الدرس ( 99 )باب شروط الصلاة ـ اللباس ( 21) ( حكم لبس المصنوع من جلود السباع والأبيض والأخضر والأسود والحبرة والقميص )

الدرس ( 99 )باب شروط الصلاة ـ اللباس ( 21) ( حكم لبس المصنوع من جلود السباع والأبيض والأخضر والأسود والحبرة والقميص )

مشاهدات: 430

الدرس التاسع والتسعون

من الفقه الموسع

لفضيلة الشيخ زيد البحري

 

ولتعلم ان كتاب اللباس الذي يذكره العلماء لتعلم انه متعدد في مسائله ومتنوع في ابوابه ولعلي ان اذكر ما ذكرته كتب الحديث من أحاديث تتعلق باللباس من باب الفائدة في هذا الباب .

 

حكم لبس المصنوع من جلود السباع والأبيض والأخضر والأسود والحبرة والقميص

 

فمن المسائل المتعلقة باللباس :

جاء عند أبي داود ان النبي قال ( لا تركبوا الخز ولا النمار )

وجاء عنده ( لا تصحب الملائكة رفقة فيها جلد نمر )

وجاء عنده ( نهى النبي عن جلود السباع وعن الركوب عليها )

فيؤخذ من هذا : تحريم لبس اللباس المصنوع من جلود السباع كالأسد والفهد والذئب ونحوها ، والنمر من باب أولى لأن النمر قد أفرده بذكره , فيدل على شدة التحريم فيه ،والعلة في هذا : مختلف فيها  :-

القول الأول : لأن هذا اللباس زي الأعاجم ،

القول الثاني : لأنها تدل على الزهو والكبر والفخر ،

القول الثالث : لأنها لا تطهر بالدبغ بناء على أن أحد الاقوال اما على قول من يقول : ان الذي لا يؤكل لحمه يطهر جلده بالدبغ فلا تدخل هذه العلة ، وعلى كل حال فهذه العلل داخلة في على التحريم

ومن مسائل اللباس : ان الحرير كما سبق معنا لا يجوز لبه ولا الافتراش عليه ، واما ما عداه من اللباس الذي فيه ليونة ونعومة فيجوز لبسه ويجوز الافتراش عليه فقد جاء في الصحيحين ان النبي قال لجابر ( أتخذتم انماطا )

والانماط : هي البسط الناعمة ، فقال : وأين لنا الانماط ، فقال النبي : اما انها ستكون لكم)فدل هذا على جواز لبس الثياب الناعمة وافتراش البسط  الناعمة ،

ومن مسائل اللباس :ان افضلية الابيض لما جا في السنن قول النبي ( البسوا من ثيابكم البياض وكفنوا فيها موتاكم ) وجاء في رواية الترمذي وابن ماجة والنسائي ( فإنها أطيب وأطهر ) وأما ما جاء عند ابن ماجة ( ان افضل ما زرتم به الله في مساجدكم وقبوركم البياض ) فقد حكم عليه الالباني بالوضع ، وقال انه حديث موضوع .

ولماذا البياض  ؟

لأنه اقرب الى التواضع ، هكذا ذكره العلماء ولعله والله اعلم :ان في البياض تذكيرا بسلامة القلب من الدرن ، فإنك اذا بيضت ظاهرك فعليك ان تبيض باطنك ، ولذا جاء في الصحيحين من حديث ابي هريرة في دعاء الاستفتاح قول النبي ( ونقني من خطاياي كما ينقى الثوب الابيض من الدنس ) ويدل لذلك ما جاء عند الترمذي والنسائي قوله ( فإنها اطهر واطيب ) فعلل بالطهر والطيب ،فلعل هذه من الحكم من باب تذكير الانسان بتطهير مخبره كما حرص على ان يطهر مظهره بهذا اللباس الابيض ،

والعلل التي هي غير منصوص عليها يمكن الا يكتفى على ما ذكره العلماء السابقون لأن الحكم  كثيرة , والامر في حديث ( البسوا من ثيابكم البياض )

لا يدل على الوجوب ، وانما يدل على الاستحباب ، ذلك انه لبس غير الابيض ،

ففما لبسه  ( الحبرة ) كما جاء في الصحيحين من حديث انس ،( كان أحب الثياب الى رسول الله الحبرة )

والحبرة : قيل هي الثوب المزين المزخرف ،الذي لا يلهي بزخرفته ونقوشه

وقيل : هي الاخضر وإنما كانت أحب الثياب اليه لأنها جميلة وقد قال كما عند مسلم ( ان الله جميل يحب الجمال ) أو لأن الوسخ لا يظهر فيها كثيرا هذا على اعتبار انها مزخرفة  ، وحتى على اعتبار انها خضراء .

