بسم الله الرحمن الرحيم
تقريب شرح السنة لعامة الأمة
صحيح البخاري ـ كتاب الإيمان
الأحاديث ( 26 ـ 27 ـ 28 )
[الدرس التاسع]
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
9/4/1446 هـ
ـــــــــــــــــــــــــ
(18) باب: مَنْ قَالَ: إِنّ الإِيمَانَ هو الْعَمَلُ، لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى:{وَتِلكَ الجَنَّةُ الَّتي أورِثتُموها بِما كُنتُم تَعمَلونَ} [الزخرف: 72] وَقَالَ عِدَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: { فَوَرَبِّكَ لَنَسأَلَنَّهُم أَجمَعينَ – عَمّا كانوا يَعمَلونَ} [الحجر: 92-93] عَنْ [قَوْلِ] لَا إِلَهَ إِلَا اللهُ. وَقَالَ:﴿لِمِثلِ هذا فَليَعمَلِ العامِلونَ﴾ [الصافات: 61].
٢٦ – حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالا: حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثنا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – سُئِلَ: أيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: “إِيمَانٌ باللهِ وَرَسُولهِ”. قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: “الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ”. قِيلَ: ثُمّ مَاذَا؟ قَالَ: “حَجٌ مبرورٌ”.)
ثم ذكر رحمه الله بابًا فقال: (بابٌ: مَنْ قَالَ: إِنّ الإِيمَانَ هو الْعَمَلُ)
وهذا يدل على ماذا؟
يدل على أنه أراد رحمه الله من أنه لا غنى عن العمل الصالح ليَثْبُتَ الإيمان، خلافًا للمرجئة الذين يقولون لا يلزم العمل!
ولذلك العمل الصالح من الإيمان، ولذلك يعْطِفُ عليه كثيرًا في كتاب الله {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [الشعراء: 227] مع أن العمل الصالح من الإيمان.
ثم لما قال: (إن الإيمان هو العمل) لا بد من الدليل، فليس لأي أحد أن يقول حكمًا في الإسلام دون دليل، والبخاري معروف رحمه الله بثاقب استدلاله
قال: (لِقَوْلِ الله تَعَالَى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} السبب العمل
أورثوا الجنة بسبب العمل
وقال: {بما كنتم تعملون} قال بما كنتم تعملون والعمل هنا عام، يشمل عمل القلب، وعمل اللسان، وعمل الجوارح، وهذا هو الإيمان
مع أن بعض المفسرين يقول: {بما كنتم تعملون} بما كنتم تؤمنون، وهذا لا يتناقض مع ما ذكرنا.
(وَقَالَ عِدَّةٌ) أي جماعة (مِنْ أَهْل الْعِلْمِ) في قَوْلهِ تَعَالَى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}) يعني: يُسألون كما قال ناقلًا عن جماعة من المفسرين
(عَنْ قَوْلِ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) عما كان يعملون هو شامل عمل القلب، وعمل اللسان، وعمل الجوارح، لكن على هذا التفسير من جماعة من المفسرين يدل هذا على أن للقلب أعمالًا، ولذلك فسروه بلا إله إلا الله، وأيضًا يدل على أن القول عمل، لأن لا إله إلا الله قول.
(عَنْ قَوْلِ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَقَالَ: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ}) هذه الآية في سورة الصافات {لِمِثْلِ هَذَا} أي: لمثل هذا الفوز {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} [الصافات:50] يعني أهل الجنة { قالَ قائِلٌ مِنهُم إِنّي كانَ لي قَرينٌ يَقولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ المُصَدِّقينَ أَإِذا مِتنا وَكُنّا تُرابًا وَعِظامًا أَإِنّا لَمَدينونَ} أي: مجزيون {قالَ} الذين في الجنة {هَل أَنتُم مُطَّلِعونَ} يعني معي {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ في سَواءِ الجَحيمِ قالَ تَاللَّهِ إِن كِدتَ لَتُردينِ وَلَولا نِعمَةُ رَبّي لَكُنتُ مِنَ المُحضَرينَ أَفَما نَحنُ بِمَيِّتينَ إِلّا مَوتَتَنَا الأولى وَما نَحنُ بِمُعَذَّبينَ إِنَّ هذا} يعني ما أنا فيه {إِنَّ هذا لَهُوَ الفَوزُ العَظيمُ } [الصافات:51-60] ثم قال: {لِمِثْلِ هَذَا} أي لمثل هذا الفوز {فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} [الصافات:61] يعملون أين؟ في الدنيا،
ثم سبحان الله قال: {فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} دل على هذا على أن من عمل لهذا الفوز أنه من شأنه العمل.
