الدرس (25 ) خصال الفطرة (1) باب السواك ( مسائل مهمة متعلقة بالسواك )

الدرس (25 ) خصال الفطرة (1) باب السواك ( مسائل مهمة متعلقة بالسواك )

مشاهدات: 589

بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس الخامس والعشرون من الفقه الموسع

لفضيلة الشيخ زيد البحري

باب خصال الفطرة- السواك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[مسألة: السواك سنة في كل وقت ويتأكد عند الوضوء وعند الصلاة ودخول المنزل لا المسجد، وعند الخروج من البيت إلى الصلاة ويتأكد عند الانتباه من النوم وعند قراءة القرآن]

الباب في اللغة: هو المدخل للشيء.

وفي الاصطلاح: جملة من مسائل العلم،

والسواك يُجمع على سُوك، وأما جَمْعُه على مساويك فغيرُ صحيح

أما المفردُ فقد جاء في اللغة أنه يقال مسواك؛ وأما الجمع فنقول هذه سُوك.

ـــــــــــــــــ

المسألة الأولى تحت هذا الباب:

 السواك سنة في كل وقت ويُتأكد عند: الوضوء، والصلاة، ودخول المنزل، وعند الخروج من المنزل إلى الصلاة وعند الانتباه من النوم وعند قراءة القرآن.

فقولنا السواك سنة: أي سنة في كل وقت لما جاء عند البخاري معلقاً بصيغة الجزم والمعلق بصورة الجزم كأن يذكر البخاري رحمه الله المتن دون سند فيقول قال النبي ﷺ أو ذكر النبي ﷺ فإن أورده بصيغة الجزم فهو مقبول وأما ما أورده بصيغة التمريض كأن يقول روي أو قيل أو ذكر فهو ضعيف عنده ولا يلزم أن يكون ضعيفاً عند غيره، فقد ذكر بصيغة الجزم قول النبي ﷺ:

” السواكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ “

وهذا يشمل كل وقت، ويخرج من ذلك ما أتت الشريعة بالنهي فيه عن الحركة كالتسوك أثناء الخُطبة او في الصلاة أو نحو ذلك، وقد ذكر النبي ﷺ في هذا الحديث أن في السواك فائدتين:

أولا: إرضاء للرب جل وعلا

ثانيا: أنه يطهر الفم

 

وقد ذكر ابن القيم رحمه الله فوائد للسواك من بينها:

 أنه يصفي الحلق ومن بينها أنه يقوي اللثة والأسنان، والمتتبع لفوائد السواك يجد ما ذكره ابن القيم رحمه الله وزيادة،

وهذا السواك لو صح الحديث الوارد فيه لكان سنة في الأمم الماضية قال ﷺ “أربع من سنن المرسلين وذكر منها السواك” ولا أعرف غير هذا الحديث ولذا لو كان هناك حديث آخر لكان سنة في المرسلين لكن مع ضعف هذا الحديث لا نثبت هذا الحكم حتى نقف على دليل آخر.

ــــــــــــــــــــــــــــ

وقد قال بعض العلماء يخرج من هذا القول بالسنية الصائم فلا يستاك بعد الزوال لما جاء عند الدارقطني أن النبي ﷺ قال: ” إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي”

فمن هذا الحديث نهى النبي ﷺ فلا نستك بعد الزوال

واستدلوا أيضا بقول النبي ﷺ “ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك” وهذه الرائحةُ لا تخرج إلا بعد الزوال فيكف تزيل هذا الشيء المحبوب عند الله ﷻ، ولذا الشهيد لا يغسل حتى لا يزول أثر الدم المحبوب عند الله ﷻ،

 ولكن الصحيح: أن السواك سنة للصائم في كل وقت قبل الزوال أو بعده لعموم النصوص التي جاءت بفضل السواك في كل وقت، منها حديث: ” السواكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ “

ومنها ما جاء في الصحيحين: ” لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ “

وهذا شامل للصلوات التي بعد الزوال والتي قبلها للصائم والمفطر على حد سواء،

 وهناك دليل لو صح لكان الفيصل في الرد على هذا القول وهو حديث:

 ( رأيته ما لا أحصي يستاك وهو صائم ) ضعفه الألباني رحمه الله، وضعفه ابن حجر رحمه الله في كتاب مِن كُتُبه أظنه الفتح، وصححه في تلخيص الحبير،

فهذا الحديث لضعفه لو صح لفصل في الموضوع، ولكن يكفي لهذا الحديث أنه أقلُّ ضَعفاً مِن حديث:

” إِذَا صُمْتُمْ فَاسْتَاكُوا بِالْغَدَاةِ وَلاَ تَسْتَاكُوا بِالْعَشِىِّ ” فما استدلوا به فهو حديث ضعيف.

