تعليقات على سنن ابن ماجه ( 25 ) من حديث ( 373- 380 )

تعليقات على سنن ابن ماجه ( 25 ) من حديث ( 373- 380 )

مشاهدات: 540

تعليقات على سنن (  ابن ماجه  )

 ( الدرس الخامس والعشرون   )

 373- 380

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

فقد قال المصنف رحمه الله :

باب النهي عن ذلك

حديث رقم – 373-

( صحيح ) عن الحكم بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يتوضأ الرجل بفضل وضوء المرأة )

من الفوائد :

أن هذا الحديث فيه النهي عن الوضوء بما فضل من طهور المرأة ، بينما الأحاديث السابقة بينت ( أن الرسول صلى الله عليه وسلم اغتسل من فضل ميمونة رضي الله عنها ) فكيف يكون الجمع بين الحديثين ؟

قال بعض العلماء : إن هذا الحديث وهو حديث النهي حديث ضعيف ، فيكون الأمر باقيا على الجواز .

وقال بعض العلماء : إن هذا الحديث منسوخ بفعل النبي صلى الله عليه وسلم .

وقال آخرون – وهو الصواب – أن أحاديث النهي ثابتة ، فيكون النهي يراد منه الكراهة ، وأما فعل النبي صلى الله عليه وسلم فلبيان الجواز ، فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم بفعله أن هذا النهي ليس على سبيل التحريم وإنما هو سبيل التنزه .

لو قال قائل : ما الحكمة من النهي ؟

الحكمة هي نهي الشرع – وهذا هو الأصل – لكن العلماء رحمهم الله لم يستنبطوا حكمة ، يعني خفيت عليهم الحكمة – حسب بحثي عنها – وإلا فهناك حكمة ، لأنه ما من حكم شرعي إلا وفي فعله تحقيق مصلحة أو دفع مفسدة ، لكن إذا خفيت على العلماء الحكمة قالوا ” إن الحكمة تعبدية ” بمعنى أنك عبد يجب أن تتعبد الله عز وجل بترك المنهي عنه .

ومن الفوائد :

أن المقصود من النهي هنا هو أن تتوضأ المرأة ويبقى بعد وضوئها ماء ، أما إذا اشتركا جميعا ، بمعنى أن كل واحد منهما يغترف من الإناء معا فإنه غير داخل في هذا الحديث ، لأن عائشة رضي الله عنها أخبرت ( أنها كانت تغتسل هي ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء ) تقول ( تختلف فيه أيدينا من الجنابة )

ومن الفوائد :

أن التراب غير داخل هنا ، فلو أن امرأة تيممت من إناء فيه تراب فضربت على جزء من هذا التراب وبقي تراب آخر لم تضرب عليه ، أيدخل في النهي ؟

الجواب : لا ، هذا ما ذكره فقهاء الحنابلة رحمهم الله من استثناء التراب .

 

حديث رقم – 374-

( صحيح ) عن عبد الله بن سرجس قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغتسل الرجل بفضل وضوء المرأة والمرأة بفضل الرجل ولكن يشرعان جميعا )

من الفوائد :

أن الرجل كما نهي عن أن يتوضأ بما فضل من طهور المرأة ، فكذلك تنهى المرأة أن تتوضأ بما فضل من طهور الرجل ، إذاً ما هو الحل ؟ ( يشرعان جميعا ) فإذا اغتسلا معا فإن هذا غير داخل في النهي ، فالمنصوص عليه في النهي أن يتوضأ أحدهما وتبقى منه فضلة فيأتي الآخر ويتوضأ أو يغتسل منه ، وفي إحدى روايات هذا الحديث ( وليغترفا جميعا )

حديث رقم – 375-

( ضعيف ) حدثنا محمد بن يحيى حدثنا عبيد الله عن إسرائيل عن أبي إسحق عن الحارث عن علي قال كان النبي صلى الله عليه وسلم وأهله يغتسلون من إناء واحد ولا يغتسل أحدهما بفضل صاحبه )

هذا الحديث ضعيف بناء على ما جاء من روايات أخرى من أنه عليه الصلاة والسلام في حديث ميمونة رضي الله عنها ( اغتسل مما فضل من طهورها )

ولو صح هذا الحديث فالجملة الأخيرة منه تحمل على حديث عائشة أنهما كانا يغتسلان معا ، لو صح هذا الحديث فنحمله على ما صنعته عائشة رضي الله عنها مع النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن لا يسعفه ما صنعه النبي صلى الله عليه وسلم مع ميمونة .