ولذلك لم يقل فليعمل الناس قال: {فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} العاملون الحريصون على أنفسهم ليعملوا بمثل هذا العمل، لأنك أنت يا ابن آدم لن تخلوَ من عمل أبدًا، إما أن يكون خيرًا، وإما أن يكون شرًا
{يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ} كل إنسان {إِنَّكَ كَادِحٌ} في هذه الدنيا {إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ} [الانشقاق:6] قدم لنفسك
{لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} – هل هو – هذا القول: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} هل هو قول الله؟ أو قول بعض الملائكة، أو قول هذا المؤمن؟
كلُّ هذه التفسيرات وردت.
إذًا الموفق هو من يأخذ بهذه النصيحة، لأن الناصحَ يريدُ لك الخير.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال البخاري رحمه الله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ) وهو الكوفي ثقة ثبت.
(وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ) المِنْقَرِي ومر معنا وهو من الثقات الأثبات
(قَالا: حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ) وهو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، ومر معنا وهو أيضًا من الثقات الأثبات
(قَالَ: حَدَّثنا ابْنُ شِهَابٍ) مر معنا محمد بن مسلم الزهري الفقيه الحافظ المتفق على جلالته وعلى إتقانه
(عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ) هذا هو النطق الأفصح وينطق (سعيد بن المُسيِّب)، والنووي رحمه الله يقول: الأفصح فتح الياء، وهو من الفقهاء الكبار حتى إن المُرسل منه قالوا: هو مرسلاته أصح المراسيل، ولذلك يقول ابن المديني: ما رأيت أحدًا من التابعين أوسع علمًا منه.
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) رضي الله عنه وهو كما سبق مختلف في اسمه كثيرًا، لكن المشهور عبد الرحمن بن صخر، وقيل: اسمه عبد الله وذكروا أسماء كثيرة له
(أَنّ رَسُولَ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – سُئِلَ) من السائل؟
الصحابةُ رضي الله عنهم، وهذا إن دل يدل على حرصهم، وأن السؤال طريقٌ من طرق تحصيل العلم.
ولذا يقول ابن عباس رضي الله عنهما لما سُئِل عن هذا العلم الغزير قال: بلسان سؤول وقلب عقول.
(سئل أيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟).
إذًا أتى بأفعل التفضيل مما يدل على أن الأعمال متفاوتة من حيث الأفضلية.
(فَقَالَ: “إِيمَانٌ باللهِ وَرَسُولهِ”) سبحان الله الجملة هذه هي المعنية بالتبويب، ماذا قال؟
(باب: من قال: إن الإيمان هو العمل) هو عليه الصلاة والسلام سُئل عن أفضل الأعمال؟ فأجاب: إيمان بالله ورسوله، فدل هذا على أن العمل من أركان الإيمان، وفي هذا رد على المرجئة الذين لا يرون الأعمال من الإيمان!
(قَالَ: “إِيمَانٌ باللهِ وَرَسُولهِ”) وقدمه هنا لأن العقيدة هي أساس كل شيء.
(قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟) سبحان الله حرص الصحابة رضي الله عنهم عن البحث عن الأعمال الفاضلة التي يتلو بعضُها بعضا في الأفضلية.
(قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: “الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ”) وضابطه كما في حديث أبي موسى رضي الله عنه “مَن قَاتَلَ، لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هي العُلْيَا، فَهو في سَبيلِ اللَّهِ.”
(قِيلَ: ثُمّ مَاذَا؟ قَالَ: “حَجٌ مبرورٌ”) وقدم الجهاد على الحج المبرور لأن العمل الصالح المتعدي نفعه أفضل من العمل الصالح الذي يقصُر نفعه على صاحبه، فالحج نفعُه لصاحبه.
