بسم الله الرحمن الرحيم
التفسير الشامل- سورة النور من الآية ٢١ – ٣١
فضيلة الشيخ/ زيد بن مسفر البحري حفظه الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال تعالى :
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۚ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ (21)
{ يا أيها الذين آمنوا} هذا نداء لأهل الإيمان { لا تتبعوا خطوات الشيطان} أي طرق الشيطان، وهو مأخوذ من الخَطوة الإنسان يخطو بقدمه دل هذا على أنها طرق الشيطان .
ومن ذلك ما سبق هذا نهيٌ عن تتبع خطوات الشيطان بجميع أنواعها ومن ذلك: القذف.
{ ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه } يعني: الشيطان { يأمر بالفحشاء } أي ما فَحُش وقبح { والمنكر} يعني ما استُنكِرَ شرعًا وعقلا.
{ ولولا فضل الله عليكم ورحمته} الناس يتقلبون في فضلِ الله عز وجل وفي رحمته فيما يتعلق بأمورهم الدينية والدنيوية ولذلك قال: { ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحدٍ أبدا}
ما تطهر أحد، فمن وفق لطاعةٍ أو لأمرٍ طيبٍ فهذا من توفيق الله عز وجل، ولذلك قال:
{ فلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ} (سورة النجم32) وقال تعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم ۚ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ } (النساء 49)
فقال هُنا: { ما زكى منكم من أحدٍ أبدا} لا يمكن أن يتزكى بأي طريقة أبداً إلّا بأمر الله عز و جل .
{ولكن الله يزكي من يشاء} يُطَهِّر من يشاء،
{والله سميعٌ عليمٌ} سميعٌ لأقوال البشر، عليمٌ بأحوال الخلق وسيجازي كلَّ إنسان بما قاله وبما عمله.
﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ (21)
{ ولا يأتل } يعني ولا يحلف، لأن قوله { ولا يأتل } بمعنى الحلِف كقوله تعالى:
{ لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُر}(البقرة 226) يعني يحلفون على أنهم يتركون وطأ زوجاتهم أكثر من أربعة أشهر كما مرّ معنا في سورة البقرة.
{ ولا يأتل أولو الفضل منكم } أصحاب الفضل والمكانة { والسعة } يعني أصحاب الغِنى، وذلك كأمثال أبي بكر رضي الله عنه لأنه كان يُنفق على مسطح فحلف أن لا يُنفق عليه بعد ما قال في عائشة، فأنزل الله هذه الآية وفي هذا شرفٌ لأبي بكر رضي الله عنه إذ وصفهُ الله بأنه من أهل الفضل ومن أهل السعة، وتراجع رضي الله عنه وأعاد النفقة على مسطح، ولذلك قال:
﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا} يعني لا يحلف على أنه لا يُعطي
{أُولِي الْقُرْبَىٰ} كمسطح، ولذلك قال تعالى: { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ}(البقرة 224) ولذلك ثبت قولهُ ﷺ: “إِنِّي وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي، وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ “.
{وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا} أمر بالعفو وبالإصلاح ومرّ معنا الفرق بين العفو وبين الإصلاح في سورة البقرة {فاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ}؛ {ألَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} ولذلك الجواب: بلى، الصحابة كأبي بكر رضي الله عنه يحب أن يغفر الله له {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ غفورٌ يغفر الذنب ويرحم العبد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ (23)
{ إن الذين يرمون المحصنات} بعد ما ذكر ما يتعلق بقذف عائشة رضي الله عنها وذكر في أول السورة قذف المحصنات، وأن من قذف المحصنات قال عنهم: {فاجلدوهم ثمانين جلدة و لا تقبلوا لهم شهادةً أبدا وأولئك هم الفاسقون} ، هُنا ذكرهم مرةً أخرى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} دل هذا على أن ما مضى في أول السورة هو عقابهم في الدنيا، هُنا عقابهم في الدنيا و في الآخرة لكنه ليس الرجم، ماذا قال:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} العفيفات {الغافلات} بمعنى أنهن غافلات عن ذكر وعن خواطر الزنا يعني هُن لا يعرفن هذه الفاحشة فهُن غافلات عنها فكيف يُرمَين بها!
{لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } الجزاء من جنس العمل لأن ما قالوه عظيم ولذلك قال تعالى { وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} متى؟
﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ (24)
﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ} تشهد الألسن عليهم { وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ أي بما عملوه، لكن لو قال قائل: الله عز وجل قال: { الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (يس65) يعني تتكلم الأيدي والأرجل إذا خُتم على الأفواه، هُنا قال:
﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ} هذا يدل على أن الألسُن تشهد مع شهودِ الجوارح ثم في مقامٍ آخر يُختم على الفم فتنطُق الجوارح، ولذلك ثبت في صحيح مسلم قولهُ ﷺ:
يقال للعبد يوم القيامة هل ظلمك ملائكتي فيقولُ يا ربي ولا أُجيز عليّ إلا شاهدًا من نفسي، فيُختَم على فمه فينطق كل عضو بما فعل؛ فدل هذا على أن الألسن تشهد مع الجوارح .
﴿يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ ﴾ (25)
{ يومئذ } يعني في يوم القيامة . { يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق } أي جزاءهم الحق فما ظلمهم الله؛
الدين هُنا الجزاء، قال تعالى : {مَالِكِ يَوْمِ الدِّين } (الفاتحة 4) مالك يوم الجزاء والحساب
{ ويعلمون أن الله هو الحق المبين} في يوم القيامة أولئك الذين أشركوا مع الله عز وجل قال:
( ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ } (لقمان 30) في يوم القيامة يتضح لهم أن الله هو الحق ( وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) ولذلك ماذا قال؟ { ويعلمون أن الله هو الحق المبين}
ولذلك من أسمائه عز وجل: الحق، ومن أسمائه: المبين، المبين الذي يُبين لأولئك في يوم القيامة ما كانوا يفعلونه ويصنعونه؛ قال تعالى: { يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا ۚ أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (المجادلة 6).
﴿الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ ۖ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ۚ أُولَٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ۖ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ (26)
{الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات} هذا شامل، الأقوال الخبيثة لا تصدر إلّا من الخُبثاء، والأفعال الخبيثة لا تصدر إلّا من الخُبثاء، والخبيثُ من جنس الذكور لا يكون إلّا متزوجا بجنسه من الخبيثات، لكنَّ عائشة رضي الله عنها طاهرة تحتَ أطهر خلق الله وهو النبي ﷺ ولذلك قال بعدها:
{والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات} كحال عائشة رضي الله عنها فهي طيبة تحت اطيب خلق الله وهو النبي ﷺ، وأيضًا الأقوالُ الطيبة تصدر من الطيبين وكذلك الأعمال الطيبة تصدر من الطيبين.
{ أولئك مُبرءون} برأهم الله عز وجل، برأ عائشة { مما يقولون } مما يُقال فيهم.
{ لهم مغفرة} مغفرة ذنوب فهم صبروا على ما قيل فيهم { ورزق كريم } لهم الجنة في يوم القيامة، ورزقٌ طيب حتى حسن في الدنيا:
{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} (النحل 97).
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَىٰ أَهْلِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ (27)
{ يا أيها الذين آمنوا} سبحان الله هُنا فيه ذِكرٌ للآداب التي يتعامل الناس مع بعضهم البعض فيما يتعلق بالاستئذان وما شابه ذلك حتى لا تقع أعينُهم على عورات الآخَرين .
{ لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا} تستأنسوا من الأُنس، بمعنى أنك تستأذن فإذا استأذنت وأُذِنَ لك في الدخول هُنا حصل الأُنس بِمَقدَمِك {وتسلموا على أهلها} ولذلك قال هُنا:
{ يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم } يعني إذا دخلتم بيوتَكم ما تستأذنون ولا تسلمون؟ الجواب: تُسلمون، ولذلك فالحديث الحسن:
” إذا دَخَلْت على أهلك فسلم عليهم تكن بركةً عليك وعلى أهل بيتك”، هل يُستأذن؟
إن كان في البيت وهو بيتُك ليس فيه إلّا أمك أو أختك من محارمك فتستأذن، لأنهن قد يكُن على حالة غير طيبة وخصوصًا في البيوت السابقة التي هي صغيرة، لكن إن كانت زوجة فلا يلزَم، لكن الأفضل أن تستأذن لأنها قد تكون في حالة ليست حسنة، ولذلك النبي ﷺ نهى المسافر إذا آتى أن يطرق أهله ليلا حتى يُخبرهم من أجل أن تستعد المرأة من حيث الجمال وما شابه ذلك.
{لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا} حتى تستأنسوا وهذي هي القراءة ولذلك القرطبي رحمه الله قال: ما يقال حتى تستأنسوا من أن كلمة تستأنسوا غلط وإنما القراءة حتى تستأذنوا قال هذا ليس بصحيح فإجماع الأمة على أن هذه الكلمة حتى تستأنسوا هي من القرآن ولو قيل بهذا لقيل إن القرآن انتُقِصَ منه أو زِيدَ فيه.
{حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَىٰ أَهْلِهَا} سبحان الله، هل الاستئذان قبل السلام؟ الآية تدل على ماذا؟
على أنك تستأذن ثم تسلم، لكن جاءت السُنة أنه يسلم ثم يستأذن، فما الجمعُ بينهما؟
فالجواب عن ذلك: السُنة مُبينة من أن الإنسان يُسلم ثم يستأذن، ووجود الواو هُنا:
{حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَىٰ أَهْلِهَا} لا يدل على الترتيب.
وقد قال بعض العلماء: إن رؤيَ الشخص صاحب البيت فيُقدم السلام على الاستئذان لأنه أنِسَ به، وإن لم يَرَهُ فيستأذن ثم يسلم.
والأظهر والأقرب: أنه يسلم ثم يستأذن، والأمر لعل إن شاء الله فيه سَعة خصوصًا من جمع بين القولين.
{حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَىٰ أَهْلِهَا} ولذلك النبي ﷺ قال كما ثبت عنه:
الاستئذان ثلاث فإن أُذِنَ لك وإلّا فارجِع، يعني: تستأذن ثلاث مرات ويكون بين كل واحدة فاصل من الزمن، فإن لم يُؤذَن لك فلترجع، لأن صاحب البيت قد يكون مشغولًا أو عندَه ما هو أهم من ذلك،
وهل يعود قبل الاستئذان ثلاث مرات؟ أم أنه لا يعود إلّا بعد الثلاث؟
جاء عن عمر رضي الله عنه أنه استأذن مرتين على النبي ثم رجع حتى أتى الغلام وقال إن الرسول ﷺ يأذن لك؛على كُل حال الأمر فيه سعة ، يعني مثلًا لو طرقت الباب مرتين فأردت أن تعود لا إشكال ، طرقت ثلاث ما بعد الثلاث لا تزد؛ ولذلك إذا استُؤذِن على الإنسان فَلْيُصَرِّح باسمه، إذا استأذنت فقيل من عند الباب؟ أو مَن؟ فلا يقل أنا أنا! ولذلك كما في الصحيح لما أتى جابر إلى النبي ﷺ وطرق الباب فقال من؟ قال: أنا أنا ،فقال النبيُ ﷺ أنا أنا” كأنه كرِهها، لأن كلمة أنا أنا تصدق على أي إنسان فلابد أن تصرح باسمك؛
ومن آداب الاستئذان: ما ثبت عنه ﷺ أنه إذا أتى إلى بيتٍ لم يكن أمام البيت وإنما يكونُ عن يمينه أو عن يساره لأنه إذا فُتح الباب وهو أمامَه قد يرى شيئا من عورة البيت .
{ ذلكم} أي ما مضى { خيرٌ لكم} في الدنيا وفي الآخرة، خيرٌ لكم من حيث الأُنس و المحبة و التلاطف بينكم وحتى لا يقع عينُ أحدِكم على عورة أخيه، وخيرٌ لكم في الأخرة من حيث الثواب
{ لعلكم تذكرون } يعني إذا فعلتم ذلك هو وسيلة وسبب إلى أن تتذكروا .
