الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (75) حديث (من قال لا إله إلا الله وكفر بما يُعبد من دون الله)

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (75) حديث (من قال لا إله إلا الله وكفر بما يُعبد من دون الله)

مشاهدات: 407

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس(75)

حديث (من قال لا إله إلا الله وكفر بما يُعبد من دون الله)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال المصنف :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

وفي الصحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام :أنه قال : (( من قال لا إله إلا الله ، وكفر بما يُعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــــ

قال المصنف :

” وفي الصحيح “ :

لتعلم :

أن العلماء اصطلحوا فيما بينهم في الغالب إذا قيل : ” وفي الصحيح ” المراد صحيح البخاري

فهو الجامع الصحيح المسند من أقوال وسنن الرسول صلى الله عليه وسلم

لكن قاعدة الشيخ هنا في عبارة : ” وفي الصحيح ” :

قد يراد منها عند التحقيق قد يراد منها ” صحيح مسلم ”

وقد يراد منها ” البخاري ”

وقد يراد الصحيحان

وسيأتي معنا بعض النصوص ما يدل على هذا

وقوله هنا : (( وفي الصحيح )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يراد منه صحيح مسلم

ولمك يذكر الرواي : فهو أبو مالك الأشجعي :

وهو سعد بن طارق الأشجعي

وطارق الأشجعي لم يرو عنه إلا ابنه ” سعد “

فالرواي هنا : هو سعد بن طارق الأشجعي

عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( من قال لا إله إلا الله ))

من ــــ اسم شرط

وأسماء الشرط تفيد العموم فتشمل الذكر والأنثى والحر والعبد والصغير والكبير

وقوله عليه الصلاة والسلام : ” قال يستفاد منه أن الاعتقاد لا يكفي فلابد من النطق بكلمة التوحيد

وقوله ” لا إله إلا الله “ سبق الحديث عنها في نصوص سابقة

وقوله : (( وكفر بما يعبد من دون الله )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله : (( وكفر )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

الكفر هو الجحود والتغطية والستر

هذا من حيث المعنى العام للكفر

ولذا وصف عز وجل في كتابه المزارعين بأنهم كفار ، قال : ((كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ))

يعني : يعجب الزراع نباته

لماذا سموا كفارا ؟

لأنهم يسترون ويغطون البذر بالتراب

والناظر في كلمة الكفر و في معناها الذي هو الستر والتغطية يرى أن  هناك شيئا مغطى أن هناك شيئا مستورا

فهل يمكن أن تغطي هكذا ؟

أو لابد أن تغطي شيئا ؟

لابد أن تكون التغطية لشيء ، وإلا لما يكن لهذه التغطية أثر بل لا يصدق عليها اسم التغطية والستر ،ومن ثَمّ – والله أعلم – لأني لم أر أحدا تكلم فيها : ” أرى أن كل آية في الكفر تدل على الفطرة ، وهي فطرة الله لخلقه على التوحيد

لأن هؤلاء الكفار غطوا وستروا الفطرة التي فطر الله الناس عليها

قال تعالى : ((فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ))

ثم قال بعدها : ((مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ))

وختم الآية بقوله : ((وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ))

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله : (( بما يُعبد من دون الله )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الباء : ـــــــــــــ حرف جر

و ” ما ” : ــــــــــ اسم موصول

واسم الموصول يعم

فيشترط في صحة التوحيد وسلامته ان يكفر من قال ” لا إله إلا الله ” أن يكفر بجميع ما يُعبد من دون الله سواء كان نبيا مرسلا أو ملكا مقربا ، ومن هم دونهم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله  عليه الصلاة والسلام : حرُم ماله ودمه )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا هو جواب الشرط ، كأنه يقال : ” من قال ” لا إله إلا الله ، وكفر بما يعبد من دون الله “

ما الثمرة ؟

ما الحاصلة ؟

(( حرم  ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل ))

فيستفاد من هذا :

ــــــــــــــــــــــــــ

أن من قال ” لا إله إلا الله ” ولم يكفر بالأديان الموجود انه مشرك

فدل على أن قول ” لا إله إلا الله ” مع الكفر بجميع ما يعبد من دون الله هو التوحيد وانه بهذا يحرم ماله ودمه ، والذي يحرم دمه وماله هو المسلم

ومن ثم :

ـــــــــ

فإن القول بتقريب الأديان والسعي في توحيدها والتقريب بينها دعوة كفرية .