 

وأما استدلالهم بأن هذه الرائحة المحبوبة عند الله جل وعلا تزول بالسواك ففيه نظر من عدة وجوه:

أولاً: أن البعض من الناس قد لا تخرج معه هذه الرائحة حتى بعد الزوال.

ثانياً: لا نسلم بأن السواك يزيل أثر هذه الرائحة تماما.

ثالثاً: أن البعض قد تحصل معه هذه الرائحة قبل الزوال وذلك إما لعلة في معدته أو لأنه تسحر مبكراً.

رابعاً: أن هذه الرائحة ليس مصدرها الفم بل مصدرُها المعدة.

 

وقد أخرج بعض العلماء الاستياك في اجتماعات الناس، فقالوا:

إن هذا غير لائق أن يقوم بتنظيف أسنانه كما لو كان في دروس علمية أو اجتماع ديني أو دنيوي،

 وما ذكروه فهو صحيح، وذلك لأن الاستياك في هذه المجمعات تجعله محلَّ استغراب ونظر، وهو مما يقلل من احترام الناس له وذلك لأنهم يشعرون بعدم احترامه له،

 ثم قد يؤيد هذا: أن هذا الاجتماع ما حصل إلا لغرض والسنة إذا أتى الإنسان لغرض أن يبدأ فيما أتى من أجله ولا يقدم غيرَه عليه، ولذا لما طلب عتبان بن مالك من النبي ﷺ أن يصلي له في بيته وقد أعد طعاماً فدعا النبي ﷺ إلى الطعام فقال ﷺ أين تحب أن أصلي لك؟ فصلى ﷺ ثم تناول الطعام.

 

فالسواكُ إذًا سُنّة في كل وقت إلا في موضع نهى الشرعُ فيه عن الحركة

(السواك أثناء الخطبة وأثناء الصلاة )

أو في اجتماعات الناس الدينية والدنيوية حتى لا يفهم أن السواك في السوق ليس بسنة بل هو سنة،

أما من له ولاية فيستاك عند بعض رعيته كما استاك النبي عند الرجلين وهمت عنده.

وقد أوجبه داود الظاهري رحمه الله وقال إن السواك واجب وذلك لكثرة النصوص الواردة فيه

والصحيح أنه سنة لقوله ﷺ كما في الصحيحين:

” لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي، لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ ” وهذا لفظ مسلم،

 فمنعه من الإيجاب المشقة فدل على أنه من السنن،

ومع سنيته يُتأكد في مواضع:

الموضع الأول: عند الصلاة للحديث السابق، والعندية تفيد القرب، وفي رواية البخاري “لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة”

الموضع الثاني: عند الوضوء، لقول النبي ﷺ كما في المسند “لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء”

وموضع السواك من الوضوء هو المضمضة: كما قال الفقهاء وذلك لأن العندية تفيد القرب، ولذا في رواية “مع كل وضوء ” وأول شيء يبدأ به من الواجبات المضمضة، ولأن السواك محله الفم، ولأن النبي ﷺ كما في المسند (كان يستاك بإصبعه) يدخل إصبعه في فمه ويستاك به.

 

الموضع الثالث: عند دخول المنزل، ودليله ما جاء عند مسلم أن عائشة رضي الله عنها سئلت ما هو أول شيء يبدأ به النبي ﷺ إذا دخل البيت قالت رضي الله عنها: (السواك)

قال بعض العلماء: العلة من أجل أن يطهر فمه قبل أن يستقبله أهله فتكون رائحتُه طيبة، ولذا جاء في الصحيحين ( أن أشدَّ ما يكون على النبي ﷺ أن توجد منه الرائحةُ الكريهة ) ولذا صح عنه، ( أنه يُعرَفُ بريح الطيب ) يعني أنه يعرف أن النبي ﷺ مرَّ أو مكث في هذا الموضع، بل كان له ﷺ مِسكة فيها طيب يتطيب منها وقد قال ﷺ( حبب إلي من دنياكم ثلاث) وذكر منها: ( الطيب ) وقال عليه ﷺ:  “من عُرض عليه ريحان فلا يرده فإنه طيب الرائحة خفيف المحمل”

ولذا قبل أن يجامع زوجاته في ميقات ذي الحليفة قبل أن يدخل في النُّسُك تعطر ﷺ.

