شرح سنن الترمذي
الحديث ( 410 ) الجزء الخامس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ: زيد بن مسفر البحري
302- باب [ ما جاء ] في التسبيح في أدبار الصلاة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
410 – (( حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ الفُقَرَاءُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الأَغْنِيَاءَ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ أَمْوَالٌ يُعْتِقُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، قَالَ: ” فَإِذَا صَلَّيْتُمْ، فَقُولُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مَرَّةً، وَالحَمْدُ لِلَّهِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مَرَّةً، وَاللَّهُ أَكْبَرُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ مَرَّةً، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَشْرَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّكُمْ تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَلَا يَسْبِقُكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ “)
حديث ضعيف الإسناد
قال :
(( وَفِي البَابِ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، وَأَنَسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ” خَصْلَتَانِ لَا يُحْصِيهِمَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ إِلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ: يُسَبِّحُ اللَّهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا، وَيَحْمَدُهُ عَشْرًا، وَيُكَبِّرُهُ عَشْرًا، وَيُسَبِّحُ اللَّهَ عِنْدَ مَنَامِهِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَيَحْمَدُهُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَيُكَبِّرُهُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ ” ))
ضعيف الإسناد والتهليل عشرا فيه منكر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الفوائد :
ـــــــــــــ
أن الفقراء رأوا أن للأغنياء لهم فضلا ومزية تفوق ما هم عليه من فقر
وهنا مسألة تطرح وطرحت وهي أيهما أفضل :
الفقير الصابر أم الغني الشاكر ؟
عندنا اثنان فقير لكنه صابر هذا امتحن بالشدة فصبر وعندنا غني لكن هذا الغني هو شاكر لم يطغ بغناه إنما شكر الله هنا ابتلي بالنعمة لكنه شكر
فأيهما أفضل أتى شخص فقير مدقع في الفقر لكنه صابر لم يعص الله لتحصيل ما يرفع فقره وكان من أعبد الناس ومن أطوع الناس
ونأتي إلى غني عنده مليارات عظيمة هي وسيلة أن يدفعه هذا الغنى إلى البطر والطغيان لكنه شكر الله
وهذا الفقيرعنده وسيلة إلى أن يبحث عن مصدر للرزق ولو كان هذا المصدر محرما
فأيهما أفضل الفقير الصابر أم الغني الشاكر ؟
خلاف بين أهل العلماء
وهنا دليل الفقراء رأوا أن للأغنياء عليهم فضلا
فأيهما أفضل الغني الشاكر أم الفقير الصابر ؟
خلاف :
بعض العلماء يقول : الفقير الصابر لأن الفقر لا يصبرعليه إلا الندرة من الناس ولأنه داع إلى أن يبحث هذا الفقير عما يرفع عنه فقره لكنه لما صبر وتحمل مع أنها مصيبة كان له هذا الفضل
بعض العلماء قال : الغني الشاكر أفضل لأن الأبواب أبواب المعصية مشرعة أمامه ما يرده من أي معصية سيجدها لأن المال متوفر لو شاء أن تأتي إليه هذه المعصية إلى بيته أتت فلما شكر الله عز وجل وقام بحق هذه النعمة وأخرج حق الله بل تفضل على الفقراء بالعطايا فيكون أفضل
بعض العلماء يقول : بالتوقف يقول : لا أقول إن هذا أفضل ولا هذا أفضل
بعض العلماء قال يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال :
يختلف باختلاف الأشخاص كيف ؟
قال : بعض الناس قد يكون الفقر له خير بينما الآخر ، لا ، يقولون فلا نقول على وجه العموم إن الفقير الصابر أفضل أو الغني الشاكر أفضل وإنما يختلف باختلاف الأشخاص
هذا هو القول الرابع
القول الخامس :
وهو رأي لشيخ الإسلام قول جميل يقول : ليس بأحد أفضل من الآخر ليس الفقي الصابر أفضل من الغني الشاكر ولا الغني الشاكر أفضل من الفقير الصابر وإنما الفضل لأحدهما إذا زاد أحدهما على الآخر بطاعة فيكون الفضل له
يمكن بحال من الأحوال أن نقول الغني الشاكر أفضل من الفقير الصابر
وربما نقول في بعض الأحوال إن الفقير الصابر أفضل من الغني الشاكر
إذاً : هما متساويان لكن متى يفضل أحدهما على الآخر ؟
إذا زاد أحدهما على الآخر بزيادة عبادة وهذا هو الصحيح
لأنه لو أطلقنا هذا لقلنا أيهما أفضل ؟
لو رجحنا وقلنا الفقير الصابر أفضل من الغني الشاكر أو الغني الشاكر أفضل من الفقير الصابر سيأتي معنا أوصاف أخرى مثل لو قال قائل :
أيهما أفضل الطاعم الشاكر أم الجائع الصابر ؟
لا يمكن أن نقول هذا
