي ماذا قال ؟ ( الدعاء هو العبادة ) وقال عزوجل : ﴿وَقالَ رَبُّكُمُ ادعوني﴾، قال ادعوني ﴿ أَستَجِب لَكُم ﴾ مالذي بعدها؟﴿ إِنَّ الَّذينَ يَستَكبِرونَ عَن عِبادَتي ﴾لم يقل دعائي فدل هذا على خطورة دعاء غير الله عزوجل ،﴿إِن يَدعونَ مِن دونِهِ إِلّا إِناثًا ﴾ أي يدعون أصنامًا ، سموها بأسماء الإناث ﴿أَفَرَأَيتُمُ اللّاتَ وَالعُزّى﴾ أو – ولاتعارض بين القولين- من أنهم هم  سموا الملائكة إناثًا ﴿وَجَعَلُوا المَلائِكَةَ الَّذينَ هُم عِبادُ الرَّحمنِ إِناثًا﴾ وقالوا : هم يشفعون لنا عندالله ، ولذا الملائكة تتبرأ منهم يوم القيامة ، ﴿بَل كانوا يَعبُدونَ الجِنَّ أَكثَرُهُم بِهِم مُؤمِنونَ﴾ هذا قول الملائكة يتبرأون منهم وقال تعالى:﴿وَجَعَلوا بَينَهُ وَبَينَ الجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَد عَلِمَتِ الجِنَّةُ إِنَّهُم لَمُحضَرونَ﴾

 

﴿إِن يَدعونَ مِن دونِهِ إِلّا إِناثًا وَإِن يَدعونَ إِلّا شَيطانًا مَريدًا﴾ أي مايدعون إلا شيطانًا مريدًا ، والمريد: هو العاتي الخارج عن طاعة الله الذي بلغ في العتو أعظم المبالغ ، سبحان الله قال﴿ وَإِن يَدعونَ إِلّا شَيطانًا مَريدًا﴾لم ؟ لأن الشيطان هو الذي زين لهم ، ولذا ماذا قال عزوجل ؟ ﴿أَلَم أَعهَد إِلَيكُم يا بَني آدَمَ أَن لا تَعبُدُوا الشَّيطانَ ﴾سبحان الله فعبادتهم لتلك الأصنام هي عبادة لمن ؟ للشيطان ، ولذا ماذا قال عزوجل في شأن إبراهيم ؟ ﴿وَإِذ قالَ إِبراهيمُ لِأَبيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصنامًا آلِهَةً إِنّي أَراكَ وَقَومَكَ في ضَلالٍ مُبينٍ﴾ في سورة مريم ماذا قال ؟ ﴿يا أَبَتِ لا تَعبُدِ الشَّيطانَ ﴾قال : يا أبت لاتعبد الشيطان

 

 في الآية التي في سورة الأنعام ﴿وَإِذ قالَ إِبراهيمُ لِأَبيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصنامًا آلِهَةً ﴾ولذا فعبادتهم لتلك الأوثان هي عبادة للشيطان لم؟ لأنها بأمره وبتزيينه ولأنه يحب من  العباد أن يشركوا بالله عزوجل

 

 ﴿لَعَنَهُ اللَّهُ ﴾أي طرد الله عزوجل هذا الشيطان من رحمته وقد لعنه الله عزوجل ومن ثم فهل يجوز للإنسان أن يلعن الشيطان ؟ النبي ﷺ كما ثبت عنه قال 🙁 لاتسبوا الشيطان وتعوذوا بالله من شره )

لكن سب الشيطان ليس من باب الأمور المندوب إليها ، إنما الأمر المندوب إليه الإستعاذة منه ، وإلا فلعنه جائز ولا إشكال ولذلك النبي ﷺ لما أتاه الشيطان في صلاته قال 🙁 ألعنك بلعنة الله ثلاثًا) فيجوز لعنه لكن الأفضل بدل اللعن ؛ لأن الله قد لعنه وطرده من رحمته ، الأفضل ماذا ؟ الأفضل أن يستعيذ المسلم من شره

 