(قَالَ: “حَجٌ مبرورٌ”) ولعل ذكر الحج هنا بعد الجهاد حتى -لأن السؤال هنا أي العمل أفضل؟ لا يحصر بالنسبة إلى الرجال- القاعدة الشرعية [أن ما ثبت في حق الرجال من أحكام، يثبت في حق النساء، وما ثبت في حق النساء من أحكام، يثبت في حق الرجال إلا إذا وُجِد دليل يخص أحد الجنسين]
هنا قال: (“حَجٌ مبرورٌ”) لأن الحج بالنسبة إلى النسوة جهاد، الحديث “هل على النِّساءِ جِهادٌ؟ قال: نَعم، عليهِنَّ جِهادٌ لا قِتالَ فيه، الحَجُّ والعُمرةُ.”
والمبرور هو الذي لم يخالطه إثم مأخوذٌ من البر، فيكون هذا الحج نافعًا لصاحبه إذا كان مبرورًا؛ كيف يكون مبرورًا؟
لأنه إذا رجع بعد حجه زاد في البر، ولذلك ما كان الحج كما جاء في الصحيحين “مَن حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، ولَمْ يَفْسُقْ” قلنا: المبرور الذي لم يخالطه إثم؛ ما دليلنا على هذا التعريف؟
” مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمَ” ويصح كيومِ “وَلَدَتْهُ أُمُّهُ “ما ظَفِر بهذا إلا لأن صاحبه إذا رجع زاده خيرًا. قال: (“حَجٌ مبرورٌ”).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١٩) – باب: إِذَا لم يَكُن الإسْلام عَلَى الْحقِيقَةِ وَكَانَ عَلَى الاِسْتِسْلامِ أَوِ الْخَوْف مِنَ الْقَتْلِ
(لِقَوْلهِ تَعَالَى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} فَإِذَا كانَ عَلَى الْحَقِيقَةِ فَهُوَ عَلَى قَوْلهِ -جَل ذِكْرُهُ-: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}
٢٧ – حَدَّثَنَا أبو الْيَمانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْب، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاص، عَنْ سَعْدٍ – رضي الله عنه -، أَن رَسُولَ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – أَعْطَى رَهْطًا وَسَعْدٌ جَالِسٌ، فَتَرَكَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – رَجُلًا هو أَعْجَبُهُم إِليَّ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! مَا لَكَ عَن فُلان، فَوَالله إِنّي لأُرَاهُ مُؤْمِنا. فَقَالَ: “أَوْ مُسْلِمًا”. فَسَكَتُّ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَني مَا أَعْلَمُ مِنْهُ فَعُدْتُ لِمَقالَتِي فَقُلْتُ: مَا لَكَ عَنْ فُلان، فَوَاللهِ إِنّي لأُرَاهُ مُؤْمِنًا. فَقَالَ: “أَوْ مُسْلِمًا”. ثُمَّ غَلَبَني مَا أَعْلَمُ مِنْهُ فَعُدْتُ لِمَقَالَتي، وَعَادَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ قَالَ: “يَا سَعْدُ، إِني لأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَعْجَبُ إِليَّ مِنْهُ، خَشْيَةَ أَنْ يَكُبَّهُ اللهُ فَي النَّارِ”.) وَرَوَاهُ يُونُسُ ، وَصَالِحٌ ، وَمَعْمَرٌ ، وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ .
ثم ذكر قال رحمه الله:
(بابٌ: إِذَا لم يَكُن الإسْلام عَلَى الْحقِيقَةِ وَكَانَ عَلَى الاِسْتِسْلامِ أَوِ الْخَوْف مِنَ الْقَتْلِ) هو أراد أن يبين رحمه الله أن ليس كل إسلام إسلامًا مقبولًا.
ولذلك قال: (إِذَا لم يَكُن الإسْلام عَلَى الْحقِيقَةِ) يعني على الحقيقة الشرعية التي يكون واقع المسلم كما في النصوص الشرعية، والذي ليس إسلامًا حقيقيًا، إنما هو قال:(على الاستسلام) الانقياد
الانقياد الذي ليس هناك شيء في القلب منه.
ولذلك قال: (أَوِ الْخَوْف مِنَ الْقَتْلِ) كحال المنافقين؛ استسلموا لأحكام الشرع ظاهرًا خوفًا من القتل أو خوفًا على أموالهم
واستدل على أن الإسلام الذي لم يكن على الحقيقة بآية الحجرات، فهو يرى رحمه الله أن هذه الآيةَ في المنافقين -هذا رأيُه –
والصحيح: كما بينا في التفسير من أنها ليست في المنافقين، وإنما في ضعفاء الإيمان الذين أسلموا إسلامًا مع ضعف إيمانهم، والدليل من خلال الآية لأن الله عز وجل قال: {وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] ولم يأمرهم بالإسلام إلا لأنه إسلام شرعي.
