شرح سنن ابن ماجه
حديث ( 561)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
561 – (حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنْ بِلَالٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَالْخِمَارِ»)
صحيح
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح :
ــــــــــــــــــــــــــ
فمن فوائد هذا الحديث :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن الراوي وصف العمامة بأنها خمار تشبيها بخمار المرأة وهو الغطاء الذي تغطي به رأسها
وهذا التشبيه استدل بعه بعض العلماء على منع المسح على العمامة وقال إنه لا يمسح على العمامة
لم ؟
لأن الأصل أن يمسح على الشعر دون حائل
إذاً ماذا تقولون في الأحاديث التي جاءت بالمسح على العمامة ؟
يقولون :
ما جاء منها يقصد منها العمامة الرقيقة التي لو مسح الماء عليها وصل الماء إلى الرأس فبلل الماء ورطوبة الماء تصل لتغطي الرأس بدليل أنها شبهها هنا بخمار
ومعلوم أن خمار المرأة رقيق
وقد قررنا أن الصواب : أن المسح على العمامة ثابت من حيث الشرع
فجاء المسح على العمامة وحدها دون أن يمسح معها جزء من الرأس
وجاء المسح على العمامة وعلى الرأس معا ، وهذا ثابت من فعله عليه الصلاة والسلام
ولذا قال عمر :
” من لم يطهره المسح على العمامة فلا طهره الله “
وأما قول من يمنع المسح على العمامة باعتبار أن الأصل أنه يمسح على الشعر مباشرة
فيقال : جاء الدليل بالتجاوز في مثل هذا الأمر
بدليل أن الشعر فرضه دون سائر أعضاء الوضوء فرضه المسح
فدل على أن الشرع خفف في مسح الرأس بل النبي عليه الصلاة والسلام لما حج حج وقد لبَّد رأسه ” كان له شعر طويل عليه الصلاة والسلام فلما حج وضع تلبيدة على رأسه ما يشبه الصمغ من باب أنه يجمع الشعر حتى لا تدخل فيه الهوام
ولا يقاس عصرهم بعصرنا لأن هذا العصر توفرت فيه منظفات ما لم يكن في ذلك الزمن ثم إن بقاء الإحرام عليهم يبقى طويلا لأنهم متى يصلون إلى مكة ؟
بينما الآن الناس يصلون بغضون ساعة أو ساعيتن بالطائرة
فدل هذا على أن مسح الرأس جاء التيسير به
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
أن وصف العامة بالخمار قد يكون فيه دليل للفقهاء الذين قالوا إن المرأة تمسح على خمارها الذي تغطي بها رأسها إذا كان ها الخمار يلف تحت حنكها
لكن يقولون :
يمسح على هذا الخمار ويمسح شيء من الشعر معه ويؤكد ما ذهبوا إليه ما جاء عن أم سلمة ولكن لابد أن تكون هذه الخمار لابد أن تكون تحت الحنك مدارة لأنه يصعب على المرأة وهذا يوصف به النساء فيما مضى لكن هذا الزمن لا
فيما مضى وأدركنا هذا كانت المرأة تضع الغطاء وتحت حنكها من باب تثبيت الخمار أكثر فأكثر لسترها
ومن الفوائد:
ـــــــــــــــــــــــــ
أن تسمية العمامة بالخمار يدل على أن أي عمامة دون شرط حتى ولو كانت عمامة صماء يجوز المسح عليها
فأي عمامة يلف بها الرأس ويشق نزعها أو يترتب على نزعها ضرر يحصل للإنسان فيجوز المسح عليها
وهذا يدل على سماحة الشريعة وعلى شموليتها وأنها صالحة لكل زمان ومكان
وفيها الخير والكمال ولا تكمل البشرية كلها جمعاء إلا بتعاليم الإسلام
ولذلك ما نرى من كمال نسبي عند الكفار من التقنية وما شابه ذلك ما وصلوا إلى هذا إلا لأنهم تقيدوا بآداب الإسلام ظاهرا فصلحت لهم دنياهم لكن لا تصلح لهم أخراهم لأن عقائدهم فاسدة
ولو ترى ما يصنعون من التقيد بالنظام واحترام المواعيد والجدية في العمل لوجدت أنها هي هي تعاليم الإسلام فنجحوا دنيا لكنهم لا ينجحون أخرى بينما نحن لاشك أن الإنسان يحمل عقيدة طيبة وتنجيه بإذن الله يوم القيامة لكن تأخرنا عنهم بسبب أن تعاليم الإسلام في التعامل ليست مطبقة
ولو طبقت وقد طبقت يعني ما عثروا عليه من علوم وتقنية إنما هو تراث علماء المسلمين قديما في الطب في الرياضيات في الجبر كلها من تراث المسلمين لكنهم أخذوها واستفادوا منها وطبقوها على الوجه الأكمل وأعطوا كل ذي حق حقه
لكن في هذا الزمن :
نحن المسلمين كما قال عليه الصلاة والسلام عند البخاري : ” لما سأله رجل متى الساعة ؟ قال : إذا ضيعت الأمانة فانتظروا الساعة قال : إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة “
هناك أناس يوسد لهم أمر وليسوا بأهل وبالتالي لا تصلح الأمور
لكن أولئك ، لا ، بقدر ما تبذل بقدر ما تعطي ، بقدر ما تتخاذل بقدر ما تعاقب ، وهذه هي تعاليم الإسلام ولذلك ظفروا بهذه المصلحة الدنيوية
ولو عاد المسلمون وطبقوا مثل ما طبق هؤلاء رجع إليهم الخير
ولذلك نعجب من بعض الأجهزة كيف صنعوها بينما الواحد لما يتعثر معه برنامج يصعب عليه أن يصلحه فقط ولكن هؤلاء صنعوا فكيف بنا نحن تأخرنا وكلما تأخرنا كلما تأخرنا دنيا
فنسأل الله عز وجل أن يرد المسلمين إليه ردا جميلا