فنحن نقول أي وصف يأتي لنا على هذا الوصف الأول الفقير الصابر والغني الشاكر أي أوصاف أخرى تأتي متقاربة ما بين محنة وشدة ففيها صبر وما بين منحة ونعمة فيها شكر نقول هما بالتساوي هما في الفضل سواء إلا إن زاد أحدهما على الآخر
وهنا في هذا الحديث دليل لمن قال إن الغني الشاكر أفضل من الفقير الصابر
لكن هناك أدلة لبيان فضل الفقير الصابر: ((لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) ))
قدم المهاجرن الفقراء في الفضل على الأنصار الأغنياء
ولذلك ماذا قال بعدها :(( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) ))
وعلى كل حال فهذا هو القول الفصل المناسب في هذا
وهذا مما يجعل الإنسان يدرك أنه يسير بين طريقين : هذان الطريقان لابد أن يسير فيهما فإن أحسن السير فيهما وصل إلى باب السعادة لابد من هذين الطريقين لنثبر أحوالنا :
أنت ما بين منحة ومحنة بلية ونعمة ، في تجوالنا في ترحالنا في ليلنا ونهارنا
منا من هو مصاب بمحنة بشدة بألم
ومنا من هو مبتلى بنعمة برخاء بصحة
أنت تسير بين هذين الطريقين فعلى حسن سيرك في هذين الطريقين تصل إلى باب السعادة
ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم : ( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير إن أصابته ضراء صبر ـ إذاً هو في طريق المحنة أحسن السير ـ إن أصابته سراء شكر ــ طريق المنحة والنعمة ــ وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له )
هذا هو الباب باب السعادة
ولذلك عنوان السعادة كما قال العلماء :
أن الإنسان إذا ابتلي صبر وإذا أنعم عليه شكر وإذا أذنب تاب واستغفر
يمكن في خلال سيرك في هذا الطريق طريق المنحة والمحنة الشدة والنعمة ممكن أن تضعف لما تضعف الاستغفار يعيدك مرة أخرى إلى الطريق لتستغفر الله مما حصل منك من نقص في واجب الشكر أو من خلل في واجب الصبر
هذا هو عنوان السعادة أنك إذا ابتليت صبرت وإذا أنعم عليك شكرت وإذا أذنبت ــ الذنب لا يقع إلا في محنة أو في منحة وإذا أذنبت استغفرت
فنسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن إذا ابتلي صبر ، وإذا أنعم عليه شكر ومما إذا أذنب تاب واستغفر
ومن الفوائد :
ـــــــــــــ
أنه يستحب للمسلم قبل أن ينام أن يذكر الأذكار التي قبل النوم كما ذكرت هنا :
يسبح الله ثلاثا وثلاثين ويحمد الله ثلاثا وثلاثين ويكبر الله أربعا وثلاثين
المجموع مائة
هذه أرشد بها النبي عليه الصلاة والسلام ابنته فاطمة وزوجها عليا
لما أتت فاطمة تشكو من عمل البيت الذي كانت تقوم به فأرادت من النبي عليه الصلاة والسلام أن يمنحها خادما يعني جارية لتخدم البيت
فقال عليه الصلاة والسلام : ( ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم ؟ تقولان عند النوم سبحان الله ثلاثا وثلاثين والحمد لله ثلاثا وثلاثين والله أكبر أربعا وثلاثين فهذا خير لكما من خادم )
يقول علي رضي الله عنه :” ما تركتها منذ أن سمعتها من النبي عليه الصلاة والسلام “
حتى قيل له ولا ليلة صفين ؟
( ليلة صفين التي جرى ما جرى فيها بين علي ومعاوية من قتال ) قال : ( ولا ليلة صفين )
ما تركها أبدا
ولذلك يقول شيخ الإسلام :
” إن هذا الذكر الذي يكون قبيل النوم سبحان الله ثلاثا وثلاثين والحمد لله ثلاثا وثلاثين والله أكبر أربعا وثلاثين يصلح لمن يمارس أعمالا شاقة “
مثل الحدادين أو أصحاب المناجم أو أي عمل شاق يكون في هذا العصر فهذا الذكر يعينه على عمله في الصباح يقوم نشيطا قويا
وهذا من فضل الله
وهذا يدل على أن من بركات الذكر أنه يقوي بدنك وينشط أعضاءك
كيف ينشط ؟
ألم يقل الله تعالى : ((أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)))
يعني إذا اطمأن القلب وارتاح فإنه يستقبل أي عمل شاق كأنه يسير
لكن لو أن إنسانا صدره مقبوض وغير منشرح لو كلف بعمل قليل فإن هذا العمل لديه كأنه كالجبال
ولذلك لو أننا نحرص على هذه الأذكار أو هذا الذكر ونحرص على بقية الأذكار ما وجدنا موظفا متهاونا في عمله لأنك لما ترى معظم من هم في الوظائف ممن لا يقابل الجمهور ليس عنده عمل ومع ذلك يتذمر مع أنه عمل يسير ولا كلفة فيه
لكن أين مكمن النشاط والقوة ؟
وبعض هؤلاء لا يحافظ على الذكر الذي هو أكبر من هذا الذكر الذي يقال عند النوم لا يحافظ على صلاة الفجر التي هي من أعظم الأذكار فكيف يكون مقبلا على عمله ؟ لا يمكن
ومن الفوائد :
ــــــــــــ
بيان فضيلة المنافسة على الخيرات ولا يحقرن أحد نفسه وكلما كانت النفس إلى معالي الأمور طامحة كلما كانت تلك النفوس كبيرة وعظيمة عند الله وعند خلقه
ولذلك هؤلاء مع أنهم فقراء بحثوا عما يجعلهم في مقام هؤلاء الأغنياء فأرشدهم النبي عليه الصلاة والسلام إلى أمر يفوقون به هؤلاء الأغنياء
لكن فضل الله عز وجل يؤتيه من يشاء
ولذلك قال الشاعر :
ملك الملوك إذا وهب لا تسألن عن السبب