وقال: {قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ} [الحجرات:16]، {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ} [الحجرات: 17] كيف هداهم للإيمان مع أنه قال: {وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} ؟
لأن الإسلام الذي في الظاهر لا يمكن أن يكون مقبولًا إلا إذا كان في القلب بعضُ الإيمان يصحح هذا الإسلام، وإلا كان منافقًا، فالإسلام يتعلق بالظاهر، والإيمان يتعلق بالباطن، لكن هذا الظاهر يجب أن يكون في القلب شيء من الإيمان يصحح هذا الإسلام الظاهر حتى لا يكون من المنافقين.
({قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} ومن أراد التوسع في هذا يرجع إلى التفسير، ويجد أكثر من دليل في هذا الباب.
ثم قال: (فَإِذَا كانَ عَلَى الْحَقِيقَةِ) يعني ليس نفاقًا فما دليله؟
(فَهُوَ عَلَى قَوْلهِ -جَل ذِكْرُهُ-: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}) هذا هو الدين المقبول.
ثم ذكر رحمه الله الدليل على الإسلام الحقيقي، لأنه استدل بالآية على الإسلام الحقيقي.
قال: (حَدَّثَنَا أبو الْيَمانِ) مر معنا الحَكَم بن نافع الحِمْصِي ثقة ثَبْت.
(قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْب) وهو شعيب بن أبي حمزة الحِمْصِي ثقة عابد – سبحان الله توفيق من الله يكون الإنسان عالمًا حافظًا مع عبادة -الله المستعان-
هو روى عمن؟
(عن الزهري) ولذلك هو رحمه الله من أثبت الناس في الزهري؛
أثبت من حيث إتقان حديثه -حديث الزهري- والزهري مر معنا محمد بن مسلم.
(قَالَ: أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاص) الزهري المدني ثقة.
(عَنْ سَعْدٍ – رضي الله عنه -) سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأول من رمى بسهم في الإسلام.
(أَن رَسُولَ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – أَعْطَى رَهْطًا) الرهط من الرجال هو عدد من الرجال من ثلاثة إلى عشرة، وبعضهم تجاوز؛ لو تجاوز العشرة وأُطْلِق عليهم رهط.
(أَعْطَى رَهْطًا) أعطاهم ماذا؟ مالًا
(وَسَعْدٌ جَالِسٌ، فَتَرَكَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – رَجُلًا) يقوله سعد
(هو أَعْجَبُهُم إِليَّ) وقيل: إن اسمه جُعيل بن سُراقة، وإعجاب سعد رضي الله عنه ليس إعجابه له من حيث الصورة لا، لما عَلِمَ منه من صفات يستحق أن يُعطى أكثر من هؤلاء.
(فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! مَا لَكَ عَن فُلان) أي ما سبب أنك عدلتَ عن إعطاء فلان إلى غيره؟
(فَوَالله إِنّي لأُرَاهُ مُؤْمِنا) هنا أقسم سعد رضي الله عنه، وهذا يدل على جواز القَسَم بما يغلب على ظن الإنسان، ظن الإنسان بأن هذا الشيء هو الواقع فيُقْسِم عليه.
ولذلك قال: (فَوَالله إِنّي) وأتى أيضًا بكلمة إن للتأكيد
(لأَرَاهُ) بفتح الهمزة أي أعلمه، وضُبِطَت بالضم ( لأُرَاه ) يعني لأظنه، ولا تناقض بينهما، فإن الظن الغالب القوي شبيه أو قريب بالعلم أو يُنَزَّل منزلة العلم.