﴿فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤْذَنَ لَكُمْ ۖ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا ۖ هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ (28)
{ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا} يعني طرقتم الباب فلم تجدوا فيها أحداً {فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا} يعني إذا لم يؤذن لكم فارجعوا { هو أَزْكَى لَكُمْ} يعني طًهرة لكم {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} فهو عليم عز وجل بكل ما يعمله الإنسان من قضية الاستئذان والدخول وما شابه ذلك.
﴿لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ﴾ (29)
{لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} أي إثم {أَن تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ} هذه البيوت التي تكون على ممر الطرقات في السفر يدخلها المسافرون للتمتع للراحة يعني موضوعة للمسافرين هذه ليس لها أحد فهذه تدخلونها من أجل الراحة، من أجل تناول الطعام، من أجل البيع والشراء مع آخرين فلا يلزم الاستئذان {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ} أي ما تظهرونهُ { وَمَا تَكْتُمُونَ } يعني ما تُخفونه.
﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ (30)
{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ } لما ذكر ما يتعلق بالاستئذان أمرهم بحفظ البصر {يَغُضُّوا} يَغُضُّوا : فعل مضارع مجزوم لأنه واقع في جواب الأمر {قُل} وعلامة جزمة حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة
{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ} لمن؟ للمؤمنين، لأن صاحب الإيمان يغض بصره.
{ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ {لما ذكر الفرج لم يقل ويحفظوا من فروجهم، لكن لما ذكر البصر من أبصارهم قال بعض العلماء مِنْ هنا “صلة” “زائدة” يعني: يغضوا أبصارهم لكن الأظهر:
{ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} لأن الإنسان ليس مأمورًا بغض البصر عن كل النساء، لأن مسألة النظر أشمل من حفظ الفرج فللإنسان أن يرى والدته وأخواته ومحارمه من غير أن تكون هناك شهوة، لكن لو كانت هناك شهوة كما قال شيخ الإسلام رحمه الله -فإن هذا مثل هذا يعني يندر نسأل الله السلامة والعافية من الشذوذ – لكن لو جرى: فإنه لا يجوز له أن ينظر إلى قريباته ومحارمه بشهوة.
{ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} حفظ الفرج مُضيق فإنه يحفظ فرجه عن الأجنبيات وعن محارمه إلا عن زوجته {وذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ { يعني فيه زكاء وطُهر لأنه يزيد الإيمان، إذا غض الإنسان بصره يزداد إيمانه
أيضًا يكون حائلًا بينه وبين الوقوع في الزنا لذلك قال الله تعالى:
{ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} (الإسراء32) لم يقل ولا تزنوا، إنما {ولا تقربوا} وذلك بالنظر أو اللمس أو ما شابه ذلك {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} لم يقل بما يعملون، لأن الصنع أدق والذي ينظر، ينظر من طرف خفي لا يشعر به أحد لكن ليعلم أن ما أخفاه خفاءً دقيقًا فاللهُ مطلع عليه
{إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} بكل ما يحرصون على إخفائه، وما دق فالله مطلع على ذلك ومن ذلك عدم غض البصر.
﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ (31)
{ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ} معلوم أن المؤمنات يدخلن في قوله : {وَقُل لِّلْمُؤْمِنِينَ} يدخل النساء في خطاب الرجال لكن هنا نُص على المؤمنات من باب التأكيد على عظم هذا الأمر
{ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} لكن لو قال قائل:
هل المرأة مأمورة بأن تغض البصر عن الرجال الأجانب مطلقًا؟ كيف والنبي ﷺ قال لعائشة:
“أتريدين أن تنظري إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد في الحراب فنظرت إليهم”
فالجواب عن هذا: أن نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية مُضَيَّق بشهوة او بغير شهوة، لكن المرأةَ يجوز لها أن تنظر إلى الأجنبي بشرطين وهما: أن تنظر إليه من غير شهوة؛ وأن تنظر إليه من غير تمعن فالنظر العادي يجوز لها، لكن النظر العادي من الرجل للمرأة الأجنبية لا.
