الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (83) حديث (لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة)

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (83) حديث (لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة)

مشاهدات: 447

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس(83)

(لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

باب ما جاء في الرقى والتمائم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عقد المصنف هذا الباب بعد الباب السابق ، ويريد من ذلك ان يفصل فقال : ” باب : ما جاء في الرقى والتمائم ”

يعني : باب ما جاء من النصوص المرعبة في الرقى والتمائم “

والتمائم :

ــــــــــــــــ

سبق تعريفها ، وسيعرفها المصنف

وأما الرقى : ـ فهي الرقية المعروفة

ولو قال قائل :

لم اختلف تعبير المصنف في هذا الباب عن الباب السابق ؟

الباب السابق : قال : (( باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه ))

أما هنا فقال : ” باب ما جاء في الرقى والتمائم “

ولم يحكم بحكم الشرك ؟

ويجاب عن هذا :

ــــــــــــــــــــــــــــ

بأنه ذكر الرقى

والرقى منها : ما هو شرك

ومنها ما هو مشروع

فأبهم المصنف الحكم في هذا العنوان لهذا الوجه

ولوجه آخر : وهو أن يترك طالب العلم يستنبط الحكم ، فيضع كل وجه في موضعه المناسب له

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال المصنف :

ـــــــــــــــــــــــــــــ

في الصحيح :

عن ” أبي بشير الأنصاري ” (( أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره ، فأرسل رسولا : (( أن لا يبقينّ في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت ))

الشرح :

ــــــــــــــــ

قوله : (( وفي الصحيح )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يعني : في الصحيحين

وأسلفنا أن المصنف يطلق كلمة الصحيح ويراد منها ك إما عند مسلم أو عند البخاري أو فيهما كليهما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(( عن أبي بشير ))

أبي بشير :

ـــــــــــــ

يقول ابن حجر ليس له في البخاري سوى هذا الحديث

وقال ابن عبد البر : لا يعرف له اسم

وقال البعض : ” إن اسمه ” قيس “

وهو من الصحابة الذين شهدوا غزوة الخندق ، وعُمِّر تجاوز ” مائة سنة “

(( أنه كان مع النبي عليه الصلاة والسلام في بعض أسفاره )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كان مع النبي :

والمعية عند العرب تطلق على المصاحبة

يراد منها المصاحبة ولا يراد منها الاختلاط

فقوله : (( كان مع النبي ))

لا يدل على أنه كان مع النبي عليه الصلاة والسلام في جلوسه أو في أثناء أكله ، وإنما هو معه ” مطلق المصاحبة “

ولذا :

ــــــــــــــــ

يستدل أهل السنة والجماعة في معية الله عز وجل بنصوص كثيرة ، ويقولون : ” إن معيته  لعباده لا يراد منها الاختلاط  تعالى الله عن ذلك في العلو

وذلك لأن المعية عند العرب تطلق على ” المصاحبة ” ولا يراد منها الاختلاط

وقوله : (( في بعض أسفاره )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال ابن حجر : لم نقف على تعيين هذا السفر

وقوله : (( فأرسل رسولا )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فيه دليل على أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يرسل الدعاة إلى الله لنشر العلم والخير ولاسيما فيما يتعلق بالعقائد

ولا أدل من إرسال معاذ ، وأبي موسى الشعري ، وأمره لمعاذ أن يدعو أهل الكتاب أول ما يدعوهم إليه إلى ” شهادة أن لا إله إلا الله ))

ويستفاد من ذلك :

ـــــــــــــــــــــــــــ

أن الدعوة إلى الله لا تنحصر في دار المقام ، وإنما هي في كل حال من أحوال المسلم سواء كان في سفر أم كان في حضر

ويستفاد منها :

ــــــــــــــــــــــــ

أن أحق ما وُجه إلى الخير هم رفقتك وأحبابك ، ومن هو قريب منك ، وذلك لأن النبي عليه الصلاة والسلام أرسل ” أبا بشير “ في هذه السفرة ، وهذه السفرة صحب فيها النبي عليه الصلاة والسلام جمع من صحابته

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــ

تدريب من هو قريب منك بل وحثه على الدعوة إلى الله ، وذلك لأن هذا الرسول هو ” زيد بن حارثة “ مولى رسول الله عليه الصلاة والسلام .