(فَوَالله إِنّي لأُرَاهُ مُؤْمِنا فَقَالَ: “أَوْ مُسْلِمًا”) أراد عليه الصلاة والسلام منه ألا يجزم بالإيمان لم؟
لأن الإيمان في الباطن، ولذلك كلمة (أو) هنا بمعنى الإضراب يعني بل هو مسلم، وليست للإنكار لكن ما دليلنا على أنها للإضراب وليست للإنكار؟
جاءت رواية: “لَا تَقُلْ مُؤْمِنٌ بَلْ مُسْلِمٌ” فانظروا إلى عظيم فضل الروايات من أنها توضح ما قد يُشكل
(أو مسلمًا) قال:(فَسَكَتُّ قَلِيلًا) “لَا تَقُلْ مُؤْمِنٌ بَلْ مُسْلِمٌ”
(فَسَكَتُّ قَلِيلًا) وهذا يدل على ماذا؟
يدل على تعظيم الصحابة لقوله عليه الصلاة والسلام سكت، لكن ماذا قال بعدها؟
(ثُمَّ غَلَبَني مَا أَعْلَمُ مِنْهُ) قال: ثم غلبني ما أعلم منه؛ دل هذا على أن الإنسان قد يغلب صمته بعض ما يرى فينتقل من الصمت أو السكوت إلى الكلام، ويدل أيضًا على أن الغلبة لا تكن فقط من الرجال ” وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الرِّجَالِ ” لكن قد يغلب الإنسان من ليس بشخص لا امرأة ولا رجل؛
الصفات هنا ⬅️ قال: (ثُمَّ غَلَبَني مَا أَعْلَمُ مِنْهُ) يعني من صفاته وأفعاله، وكلمة (ما أعلم منه) تُرَجِّح: (فوالله إني لأراه) أي لأعلمه
جُمَل الحديث ونصوص الوحيين نصوص عظيمة لا في القرآن ولا في السنة، يعني الكلمة التي تأتي قرينة الكلمة أو بعدها أو في أوائلها أو في أواخرها لها معنًى عظيما يوضح ما يكون قبلها أو ما بعدها، وهذا إن دل يدل هنا لما قال: (ثُمَّ غَلَبَني مَا أَعْلَمُ مِنْهُ) طهارة قلب سعد رضي الله عنه، وفيه حبٌ عظيمٌ لإسداء الخير والنفع للمؤمن والمسلم.
قال: (ثُمَّ غَلَبَني مَا أَعْلَمُ مِنْهُ فَعُدْتُ لِمَقالَتِي) ما هي؟
(مَا لَكَ عَنْ فُلان) وعاد رسول الله ﷺ ثم قال: (يا سعد) مجادلة المفضول الذي هو سعد للفاضل الذي هو النبي عليه الصلاة والسلام نأخذ منها قاعدة: [مجادلة المفضول للفاضل -من طالبٍ لشيخه مثلا- من أجل الوصول إلى معرفة الحق فلا بأس به]
ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: ” يَا سَعْدُ إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ، وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ” سبحان الله “خَشْيَةَ أَنْ يَكُبَّهُ اللهُ فِي النَّارِ“
هذا يدل على أن إعطاء المال ليس لفضيلة للمعطى على وجه العموم لا، قد يكون المتروك أفضل من المُعطى
فقال: “إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ، وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ” إذًا جُعيل ظفر بما هو أعظم من المال؛ محبة النبي عليه الصلاة والسلام، وأيضًا يدل على أن المسلم يحب المسلم باعتبار قدر إيمانه، فمن كان إيمانُه أكثر كانت محبتُه أكثر، لأنه قال:” أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ ” وانظروا إلى حسن اختيار الألفاظ منه عليه الصلاة والسلام، أتى بها على وجه العموم فلم يقل: وهو أحب إلي من هؤلاء
قاعدة: [وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ] وذكر العلة:(خَشْيَةَ أَنْ يَكُبَّهُ) الكب هو الانصباب والقذف من علو، ولذلك قال عز وجل: {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} [النمل:90] فهو ميلٌ مع قذف {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الملك:22]
قال: (خَشْيَة) هذه هي العلة (أَنْ يَكُبَّهُ اللهُ فَي النَّارِ”)
إذًا ما أعطاهم عليه الصلاة والسلام إلا لتأليفهم، فالذي هو ضعيف الإيمان يُعطى من قِبَل ولي الأمر تأليفًا له، ولذلك لهم نصيب من الزكاة، {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} [التوبة: 60] وفي هذا للإمام حسب ما يراه من مصلحة أن يصرف ما يشاء من بيت مال المسلمين؛ حسب ما تقتضيه المصلحةُ كما هنا.
ــــــــــــــ
ثم قال البخاري رحمه الله: (ورَوَاهُ يُوُنسُ) من الراوي عن الزهري؟
شعيب بن أبي حمزة، من تابع شعيبًا هؤلاء.
قال: (رَوَاهُ يُوُنسُ) وهو ابن يزيد يونس بن يزيد القرشي ثقة، لكن يعني في روايته عن الزهري بعضُ الوهم
(وَصَالِح) هو صالح بن كيسان المدني فقيه وثبت وثقة.