﴿لَعَنَهُ اللَّهُ وَقالَ ﴾  أي الشيطان ﴿لَأَتَّخِذَنَّ مِن عِبادِكَ نَصيبًا مَفروضًا﴾ أي : جزءًا مفروضًا مقسومًا وهذا كله بأمر الله عزوجل ولذا ماذا قال الشيطان ؟ ﴿لَأَحتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلّا قَليلًا﴾ وبُيِّن هنا من ؟ هذا الجزء المفروض ، ﴿لَعَنَهُ اللَّهُ وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِن عِبادِكَ نَصيبًا مَفروضًا﴾هذا النصيب المفروض كم ؟ القليل أم الأكثر ؟ الأكثر ! ولذا ماذا قال عنه عزوجل ؟ ﴿لَأَحتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلّا قَليلًا﴾ فقال هنا ﴿لَعَنَهُ اللَّهُ وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِن عِبادِكَ نَصيبًا مَفروضًا  وَلَأُضِلَّنَّهُم﴾إضلال في العلم بمعنى أنهم لايتعلمون العلم الشرعي ، وأيضًا إضلال للعمل بمعنى أنهم لا يعبدون الله عزوجل ، ومن ثم فإن العبد إذا عبد الله من غير علم وقع في البدع ﴿وَلَأُضِلَّنَّهُم وَلَأُمَنِّيَنَّهُم﴾

الأماني ، يمنيهم ويسوف لهم فلا يتوبون ، ويزين لهم يعني المشركين بأنه لابعث ولانشور ولاجنة ولانار  فهذا شامل ﴿وَلَأُضِلَّنَّهُم وَلَأُمَنِّيَنَّهُم وَلَآمُرَنَّهُم﴾ ولذلك ماذا قال عزوجل ؟﴿لَأُزَيِّنَنَّ لَهُم ﴾من باب بيان ماذا ؟ التمني

 قال هنا ﴿وَلَأُضِلَّنَّهُم وَلَأُمَنِّيَنَّهُم وَلَآمُرَنَّهُم فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الأَنعامِ ﴾يعني ليُقَطِّعُن آذان الأنعام كما يفعله أهل الجاهلية من البحيرة يقطعون الآذان باعتبار أنها تكون لأصنامهم ولذا ماذا قال تعالى ؟ ﴿ما جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصيلَة ﴾يعني : ماشرع الله ، ﴿ما جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصيلَةٍ وَلا حامٍ وَلكِنَّ الَّذينَ كَفَروا يَفتَرونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ ﴾ وهذا كله بسبب الشيطان.

﴿وَلَآمُرَنَّهُم فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الأَنعامِ وَلَآمُرَنَّهُم فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلقَ اللَّهِ ﴾ تغيير خلق الله شامل لكل شئ ، من : الوشم ، من الوصل : وصل الشعر  ( لعن الله الواشمة والمستوشمة والواصلة والموصولة والمتفلجات للحسن ) كل ذلك من تغيير خلق الله عزوجل ، وأيضًا يدخل في هذا وهو شامل ، لكن أبين بعض الأشياء ، يدخل فيه إخصاء الإنسان لنفسه ، بمعنى أنه يَرُضّ خُصيتيه حتى لايشتهي النساء ، وقد كان بعض الصحابة – وهذا محرم في الآدميين- بعض الصحابة أراد من النبي ﷺ الإختصاء ، قالوا : ولو أذن لنا لاختصينا ، من باب أن يتفرغوا للطاعة ، لكن الدين ، دين الإسلام ليس دين رهبانية ، أما إخصاء البهائم ؛ فإن كانت غير مأكولة اللحم فإنه لايجوز أن تُخصى لأن بها إضرارًا ، إلا إن وجدت منفعة على قول من قول العلماء ؛ بمعنى : أن هذا الذكر إذا أخصي من هذا الحيوان الذي لا يؤكل سيكون متفرغًا مثلًا للجري أو ما شابه ذلك ، فهنا من هذه الحيثية يجوز مع أن بعضهم يقول يحرم ، وأما إخصاء البهائم التي يؤكل لحمها فلايجوز إلا إذا كانت هناك منفعة لتسمينها أو لغير ذلك ، ولذلك النبي ﷺ كما ثبت عند ابن ماجه ضحّى بكبشين موجوئين يعني مخصيين ، فدلَّ على أن خصي البهائم التي يؤكل لحمها إذا كانت هناك مصلحة ومنفعة لتسمينها أو ما شابه ذلك فإنه يجوز .

