التفسير المختصر الشامل (180) تفسير سورة الحج من الآية ( 49) إلى ( آخر السورة )

التفسير المختصر الشامل (180) تفسير سورة الحج من الآية ( 49) إلى ( آخر السورة )

مشاهدات: 457

﴿بسم الله الرحمن الرحيـــــــم﴾

تفسير سورة الحج من آية (49) إلى آية (آخر السورة) الدرس (180)

لفضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله تعالى :

﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (49) فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (50) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ(51)﴾

قل يا محمد لجميع الناس {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} ينذركم ويخبركم، ومبين واضح فما عليَّ إلا البلاغ أما ما طلبتموه من نزول العذاب فهو عند الله عز وجل

والناس افترقوا على فرقتين: {فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ} لذنوبهم

{وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} في الدنيا الحياة الطيبة، وفي الآخرة الجنة.

الفرقة الثانية: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ} يعني يظنون أنهم يعجزوننا وأنهم سيفوتوننا

 {أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} أصحاب الجحيم: فهم ملازمون للجحيم وهي النار الشديدة.

 

﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ(53)﴾

هنا قال بعض العلماء: النبي ﷺ لمّا قرأ سورة النجم لمّا قال {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّىٰ} {وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَىٰ}

تنبيه على بطلان قصة الغرانيق: قال مادحا للأصنام -وهذا أثر ورد لكنه أثر باطل- قال مادحاً للأصنام:

 “تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى” فسجد المشركون معه قالوا إنه يمدح آلهتنا

 ومن ثَم فإن قصة الغرانيق من حيث السند باطلة، من حيث المتن باطلة كيف؟

 لأنه كيف ﷺ يذم آلهتهم في سورة النجم ثم يمدحها!؟ ثم أيضاً يترتب على ذلك أن النبي ﷺ وحاشاه يترتب عليه أنه يمدح الأوثان، ويترتب أن النبي ﷺ زاد من عنده في القرآن ولذلك قال عز وجل عنه:

{قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَٰذَا أَوْ بَدِّلْهُ ۚ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ ۖ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [يونس:15]

{ُقل لَّوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُم بِهِ ۖ}[يونس:16]

{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي} [هود:35]

 ولذلك قال تعالى {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44)لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ(45)} [الأحقاف]

ويترتب على ذلك أن القرآن غير محفوظ وهذا يخالف قوله تعالى:

 {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9]

إلى غير ذلك من الأسباب تدل على بطلان هذه القصة قصة الغرانيق، يدل على بطلانها من حيث المتن ومن حيث السند باطلة، هذا ما ذكره بعض المفسرين.

 

لكن ما تفسير هذه الآية؟ لأن النبي ﷺ كان يشق عليه هذا الأمر فيما يتعلق بهذه الآية ولذلك جاءت هذه الآية تسلية له عليه الصلاة والسلام لا من أجل قصة الغرانيق لا!

وتأمل أيضاً من باب التأكيد على أنه جمع بين الرسول وبين النبي، الفرق بين الرسول والنبي:

هناك قول وهو الأظهر: أن الرسول هو الذي أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه، والنبي أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه هذا قول وهو القول الأظهر.

 بعض العلماء يقول: الرسول هو الذي أتى بشرع جديد من عند الله غير الشرع السابق

أما النبي هو الذي جدد الشريعة السابقة ودعى إليها.

 

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّىٰ} ما معنى: {إلا إذا تمنى}؟

 فيها قولان، القول الأول: {إلا إذا تمنى} من الأمنية يعني من المحبة، لأن كل نبي يتمنى ويحب أن يسلم قومُه {أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} يعني ألقى الشيطان من الشُبَه ومن الضلال على أسماع من لم يرد الله عز وجل منه الإيمان ولم يرد به خيراً، ألقى عليهم الشُبه فيما يتعلق بما يحبه النبي ومن ثم ينصرفون عما يحبه النبي ﷺ وهو الإسلام.