(وَمَعْمَر) معمر بن راشد اليماني أيضًا من الثقات.
(وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ) ابن أخيه واسمه محمد بن عبد الله، هو ليس ثقة لكن هو صدوق له أوهام.
إذًا قرابته من الزهري عمُّه.
إذًا في رواية ابن أخِ الزهري فائدة غير رواية أولئك، لا رواية شعيب ولا صالح ولا معمر، رواية أربعة من بني زهرة على التتابع، ابن أخِ الزهري (عن) عمه (الزهري) عن عامر بن سعد بن أبي وقاص زهري عن سعد بن أبي وقاص الزهري.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(٢٠) – باب: إفشاء السَّلَامِ مِنَ الإِسْلَامِ
(وَقَالَ عَمَّارٌ: ثَلَاثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الإِيمَانَ: الإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ، وَبَذْلُ السَّلَامِ لِلْعَالَمِ، وَالإِنْفَاقُ مِنَ الإِقْتَارِ.
٢٨ – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ, قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ, عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ, عَنْ أَبِي الْخَيْرِ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو, أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -: أَيُّ الإِسْلَامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: “تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ”.).
ثم ذكر رحمه الله بابًا فقال:
(باب: إفشاء السَّلَامِ مِنَ الإِسْلَامِ) عجيب رحمه الله، هو يذكر رحمه الله أن من الإسلام كذا وكذا، فما سبق من الإيمان كذا وكذا، وهو يرى أن الإسلام والإيمان مترادفان؛ هو يرى ذلك رحمه الله.
فهنا قال: (باب: إفشاء السَّلَامِ مِنَ الإِسْلَامِ) أتى بهذا بعد الحديث السابق، وبعد التبويب وذِكْر الأدلة من أجل أن يبين أن ما طُولب به من الإسلام الحقيقي السابق المقبول عند الله، مما يزيدُه ما يشابهه في اللفظ لأن السلام من حيث الحروف والمادة من الإسلام
فقال: (باب: إفشاء السَّلَامِ مِنَ الإِسْلَامِ) والإفشاء هو الإكثار من السلام ومن إلقائه سرًا وجهرًا، فالفُشوّ هو الانتشار (مِنَ الإِسْلَامِ)، واستدل هو على ذلك بقول عمار بن ياسر، عمار هنا هو عمار بن ياسر.
(وَقَالَ عَمَّارٌ: ثَلَاثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الإِيمَانَ) من أراد أن يجمع الإيمان فليجمع هؤلاء الثلاث ما هي؟ -هذا من قوله- لكن الذي يظهر أن هذا الحكم الجازمَ منه لأنه مما لا يُقال بالرأي أنه يكون من قبيل الحديث المرفوع إلى النبي ﷺ حكمًا
قال: (الإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ) ومن أنصف نفسَه مِن نَفْسِه، ولذلك ماذا نقول في الخطب؟
(نعوذ بالله من شرور أنفسنا) من أدعيته عليه الصلاة والسلام:
“اللهم آتِ نفسي تقواها”، “اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه”…. أدلة كثيرة
لأن مَن أنصَفَ نفسَه مِن نفسه قام بحق الله، فائتمر بأوامره وانتهى بنواهيه، فمن جمع هذه الصفات، فقد جمع الإيمان، وتكفيك الجملة الأولى (الإنصاف من نفسك) ويتضمن ذلك: أنك تعطي المخلوقين حقَّهم لأن ذلك مما أمر به الله
قال: (الإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ) هذه الجملة الأولى
قال: (وَبَذْلُ السَّلَامِ لِلْعَالَمِ) أي للناس وهذا يدل على ماذا؟
يدل على أن كلمة عالَم، العالم في أصلها هو كل ما سوى الله من المخلوقين عقلاء وغير عقلاء، لكن قد تُطلَق هذه الكلمة على من هو عاقل، لأن السلام إنما يُسلَّم على الناس.