وهنا قال بعض العلماء وهو طاووس التابعي رحمه الله ، قال بعدم الزواج – زواج الإنسان الأسود من المرأة البيضاء – وكان رحمه الله لايحضر زواج رجل أبيض تزوج بامرأة سوداء وقال : هذا من تغيير خلق الله ، ولاشك أنه عالم جليل لكنه في مثل هذا الأمر قد غاب عنه ما غاب عنه من الأدلة والحجة فيما جاء به الشرع ولذا ؛ زيد بن حارثة كان أبيض وتزوج بأم أسامة وكانت سوداء وهي بركة ، وأسامة بن زيد كان أسود وتزوج بفاطمة بنت قيس وكانت بيضاء وبلال الحبشي رضي الله عنه تزوج بأخت عبدالرحمن بن عوف فذل هذا على أن قوله رحمه الله ليس بقول صحيح وقد مرّ معنا ما ذكره المفسرون من أن معاوية رضي الله عنه كانت عنده جارية بيضاء وجميلة فقال لأحد الرجال الذين عنده وكان أسود قال : خذ هذه جمِّل بها نسلك ، فدل هذا على أن هذا ليس داخلا في تغيير خلق الله عزوجل .

﴿وَلَآمُرَنَّهُم فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلقَ اللَّهِ ﴾ ويدخل في ذلك أيضًا ماقاله العلماء ، بعض العلماء قال : يدخل في ذلك تغيير فطرة الإنسان بمعنى أن الإنسان يكون على فطرة سوية فإذا به يغيرها أو يأتي دعاة الشر فيغيرون التوحيد الذي فطر الله عزوجل العباد عليه ، ولذا قال النبي ﷺ كما في الصحيح 🙁 مامن مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ) ولم يقل يسلمانه لأنه على الفطرة ، وكما قال عزوجل – على أحد الأقوال – قال : ﴿فِطرَتَ اللَّهِ الَّتي فَطَرَ النّاسَ عَلَيها لا تَبديلَ لِخَلقِ اللَّهِ﴾

 

﴿وَلَآمُرَنَّهُم فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلقَ اللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيطانَ وَلِيًّا مِن دونِ اللَّهِ﴾ من اتخذه وليًا فأطاعه وأطاع ما يأمر به من الوعد والإضلال والتمني ﴿يَعِدُهُم وَيُمَنّيهِم﴾﴿وَلَأُضِلَّنَّهُم وَلَأُمَنِّيَنَّهُم وَلَآمُرَنَّهُم فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الأَنعامِ ..﴾كل ذلك من اتخاذ الشيطان وليًا من دون الله عزوجل

﴿وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيطانَ وَلِيًّا مِن دونِ اللَّهِ فَقَد خَسِرَ خُسرانًا مُبينًا﴾لم ؟ لأن الله عزوجل خذله وتركه وجعل الشيطان وليه ولذا ؛ من لم يكن الله عزوجل وليه فقد خسر خسرانًا مبينًا وأي خسرانٍ مبين من هذا الشيطان الذي يدعو إلى الذنوب ، ولذا ماذا قال بعدها ؟

﴿يَعِدُهُم وَيُمَنّيهِم﴾ يعدهم بمعنى : أنه يجمل لهم هذه الدنيا ويزين لهم هذه الدنيا وأيضًا يعدهم بمعنى أنه يخوفهم من الإنفاق في  طاعة الله ، ولذا مر معنا ﴿الشَّيطانُ يَعِدُكُمُ الفَقرَ وَيَأمُرُكُم بِالفَحشاءِ ﴾

﴿يَعِدُهُم وَيُمَنّيهِم﴾من باب الأماني المستقبلية فيسوف الإنسان فلا يستغفر ربه عزوجل ، ويمنيه بأن هذه الدنيا ستبقى ،

 ويمنيه – وهذا بالنسبة للكفار-من أنه لابعث ولانشور ولاجنة ولانار .

