التفسير الوجيز الدرس (3) تفسير سورة البقرة من الآية( 75 ) حتى الآية( 83 )

التفسير الوجيز الدرس (3) تفسير سورة البقرة من الآية( 75 ) حتى الآية( 83 )

مشاهدات: 26

التفسير الوجيز ـ تفسير سورة البقرة

الدرس( 3)

من الآية ( 75 ) حتى الآية ( 83 )

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ:  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (76) أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (77)}

كنا قد توقفنا عند قول الله تعالى {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ} أفتطمعون أيها المسلمون أن يؤمنوا لكم بمعنى أنه قطع الرجاء في إيمان هؤلاء اليهود {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ} أي التوراة {ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ} يعني من بعد ما فهموه {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} عاقبة هذا التحريف.

{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا} هذه طائفة من اليهود بها النفاق {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ} قال الرؤوساء لهؤلاء أتحدثون المسلمين {أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} يعني من العلم من أن محمدا هو نبي، وأن هذا القرآن حق {أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ}  يعني في يوم القيامة {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} فأنكر الله عليهم.

{أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ} أي ما يخفون {وَمَا يُعْلِنُونَ} فلو كان عندهم إيمان ما قالوا هذا القول؛ لأن الله عز وجل يعلم سرهم ونجواهم.

{وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (78) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79)}

{وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ} هذا صنف ثالث من أصناف اليهود {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ} {أُمِّيُّونَ} بمعنى أنهم إنما هم لا يقرأون ولا يفهمون {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ} يعني مجرد قراءة من غير ماذا؟ من غير تمعن، أو أماني باطلة إذ إنهم زعموا أن لهم المنزلة العالية عند الله عز وجل {إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ} أي ما هم {إِلَّا يَظُنُّونَ}.

{فَوَيْلٌ} كلمة وعيد وتهديد {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ}  وهؤلاء هم اليهود، فإنهم كتبوا التوراة وحرفوها من أجل أن يأخذوا شيئا من هذه الدنيا، وما يجري من علماء هذه الأمة يدخلون في ضمن هذا {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ} {بِأَيْدِيهِمْ} دل هذا على أنهم باشروا هذا الأمر دون أن يأمروا غيرهم {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}  من أجل ماذا {لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} يعني غرضا من أغراض الدنيا، {لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ}  كررها من باب التأكيد على فظاعة ما صنعوه {فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ} وكرر مرة أخرى {وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} من الذنوب، وأيضا مما يكسبونه من هذه الدنيا من الرشاوى وما شابه ذلك.

{وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (80) بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (82)}

{وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً} زعموا أن هذه الأيام هي الأيام التي عبدوا فيها العجل من أنهم لا يبقون في النار إلا أياما معدودة {قُلْ} يا محمد لهؤلاء {أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا} يعني إما أن لكم عهدا عند الله، أو أنكم كذبة {فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} فدل على ماذا؟ على أنكم قلتم على الله قولا بلا علم، وأنكم كذبتم في ذلك {بَلَى} وهذا فيه إثبات من أن النار ستمسهم وسيبقون فيها خالدين مخلدين فيها {بَلَى} ثم استأنف {مَنْ كَسَبَ} أي من عمل {مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً} والسيئة هنا هي الشرك؛ لأنها تحبط العمل، وهي تحيط بالعمل كله، فإذا بها تبطل العمل {مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً}  ولذلك قال بعدها {وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.

{وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}  وهذه هي طريقة القرآن إذا ذكر الترهيب ذكر الترعيب، وإذا ذكر النار ذكر الجنة. {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.

{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (83)}

{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ}  يعني واذكر وقت أن أخذنا على بني إسرائيل الميثاق، ما هو هذا الميثاق؟ مبين في هذه الآية {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ}  ما هو الميثاق؟ {لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى} يعني الإحسان إلى قرابة الإنسان، وهي صلة الأرحام {وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى}  وهو الذي مات أبوه قبل أن يبلغ {وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}  يعني للناس القول الحسن وهذا يشمل ماذا؟ يشمل أن تقول  القول الحسن للمؤمن وللكافر {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ} {تَوَلَّيْتُمْ} يعني انصرفتم {إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ} انصراف  مع إعراض، فدل هذا على أنه لا رجاء في رجوعهم إلى الحق، وهذه الآية تشمل ماذا؟ الأسلاف، وتشمل الأحفاد؛ لأنه قال في آخر الآية قال {ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ} مخاطبا من؟ من في عصر النبي عليه الصلاة والسلام.