قال: (وَبَذْلُ السَّلَامِ لِلْعَالَمِ) وهذه الجملة تشمل ماذا؟
إذا بذل السلام، ولذلك قال: باب إفشاء السلام؛ هذا موضع الشاهد، وبذل السلام لأن البذل هو الإنفاق، وبذل السلام للعالم، وإذا سَلَّم للعالَم من يعرفه ومن لا يعرفه، هنا يكون قلبُه قد امتلأ بالحب، وتَرْكِ الكراهية، “لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ” لأن المقصود من بذل السلام للعالم هنا الناس، لكن أناس مخصوصون وهم المسلمون، لأن الكفار لا يجوز أن يبدؤا بالسلام.
قال: (وَالإِنْفَاقُ مِنَ الإِقْتَارِ) يعني من الفقر {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} [الفرقان:67] الإقتار، ولذلك قال عز وجل: {وَكَانَ الإِنْسَانُ قَتُورًا} [الإسراء:100] أي بخيلا، فالإقتار هو من القلة، لكن قد يكون الإنسان غنيًا ويُقتِر لبخله.
قال: (وَالإِنْفَاقُ مِنَ الإِقْتَارِ) فمن أعطى وقت حاجته وفقره، فعطاؤه في حال سعته وغناه من باب أولى، هذا يدل على ماذا؟
يدل على عظم إيمانه وقوة توكله على الله في رزقه؛ من أن الله سيخلفه له، ولذلك من آمن وأنفق قبل فتح مكة، لما كان الناسُ بحاجة أعظم ممن أنفق وآمن بعد ذلك، ولذلك قال: {لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا} [الحديد:10] يعني هذه تجمع الإيمان وإلا ما تجمع؟
إي وربي تجمع، هذه عندنا حتى عند العوام، عندنا في جهتنا في البلد عندنا في المدينة، من لا يعطي من القليل، لا يعطي من الكثير، بعض الناس لما يعني يقال يا أخي أنفق أو أعطِ الفقير أو تصدق، يقول: ما عندي إلا القليل!
مَن لم يعود نفسَه على الإنفاق وقت قِلّتِه –فالنفسُ شحيحة– لم يعطِ في الغالب في حال سعته وغناه، { وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر:9]
ثم ذكر حديث عبد الله بن عمرو.
البخاري هذا عجيب، لكن سبحان الله يعني عودي في أزمان سابقة وبهذا الزمن، وسبحان الله ما عاداه أحد إلا أسقطه الله، أعاد الحديث مرة أخرى هذا الحديث مر معنا، يعني هذا يدل على أن هذا الرجل رحمةُ الله عليه اجتهد جهدًا عظيمًا ليس في جمع الأحاديث الصحيحة فحسب، لا بل في انتقائها، في اختيار أماكنها، في فقه تبويبه فانظر
(قال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ) وهو قتيبة بن سعيد ثقة ثبت.
(قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) الليث بن سعد المصري ثقة ثبت فقيه رحمة الله عليه.
(عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ) المصري ثقة فقيه.
(عَنْ أَبِي الْخَيْرِ) أبو الخير هو مرثد اليَزَنِي المصري أيضًا ثقة فقيه.
(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو) ابن العاص رضي الله عنه.
(أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -: أَيُّ الإِسْلَامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: “تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ”.) مر شرحه لن أعيد إلا إني سأذكر بعض الأشياء المتعلقة مما لم نذكرها هناك
قال هنا: (باب إفشاء السلام من الإسلام) أين الجملة التي في الحديث تدل على ذلك؟
قال: (وَتَقْرَأُ السَّلَامَ) لم يأتِ إلى الآن موضع الشاهد فقط
(عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ”.) فإذا سلم على من عرف ومن لم يعرف هنا أفشى السلام هذا هو ضابط لو قال قائل: ما ضابط إفشاء السلام؟
أن تسلم على من تعرف ومن لم تعرف
لو قال قائل: لماذا البخاري طوّل التبويب؟
لو قال في أول الأمر: باب إطعام الطعام وإفشاء السلام من الإسلام، كذا؟ لا، الرجل له فَهْمٌ آخَر، أولًا/ هنا أتى بما يتعلق بإفشاء السلام بعد الإسلام الحقيقي هذه فائدة
الفائدة الثانية/ أنه أعاد الحديث، البخاري لا يعيد الحديث إلا لفائدة أخرى، هو أعاد الحديث مرة أخرى، ولم يجمعه هناك لأن هذا السند يختلف عن السند السابق، شيخُه في الحديث السابق في باب إطعام الطعام من الإيمان: عمرو بن خالد، شيخه هنا: قتيبة، ولما يكن الحديث له أكثر من طرق يقويه، يقويه.