﴿يَعِدُهُم وَيُمَنّيهِم وَما يَعِدُهُمُ الشَّيطانُ إِلّا غُرورًا﴾ لأن هذا الوعد وهذه الأماني في هذه الدنيا وماذا قال عزوجل عن هذه الدنيا ؟

﴿وَمَا الحَياةُ الدُّنيا إِلّا مَتاعُ الغُرورِ﴾ نعم غرور ؛ يغتر بها الإنسان ، نحن كلٌ منا يقيس على حاله ، كم عمره ؟ تلك السنوات التي مرت كأنها سحاب صيف أو حلم بليل ، مرت كانها لم تكن ، مرت بما فيها من لذائذ من أمور ، من أحزان وماشابه ذلك ﴿يَعِدُهُم وَيُمَنّيهِم وَما يَعِدُهُمُ الشَّيطانُ إِلّا غُرورًا﴾ لأنه هو الغَرُور ولذا ماذا قال عزوجل ؟ ﴿فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الحَياةُ الدُّنيا﴾ هي متاع الغُرور

﴿وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الغَرورُ﴾ يعني الشيطان لأنه هو الذي يغِرّ ابن آدم ، فقال هنا ﴿يَعِدُهُم وَيُمَنّيهِم وَما يَعِدُهُمُ الشَّيطانُ إِلّا غُرورًا﴾﴿أُولئِكَ مَأواهُم﴾ أي مصيرهم  ﴿جَهَنَّمُ وَلا يَجِدونَ عَنها مَحيصًا﴾لامحيص عن جهنم ولذلك بها الخلود الأبدي لأنهم كفروا وأشركوا بالله عزوجل﴿وَلا يَجِدونَ عَنها مَحيصًا﴾لامفرّ ولامهرب ولذا ماذا قال عزوجل ﴿وَرَأَى المُجرِمونَ النّارَ فَظَنّوا أَنَّهُم مُواقِعوها وَلَم يَجِدوا عَنها مَصرِفًا﴾

ثم لما ذكر حال هؤلاء الذين هم أولياء الشيطان ذكر أولياء الرحمن ، وهذا طريقة القران ، يجمع بين الترغيب و بين الترهيب فقال

﴿وَالَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ سَنُدخِلُهُم جَنّاتٍ ﴾ أي بساتين﴿ تَجري مِن تَحتِهَا الأَنهارُ خالِدينَ فيها أَبَدًا أي : لايبغون عنها حولا ، وقد مر معنا هذا: توضيح لهذه الآية في قوله تعالى ﴿وَالَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ سَنُدخِلُهُم جَنّاتٍ تَجري مِن تَحتِهَا الأَنهارُ خالِدينَ فيها أَبَدًا لَهُم فيها أَزواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدخِلُهُم ظِلًّا ظَليلًا﴾ فقال هنا﴿وَالَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ سَنُدخِلُهُم جَنّاتٍ تَجري مِن تَحتِهَا الأَنهارُ خالِدينَ فيها أَبَدًا وَعدَ اللَّهِ حَقًّا﴾ وعد الله ، هذا وعد من الله ، ووعد الله لايُخلف ﴿وَعدَ اللَّهِ لا يُخلِفُ اللَّهُ وَعدَهُ ﴾ وانظر أكده بكلمة حقًا وهي مصدر تدل على أن هذا عهد من الله محقق لامحالة ، قال هنا ﴿وَعدَ اللَّهِ حَقًّا ﴾ ثم ؟ حق !! وعد مَن ؟ الله عزوجل ، وأكده بأنه حق ولذلك قائل هذا القول – وهو الوعد وأكده بالحق – من ؟ هو الله ، ولذا ختمت الآية بقوله﴿وَمَن أَصدَقُ مِنَ اللَّهِ قيلًا﴾ استفهام للنفي وللتحدي ، أي لا أحد أصدق من الله قيلا وفيه تحدي من أن أحدًا يأتي بأحد أصدق من الله في قوله ﴿وَمَن أَصدَقُ مِنَ اللَّهِ قيلًا﴾  أي : قولا في أخباره وفي أحكامه عزوجل كما قال عزوجل في الآية السابقة في نفس السورة

﴿وَمَن أَصدَقُ مِنَ اللَّهِ حَديثًا﴾ لم ؟

لأنه قال قبلها ﴿اللَّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ﴾ على وجه القسم ، يتحدث عن يوم القيامة

﴿اللَّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ لَيَجمَعَنَّكُم إِلى يَومِ القِيامَةِ﴾ ماذا قال ﴿لا رَيبَ فيهِ﴾ 

قال هنا ﴿وَعدَ اللَّهِ حَقًّا ﴾

 قال هناك ﴿وَمَن أَصدَقُ مِنَ اللَّهِ حَديثًا﴾

 وقال هنا ﴿وَمَن أَصدَقُ مِنَ اللَّهِ قيلًا﴾

وللحديث تتمة  إن شاء الله وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.