القول الآخر{إِلَّا إِذَا تَمَنَّىٰ}: يعني إلا إذا قرأ {أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} يعني هو يقرأ القراءة التي أنزلها الله عز وجل، لكن الشيطان يلقي تزيين الضلالة لهؤلاء فإذا بهم يقولون في القرآن شعر كِهانة وما شابه ذلك، فما الذي يجري؟

 {فَيَنسَخُ اللَّهُ} النسخ هنا معناه الإزالة {فَيَنسَخُ اللَّهُ} أي يزيل الله ما يلقي الشيطان من تلك الشبه لمن أراد الله عز وجل له التوفيق، فتلك الشبه يزيلها الله

 {ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ } دل هذا على أن مقابل النسخ: المُحكم {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} عليم عز وجل بحال الرسول عليه السلام وبحال من يستمع إليه، حكيم إذ جعل الشيطان يُلقي الشُبه على هؤلاء ممن لم يرد الله له الإيمان

 ثم قال {ليَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً} يعني اختباراً لهؤلاء {لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} وهم المنافقون {وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ } وهم الكافرون {وإِنَّ الظَّالِمِينَ} من الكفرة وأهل النفاق لَفِي {شِقَاقٍ بَعِيدٍ} لَفِي شقاق ونزاع معك بعيد يا محمد يعني أنهم في شقاق ومخاصمة معك ويريدون المشاقّة بك.

 

﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54) وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ(55)﴾

يعني أهل الصلاح والخير إذا سمعوا تلك الشُبَه وما يلقيه الشيطان مما يأتي به من أجل أن يصد الناس عن قراءة القرآن، يعلمون أن هذا الكلام كلام الله وهو حق{ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} {أَنَّهُ} يعني القرآن

{أنه الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا} فما الذي يجري؟ {فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ } يكون بها الخشوع والخضوع كما قال في نفس هذه السورة في الآيات السابقات: {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ(35)الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَىٰ مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ(36)}

{وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}: يهديهم ويوفقهم إلى الصراط المستقيم الذي لا اعوجاج فيه، بخلاف أولئك الذين لم يرد الله بهم الخير لأنهم استجابوا لشبهات ووساوس الشيطان.

وتأمل هنا فضل أهل العلم، من يتعلم العلم الشرعي له فضل لأنه قال: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ } ولذلك قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر:28]

وقال تعالى {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} [القصص:80] ففضائل أهل العلم كثيرة.

 

{وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ}في شك مما أتيت به يا محمد من هذا القرآن ومن الحق، فلا تحزن عليهم فهم مستمرون، إلى متى؟ {حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً} يعني إلى حين غِرّة {أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ}

ما هو هذا اليوم العقيم؟ قال بعض المفسرين كابن كثير رحمه الله: هو يوم القيامة لأنه يوم عقيم لا ليلة بعده لأنه قال بعدها {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} [الحج:56] وقال بعض المفسرين: -ولعله هو الأظهر- من أن اليوم العقيم هو يوم بدر لأنه قال قبلها: {حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ}

 ولاشك أن يوم بدر يوم عقيم إذ قُتِلَ فيه من صناديد قريش وصار فيه ما صار فيه من ما يكون من العقم بوفاة هؤلاء، فكان كما قال عز وجل {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} يعني الأقطع

وعلى رأي ابن كثير رحمه الله يكون العطف هنا عطف من باب تغيير الصفات.

 

 

 

 

﴿الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (56) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ(57)﴾

{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ} يوم القيامة {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ} وحده عز وجل، والملك له كله في الدنيا وفي الآخرة لكن الأملاك كلها تزول في الآخرة {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة:3] { لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ۖ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}[غافر:16].

{يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} دل هذا أيضاً على أن الحكم كله لله في يوم القيامة، كما قال عز وجل من أن الأمر كله لله قال تعالى {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا ۖ وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ}[الانفطار:19].

{ َفالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} يتنعمون فيها

{وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} من القرآن وما جاء به النبي ﷺ {فَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} يهينهم ويخزيهم.

 

﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (58) لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ(59)﴾

يعني من هاجر في سبيل الله ثم قتل أو مات فله هذا الثواب ولذلك ماذا قال تعالى:

 {وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ۚ وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ } [النساء:100].

{وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} من أجل رضا الله لا من أجل دنيا، ولذلك قال ﷺ كما في الصحيحين:

 “فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه” وهذا يدل على أن الصحابة كما في الآيات السابقات:

{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج:39]

 وأيضاً كما قال عز وجل: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ }[الحج:40] هؤلاء {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ} والرزق الحسن ما يكون لهم من النعيم الطيب في الجنة وفي قبورهم كما قال تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ(169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ(170)} [آل عمران].

فقال هنا: {وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} فالمخلوق لو أعطى فعطاؤه قليل وزائل

 { لَيُدْخِلَنَّهُم مُّدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ} المُدخل هنا يعني الإدخال، يعني ليدخلنهم الجنة إدخالاً يرضونه فيرضون عن هذا الإدخال وعن هذا المُدخَل وهو الجنة، {وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ} لعليم بأحوالهم وبسبب هجرتهم وعالم بأحوال الخلق، وحليم لا يعاجل بالعقوبة لمن عصاه فمن تاب ورجع إلى الله فالله عز وجل يتوب عليه.

 

﴿ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ﴾{60)

{ذَٰلِكَ} أي ما مضى من إكرام هؤلاء المهاجرين وإدخال هؤلاء الجنة {ذَٰلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ} قال {ذلك ومن عاقب} هي ليست عقوبة هي إنصاف لأنه أخد حقه، لكن من باب أن الفعل شابه ما جرى من الظالم وصف بأنه عقوبة { ذَٰلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ} كما قال تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ} [الشورى:40]

 ﴿ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ} يعني اعتديَ عليه { ليَنصُرَنَّهُ اللَّهُ } سبحان الله! يعني لو أن إنساناً ظلمك فانتقمت منه بقدر مظلمتك، ثم اعتدى عليك مرة أخرى وعدك الله بالنصر، فما ظنك لو أنه ظلمك في أول الأمر فلم تنتصف ولم تنتقم منه بقدر مظلمتك ثم بَغَى عليك فيكون هذا من باب أولى.

{إن اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} عفو يتجاوز عن الذنب، وغفور يغفر الذنب لمن ظلم فأراد أن يعود.

 

﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ (61)

{ذَٰلِكَ} وهو نصرة الله عز وجل لهذا المظلوم لأن الله عز وجل قادر على نصرته، و من دلائل وعلامات قدرته عز وجل أنه يدخل الليل في النهار ويدخل النهار في الليل، يدخل هذا في هذا، وإذا بهذا يطول وهذا يقصُر{ َوأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} سميع لكل الأقوال عليم بجميع الأحوال من اعتدى ممن لم يعتدِ.

 

﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾(63)

﴿ذَلِكَ} أي مما ذكر عز وجل من نصرة ذلك المظلوم ومن قدرته على إيلاج الليل في النهار والنهار في الليل يدل على أن المعبود الحق هو الحق الذي هو الله: {ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} الباطل الزائل الذي لا بقاء له

{وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ} العلي له العلُو المطلق عز وجل، ومر معنا ما يتعلق بالعلو{الْكَبِيرُ} الذي لا أكبر منه.

 

﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (63) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ(64)﴾

{ألم ترَ} استفهام {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً} قال {فتصبح} الفاء هنا يعني من حين ما ينزل المطر من الصباح تنبت الأرض؟ الجواب: لا، إذاً دل هذا على أن كلمة فتصبح إما أن تكون بمعنى تصير، كما لو قلت أصبح فلان غني يعني صار فلان غنياً

{فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً} ولا يلزم من ذلك أنه بعد الصباح من حين نزول المطر أن تنبت الأرض.

أو تكون الفاء هنا للتعقيب وكل تعقيبٍ بحسبه ولذا قال عز وجل: {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا} [المؤمنون:14] أتى بالفاء مع العلم أنه جاء في الصحيحين من حديث ابن مسعود أن بين كل مرحلة ومرحلة أربعون يوماً.

فقال عز وجل هنا {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} الاستفهام هنا للتقرير {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ} ولذلك (فتصبحُ) لم يقل (فتصبحَ) مع أن الذي تقدم استفهام لأن الاستفهام السابق هو استفهام تقريري، والاستفهام التقريري يدل على الإخبار ولذلك كما قال بعض المفسرين:

 لو أنه نصبها لكانت نافية {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً {فَتُصْبِحُ} لكان ماذا النفي من أنها لا تصبح {فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً } فدل هذا على أن الفعل المضارع المسبوق بالفاء إذا سبقه استفهام لا يدل على أنه يجب النصب، لأنه قد يكون الاستفهام تقريرياً يراد منه الخبر.