باب الرجل والمرأة يغتسلان من إناء واحد

حديث رقم – 376-

( صحيح ) عن عائشة قالت كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد )

من الفوائد :

أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل مع عائشة رضي الله عنها معا من إناء واحد ، وليس اغتسالهما على التعاقب ، كما  في حديث ميمونة رضي الله عنها ، وجاءت زيادة ( تختلف فيه أيدينا من الجنابة )

ومن الفوائد :

أن ضمير الرفع في ( اغتسل ) يجب أن يكون مضمرا ، كما قال ابن مالك رحمه الله :

   ومن ضمير الرفع ما يستتر   كافعل أوافق نغتبط إذ تشكر

فهنا ذكرت ضمير الرفع ( أغتسل أنا ) فهذا يخالف ما ذكره النحاة ، فما هو الجواب ؟

قال بعض العلماء : إن الضمير هنا ( أنا ) ليس هو ضمير الرفع وإنما هو تأكيد لضمير الرفع المضمر في ( اغتسل ) أصلها ( أغتسل أنا ) كما قال تعالى { وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ }الأعراف19 ، فـ{  اسْكُنْ  } كـ ( افعل ) فهنا أتى الضمير من باب التأكيد .

ومن الفوائد :

أن اغتسال عائشة رضي الله عنها مع النبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد يشعر بأن الماء ليس له تحديد مقدار في الغسل ، فلم يحدد الغسل بصاع ، لأنه ربما يزيد أحدهما على الآخر.

ومن الفوائد :

أن فيه دلالة خفية وهي أن أحدهما قد يتأخر عن الآخر ،فإذا تأخر عن الآخر اغتسل بما فضل منه ، فقد يفرغ أحدهما قبل الآخر فتبقى فضلة فيكمل الآخر غسله بما بقي .

ومن الفوائد :

أن ما كرهه فقهاء الحنابلة للزوجين أن يتجردا أثناء الجماع وأنه لا يرى فرج امرأته  ولا ترى ذكره مردود ، فهم يستدلون بحديث عائشة رضي الله عنها ( ما رأى مني ولا رأيت منه ) وهذا الحديث يرد هذا الحديث لأنه حديث ضعيف ، وكذلك هذا الحديث يرد الحديث الضعيف الآخر ( ولا يتجردا تجرد العَيِّرين )

ومن الفوائد :

حسن معاشرة النبي صلى الله عليه وسلم لزوجته عائشة رضي الله عنها ، ومن المعاشرة أنه اغتسل معا .

ومن الفوائد :

أن ذكر عائشة رضي الله عنها ما يجري بينها وبين النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الأمور إنما ذكرته من باب بيان التشريع وتبليغ العلم .

حديث رقم – 377-

( صحيح ) عن ابن عباس عن خالته ميمونة قالت كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد )

من الفوائد :

أن اغتسال النبي صلى الله عليه وسلم مع ميمونة مرة متعاقبين – كما سبق – ومرة كما هنا يغتسلان معا .

حديث رقم – 378-

( صحيح ) عن أم هانئ أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل وميمونة من إناء واحد في قصعة فيها أثر العجين )

من الفوائد :

أن الطاهر كالعجين إذا سقط في الماء ولم يخرج الماء عن مسماه فإنه لا يؤثر فيه ، فلا يسلب منه الطهورية .

ومن الفوائد :

بيان ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من شظف العيش ، فإن الإناء الذي يُعجن فيه أحيانا يغتسلون منه .

ومن الفوائد :

أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ما أمر به الزوجين ، لما قال ( ولكن يشرعان جميعا ) وفي رواية ( وليغترفا جميعا ) فعل مع عائشة ومع ميمونة رضي الله عنهما هذا العمل .

ومن الفوائد :

أن بدن الجنب طاهر إذ لو كان نجسا لتنجس الماء من اغتراف اليد من الإناء ، والأدلة على ذلك كثيرة .

ومن الفوائد :

أن ذكر ( القصعة ) يدل على أن مقدار الماء في الغسل غير محدد .

حديث رقم – 379-

( صحيح ) عن جابر بن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه يغتسلون من إناء واحد )

من الفوائد :

أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل هذا الشيء مع زوجاته كلهن كما هو ظاهر هذا الحديث ، وهذا كما أسلفنا يدل على حسن المعاشرة ، فإنه عليه الصلاة والسلام مع كونه يحب عائشة رضي الله عنها أكثر من غيرها إلا أنه عليه الصلاة والسلام من باب الكمال فعل ذلك مع أزواجه كلهن .

حديث رقم – 380-

( صحيح ) عن أم سلمة أنها كانت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسلان من إناء واحد )

من الفوائد :

التصريح باسم امرأة أخرى من زوجاته صلى الله عليه وسلم ، فقد صدر هذا الفعل منه صلى الله عليه وسلم مع عائشة وميمونة وأم سلمة رضي الله عنهن .