وذلك بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم :

قال تعالى : {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }

وقال تعالى: ((إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ )) :

فدل على أن ما سواه من الأديان باطل ويجب ان يكفر به .

ولذا :

لو قال قائل : ” أنا أقول لا إله إلا الله ” لكنني لا أقول : ” إن النصارى ولا إلا اليهود لا على باطل ولا على حق أكون محاربا ؟

أقول :

ـــــــــــ

” لا إله إلا الله ” لكنني لا أقول ببطلان ما هم عليه ، ولا بأحقية ما هم عليه ، فماذا يقال عنه ؟

يقال عنه إنه كافر

فلابد أن يوجد اليقين بان هذه الأديان الموجودة أديان باطلة

ولذا النصارى واليهود يقولون : ” لا إله إلا الله ” هل تنفعهم ؟

لا ، لن تنفعهم

وقوله : (( حرم ماله ودمه )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا كحديث النبي في الصحيحين : (( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : ” لا إله إلا الله ” فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله عز وجل))

وقوله : (( وحسابه على الله )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حسابه على الله ؟

لماذا أتت هذه الجملة في نهاية الحديث ؟

القول فيها كالقول في الحديث الذي أوردته ، وهو حديث ” ابن عمر “ : (( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا ” لا إله إلا الله ” فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله ))

يستفاد من هذا :

ــــــــــــــــــــــــ

أن المسلم يجب عليه أن يأخذ بالظاهر ، أما البواطن والسرائر فهي إلى الله

فمتى ما قال الإنسان : ” لا إله إلا الله ” وكفر بجميع ما يُعبد من دون الله فهو ” المسلم ” له مالنا ، وعليه ما علينا يحرم دمه وماله

وأما سريرته فهي إلى الله عز وجل

فنحن نحكم في الدنيا بأنه مسلم ، أما عند الله فالله أعلم بشأنه

وقوله : (( عزَّ )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يؤخذ منه ” صفة العزة لله ” فهو جل وعلا عزيز ، ومن صفاته العزة

والعزيز ـــــــ هو الغالب القوي الممتنع

فهو جل وعلا عزيز ــــــــــ لم ؟

لأنه قوي لا يُغلَب

ولم ؟

لأنه هو الغالب الذي لا يُهزَم ، ولأنه الممتنع الذي لا ينال بسوء

ولذا ابن آدم قد يكون قويا لكنه يغلب

وقد يكون قويا لا يغلب لكن يصاب بسوء

وقوله : (( وجلَّ )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أي عظم :

قال تعالى : ((كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ{26} وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ{27} ))

ذو الجلال : ــــــــــ  يعني ” ذو العظمة “

قال المصنف : (( وشرح هذه الترجمة ما بعدها من الأبواب )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

قول المصنف : هو الإمام المجدد رحمه الله :

قال : (( وشرح هذه الترجمة )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

هو التفسير والتوضيح والبيان :

شرحت الدرس : بمعنى : وضحته وبينته وفسرته وفصلته

وقوله : (( الترجمة )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الترجمة : ـــــــــ هو التعبير عن لغة بلغة

ولذا قال النبي عليه الصلاة والسلام : (( ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان ))

يعني : من يعبر عنه

لكن مقصود المصنف رحمه الله ليس هذا المعنى وإنما مقصوده في الترجمة : أي هذا الباب

وشرح هذه الترجمة : ـــ يعني : هذا الباب أو هذا الدرس أو هذا العنوان

وليس المقصود التعبير عن لغة بلغة أخرى

قال : (( وشرح هذه الترجمة ما بعدها من الأبواب )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ما هو عنوا هذا الباب ؟

وما هو هذا الباب؟

(( باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله ))

فهو يقول : ” ما ذكرته في هذا الباب ليس إلا شيئا يسيرا فلا يُكتفَى به ، فقد ذكرت بعده أبوابا هذه الأبواب تبين هذا الباب ، فتضيف إلى ما ذكر في هذا الباب تضيف إليه فوائد أخرى “

ولذا عنون المصنف لكتابه فقال : (( كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد ))

فدل على أن جميع الأبواب تتعلق بالتوحيد وتفسيره وإيضاحه .