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً } فيه دلائل على قدرة الله عز وجل:

 {إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} لطيف عز وجل يلطف بعباده، وخبير عالم ببواطن الأمور وبظواهرها ومر معنا ما يتعلق باسم الله اللطيف وما فيه من المعاني العظيمة.

{لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} هو الذي يستحق العبودية لأنه مالك للسمٰوات وللأرض

 {وإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} الغني له الغنى المطلق الذي لا يحتاج إلى عباده، والحميد المحمود على أفعاله.

 

﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (65)

﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ} سخر لكم ما في الأرض مما يكون من معادن من نبات من حيوانات وما شابه ذلك، كما قال تعالى {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة:29] ومن ذلك التسخير ما مر معنا في نفس السورة إذ سخر ماذا البُدن {كَذَٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.

{ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ} وسخر السفن تجري في البحر بأمره عز وجل

{وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ } كما قال تعالى {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا ۚ}[فاطر:41] يعني هو عز وجل بإذنه أمسك السماء حتى لا تقع على الأرض، فإنه لو لم يأذن بذلك ولو لم يرد ذلك لسقطت السماء على الأرض فهلك الناس.

ولذلك قال {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ} حتى الكافر {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ} لرؤوف والرأفة كما مر معنا أخص من الرحمة { لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ} رئِفَ بهم ورحمهم.

 

{وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ(66)﴾

ثم أكد البعث والنشور: {وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ} من العدم {ثُمَّ يُمِيتُكُمْ} بعد ما تنقضي آجالُكم

{ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} يعني في يوم القيامة {إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ} إذ جحد تلك النعم التي أنعم الله عز وجل بها عليه وأنكر تلك الدلائل السابقة.

ــــــــــــــــــــــــــ

﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ﴾ (67)

﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ}: بعض العلماء قال: المنسك هنا بناءً على الأصل للعبادة والشريعة، يعني لكل أمة شريعة ومنهج هم ناسكوه يعني من أنهم سائرون عليه.

وبعض العلماء قال: إن المنسك هنا هو ما يتعلق بالذبائح

 ولعل ما يتعلق بالعبادة والمنهج هنا هو الأظهر، فيدخل ضِمنَه الذبح لأنه مر معنا ما يتعلق بالذبح:

 {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ }

 

{فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ}

{فَلَا يُنَازِعُنَّكَ} فلا ينازعنّك يعني لا يحصل من هؤلاء نزاع لك وجدال عن هذا الأمر الذي أنت عليه

 {فِي الْأَمْرِ} يعني في هذه الشريعة فإنك لست بدعاً من الرسل فقد سبقك من أنبياء لهم منسك هم ناسكوه

{ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ} لما يقوله كفار قريش.

وأيضاً على قول من يقول إن المنسك هو المذبح يقول الله عز وجل {فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ ۚ} يعني من أنهم يقولون كيف تأكلون ما ذبحتم ولا تأكلون ما قتله الله -يعني الميتة-؟! ومر معنا ذلك في سورة الأنعام مفصلاً.

{وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ}

{وَادْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ } لا تلتفت إلى هؤلاء {إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُّسْتَقِيمٍ} يعني لتطمئن فأنت على هُدًى مستقيم، ولذلك قال تعالى في الآيات السابقات: {وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}.

 

﴿وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (68) اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ(69)﴾

{ وَإِن جَادَلُوكَ} وخاصموك {فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} وسيحاسبكم على عملكم {اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} ولذلك في الآيات السابقات:

{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ}

 

﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾(70)

{أَلَمْ تَعْلَمْ} الاستفهام هنا للتقرير، يعني أنت تعلم {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}

 {إِنَّ ذَٰلِكَ فِي كِتَابٍ } أي ذلك مكتوب وهذا يدل على أن الله عز وجل ذكر هنا العلم وذكر الكتابة وهما من مراتب القدر كما مر معنا مفصلاً عند قوله تعالى:  {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ } [الأنعام:59]

 وفي قوله تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ} [يونس:61] الآية.