ولذلك لما سئل النبي ﷺ عمن ينظر فُجاءةً قال: “اصرِف بصرَك” وقال كما ثبت عنه:
“لك الأول وليست لك الثانية”.
{وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}
{وَلَا يُبْدِينَ} يعني لا يُظهرن زينتهن إلا ما ظهر منها، ما الذي يظهر منها؟
قال بعضُ المفسرين: الوجه والكفان، ولذلك أجازوا أن المرأة يجوزُ لها أن تكشف وجهها وكفيها بدلالة هذا الآية.
ولأن النبي ﷺ قال لأسماء لما أتت إليه بثياب رقيقة قال: “يا أسماء المرأة إذا بلغت المحيض فلا يجوز لها أن تُظهر إلا هذا وهذا” وأشار إلى الوجه والكفين؛ لكن الصحيح:
أن هذا الحديث حديث أسماء ضعيف من خمس علل، وفيه نكارة من حيث متنه! فكيف لأسماء التي زوجُها الزبير من أشد الناس غَيرَة تخرج على النبي ﷺ بثياب رقيقة! فالحديث لا يصح؛
أما الآية فليس فيها دليلٌ لهم، وقد بينت في موطِن آخَر الرد والجواب عن كلِّ دليلٍ أتَوا به، والواجبُ على المرأة أن تسترَ وجهَهَا وكفَّيها عن الأجانب.
فقال: هنا { إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } ما ظهر منها مثل: العباءة كما قال ابنُ مسعود رضي الله عنه، ولذلك لم يقل ما أظهرن منها، دل على أنه شيء يظهر عادة إلا ما ظهر منها من غير إظهار لها، ولذلك قال النبي كما ثبت عنه: “إذا خطب أحدكم امرأة فلينظر إلى ما يدعو إلى نكاحها فإنه أحرى أن يؤدم بينهما”
دل ذلك أن الأصل عندهم أن الوجه مُغطى.
أيضًا عائشة رضي الله عنها لما ذكرت ما ذكرت عن صفوان لما ذكرناه في الحديث قالت: “فكان قد رآني قبل أن تنزل آية الحجاب فسدلت بجلبابها على وجهها” وكما قال تعالى كما سيأتي معنا:
{ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ} (الأحزاب 59) وستأتي أدلة أيضاً في ضمن هذه السورة .
{ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ} الخمار هو: ما يُغطي الرأس، لأنهم كانوا في الجاهلية المرأةُ تضع الخمار من الخلف، فأمِرَت هنا: { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ} الجيب هو: الفتحة التي يُدخَلُ الرأس منها، يدل على أنها إذا أدلت بخمارها على جيبها سيلزم من ذلك أن تُغَطِيَ وجهَها وأن تُغَطِيَ العُنُق وأن تغطي الصدر أو الأعلى من الصدر { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ} لماذا سمي بالجيب؟ لأنه القطع لأنه مقطوع يعني مشقوق.
{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} انتبه! دل هذا على أنه يجب أن يستر الوجه لأنه لما ذكر الزينة الأولى:
{ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } كالعباءة أوما شابه ذلك،
لكن ماذا قال عن المحارم وعن هؤلاء ممن يتبعهم؟ {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} أي زينة؟
الزينة الخفية مثل الوجه والكفين.
لكن قوله: { وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } الزينة الظاهرة من العباءة وما شابه ذلك
{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} يعني الخفية عند المحارم الوجه والكفان، وما خرج عادةً من المرأة
{ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ } يعني الأزواج، قدم الزوج لأن الزوج يجوز له أن يرى كلَّ جسم المرأة
{ أَوْ آبَائِهِنَّ} يعني تُظهِر عند المحارم كالأب ما جرت العادة بإظهاره وهو الوجه والكفان
{أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ} أي آباء أزواجهن ويدخل في ذلك الأجداد
{أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ} وهي زوجه الأب تكشف لولد زوجها من غيرها.
{أو أخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ } أبناء الأخوة لها {أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ }
{نسائهن} قال بعض العلماء: المسلمات فقط فغير المسلمة يعني المشركة فإن المرأة المسلمة لا تظهر زينتها لها، وقال: بعض العلماء بل يجوز ذلك وإنما المقصود النساء هنا جنس النساء.