وقال ﷺ: “ثلاث لا ترد الوسائدُ، واللبن، والدهن” والدهن -يعني الطيب-، والأحاديث في فضل الطيب كثيرة جداً، وذلك لأن الطيب يزيد النفس نشاطاً وحيوية، ويزيد أيضاً محبة قرب الناس إليه ومجالسته من زوجة أو صديق أو نحوه، ولذا نهى الإسلام عن أكل الثوم والبصل نهاه أن يأتي إلى صلاة الجماعة حتى لا يؤذي إخوانه المسلمين برائحته.

 

 

ولمحبته ﷺ للرائحة الطيبة كان ﷺ يدخل على زينب فيشربُ عندها عسلاً، فغارت عائشة وحفصة فاتفقتا على أن يقولا للنبي ﷺ إذا دخل على كل واحدة منهما تقول ( إني أجد منك ريح مغافير ) وهو شراب له رائحة ليست مستحسنة، فقال ﷺ (إنما شربت عسلاً) فحرمه ﷺ على نفسه، فأنزل الله ﷻ ما ذَكَر في أول سورة التحريم.

 فهذه حكمة ذكرها العلماء في دخوله ﷺ للمنزل وهو يستاك، ولكنها علةٌ غيرُ منصوصة،

ومِنَ ثَمَّ لو قيل: هل يُسَنُّ أن يبدأ بالسواك إذا دخل بيتَه وهو خالٍ من أهله؟

 فالجواب/ نعم يسن له ذلك؛

 

وقال بعض العلماء: إن المسجد يقاس على المنزل، فإذا كان بيتُ الإنسان يبدأ في أثناء الدخول فيه بالسواك فبيتُ الله أولى ولذا يسن السواك عند دخول المسجد، وصورة ذلك:

 أن يتعمد قبل الدخول أن يستاك معتقداً أن هذا الفعل سُنّةٌ في هذا الموضع بقطع النظر عن استياكه عند الصلاة إذا دخل المسجد أو عند خروجه من بيته للصلاة،

 وهذا القياس غير مقبول وذلك لأن القاعدة [ أن كل شيء وُجد سببُه في عهد النبي ﷺ ولم يفعله فهو غيرُ مشروع ]  فهذا الشيء الذي هو السواك موجود، وسببه: وهو الدخول إلى المسجد موجود في عصره عليه الصلاة والسلام؛ فلما لم يفعله مع كثرة دخوله للمسجد، ومع على حرصه على السواك دل على أنه غير مشروع،

 وهذه قاعدة تفيد طالب العلم [ فكل شيء وجد سببه في عهد النبي ﷺ ولم يفعله فهو غير مشروع ]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومن المواضع التي يتأكد فيها السواك: الخروج من البيت إلى الصلاة.

ودليل هذا الموضع / ما جاء في معجم الطبراني  ( أن رسول الله ﷺ كان لا يخرج من بيته لشيء من الصلاة إلا استاك )

 قال المنذري رحمه الله في الترغيب والترهيب / إسناده لا بأس به.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ومن المواضع التي يتأكد فيها السواك أيضا -الموضع الخامس-: عند الانتباه من النوم

 لما جاء في الصحيحين من حديث حذيفة رضي الله عنه أنه قال:

 ( كان رسول الله ﷺ إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك )

وذلك لأن الفم تتغير رائحتُه بعد الاستيقاظ من النوم، ولذا قالت عائشة رضي الله عنها كما عند مسلم:

” كُنَّا نُعِدُّ لَهُ سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ، فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ مَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَتَسَوَّكُ، وَيَتَوَضَّأُ “

” كُنَّا نُعِدُّ لَهُ سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ”: يعني بالليل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ومن المواضع التي يتأكد فيها السواك -الموضع السادس-: عند قراءة القرآن