 

فقال عز وجل هنا: {إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} أي ما كتبه الله عز وجل في اللوح المحفوظ فهو يسير، فالله عز وجل عالمٌ بكل شيء وقد كتب كلَّ شيء ولذا ثبت في الحديث الصحيح قوله ﷺ: “إنَّ أوَّلَ ما خلق اللهُ القَلَمُ، فقال له: اكتُبْ، قال: ربِّ، وماذا أكتب؟ قال: اكتُبْ مقادير كلِّ شيءٍ حتى تقوم الساعةُ”

 

﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ﴾(71)

مع تلك الدلائل والبراهين على عِظم الله عز وجل ومع ذلك يشركون مع الله {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا} أي ما ليس لهم به حجة، ليس لهم دليل من الشرع

 {وَمَا لَيْسَ لَهُم بِهِ عِلْمٌ } فليس لهم دليل عقلي على هذا الشرك ولذا قال تعالى:

 {أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ} [الروم:35] الجواب: لا فليس لهم دليل لا من حيث الشرع ولا من حيث العقل، ليس لهم دليل على جواز الإشراك بالله عز وجل، ولذا قال هنا {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ} فهؤلاء ظلمة وليس لهم نصير من عذاب الله عز وجل.

 

﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ (72)

حال هؤلاء الكفار مع هذا القرآن فإنهم إذا سمعوا هذا القرآن فإن حالهم يكون بهذه الصفة كما ذكر عز وجل {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} [الزمر:45]

وقال هنا: { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ} يعني هي آيات وواضحات، {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ} يعني أن هؤلاء إذا سمعوا القرآن فإنهم يشمئزون من ذلك حتى يظهر ما ينكرونه على وجوههم!

 وهذا يدل على أن قلوبهم قد امتلأت بالكره، ومن ثَم فكما قال بعض السلف “ما أخفى أحد سريرة إلا ظهرت على تقاسيم وجهه” والدليل هنا : {وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ }

{يَكَادُونَ يَسْطُونَ} يعني يعتدون {يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۗ قُلْ} لهؤلاء{ قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم} أي أخبركم {بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكُمُ} أي هل أخبركم بأكره وأشر ما يحصل لكم عند سماع هذا القرآن، مع أن سماعه خير لكن قلوبكم تجعل هذا القرآن كأنه مكروه لكم:

{قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}

 {النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} هناك ما هو أعظم مما تكرهونه هناك ما هو أشد وذلك النار، فالنار أعظم مما تكرهونه حينما تسمعون هذا القرآن

{وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} وقال وعدها الذين كفروا صرّح بالذين كفروا ليشملَ هؤلاء وليشمل غيرهم من الكفار ثم فيه حكم بأن هؤلاء كفار.

{قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكُمُ} الجواب: النار هي أشر وأكره لكم إذا أدخلتم فيها

 {وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} بئس المآل والمثوى والمكان والمرجع النار.

ـــــــــــــــــــــــــــ

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ(73) مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ(74)﴾

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ} هذا نداء لجميع الخلق{ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ } وسماه الله عز وجل مثلاً، وذلك لما فيه من العبرة والعظة فهو مثل يستحق أن يبقى في أذهانكم وفي قلوبكم وأن تستحضروه دائماً، ما هو هذا المثل؟

 لما قال {فَاسْتَمِعُوا لَهُ } يعني فعليكم أن تُحضروا اسماعكم:

{ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ} لن يخلقوا ذباباً لو اجتمعوا وتعاضدوا على أن يخلقوا هذا الذباب، وذكر الذباب لمهانته ولاحتقاره ولأنه كثير، يعني الذباب صنف من الحشرات كثير ولقذارته، مع ذلك كله مع كثرته ومع حقارة الذباب ومع ضعفه فإن من تدعونهم من دون الله لن يستطيعوا أن يخلقوا ذباباً، والذباب جنس يشمل الجمع مفرده ذبابة.

{لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا} ولن هنا لتأبيد النفي لن يخلقوا أبداً {وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ} بل إنهم أضعف من ذلك

 {وإن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا} أي مما يأخذه من هذه الأصنام التي تضعون عليها الطيب وما شابه ذلك

{لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ} يعني لا يأخذونه من هذا الذباب.

{ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} من هو الطالب ومن هو المطلوب؟

{ضَعُفَ الطَّالِبُ}: هو الذباب لم؟ لأنه يريد أن يأخذ مما على هذه الأصنام

{وَالْمَطْلُوبُ}التي يؤخذ منها ما عليها من الطيب و الأكل.

وقيل العكس {ضَعُفَ الطَّالِبُ}: يعني أن الصنم ضعيف أن يأخذ من هذا الذباب الضعيف

 ويدخل في ذلك قول من يقول {ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ}:

يعني أنتم يامن تعبدون هؤلاء من دون الله أنتم تطلبونهم النفع {ضَعُفَ الطَّالِبُ}: أنتم ضعفاء

{وَالْمَطْلُوبُ} وهي هذه الأصنام أيضاً ضعيفة فهي لا تملك نفعاً ولا تدفع ضراً.

 

ثم قال: {مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} ما عظموا الله حق تعظيمه إذ جعلوا معه هذه الأنداد

{إن اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} فهو القوي العزيز الغالب الذي لا يُنال بسوء، فكيف يُجعل مع هذا القوي الغالب العزيز كيف تُجعل معه هذه الأنداد التي لا سمع لها ولا بصر ولا قوة ولا منفعة منها ولا مضرة.

 

ثم لما ذكر عز وجل ما يتعلق بصنيع هؤلاء مع التوحيد مما هو من حقه تعالى، بين هنا حق الأنبياء لأنهم اعترضوا كيف يكون محمد ﷺ نبياً فكيف يصطفى فقال تعالى:

﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (75) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ(76)﴾

{اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا} كجبريل {وَمِنَ النَّاسِ} كمحمد وعيسى ومن سبقهم من الأنبياء فلا اعتراض على قدر الله عز وجل فهو الذي يصطفي ويختار ولذلك ماذا قال تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ } [الأنعام:124] ولذا قال عز وجل: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا} [فاطر:1]

 {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} سميع لكل قول بصير بجميع الأحوال، وهو سميع عز وجل لما قاله هؤلاء الكفار وسميع بأقواله ﷺ وبصير بأحوال هؤلاء وبأحوال الخلق.

{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} أحاط الله عز وجل بهم علماً {مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} ، مما عملوه في الدنيا ومما لم يعملوه ومتى سيعملونه وأيضاً ما يقدمون عليه في الآخرة

{وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} فالأمور كلها الأمور الدنيوية والأمور الأخروية ترجع إلى الله

{ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} وسيجازي كل انسان بما عمل من خير أو شر.

 

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)﴾

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} وهنا يدل على أمر المؤمنين بالصلاة، ولما ذكر الركوع والسجود وهما أجزاء من الصلاة، دل هذا على أن وصف الصلاة بالركوع وبالسجود يدل على أن الركوع والسجود ركن، وهذه هي قاعدة:

 “إذا وصفت الصلاة بأحد أجزائها دل هذا على أن هذا الجزء ركن لا تصح الصلاة إلا به”

 

{وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} ثم ذكر تعميم العبادة {وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ} في الصلاة وفي غيرها {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} أي كل خير افعلوه، ومن ذلك المندوب المستحب، ولذلك هذا دليل على أن المستحب مأمور به ولو لم يعاقب الإنسان عليه إذا تركه {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} النتيجة؟

 {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} الفلاح: هو الحصول على المطلوب وزوال المكروه وهذا مبتغى كل إنسان أن يكون مفلحاً أن يحصل له ما يرغبه وأن يندفع عنه ما يضره.

{وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ } يعني ابذلوا الاجتهاد والجهاد من أجل دين الله عز وجل ومن أجل توحيد الله {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ} أي من أجل الله ومن أجل دين الله وفي سبيل الله {حَقَّ جِهَادِهِ } يعني ابذلوا قصارى الجهد في الجهاد، جهادُ ماذا؟ عام:

الجهاد بالمال بالإنفاق في سبيل الله في وجوه الخير

جهاد العلم في محاربة أعداء الدين أهل البدع والأهواء

 جهاد الكفار في ساحة القتال، عام.