وعلى كل حال فلتحرص المرأة المسلمة على ألا تظهر زينتها المذكورة هنا للمشركة كما لو كانت المرأة مثلاً عندها خادمة أوما شابه ذلك قد تكون عندها خادمة مشركة مع أنه لا يجوز استقدام الخادمات المشركات، لكن لاعتبارات أخرى إن وقع فالأفضل أن تحرص على عدم كشف زينتها لخادمتها المشركة ولا على النساء المشركات.
{أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ } يعني الأمَة عند المرأة تُظهر هذه الزينة؛ لكن هل تُظهِر لعبدِها؟
خلافٌ بين أهل العلم، قال بعضُ العلماء: هذا نصٌّ فقط على الرقيقة، أما العبد الرقيق فلا،
وقال بعضُ العلماء: يجوز لأن النبي ﷺ كما في السنن لما كانت فاطمة عليها ثوب فكانت إذا غطت رأسَها بالثوب بدت قدماها وإذا غطت قدميها بدا رأسُها، فكان يدخل عليها غلام لها فقال: إنما هو أبوك وغلامك يعني بمنزله الأب.
وعلى كل حال الأولى والأحرى -وهذا طبعًا غير موجود عندنا الآن لعدم وجود الأرقاء- أن تغطي عن العبد من باب سد الباب.
{أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ} يعني غير أصحاب الإربة الحاجة في النساء، يعني هناك رجال إما لكبر سن أو لعدم رغبة في النساء، يعني يتبع فقط النساء من أجل أن يأكل لكن ليست به شهوة وليس به إطلاع للنساء ولا رغبة في النساء أبدًا لا من حيث نظر ولا من حيث جماع ولا أي شيء، فيجوز لها أن تكشف وجهها وكفيها.
قال تعالى هنا: { أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ}
{الطفل}: يعني الأطفال {الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} يعني لم يطلعوا على عورات النساء يعني الطفل الذي لا يميز فلا يعرف المرأة ولا يعرف الشهوة ولا يعرف يفرق بين الجميلة وغير الجميلة فهؤلاء الأطفال يجوز لها أن تُظهر لهن الزينة، لكن لو كان طفلا له نظر ويميز ولو لم تكن به شهوة لكنه يميز فهنا: لا تكشف له.
{ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ}
يعني لم يميزوا بين النساء من حيث الجمال من عدمه ومن حيث الشهوة ومن عدمها، ومن ثَم قال البعض ويُرَوَّج له في مثل هذا الأصل -ورددت عليه-:
( من أن المرأة يجوز لها عند المرأة كل بدنها إلا ما بين السرة والركبة) وهذا خطأ، فليس هناك دليل على أن المرأة يجوز لها أن تُظهر صدرها للمرأة أو أن تظهر ما فوق السرة للمرأة لا! بل يجب عليها أن تتستر إلا ما ظهرت العادة بإظهاره من الشعر واليدين والوجه.
{وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ} لأنهن كًن في السابق يلبسن الخلخال الذي يكون في الأقدام لذلك قال : {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ} يعني لا يتعمدن الضرب بالأقدام عل الأرض من أجل أن يظهرن الصوت صوت الخلخال، سبحان الله! إذا كانت المرأةُ منهيةً عن أن تضرب الخلخال حتى لا يظهر له صوت أفلا يكون سَتر الوجه الذي هو محل جمال المرأة أولى؟ بلى أولى، فهذا دليل على وجوب ستر وتغطية الوجه، ولذلك إذا سُئل الإنسان عن فلانه جميلة او غير جميلة هل يقول والله مثلًا يدها أو مثلًا أن ساقها جميل! أو أن الجمال يقول ما تقاسيم وجهها؟
تقاسيم وجهها فدل أن محط الجمال هو الوجه.
{ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} أمر الجميع بالتوبة وأمر أهل الإيمان دل عل أن أهل الإيمان بحاجة إلى التوبة فما ظنكم بغيرهم
{ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} تحصلون عل الفوز بالمطلوب والنجاة من المكروه.