 وقد جاء حديث ضعيف قوله ( طيبوا أفواهكم بالسواك فإنها طرق القرآن ) قال عنه الألباني رحمه الله هو ضعيف جدا.
وقد جاء حديث آخر عند البيهقي والبزار (أن الرسول ﷺ أخبر بأن الرجل إذا قرأ القرآن استمع إليه الملك من خلفه فكلما قرأ آية دنى منه حتى يضع فاه عند فيه فلا تخرج آية إلا وتكون في فم الملك )وهذا فيه دلالة على أن السواك يتأكد عند قراءة القرآن لقرب الملك منك، ولذا قال ﷺ:

” فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ

ولقوله ( طيبوا أفواهكم للقرآن )

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

والسواك قد عده النبي ﷺ كما جاء عند مسلم من خصال الفطرة

 وخصالُ الفطرة قد أوصلها ابن العربي إلى ثلاثين خَصلة، قال ابن حجر رحمه الله في الفتح:

( هي تزيد على هذا العدد )

 وخصالُ الفطرة سيأتي معنا ذِكْرٌ لبعضها بإذن الله تعالى، وخصال الفطرة قيل هي: خصال الدين التي جُبِلَ عليها الخلق، فالفطرة تقتضي الاهتمام بهذه الخصال لو لم يأت دليل منفصل يؤكد عليها،

وقال بعض العلماء: خصال الفطرة هي السنة التي عليها الأنبياء، فيكون السواك من سنن الأنبياء، ولكن لا دلالة واضحة على تخصيص الأنبياء بهذه الخصال،

لا شك أنهم يدخلون في هذا من باب أولى، لكنوا جعلوا هذا الحديث -مثلا – جعلوه نصا على أن السواك من سنن المرسَلين السابقين دون غيرهم يحتاجُ إلى دليل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 والسواك إذا لم يوجد:

 فيستاك بأصبعه، وقد قال بعض الفقهاء: يستاك بخرقة،

والذي يظهر: أن السواك إذا عُدِم فيستاكُ بكل ما يتنظف به الفم، ولذا في الصحيحين من حديث أبي موسى رضي الله عنه قال: ” رأيت النبي ﷺ يستاك على لسانه “

 فَفُهِمَ مِن هذا النص أن الفم كلَّه موضعٌ للاستياك.

ـــــــــــــــــــ

وقد اشترط الفقهاء في هذا العود: أن يكون مُنقيا وإلا انعدمت الفائدة منه.

 واشترطوا بأن يكون: بعود لين لأن اليابس قد يؤثر على لثة الإنسان.

 وذكروا أيضا: أنه يكون بعود غيرِ طيب الرائحة، وذلك لأن الرائحة التي في هذا العود تنقلبُ بعد حين إلى نتانة.

 وعلى كل حال الضابط: أن كل ما نظَّفَ الأسنانَ والفم مما يحصل به المقصود فيفي بالغرض إذا لم يوجد السواك المعروف.

 وأفضلُ ما يستاك به الإنسان من الأعواد هو عود الأراك:

 ولذا جاء في المسند من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يجتني السواك قال:

 ( كنت أجتني السواك من الأراك للنبي ﷺ) الحديث

ــــــــــــــــــــــــــــــ

والسواك لم ترد في صفة الاستياك به صفة ثابتة

 وأما ما جاء بالأمْرِ بالاستياك عرضاً فإنه حديث مرسل، والمرسل من أقسام الحديث الضعيف كما هو مقرر في علوم الحديث إلا إذا كان مرسل صحابي أو مرسل أحد كبار التابعين على أحد القولين.

 والاستياكُ عرضاً استُحسن لأن الاستياك بالطول يؤثر على لثة الإنسان،

 وعلى كل حال: فعلى أي صيغة استاك فقد أتى بالسنة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 وقد ذكر الوضاعون حديثاً فيه ذِكْرٌ مستحسن يقال عند الاستياك وهو ” اللهم طَهِّر قلبي ومَحِّص ذنوبي ” فهو مختلق لا أصل له، والأصل في العبادات الحظر كما هي القاعدة في الأصول، (الحظر) يعني: المنع.