ولذا :

ـــــــــــ

لما أرسل في السنة التاسعة ” أبا بكر ” إلى مكة ليتطهر البيت من أنجاس وأرجاس المشركين أرسل معه ” عليا “

وقوله : (( أن لا يبقين ))

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تضبط بهذا الضبط (( أن لا يَبقين )) أو (( لا يُبقين )) يصح الوجهان بفتح الياء أو بضمها

وقوله : (( في رقبة )) :

ــــــــــــــــــــــــــــ

هذا لبيان الواقع ، وبيان الواقع لا مفهوم له .

بمعنى : أنه لو وضع هذه القلادة على رجله أو يده فالحكم باق ؛ لأن واقع مَنْ هم في عصر النبي عليه الصلاة والسلام فواقعهم أنهم يعلقونها في الرقبة

وعلى مَنْ ؟

على البعير

فلا يفهم من ذلك أن يخرج ما هو عدا البعير كالبقرة والماعز والخيل فالحكم شامل للجميع .

وقوله : (( بعير )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــ

البعير يطلق على الذكر والأنثى

لكن الأنثى عرفت بأن الإطلاق يكون عليها بلفظ ” الناقة ” (( أُعطي ناقة عشراء ))

ويجمع على الباعر وأبعرة

وقوله : (( قلادة من وتر )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

القلادة : هي ما أحاط بالعنق

وقوله : (( من وتر )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــ

هو وتر القوس ، كانوا يعلقون القلائد على هذه الحيوانات ، ومعتقدهم أن تدفع عنها العين والأذى بشتى أنواعه

لكن لو خلت من هذه النية ، وأريد منها الزمام فيجوز

فالنبي عليه الصلاة والسلام كان يضع لناقته الزمام كما في حديث
” جابر ” عند مسلم في حجة الوداع (( لما شنق لناقته الزمام وقال : إن البر ليس بالإيضاع ))

يعني : ليس بالإسراع

فإذا وضعت قلادة يراد منها أن تمسك بالبعير ، وأن لا ينفلت فجائز

أما إذا أريد من القلادة هذه النية سواء كانت قلادة أو حبلا أو خيطا فغنه لا يجوز

وقوله : (( أو قلادة )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أو ـــــــــ الأصل فيها عند النحويين أنها تفيد التغيير أو الشك ، فكأن الراوي شك : هل هي قلادة من وتر أو قلادة ؟

وإذا حصل الشك فإنا نطرح الشك ، ونبني على اليقين ، فيكون اليقين هنا : أن المنهي عنه القلادة المصنوعة من وتر

أما مطلق القلادة فلا تدخل في النهي ، حتى ولو وجدت هذه النية

ولكن الصحيح : ـــــــــ أن ” أو ” هنا ليست على بابها ، وإنما المقصود منها ” الواو ”

(( أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر وقلادة إلا قطعت ))

وقد جاء في رواية أبي داود ما يبين هذا :

أتت بلفظ ” الواو ” (( قلادة من وتر وقلادة إلا قطعت ))

ولو قيل : بأن الواو على بابها ، وأنها للشك فلا يجوز أن توضع القلادة بهذه النية لما مر معنا قوله : ((من تعلق تميمة فلا أتم الله ))

ونحوها من النصوص الواردة في الباب السابق

وقوله : (( إلا قطعت )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا فيه بأن الإنكار باليد ، وهذا لمن هو والي على هذا الفاعل ومن له قدرة عليه :

لقول النبي عليه الصلاة والسلام – كما عند مسلم  – : (( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه ))

أما إذا كان النهي عن المنكر باليد يترتب عليه ما هو أعظم من المفاسد لا يجوز

ولذا قال العلماء : يجب أن يكون أمرك بالمعروف معروفا ، ونهيك عن المنكر غير منكر

وقالوا :

ـــــــــــــــــــ

يجب في إنكار المنكر أن لا يترتب عليه منكر أكبر :

ودليلهم كما سبق معنا قوله عليه الصلاة والسلام لعائشة : (( لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لنقضت الكعبة ولجعلت لها بابين ))

ولو أزيلت بغير القطع لحصل المقصود

لكن ذكر القطع لأنه أسهل كما كان يفعل عليه الصلاة والسلام في تطهير النجاسة ، كان يطهرها بالماء لأنه أسرع وأنقى وأسهل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