وقد لبس النبي الاخضر كما جاء عند ابي داود وغيره ( لبس بردين أخضرين ) وقد لبس النبي الاسود فقد جاء عند مسلم 🙁 أن النبي عام الفتح ، قد لبس عمامة سوداء أرخى طرفها بين كتفيه )

وجاء عند ابي داود ( ان النبي لبس الصوف ) قالت عائشة ( صنعت له بردة فلبسها فوجد منها ريح الصوف فخلعها ) لأنه كان يكره الرائحة الخبيثة وكان يحب الرائحة الطيبة .

وجاء عند أبي داود من حديث ابي بردة أنه قال ( كنا مع النبي وعلينا ثياب ، فلو كنت معنا لوجدت منا ريح الضأن ) وريح الضأن يدل على ان هذا الملبوس من الصوف .

وجاء في الصحيحين من حديث المغيرة ان النبي ( لبس جبة رومية ) أي منسوبة الى الروم (  ضيقة الكمين )

وجاء في الصحيحين من حديث المسور بن مخرمة ( ان النبي لبس القباء ) كما سبق في مسألة الذهب والحرير والقباء : هو ما يشبه الكوت .

وجاء عند أبي داود من حديث ام سلمة قالت ( كان أحب الثياب الى رسول الله القميص ) والقميص / هو ما له كمان وهو شبيه بأقمصتنا في هذا العصر وله جيب وهو مدخل الرأس  ويدل له حديث معاوية بن قرة قال ( حدثني أبي انه قدم على النبي وجيب قميصه مطلق الازرار فما رؤي معاوية الا مطلق أزراره )

قال ابن حجر : هذا يدل على ان الجيب في المقدمة بدليل ( أنه أدخل يده في جيب القميص فمس الخاتم الذي هو خاتم النبوة )

ولماذا القميص كان أحب الثياب الى النبي  ؟

قال بعض العلماء : لأنه أسهل في اللبس

وقال بعض العلماء : لأنه أستر من الازرار والرداء

وقال بعض العلماء : لأنه يدل على التواضع

وقال بعض العلماء : لأنه يلامس البدن ، وهو ما يسمى بالشعار وما كان ملامس للبدن فهو أحق بالمحبة من الدثار ولذا قال النبي في الانصار        ( الأنصار شعار والناس دثار )

وقد جاء عند أبي داود ( أن كم قميص النبي الى الرسغ ) ويروى بالصاد الرصغ ، ولكن هذا الحديث يضعفه الالباني ويقول :مما يدل على الاضطراب فيه أنه روي ( أن كم قميص النبي تحت الرسغ )

ومن ثم : استحب بعض العلماء ان يكون كم القميص الى الرسغ ، والرسغ : هو ما بين الكوع والكرسوع لكن يعكر على استحبابهم على افتراض صحة الحديث ، ما جاء عند ابن ماجة ( ان النبي لبس قميصا قصير اليدين والطول ) وجاء حديثا عند الحاكم ( أن كم قميص النبي الى رؤوس أصابع يديه ) وهذا يدل على الزيادة وقد صحح هذا الحديث بعض العلماء ولكن الالباني يضعف هذه الاحاديث كلها ، الكم الى الرسغ ، أو اقصر منه ، أو أطول منه .

وعلى افتراض صحة هذه الاحاديث فكيف يكون الجمع ؟

قال بعض العلماء : ان هذا باعتبار تنوع الاحوال ، فمرة لبس هذا ومرة لبس هذا ، وقال بعض العلماء : ان المستحب عند الرسغ ، فلبس ما هو اقصر وما هو اطول من باب بيان الجواز ، مع ان الافضل الى الرسغ

وقال بعض العلماء : انه يختلف باختلاف غسل هذا القميص فلربما يكون القميص يتثنى بعد الغسل أي القميص الذي في ذلك العصر ، فلربما يكون القميص يتثنى بعد الغسل ويكون طويلا قبل غسله . هذا على افتراض صحة الاحاديث .