{هُوَ اجْتَبَاكُمْ} يعني: اختاركم أنتم يا أمة محمد ﷺ سبحان الله كما اصطفى نبيكم على أنه نبي:

 {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ۚ} أيضاً اجتباكم ولذا ماذا قال تعالى:

 {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:110]

{هُوَ اجْتَبَاكُمْ} يعني: اختاركم {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } أي من أن هذا الدين ليس به حرج ولا مشقة كما مر معنا توضيح ذلك في سورة المائدة، ومن ثَم فإن الإنسان إذا سافر يقصر الرباعية وله أن يفطر وما شابه ذلك، هذا يدل على أن الدين ليس به حرج، ولذلك القواعد الشرعية: “المشقة تجلب التيسير”.

 

قال عز وجل هنا: {ملةَ أَبِيكُمْ} ملّة نصبت على نزع حرف الجر يعني (كمِلّةِ) لما حذف حرف الجر انتصب {إِبْرَاهِيمَ} يعني هذه الملة التي أنتم عليها هي ملّة إبراهيم كما قال تعالى:

{أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۖ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل:123]

{مِّلَّةَ أَبِيكُمْ} ملة أبيكم إبراهيم، دل هذا على أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام أبٌ لنا أيضاً، لأن النبي ﷺ يرجع نسبه إلى أبيه إبراهيم عليه السلام؛ والنبي يُعَدُّ أباً للأمة، ولذا النبي ﷺ قال كما ثبت في السنن:

 “إنما أنا بمنزلة الوالد لكم” ولذلك زوجاته يُسَمّينَ بأمهات المؤمنين.

 

{هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ} يعني: من قبل نزول هذا القرآن {وَفِي هَٰذَا} وفي هذا القرآن هو سماكم،

 من؟ الضمير يعود إلى الله أو إلى إبراهيم؟ هناك قولان، والصحيح: أنه يعود إلى الله لأن إبراهيم لم يشهد نزول القرآن.

 

وقال هنا: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ} أن هذه الأمة سميت بالمسلمين بتسمية الله {ِمن قَبْلُ} يعني من قبل نزول هذا القرآن {وَفِي هَٰذَا} يعني وفي هذا القرآن، لمَ؟

 {ليكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ} في يوم القيامة من أنه بلغ الرسالة كما جاءت بذلك الأحاديث الكثيرة.

{وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} يعني تشهدون على الناس من أن الرسل قد بلّغوا، ولذلك في الصحيح نوح عليه السلام يقول الله عز وجل له يوم القيامة: “هل بلغت قومك؟ فيقول: نعم يا ربي بلغت قومي، فيقال لقومه:

 هل بلغكم؟ قالوا: ما جاءنا من نذير، فيقال لنوح: من يشهد لك؟ فيقول: أمة محمد ﷺ، فتشهد له.

{وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ} وهذه مزايا وفضائل لهذه الأمة وعليها أن تقوم بهذا الواجب، إذاً إذا كنتم بهذه الصفات فماذا عليكم؟

{فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} التي ضُيّعت في مثل هذا الزمن

{وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ} يعني مع تلك العبادة عليكم أن تعتصموا بالله عز وجل وأن تفوضوا أموركم إليه {وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ} لأن من وُصِف بتلك الأوصاف وأُمِر بالدعوة إلى هذا الدين فإنه قد يعتريه ما يعتريه من الضيق وما يعتريه من شياطين الإنس ومن شياطين الجن إذاً المفزع إلى من إلى الله:

{هُوَ مَوْلَاكُمْ } يتولى أموركم، مولاكم الوِلاية الخاصة التي تقتضي النصر والتأييد والتوفيق والتسديد.

ثم ختم الآية بقوله {فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ} مدح نفسَه {فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ} الذي يتولى أمورَ عباده {وَنِعْمَ النَّصِيرُ} وكرر الفعل {وَنِعْمَ} من باب التأكيد على هذا الأمر {وَنِعْمَ النَّصِيرُ} يعني هو من سينصركم، إذاً فلا تضعفوا ولا تجبنوا وعليكم أن تقوموا بما أوجب اللهُ عز وجل عليكم من نشر هذا الدين.

وبهذا ينتهي الحديث عن تفسير سورة الحج.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