والوضع له أسبابٌ دعت إليه كما هو مقرر في علوم الحديث، إما أن يكون للطعن في الدين، أو لزجر الناس عن فُحش، أو لحث الناس على عمل صالح، أو لترغيبهم في عمل صالح مهجور أو التزلف لخليفة أو أمير ونحوه، أو للترويج لبضاعة كقول ( الباذنجان لما أكل له ) فهذا خضري أراد أن يروج لبضاعته، أو للقدح في بعض الصحابة أو للغلو فيهم، أسبابٌ شتى.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

مسألة: [يجوز أن يستاك بالعود الواحد اثنان، وهل الاستياكُ باليد اليمنى أم باليد اليسرى؟ ]

الشرح/ هذه المسألة من شقين:

الشق الأول: جوازُ الاستياك بعود واحد من اثنين، فيجوز لاثنين أو ثلاثة أو أكثر أن يستاكوا بعود واحد وذلك بعد تنظيفه وتطهيره قبل استياك الثاني،  لما جاء عند البخاري:

(أن النبي ﷺ لما كان في سكرات الموت دخل عليه عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه سواك فأمدّه النبي ﷺ ببصره ففهمت عائشة رضي الله عنها رغبته ﷺ بالسواك فقالت أآخذه؟ فأشار ﷺ أن نعم قالت: فأخذته ونظفته وطيبته ثم استاك به النبي ﷺ)

ومما يدل على جواز استياك أكثر من اثنين بعود واحد ما جاء عند البخاري:

 (أن النبي ﷺ كان يستاك في المنام وعنده اثنان فأراد أن يُعطي الأصغر السواك فقيل له: كَبِّرْ كَبِّرْ ) يعني: أعطِ الأكبر؛ ففيه إشارة إلى أنه يجوز أن يستاك بالعود أكثر من اثنين،

ويكون التقديم للأكبر كما في الحديث.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشق الثاني: هل الاستياكُ باليد اليمنى أم باليد اليسرى؟

اختلف العلماء في هذه المسألة؛ فبعض العلماء يقول: إن السنة أن يستاك بيده اليسرى وذلك لأن السواك إزالةُ أذى، وإزالة الأذى كما قررنا مسبقا يكون باليد اليسرى، ولذا قالت حفصة رضي الله عنها (كانت اليد اليمنى للنبي ﷺ لأكله وشربه وأخذه وإعطائه، وشماله لما سوى ذلك)

ولأن النبي ﷺ قال كما عند البخاري مُعلَقاً بصيغة الجزم “السواك مطهرة للفم” وتطهير الفم أي تنظيفه وإزالة ما علَقَ به من أذى.

القول الثاني: أن السواك يكون باليد اليمنى وذلك لأنه طاعة وقُربة، والقربةُ تقتضي تقديمَ اليمين

ويدل لهذا قوله عليه الصلاة والسلام كما في الحديث السابق “السواك مطهرة للفم مرضاة للرب” فجملة “مرضاة للرب” تدل على أنه قربة،

وأيضا قول عائشة رضي الله عنها (كان يعجبه ﷺ التيمن في تنعله وترجله وفي طهوره وفي شأنه كله) وهذا من شأنه ﷺ وذلك لتعلق السواك بالطَّهور ولذا قال ﷺ كما في المسند:

 “لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء”

القول الثالث/ وهو يجمع شتات القولين وهو:

 أن السواك إذا كان في موضع قربة كالصلاة أو الوضوء أو قراءة القرآن مثلا: فيكون باليمين،

 وإن كان في موضع يزال فيه الأذى: فيكون باليسار.

 وهذا في نظري هو الأقرب لقوله ﷺ “السواك مطهرة للفم مرضاة للرب”

فجمع هنا ﷺ في هذا الحديث فائدتين للسواك وهما: 1- القُربَةُ 2- وإزالةُ الأذى.

وهذا القول قولٌ وسط.

 وقد اختار شيخ الإسلام رحمه الله أن الاستياك يكون باليد اليسرى مطلقاً.

ولا يشدد في هذا الأمر لأن المسألة محتملة لهذا ولهذا

 أما رواية أبي داود ( كان يعجبه التيمن في تنعله وسواكه ) فمحتمل أن يكون بيده اليمنى، ومحتمل محل الاستياك وهو الجهة اليمنى من الفم، فليس الحديث نصاً في المسألة.